المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : اللغة العربية في بؤرة الهدف



مصطفى بطحيش
17-09-2005, 12:06 AM
اللغة العربية في بؤرة الهدف


في كل يوم جديد يطالعنا عَلَمٌ من أعلام ثقافتنا المعاصرة البائسة بهجوم أو طعن في الأصالة بحجة التطوير والتحديث , هذه اللكنة التي بات يرطن بها رجال الثقافة والعلم, والسياسة والهيئات والمحافل من أعلام ونكرات, وكأنهم قطيع ديكة الحبشة, ما أن يستمع إلى همسة أو وسوسة أو كتكتة من طفل عابث, حتى يكركر بأنشودته المعهودة التي حفظها صغارنا عن ظهر قلب, كجوقة أحسنت التدريب وأساءت التعاون !
وتعلمون ما جرى من محاولات بائسة أحيانا ومهلكة أحيان أخرى , لجرجرة اللغة العربية إلى أوحال العامية والدارجة المحكية, وقد كان من أوائل من نهج هذا النهج د.طه حسين , وتوالى بعده آخرون يدندنون على نفس الوتر والوتيرة, وقد قامت بعض الجهات مشكورة بإنتاج مسلسلات للأطفال لطيفة وجميلة ومناسبة للطفولة تحمل على عاتقها إعادة صياغة ألسنة الأطفال على أسس فصيحة ( افتح يا سمسم ) ..., وآخر – نسيت اسمه - لم يزل قائما على الفضائية اليمنية, كما اتخذ الهجوم شكلا آخر على صعيد الشعر, فقد تنبه الحاقدون لأهمية الشعر عند العرب , و إليكم قول الشاعر الحمداني أبو فراس :
الشِعرُ ديوانُ العَرَب *** أَبَداً وَعُنوانُ الأَدَب
لَم أَعدُ فيهِ مَفاخِري *** وَمَديحَ آبائي النُجُب
وَمُقَطَّــعاتٍ رُبَّما *** حَلَّيتُ مِنهُنَّ الكُتُب
لا في المَديحِ وَلا الهِجا***ءِ وَلا المُجونِ وَلا اللَعِب
يختصر مكانة الشعر, فكان الهجوم على الشعر ذو محورين :
- أولاً:النيل من القصيدة العمودية المعروفة بشكلها الجاهلي والخليلي وحتى التشكيك و نكران الشعر الجاهلي ( د.طه حسين ) .
- ثانياً:تلميع الأشكال المحلية والشعبية من عتابا وميجانا وقصائد اللهجة المحلية الدارجة في منطقة الخليج وغيرها من المنطقة العربية.
المنافقون لهذه الأشكال الجديدة التي تحمل ظاهرا شعبيا وباطنا عدائيا قاتلا هو الجهات الرسمية من صحافة و إعلام .
أولاً : النيل من القصيدة العمودية.
أ- بدأ مع نهايات الحرب العالمية الثانية, عندما بدأت قصيدة التفعيلة خروجها على أقفاص الفراهيدي الستة عشر ( كما يقول نزار قباني ),
فقصيدة التفعيلة هي انعكاس للهزيمة النفسية للأمة في تلك الحقبة, وانتصار للشعر المرسل الذي امتاز به الأوربيون , وأنا أرى فيها غنائم المستعمر, والسبب في هذه الهزيمة من وجهة نظري هو:
1- أهل الشعر والعروض, فعلى الرغم من وضوح الأقفاص الستة عشر  , إلا أنها جاءت صورة لعبقرية الخليل التي لم ينشر الخليلُ عنها شيئاً, بمعنى أنها (سر الصنعة) , ولم يستطع احد من أهل العروض أن يخترق هذه الصورة فيقدم للناس هذا السر, فشأنه كشأن كل الأسرار أن يضمحل ما لم يُبْسَطْ ويسهل أمره لحامليه ومتعاطيه.
2- الرموز الثقافية للأمة الذين خانوا عامدين متعمدين, أو لاهثين مبهورين ببهرجة الثقافة الغربية مقلدين لها فضاعوا وأضاعوا.
3- الجو النفسي العام للأمة المهزومة هزيمتين متتاليتين (العالميتين) على يد أوربا ودعاة القومية العربية الذين أسسوا مؤتمرهم الأول في باريس 1913 وتآمروا مع أوربا على أمتهم ووصلوا أوج قوتهم مع نهايات العالمية الثانية.
ب- مع نهاية عهد الحرب الباردة وسيطرة القطب الواحد والانترنت والتقانة الحديثة , بدأ هجوم جديد على قصيدة التفعيلة, وظهر ما يسمى بقصيدة النثر, وبدأت تحتل مكانها في الأوساط الأدبية الرسمية وبين النقاد, وبدت القصيدة العمودية وكأنها غريبة عن الأدب في أوساط الحداثة غريبة عن روح العصر, وقد ساعدت عدة عوامل على انتشار قصيدة النثر :
1- لا قواعد ولا صرامة ولا نمط ولا هيكلية.
2- ومضات قصيرة تتلاءم مع ندرة الوقت.
3- لا وضوح ولا اعتماد على الأساليب اللغوية, جعل منها شكلا قابلا لجميع التفاسير وفتح الباب على مصراعيه للأداة الإعلامية العميلة أو الغبية كي تلمع هذا النمط الأدبي وتدفع به إلى الواجهة.
4- في عالم مترع بالتناقضات, ساعدت قصيدة النثر على تشكيل جو من العزلة يلجأ إليه الشاعر هربا من ضغوط الواقع, إلى كيان خاص به يفهمه هو دون أن يفهمه الآخرون, وأحيانا دون أن يفهمه هو ذاته.
أما خلاصة المكاسب من هذا الهجوم فأوجزها ههنا :
1- قطع الأواصر بين المرء وثقافته ولغته
2- قطع الأواصر بين الوجوه المختلفة للثقافة الواحدة, فقصيدة النثر شكل غير قابل للغناء, ومع استمرارها لا بد أن تفرض أشكالا جديدة للغناء لا تنتمي إلى ثقافة الأمة.
3- ثقب ذاكرة الأمة, فالشعر بشكله التقليدي وارتباطاته الثقافية ساعد على تثبيت كثير من المفاهيم في ذهن الأجيال على سبيل المثال ( بلاد العرب أوطاني ... ).
4- نسف تاريخ الأمة, فقد عمل الشعر على تأريخ حوادث الأمة بعيدا عن المحافل الرسمية العميلة, مما جعله وعاءً اقرب إلى الصدق والذاكرة الشعبية من الكتابات التقارير والدراسات المسيسة, ويعكف الآن بعض رجالات الأدب في فلسطين على جمع القصائد التي أرَّخت للقضية الفلسطينية .
5- خطوة أخرى على طريق طمس معالم اللغة العربية, ثم حذف القرآن الكريم من ذاكرة البشرية.
6- ازدادت الشروخ بين المجتمعات المتقاربة وبين الفرد والمجتمع, وتهيأت المجتمعات العربية لأن تكون فريسة للأفكار الوافدة.
ثانياً :تلميع الأشكال الشعبية للشعر.
بالرغم من ضعف تأثير هذا الهجوم, إلا أنه رضي من ذلك بالقليل, فقد استطاع هذا الشكل أن يحفظ القوالب الغنائية والضروب والأوزان السائدة في الذاكرة الشعبية ألا انه مؤهل لأن يحقق مطمحا وهدفا من أهداف الهجوم على اللغة والأمة :
1- وعاءً شعبيا لتأصيل اللهجات المحلية.
2- ذاكرة شعبية مستمدة من فكر شعبي ضحل يساهم في مسيرة الانحطاط.
3- عاملا إضافيا في التفرقة الإقليمية والتشتت
4- بديلا للشعر والثقافة العميقة الواعية بأخرى ضحلة وتحقيقا لمبدأ التفريغ والإحلال الثقافي.
مجمل هذه العوامل أدت إلى تسارع وتيرة الانحطاط , وبدل أن تأخذ الطبقة المثقفة دورها في رفع شأن الأمة وتثقيفها, فقد ساعدت بقصد أو غير قصد على إنهاك جسد الأمة ودفعها إلى السقوط والتهاوي, ولكن السؤال الملح الذي يفرض نفسه :

من وراء كل هذا ؟!

سأبسط الأمر للوصول إلى إجابة.
الإنسان طاقة مبدعة متميزة عن كل ما سواها من المخلوقات اجتماعية تسعى إلى تحسين ظروفها بطريقة أولية فردية وبطريقة جماعية أكثر تطورا وفاعلية, يتحمل فيها الكبار الحصة الكبرى من العبء والمسؤولية الجماعية.
فماذا لو أن الكبار استغلوا مكانتهم وراحوا يفكرون بطريقة فردية فنموا واضمحلت مجتمعاتهم؟
ثم ماذا لو أن آخرين استغلوا فردية وأنانية كبير احد المجتمعات, وبغيه وطغيانه؟
ثم ماذا لو كشفنا عن بصيرة المجتمع وكشفنا له ما حاك له كباره من غدر وخيانة؟
ثم ماذا لو قمنا بتخيير كبير هذا المجتمع بين أن نمد له يد العون ونمنعه من قومه, وبين أن نمد اليد إلى قومه فينتزعونه وينتزعون منه حقوقهم عنوة؟
ثم ماذا لو رضي الأولى فقدمنا إليه قائمة من الأوامر يفرضها على قومه ومددنا له يد العون مادام مطيعا منفذا لما نصبوا إليه , ثم خلينا بينه وبين قومه لو انه فكر بالتمرد والعصيان؟
وماذا لو رضي الثانية فمددنا يدنا إلى قومه فأخذوه نقمة؟

أليس هو هذا واقع الأمة؟

لننظر إلى الأمر بطريقة أخرى :
فلو أن كبير القوم قام بواجبه كما ينبغي, وكان أقرب ما يمكن إلى قومه, مصلحته جزء من مصلحة الجماعة, لكبر وكبر معه قومه, و لاستعصم و استعصم قومه عن الآخرين, و لكشفت بصيرة القوم عن خير كبير لخير قوم, ثم لم يجد المتربصون سبيلا إليه ولا إلى قومه, و لوجدتهم أشداء على أعدائهم رحماء بينهم, ولعل هذه الرحمة التي تحكم مجتمعه وجدت سبيلها إلى مجتمعات أخرى ترفع عنها ربقة الذل والعبودية, وهذا شأن المسلمين الفاتحين, وبين هذا وبين ذاك مآرب وغايات.

أعود للسؤال من وراء ذلك؟

أهو الآخر الذي استغل, فأمر واستحكم؟
أم هو البغي بحد ذاته, بدليل أنه لو رفض كبير القوم الخضوع للآخر, أقاموا عليه الدنيا وكشفوا عن سوء سريرته وبغيه, وكان سبباً كفيلا بأن يقطع الأواصر بينه وبين قومه, ثم يجعلهم جميعاً فريسة الآخرين.

أم فعله كبيرهم هذا !

فاسألوهم إن كانوا ينطقون.

خشان محمد خشان
20-09-2005, 10:38 PM
أخي الكريم مصطفى بطحيش

صدقت.

وبالمناسبة أنصح بقراءة كتاب الدكتور مرزوق بن صنيتان بن تنباك ( الضاد ونظرية الفكر العامي ) ومما جاء في مقدمته عن الإهتمام بالأدب الشعبي: "وهو أمر معقول إن اتخذ الحيز المناسب له" ولم يتعده إلى غيره وهو كما جاء في (ص-13):"إن الهدف من انتشار العامية في الجزيرة والخليج هو الهدف نفسه من المحاولات التي سبق أن تكرر مثلها في أجزاء من الوطن العربي والإسلامي، وهو فصل الأمة في نهاية المطاف عن تأريخها الحضاري القوي وحتى عن دينها، ثم قطع صلة الحاضر الضعيف الذي تعيشه عن الماضي الذي يجب ألا ننساه، وسد المنافذ التي يتسرب منها الفكر الإسلامي والتأريخ الأصيل للدولة الإسلامية." إلى الحد الذي عقد فيه اجتماع بناءا على طلب من منظمة اليونسكو (ص-203) كان مما أوصى فيه المجتمعون (ص-208): "تشكيل لجنة من المتخصصين لدراسة صيغة علمية لكتابة اللغة المحلية لتدوين أنماط الأدب الشعبي." كان لا بد من هذا الاستطراد للتمييز بين (ص-114):"العامّيّة في حدودها المعقولة المقبولة وحيزها الذي تحتله في كل لغة من لغات الدنيا. لأنها لا تملك فكرا ولا تنظيرا ولا آراء تصاغ من أجل تبرير استعمالها وتقنينها. وبين (ص-115):" الفكر العامي الذي يتبناه المثقفون الذين يجعلون من العامية قضية فكرية جدلية يثيرون حولها الآراء ويدافعون عنها ويخططون بقدرة علمية وتنظيم فكري محكم لانتشار العامي في كل شيء لغة وثقافة وسلوكا.000000وهو مصدر القلق والخوف لا على اللغة العربية الفصحى 00000لكنه مصدر قوي لتمزيق الأمة العربية الواحدة إلى أمم بعدد اللهجات التي تنتشر فيه [فيها]، وتقسيم الشعب الواحد داخل الدولة الواحدة في كل قطر عربي إلى أقاليم ولهجات عامية تحاول كل منها أن تسود غيرها من اللهجات."

عدنان أحمد البحيصي
20-09-2005, 11:04 PM
الأخوة الكرام صدقتم

وأنصح بقراءة كتاب "لماذا اللغة العربية؟ " للدكتور عدنان النحوي


شكرا لكم

مصطفى بطحيش
25-09-2005, 01:14 AM
أخي الكريم مصطفى بطحيش

صدقت.

وبالمناسبة أنصح بقراءة كتاب الدكتور مرزوق بن صنيتان بن تنباك ( الضاد ونظرية الفكر العامي ) ومما جاء في مقدمته عن الإهتمام بالأدب الشعبي: "وهو أمر معقول إن اتخذ الحيز المناسب له" ولم يتعده إلى غيره وهو كما جاء في (ص-13):"إن الهدف من انتشار العامية في الجزيرة والخليج هو الهدف نفسه من المحاولات التي سبق أن تكرر مثلها في أجزاء من الوطن العربي والإسلامي، وهو فصل الأمة في نهاية المطاف عن تأريخها الحضاري القوي وحتى عن دينها، ثم قطع صلة الحاضر الضعيف الذي تعيشه عن الماضي الذي يجب ألا ننساه، وسد المنافذ التي يتسرب منها الفكر الإسلامي والتأريخ الأصيل للدولة الإسلامية." إلى الحد الذي عقد فيه اجتماع بناءا على طلب من منظمة اليونسكو (ص-203) كان مما أوصى فيه المجتمعون (ص-208): "تشكيل لجنة من المتخصصين لدراسة صيغة علمية لكتابة اللغة المحلية لتدوين أنماط الأدب الشعبي." كان لا بد من هذا الاستطراد للتمييز بين (ص-114):"العامّيّة في حدودها المعقولة المقبولة وحيزها الذي تحتله في كل لغة من لغات الدنيا. لأنها لا تملك فكرا ولا تنظيرا ولا آراء تصاغ من أجل تبرير استعمالها وتقنينها. وبين (ص-115):" الفكر العامي الذي يتبناه المثقفون الذين يجعلون من العامية قضية فكرية جدلية يثيرون حولها الآراء ويدافعون عنها ويخططون بقدرة علمية وتنظيم فكري محكم لانتشار العامي في كل شيء لغة وثقافة وسلوكا.000000وهو مصدر القلق والخوف لا على اللغة العربية الفصحى 00000لكنه مصدر قوي لتمزيق الأمة العربية الواحدة إلى أمم بعدد اللهجات التي تنتشر فيه [فيها]، وتقسيم الشعب الواحد داخل الدولة الواحدة في كل قطر عربي إلى أقاليم ولهجات عامية تحاول كل منها أن تسود غيرها من اللهجات."

الاستاذ المبدع خشان
ارى في تعاطيك للعروض بهذه الطريقة المبسطة الشاملة لبنة على طريق اعادة بناء الصرح ورد ابناء الامة اليها, جزاك الله خير الجزاء واعانك على هذا الجهد الجبار

لك مني اجمل تحية

ابتسام اسماعيل شاكوش
17-03-2006, 08:26 PM
للرفع بمناسبة قضية طرحها الشاعر البحتري

خليل حلاوجي
18-03-2006, 01:12 AM
أستاذي الفاضل
والله أني لأفتقدك كثيرا"
ونور حروفك ما أ ضاء ساحتنا منذ أمد

