تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ( رحلة صيف )



رياض شلال المحمدي
26-04-2018, 12:16 PM
" رحلة صيف " من ديوان ( نفحات الحياة ) للدكتور العلامة عبد الله مصطفى الهرشمي رحمه الله :

جَمِّلْ خطاكَ لحاضرٍ ولغابرِ = فكلاهما كنزٌ لقلبٍ ذاكرِ
واسترجع الأنفاس من عِطر الصِّبا = وفتىً تنسَّمَ من أريجِ معاطرِ
فلكم وجدته بين هاتيك الربى = يهب العواطفَ من فؤادٍ شاعرِ
ويغالب الأشواق من تقوى الهوى = إلا شفاهًا أرتجتْ بمحاجرِ
فأنالها قُبَلاً تذوب لها هوىً = وتثوب أحيانًا عشيقة ساحرِ
فكأنها هي ذي الحياة تجسَّدت = وكأنه حيٌّ بقلبٍ ناظرِ
وبكلّ مزدهرٍ هناك مباهجٌ = تعطي الحياةَ نضارةً من ناضرِ
تتعاطف الأنسام والأزهار وال = أفواف حول مباسمٍ وغدائر
فتنالها مثل السعادة شيّقًا = وتنيلها نظر المحبّ الشاكرِ
يا للزمان فكل جاريه سدىً = إلا الغوالي من وصالٍ طاهرِ
فخطوت بين الزهر لا فوق الثرى = بل فوق أجنحة الزمان الداهرِ
وأتيت " رومة " ذاكرًا دولاتها = وعهود عبدانٍ وظلمٍ قاهر
ونظرت في الأطلال كيف بناتها = تخذوا " فروق " مقرَّ حكمٍ جائر
ثم انعطفت إلى هداةٍ أرسلوا = بالنصر والدين الحنيف الظاهر
رسل السلام سيوفهم من جُنّةٍ = وتقاهمُ أصلٌ لكل مفاخرِ
فتحوا البلاد فحرروا أبناءها = لا فرق بين أصاغر وأكابر
نقَّى الحضارةَ سيفُهم وكتابُهم = من كلّ واضرةٍ وظلمٍ ماكر
للناس أطيابُ الدنا و ولاتهم = عبرات صبٍّ في الليالي ساهرِ
يا للثلاثين الأعزة ثلثهم = هم فاتحو العهد المنيف الزاهر
كانوا خلائف مغربٍ من مشرقٍ = للنور ملء سباسبٍ وحواضر
عجل الفناء لعهدهم فكأنما = فُنيَ الربيع لعاصفٍ وتناثرِ
وكذاك دولات الزمان خواتم = هُنَّ البداية بعد دور دوائر
ووصلتُ " بادوفا " أناغي معجبا = في روضتيها باسمات أزاهر
بلد أنال الشمس وجه قصوره = من قبل " روما " في الزمان الداهر
وحكت جداوله العديدة ما ترى = في جانبيها من جمال ساحر
وتناسق اللألاء في آفاقه = بنجوم أرضٍ كالسماء زواهر
واعتلّت النفحات في آصاله = تنساب من خدٍّ أسيل عاطر
قد جئت أستشفي فزادتني هوىً = نغماتُ صوتٍ من حديث سواحر
فيهنَّ من بيض الثياب حمائم = يدرجن بين مشاعر ومقاصر
فقفلت أزجي للصبابة حقها = نجوى محبٍّ وابتسامة ساخر
وأتيت " فينيسيا " أثنّي زورةً = من ربع قرنٍ لم تبارح خاطري
صدفٌ فلما انشقَّ فهي مدينة = في شِقّ ماء أو سماء زاخر
وإلى الضفاف السُّمر في " ليدو " انتهت = حورٌ وغلمان وسحر مناظر
آمنت بالباري ونظم بديعه = ورجوت روضًا غير ذات دواثر
فإذا رأيت رأيت ثم عجائبا = وخوالدًا من نور حسنٍ باهر
عجزتْ أخيلة شعرنا عن وصفها = والمعجزات غدت ملاذ الشاعر
هذي " جنيف " هلمّ فاذكر عِشرةً = حيَّوكَ ملء مباسم ونواظر
قد كنت فيهم والصبابة عطرها = ليفوح من أردان خلٍّ زائر
هاموا بقلب فاض نبعا للهوى = وبفكر ذي أدبٍ وعلمٍ سامر
لمحات " لوزان " و " ليمان " وما = حول الجبال الشمّ فيض خواطر
وزها الجمال فصار بين ربوعها = بشرًا تذيب عيونها في ناظري
لا فض فوك ألا نظمت قصائدا = فقن الخيال لشاعر ولناثر
أم قد تعاظمت الخوالج وانتضت = من صيّبِ الذكرى لقلب عامر
فغدوت تقتصد البيان لمرتع = أوفى على الإطناب زين منابر
أعيى يراعتك الوفاء فأي مُد = دكرٍ خلقْت لعهد أنس غابر
وحضرت " لندن " بَيْدَ أن عواطفي = لجمال " أوربا " البديع النادر
محَّضته الود القديم وعشت في = هذي معيشة دارسٍ أو عابر
كم ههنا ذكرى ترفّ لها الهوى = وصلت هناك بموطنٍ وأواصر
الأرض أرضٌ من صخور جزائر = والعهد عهدٌ من خيالٍ سائر
لو كنت أذرف دمعة لمباهج = في الأرض كنت خصصته بجواهري
لكنّ قلبي طائف في مكة = وبروض طيبة نيط كل مشاعري
فهنالك الجنات من فوق الدنا = وهناك حبُّ فوق حب ظواهر
وهنالك العبرات تسكب عن هوى = لم ندر منه أولا من آخر

أسيل أحمد
08-03-2020, 08:51 PM
قصيدة رائعة سامية المضمون، فاخرة السبك
أمتعنا جمال النص بما حمل من معان
سلمت وسلم إختيارك ـ لك مني كل الود والتقدير.

رياض شلال المحمدي
30-04-2020, 02:01 PM
قصيدة رائعة سامية المضمون، فاخرة السبك
أمتعنا جمال النص بما حمل من معان
سلمت وسلم إختيارك ـ لك مني كل الود والتقدير.


و الشكر موصول لكم دائما أبدا مع التحية والتقدير وكل عام وأنت بخير .

ناديه محمد الجابي
02-01-2023, 07:29 PM
لله در هذه الشاعرية السامقة ، وهذه الموسيقى التي تطرب حتى الثمالة
قصيدة من ألق وحرف من بهاء ـ نتوقف عندها لننهل من كنوزها لغة وتصويرا ومعان رفيعة سامقة
رحم الله الشاعر/ال
دكتور العلامة عبد الله مصطفى الهرشمي
وبوركت على جميل اختيارك.
:os::os: