مشاهدة النسخة كاملة : شغاغة وعائلة ابن ياكل ..!
علي أحمد معشي
09-04-2020, 04:27 PM
ق.ق
شغاغة و عائلة ابن ياكل .. ( 1 ) ������
شغاغة شابة يتيمة تقطن مع والدتها المريضة في احدى القرى النائية ، في شظف من العيش وحياة قاسية ، لا تكاد تنبعث رائحة الطعام من منزلهم المتهالك إلا ما ندر تعمل شغاغة في بيوت بعض الموسرين لتحصل على قطع من خبز الذرة أو حبوبا تطحنها وتخبزها لتطعم والدتها ، وهكذا تمضي الأيام ثقيلة رتيبة لا يطل الفرح من زواياها ولا تعرف السعادة طريقاً إلى أبوابها .
وفي يوم من الأيام وبينما هي تستعد لمغادرة المنزل كعادتها للعمل لدى الجيران اذ لمحها رجل عابر سبيل فكأنما استحسن جمالها الذي أرهقه الجوع وأذبله الحزن الطويل ، اقترب منها وطلب شربة ماء ، لم تتردد شغاغة في جلب الماء للضيف الذي اتخذ شرب الماء وسيلة للتعرف عليها وسؤالها عن أحوالها ومع من تسكن حتى أجابته وعرف بمرض أمها وضعف الحال الذي تعيشه الفتاة وأمها، فعرض عليها الزواج وطرح عليهما فكرة الرحيل معه الى دياره وأنه سيتولى رعايتهما وسكنهما .
نظرت إليه الفتاة نظرة أمل كاد أن ينقطع من تفكيرها ولم يعد ضمن قاموس كلماتها ، بفرحة غامرة ورغبة في حياة كريمة ، طلبت شغاغة من الرجل أن يطلبها من شيخ القرية ليعلن زواجهما وبقيم لها مناسبة تليق بها .
ذهب الرجل إلى شيخ القرية وعرض عليه الأمر ، فرحب به وتم الزواج وأقيمت مناسبة متواضعة في مساء اليوم التالي بعد أن قامت الجارات بتزيين العروسة وزفافها إلى زوجها الذي قرر الرحيل مباشرة بصحبة عروسته وأمها .
حيث خرجوا من ساعتهم في رحلة طويلة إلى أن أواهم المبيت في الطريق بعد سفر طويل ورحلة شاقة ، تفقدت شغاغة والدتها واطمأنت عليها بعد أن فرشت لها فرشاً بسيطاً ، وغطتها ببعض ما توفر لها من الملابس بينما طلبت منها الأم أن تكون بجوار زوجها ، أقبلت شغاغة الى زوجها فوجدته يغط في نوم عميق وله شخير عجيب يهتز له المكان وبدت عليه علامات غريبة وملامح مريبة وكأنه يصارع شيئاً ما في منامه ، اقشعر بدنها وخافت وعادت إلى أمها تخبرها بما رأت لكن الأم هدأت من روعها وقالت لها : لعله متعب من طول السفر مرهق من عناء الطريق .
وضعت شغاغة رأسها على طرف الفرش الذي ترقد عليه أمها وذهبت تفكر في مصيرها مع هذا الرجل غريب الأطوار إلى أن غفت عينها قليلاً قبل بزوغ الفجر .
حيث استيقظ الرجل واخذ خرجاً كان معه لا يدعه لحظة وذهب خلف تلة قريبة كأنما يقضي حاجته ، بينما ترمقه شغاغة من بعيد لتستكشف أمره ، وما هي إلا لحظات حتى سمعته يعاود تلك الأصوات التي كان يصدرها وهو نائم ويخرج شيئاً من خرجه ويأكله بشراهة ولكنها لا تفهم ماذا يجري وأي شيء يصنع زوجها ..!
عاد اليها مبتسماً سعيداً ، يلعق شفاهه تارة ويمسح فمه بيده تارة أخرى. بعد أن قضى بعض الوقت خلف التلة .
استعد الجميع للرحيل ومواصلة السير وصعدوا رواحلهم وانطلقوا ، لكن شغاغة يقرصها قلبها من زوجها وتأكلها الريبة من أمره وتصرفاته الغريبة .
ناديه محمد الجابي
09-04-2020, 08:06 PM
أولا .. وقبل كل شيء أرحب بعودتك لواحتك بعد غياب طويل
عرفتك من خلال نثرك الرائع فأعجبت بكل ماكتبت سابقا ـ وهذه أول مرة
أقرأ لك قصة .. فأهلا بك وبقصتك..
بسرد قصي سلس وشائق اعتمد الوصف جعلت المتلقي يمسك بأنفاسه
ترقبا لشيء مريب أو مرعب .. ولكنك نهيت القصة فجأة بدون أي إيضاح
فهل من بقية للقصة.
مع تحياتي وتقديري.
:002::003::002:
علي أحمد معشي
09-04-2020, 08:37 PM
شكراً استاذة نادية على الترحيب الراقي واعتذر لغيابي الطويل
والقصة لها أجزاء وهذا هو الجزء الأول حسب ماهو موضح بالعنوان
ولا أدري هل تقترحون أن أكمل في التعليقات أم أفرد لكل جزء قصة مستقلة
سعدت بمرورك الكريم
علي أحمد معشي
09-04-2020, 08:52 PM
ق.ق
شغاغة وعائلة ابن ياكل .. ( 2 )
بقي نهار كامل تقريباً للوصول إلى قرية شلاع زوج شغاغة قطعوه تحت وهج الشمس ولفح الرياح ، وقد أصابهم الإعياء والتعب الشديد وازدادت حرارة المرأة العجوز واشتد بها المرض وزاد قلق ابنتها المسكينة عليها .
وصل المسافرون إلى أطراف تلك القرية النائية التي لا تجاورها قرى أو مساكن وكأنها قرية مهجورة منذ زمن طويل ، تنعق فيها الغربان وتكثر فيها الوحوش .
دخلت شغاغة القرية تقود بأمها جملاً مهودجاً ، أناخته في المكان الذي أشار اليه زوجها شلاع ، وفي قلبها نبض متسارع ووجل من كل شيء ، فهي تلتفت يميناً ويساراً بينما يضحك زوجها ويطمئنها أن كل شيء هنا طبيعي ولا داعي للخوف ويرسل لها ابتسامة غير مريحة بدت منها اسنانه السوداء .
نزات العجوز المريضة من هودجها وادخلوها المنزل المهجور والذي تسكنه العناكب والحشرات وكأنما لم يدخله بشر منذ اشهر طويلة،
قضت شغاغة ساعات طويلة وهي تعتني بإعادة ترتيب وتنظيف البيت القذر بينما ذهب شلاع لجلب الماء من البئر الواقعة في طرف القرية .
خلف السياج يتطلع مجموعة من الصبيان غريبي الملامح على رقابهم قلائد من عظام أو ما شابه ذلك يتطلعون خلسة إلى الضيوف النازلين في بيت شلاع خوفاً من أن يراهم فيهاجمهم .
شغاغة تحاول استراق السمع لمعرفة ما يدور من حوار على ألسنة الصغار العارية صدورهم وهم يتهامسون ويقولون : أوادم أوادم ..!
لم تستوعب شغاغة القصد من هذه الكلمة في حين أقبل شلاع يحمل قربتين كبيرتين من الماء على كتفيه ووضعهما أمام شغاغة بينما هرب الصغار ولكنه لمح آخرهم وهم يهربون فغضب من تواجدهم وسأل شغاغة وهو غضبان هل تحدثوا معك هل قالوا شيئاً ..؟ قالت : لا لم يفعلوا ..!