فأهلا" بك تهطل حروفك كالصيب النافع

وأرى أن ماطرحته خير ذخيرة لأمسية قادمة

ورغم أني لاأوافقك في كثير من الامر
لكني أستمتع جدا" بمحاورتك
ولكن ليس هنا

في الامسية

أن أمد الله لنا ألأعمار

لأسعد معك على ضفاف الصدى من صوتك
أيها الحبيب


ممتن لك

البحترى
18-03-2006, 02:18 AM
الأخ الفاضل الكريم مصطفى بطحيش
أعجبنى هذا الفهم الواعى العميق للتحديات التى تواجهها اللغة العربية كجزء من مخطط كبير لهدم الأمة الإسلاميه كلها عن طريق تقويض دعائمها وأولها أقوى دعاماتها وهى لغة القرآن. تلك أخى تحديات ضخمة تنادى الرجال لكى يقفوا صفاً واحداً لردع هذه الهجمات الشرسة بالعقل وبالمتاح.
لا يغيب عنك أن الأمر برمته سياسي الأدوات بما يجعل يد الأدباء مغلولة إلى حد كبير إذ أن القرار ليس بأيديهم . فماذا تفعل مثلاً أن علمت أنه منذ أيام تم تعيين اشهر مخرجة أفلام سينيمائية إباحية فى مصر لتكون مديرة لقطاع البرامج الدينية بالتليفزيون المصرى!!!! تلك معاول لايحدها حد فى الهدم وتمسك بزمام الإعلام المرئي والمسموع والمكتوب وكل شيء ناهيك عن المقررات المدرسية وحتمية إجادة اللغات الأجنبية فى الوظائف وغيره . إذن أنت أمام حملة مسلحة بكل الأسلحة لها الوسائل والقرار السيادى، ولا تقول أنها لم تصل لهدفها ، بل وصلت وصار الحال هو حال اللغة العربية اليوم كما تعرفه أنت ، فقل لى ماذا أفعل أنا وأنت ؟ هل نتقوقع فى عالمنا المغلق علينا والمحجوب قسراً وقهراٌ عن الجيل الحالى ؟
القضية ليست هى الشعر إنما هى اللغة برمتها، وإذا تحدثت عن اللغة فإنما تتحدث عن لغة القرآن وما كان القرآن بشعر، إنما الشعر صورة من صور اللغة والذى يجب أن نحافظ عليه كيفما كان لذلك سبيلا. أقصد من ذلك ألا تكون المعركة بينتا وبينهم هى الشعر العمودى أو المنثور وغيره ، والنثر من اللغة أيضا يجب أن نحافظ عليه وأن نبقيه داخل صحيح اللغة ونبعد عنه الهزل والعامية التى ترتع فى وسائل الإعلام. المعركة هى معركة اللغة ككل وليست محصورة فى الشعر.
أما الشعر على طريقة بانت سعاد فأرى أنه لا ولن يساير العصر الذى نعيشه ولابد أن يتحرك بتحرك الزمن ، ولو كان زهير بن أبى سلمى يعيش بيننا اليوم لما كتب معلقته وكتب ما يمكن أن يكون مفهوماً، وليس ذلك دعوة لأن نترك صحيح اللفظ فى اللغة أو نكتب بالعامية ولكن نكتب القصيدة القصيرة السريعة التى تبتعد عن الكلمات صعبة الفهم وما أغنى كلمات اللغة العربية بمفرداتها ومرادفاتها. نكون بذلك أخى الكريم قد قدمنا اللغة العربية فى قالب يستطيع الطفل فى بيتنا تذوقه وتدريجياً يفهم ما كان صعباً وعنده من الكتب فى الحاسوب والنت الآلاف المؤلفة فى مختلف آداب اللغة يرجع لها فى لحظة ويقرأ القديم والحديث فكله محفوظ.
دعونا من رجم من نظن أنه حاول هدم اللغة عامداً فربما العكس هو الصحيح وأن نلتفت للبناء لا للتنقيب عمن هدم. طه حسبن له حسناته وسيئاته وغيره حسناتهم أكثر وسيئاتهم أكثر، فلنأخذ الحسنات ولندع ما نرى أنه سيئات ونسير ونتحرك ونتقدم بدلاً من الوقوف على الأطلال التى لا تنفع بل تضر.
ماذا يضيرنا أخى الكريم أن نضيف للغة كلمة درجت على ألسنة الناس وتعارفوا عليها ولا تتعارض مع أسس اللغة ، ما يضير اللغة فى ذلك ، ألم تكن اللغة العربية ملك للعرب الأقدمين وتنامت مع السنين وأضافوا لها وعدلوا فيها حتى أن كل قبيلة كانت لها لهجتها الخاصة التى تنطق بها وحتى الآن ؟ أم أن اللغة أوجدت فى ثوبها الكامل فجأة ما قبل الجاهلية؟
لا ياأخى ، اللغة العربية ثرية ولها القدرة على التحرك مع ثبات أسسها التى لا يمكن التفريط فيها بحال وهى الأسس التى نزل بها القٌرآن الكريم أو لا تتعارض معه ، فليست كل كلمات اللغة وردت بالقرآن. إذا أردنا أن نتحرك وننفع فلابد أن نفهم العصر ومتطلباته بدلاً من أن يغوص الجيل فى لغة الفيديو الكليب فالأدباء ببعدهم عن القرار السياسي لن يستطيعوا أن يرغموا أحداً على الإستماع إليهم إلى أن يفعل الله أمراً كان مفعولا.
لا أطيل عليك أخى الحبيب فالحديث يطول قد نستكمله فى موضع آخر كما أقترح الدكتور سمير العمرى، وأرجو ألا يكون قد شاب حديثى شائبة فقد كتبت فى عجالة وهدفنا واحد ولك الإعتذار مسبقاً والإحترام والتقدير والإكبار والإجلال أولاً وآخراً

