المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل مات الشيخ ؟



عطية العمري
09-04-2018, 11:28 AM
رقد الشيخ بعد أن صلى العشاء يفكر .. هل سأموت قبل أن أرى ابنتي التي تعيش مع زوجها في الخارج ؟ يا رب متعني برؤيتها ولو ليوم واحد قبل أن أموت . وأخذ يدعو الله ويلح في الدعاء .
ويبدو أن الله قد استجاب دعاءه ، فجاءته رسالة تخبره بأن ابنته ستأتي في هذا الصيف مع زوجها ، وربما يبقيان هنا في قطاع غزة ولا يعودان للخارج ، فالغربة مُرَّة – كما يقولون – وسيقوم زوجها بافتتاح مشروع له بالأموال التي جمعها من الخارج . ولا تتصور مقدار الفرحة التي عمت الشيخ ، وصار يعدُّ الأيام والأسابيع ، بل الدقائق والثواني ، إلى أن تم اللقاء بعد طول الفراق ، تم في جو مفعم بالمشاعر الجياشة ، والدموع الحارة ، والفرحة الغامرة ، فكأن الشيخ قد عاد له شبابه ، وعادت له قوته وحيويته . انقضت العطلة الصيفية كأنها ساعات قلائل ، فجاءت الابنة إلى أبيها تخبره بأن زوجها قرر العودة للخارج ، فظروف قطاع غزة والحصار المطبق عليه لا ينبئ بنجاح أي مشروع استثماري ، فكان هذا النبأ بمثابة الصاعقة التي حلت عليه فهدَّت أركانه .. إنه لا يتصور أن تفارقه ابنته لحظة واحدة .. هل بعد أن عادت له روحه بعودة ابنته سيفقدها من جديد ، وربما لن يراها بعد ذلك ؟ لماذا يا ابنتي تقتلينني بعد أن أعدتِ إليَّ الحياة من جديد ؟ إن كنت قد صبرت على فراقك طول هذه السنين ، فأنا الآن قد تعلقتُ بكِ ، فربما خرجت روحي بخروجك من قطاع غزة . هل صدر مني ما يجعلك تندمين على منحي الحياة ، وتريدين أن تقتليني بفراقك ؟ هل أخبركِ أحد أني غير صادق في مشاعري نحوك ؟ هل يستطيع أحد أن يشكك في مشاعر أبٍ نحو ابنته ؟ خاصة وأنها ابنته التي تفهمه ويفهمها أكثر من باقي بناته ، وتعرف ما يريد قبل أن ينبس ببنت شفة . والله ثم والله يا ابنتي ما كذبتُ عليكِ لحظةً واحدة في مشاعري نحوكِ . واللهِ ثم واللهِ إني أهون عليَّ أن أقطَّع إربًا إربًا ولا أن تفارقيني لحظة واحدة . قالت له ابنته في ألم : وواللهِ يا أبي ما أطيق فراقك لحظةً واحدة ، ولكنك تعلم أن أمري ليس بيدي ، وهل ترضى أن تسوء علاقتي بزوجي لعدم طاعتي لرغباته ؟ هب أنني رفضتُ الرجوع معه للخارج ، فماذا ستكون النتيجة ؟ قال الأب : أعلم تلك النتيجة جيدًا ، وأنا لا أريد أن تكون سعادتي على حساب سعادتك، وإلا كنتُ أنانيًا ، ولكن لي طلبٌ بسيط : حاولي أن تقنعي زوجك بالعدول عن هذه الفكرة ، وبالنسبة للرزق فأنتِ تعلمين بأن الرزق بيد الله ، وليس مرتبطًا بمكان محدد . حاولي جاهدةً يا ابنتي ، أتوسل إليك أن تحاولي . قالت الابنة : هذا ما سأفعله حتى لو لم تطلب مني ذلك ، فأنا أيضًا لا أطيق الفراق أكثر منك، سأتوكل على الله وأحاول جهدي في ذلك . قال الأب: على بركة الله. مرت الأيام القليلة المتبقية من الإجازة دون أن تفلح الابنة في إقناع زوجها ، وكلما جاءت إلى أبيها سألها : هل جدَّ جديد ؟ فتجيبه بالنفي . وجاء يوم السفر ، فجاءت الابنة لتودع أباها ، طرقت الباب ودخلت ، فلم ترَ أباها كالعادة ، تعجبت لماذا لم يصحُ من نومه حتى الآن؟! دخلت غرفته ، فوجدته نائمًا . صباح الخير يا أبي ، اصحُ من نومك ، سنسافر اليوم ، جئتُ لأودعك . ولكنه لم يرُدّ ، حركته قليلاً ، ولكنه لم يكحِّل عينه برؤيتها ، لماذا يا أبي ؟ هل لأنك لا تطيق وداعي ؟ هل أنت غاضبٌ عليَّ لأني سأسافر وأتركك ؟ ولكنه أيضًا لم يرد . أبي! أبي ! أبي ! ردَّ عليَّ يا أبي ! سمع من في البيت والجيران صوت الابنة ، فهرولوا مسرعين ، وأكبوا على الشيخ فوجدوه بين الحياة والموت . وبسرعة البرق أحضرت سيارة الجيران ، وتم نقله إلى أقرب مستشفى ، وأُدخل قسم العناية المركزة ، وهو يلهج دون وعي : ابنتي .. حبيبتي .. لا تتركيني .. أنا لا أطيق فراقك .. ارحمي شيبتي .. ارحمي ضعفي .. ترى ، هل إذا أسعدته ابنته بالكلمة التي ينتظرها ستعود إليه روحه ؟ ربما ، أم أنه فات الميعاد ؟ الله أعلم .

ناديه محمد الجابي
10-04-2018, 12:56 PM
يقول المثل الليبي : ( ياويلنا من والدينا)
هم لا يدخرون جهدا لتربيتنا في الصغر ـ يقدمون لنا كل ما يملكون من حب ورعاية وعناية
لا يبتغون من وراء ذلك إلا أن نكون في أحسن حال.
فماذا نقدم لهم نحن في الكبر .. نكون أسر جديدة وننشغل بها عنهم ، فلا نستطيع أن نوفيهم
حقهم علينا ، أو نؤنس وحشة أيامهم الخيرة بوجودنا إلى جانبهم ، ووبما نقدمه لهم من حب ورعاية
هم في أشد الحاجة إليها.
من الواقع كانت قصتك ـ قدمتها في نص أدبي مؤثر بأسلوب مميز وأداء أدبي جميل
وطرح هادف ومؤثر ونهاية مفتوحة.
بوركت واليراع.
:001::001:

عطية العمري
11-04-2018, 08:22 AM
يقول المثل الليبي : ( ياويلنا من والدينا)
هم لا يدخرون جهدا لتربيتنا في الصغر ـ يقدمون لنا كل ما يملكون من حب ورعاية وعناية
لا يبتغون من وراء ذلك إلا أن نكون في أحسن حال.
فماذا نقدم لهم نحن في الكبر .. نكون أسر جديدة وننشغل بها عنهم ، فلا نستطيع أن نوفيهم
حقهم علينا ، أو نؤنس وحشة أيامهم الخيرة بوجودنا إلى جانبهم ، ووبما نقدمه لهم من حب ورعاية
هم في أشد الحاجة إليها.
من الواقع كانت قصتك ـ قدمتها في نص أدبي مؤثر بأسلوب مميز وأداء أدبي جميل
وطرح هادف ومؤثر ونهاية مفتوحة.
بوركت واليراع.
:001::001:


صدقتِ أختي الكريمة في توصيف الواقع ، وأشكرك على مرورك وإطرائك .. تحياتي