خليل حلاوجي
18-03-2006, 11:13 AM
بالمناسبة أحبتي أرغب أن نحيي وبشدة موقف الرئيس الجزائري الذي أقفل أربعين مدرسة في بلده

لانها تسىء الى لغتنا العربية الماجدة

والله أنه لموقف باهر

حوراء آل بورنو
18-03-2006, 02:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

الأخ الفاضل مصطفى بطحيش
بارك الله في وعيك ثم في قلمك الذي انبرى ليحدث بوعي صاحبه دون وجل .

الحديث ذو شجون و يفتح الكثير من الصفحات التي أُغلقت عمداً في أحاين ، و الحق أن حديثاً هكذا يحتاج إلى قوة في العقل و قوة في القلب و قوة في اللسان أو القلم ؛ لأنها الحرب .
مازلت أذكر ضجيج طالباتي - في القسم العلمي - اعتراضاً على دروس النحو و الأدب - خاصة - بأنها ليست ضرورية لهن كضرورة الرياضة العقلية الحسابية أو علم الأحياء و المجاهر أو علم المعادن و اللا فلزات ... ، و أضطر حينها لسرقة دقائق من كل بداية محاضرة لأوضح فيها أن اللغة هي الأمة و ما سقوط الأمم إلا صنو سقوط اللغة فيها ، ثم أضرب لهن تلك الأمثلة على حال لغتنا العربية كيف كان يتعلمها كل من أراد نهلاً من العلوم في أيام مجد أمتنا و في زمن سلطانها العظيم ، ثم كيف غدت اللغة الإنجليزية تحتل مكانتها العالمية يوم قوي الغرب و استطال أمره ، و الحق أن اللهجة الأمريكية هي الآن غالبة بغلبة أمتها . ثم كنت أضطر مراراً إلى توضيح معنى الاستعمار الحقيقي و أن نشر لغة البلد المستعمر لهو الاستعمار الحق فما من جيش يستطيع البقاء في شوارع المدن و القرى أعواماً و لكن اللغة تبقى دهوراً .

و قد أعجبني ذلك الطرح عن استغلال المستعمر اللهجات الإقليمية و الرفع من شأنها و شأن التغني بها شعراً و دندنة لتمزيق التراب و أهل التراب ، و أظنه نجح في ذلك إلى حد بعيد في سائر الأقطار العربية . و بحق غدوت لا أحب كل شعر عامي لحسي أن وراء الرقص ذبح !

الأخ الفاضل البحتري
تحدثت عن فرضية إدراج بعض دارج على الألسن في قواميس اللغة و المعاجم ، و لا أظن أن ذلك ببعيد عن ما أقرّته مجامع اللغة العربية منذ إنشائها إلى الآن ، و الشواهد كثيرة ، فما الجديد الذي عليه الخلاف هنا ؟

تقديري .

مصطفى بطحيش
11-05-2006, 06:23 PM
الأخوة الكرام صدقتم

وأنصح بقراءة كتاب "لماذا اللغة العربية؟ " للدكتور عدنان النحوي


شكرا لكم

عدنان شكرا لمرورك ونصحك

تحية لك

د. سمير العمري
15-05-2006, 12:29 AM
موضوع لا يضاف عليه بل ينتهل منه بعد كل هذه المداخلات الكريمة والرائعة.

ولعلني هنا أشير فقط إلى تلخيص لأهم قضيتين في هذه المحاور:

أولاً استهداف اللغة العربية كونها الوطن الحقيقي الذي يجمع فيه أبناء الأمة دون تأطير لحدودها وبترسيخ كامل لقطريتها ، وما الحفاوة البالغة باللهجات المحلية غير الفصيحة إلا ترسيخ أكبر وأكثر لهذا الهدف الخبيث ، وكذلك منهجية الإعلام التي تكثر من الأعمال الدارجة وتحارب الأعمال الفصيحة ، وتحتفي بمن يكتب الشعر أو القصة باللهجة المحلية وتقمع صاحب القول الفصيح شعراً ونثرا لدليل آخر في هذا السياق.

ثانياً هناك استهداف واضح لأهم خصائص الأدب العربي الذي يحفظ الله بعد القرآن الكريم ويحافظ على لسان عربي قويم وهو الشعر لكي ينمحي هويته وتفرده فيغدو مسخاً بين آداب أخرى ، ويختلط الشعر بالنثر في حالة من فوضى أدبية تنعكس سلباً على المشهد الأدبي العربي.

ما الحل إذن؟؟

الحلول كثيرة ومهمة ولعلنا في الواحة من أهم القلاع التي تذود عن اللغة أولاً وعن أصناف الأدب والهوية الثقافية والأدبية ثانياً ، وكما قلنا من قبل ، لا أحسبنا إلا بحاجة لجلسات حوارية نتبادل فيها التفاعل المعرفي لنحدد خطوط نتبناها ثم نطرحها لتكون منهجاً لكل من يسعى للذود عن اللغة العربة وآدابها كأهم وسائل الحفاظ على الهوية العربية والكينونة الثقافية.


تحياتي
:os::tree::os:

سيد يوسف
23-05-2006, 12:04 AM
اخونا الكريم استاذ مصطفى لله درك ما اجمل هذا الطرح
واستاذنك فى تلك المداخلة
فحين قرات موضوعك ثم عدت اقلب فيه اثارتنى تلك العبارة
خطوة أخرى على طريق طمس معالم اللغة العربية, ثم حذف القرآن الكريم من ذاكرة البشرية.

وذكرتنى بقول شيخنا محمد الغزالى رحمه الله
من المؤسف ان امتنا تقرأ القران احرفا وتقيمه انغاما
فصار قراننا بين الاحرف والانغام وغاب عن الانطلاق به نحو التطور والابداع
ولا جرم فسبب ذلك كما تفضلت اخى استاذ مصطفى ونوهت هو حذف القران من ذاكرة البشر
اشكر لك موضوعك اخى الكريم ودعائى ان ينفعنا الله بك
سيد يوسف

مصطفى بطحيش
30-11-2006, 05:31 PM
اخونا الكريم استاذ مصطفى لله درك ما اجمل هذا الطرح
واستاذنك فى تلك المداخلة
فحين قرات موضوعك ثم عدت اقلب فيه اثارتنى تلك العبارة
خطوة أخرى على طريق طمس معالم اللغة العربية, ثم حذف القرآن الكريم من ذاكرة البشرية.
وذكرتنى بقول شيخنا محمد الغزالى رحمه الله
من المؤسف ان امتنا تقرأ القران احرفا وتقيمه انغاما
فصار قراننا بين الاحرف والانغام وغاب عن الانطلاق به نحو التطور والابداع
ولا جرم فسبب ذلك كما تفضلت اخى استاذ مصطفى ونوهت هو حذف القران من ذاكرة البشر
اشكر لك موضوعك اخى الكريم ودعائى ان ينفعنا الله بك
سيد يوسف

سيدي الكريم شكرا لمداخلتك واقول :

القرآن باق مستمر شاء من شاء وابة من ابى انما ؛

من اراد ان يضمن استمراره فعليه بالقرآن الكريم , ومن اراد القرآن فعليه باللغة العربية

هذه حقيقة لاريب فيها , وتبدو المسألة لي :

وكأن القرآن واللغة سفينة نجاة من تعلق بها غنم

ومن عاداها غرم