هدأ شلاع قليلاً ودخل يطمئن على عمته العجوز فوجدها أشد مرضاً مما مضى وقد زادت حرا رة جسمها ، فتركها وذهب إلى مخدعه منتظراً عروسته التي كانت طول الوقت تحاول تخفيف الحرارة عن امها وتحاول اطعامها كي تتعافى مما أصابها إلى أن انخفضت حرارتها وغفت بين يدي ابنتها التي تركتها تنام وذهبت إلى شلاع الذي استدعاها اكثر من مرة وهو ينتظرها بشغف ليقضي ليلته الأولى معها فرحاً سعيداً ،
نام العروسان ليلتهما تلك في لقاء حميمي رغم مخاوف شغاغة إلا أن النعاس غلبها نتيجة ارهاق شديد وتعب مضن إلى أن استيقظت بعد طلوع الشمس في نومة طويلة على غير العادة ثم انطلقت مسرعة إلى امها لتطمئن عليها ولكنها لم تجدها في مكانها ..!
خرجت تبحث عنها في كل أرجاء المنزل وتنادي عليها والعبرات تتقطع في حلقها ويكاد قلبها ينفطر خوفاً وهلعاً ، تدور في مخيلتها كل التصورات المخيفة والشكوك التي تساورها منذ تلك الليلة الموحشة مع هذا الزوج الغريب المريب وقريته القذرة وجيرانه البشعين.
ناديه محمد الجابي
10-04-2020, 11:36 AM
وقد سرت إلينا نحن أيضا الوحشة، وكل التصورات المخيفة في نص مشوق
، ومشبع بالغموض ـ وقد استطعت أن تمضي بنا وقد دخل الرعب في قلوبنا
بأداء قصي ماتع ووصف جاذب
أتابع معك بكل شوق وشغف.
تحياتي.
:sb::sb::sb:
علي أحمد معشي
10-04-2020, 12:34 PM
وقد سرت إلينا نحن أيضا الوحشة، وكل التصورات المخيفة في نص مشوق
، ومشبع بالغموض ـ وقد استطعت أن تمضي بنا وقد دخل الرعب في قلوبنا
بأداء قصي ماتع ووصف جاذب
أتابع معك بكل شوق وشغف.
تحياتي.
:sb::sb::sb:
اتشرف جداً بتواجدك في هذا النص والذي يزداد جمالاً بحضورك وقرائنا الكرام في محاولة لتجسيد اسطورة من حكاياتما الشعبية القديمة
علي أحمد معشي
10-04-2020, 12:36 PM
ق.ق
شغاغة وعائلة ابن ياكل ( 3 )
شلاع غير موجود ، والقرية لا حركة فيها ، الغربان في كل مكان نعيقها يزيد شغاغة رعباً وهي تجري في كل اتجاه حافية القدمين تقول لنفسها يالحسرتك يا شغاغة على امك وعلى نفسك ..! مالذي جعلك تقبلي بهذا الزواج وهذا الحال المشين ، وبينما هي كذلك إذ أقبل عليها شلاع وعليه علامات الفرح وحالة تشبه حالته ليلة الرحيل حين عاد من خلف التلة يمسح فمه ويلعق شفاهه ، يترنح كالسكران ، اقبل عليها وفي يده اناء فيه طعام .
صرخت شغاغة في وجهه قائلة : أين أمي ؟ ماذا حدث ؟ هيا أخبرني ..! فجاءها الرد صاعقاً من شلاع وهو يقهقه
لقد زادت عليها الحمى وخفت أن تموت فيتعفن جسدها وكان جلدها ساخن جداً فصنعت منها طعاماً وحساءً ولكني ابقيت لك جزءاً منها خذيه هيا خذيه انه شهي .. شهي جداً ، كل هذا يحدث والفتاة تضع يديها على رأسها جاحظة العينين من هول ما تسمع حتى أن صوتها حبس في حنجرتها وجف دمعها في مآقيها وكادت أن تفقد عقلها وهي ترتجف هلعاً ، و يكاد يتوقف النبض في قلبها ، ويشل عقلها عن التفكير ولم تعد تسمع صوت شلاع ولا قهقاته المزعجة لا ترى سوى حركة فمه و يتمايل جسمه ثملاً ، مضت بضع دقائق وهي في ذهول شديد مما تسمع وترى ، وبدأت تنسحب من أمامه بعد أن استعادت بعض وعيها وعلمت أنها ربما كانت الضحية القادمة .
توجه شلاع إلى غرفة نومه وقد جمع بعض الملابس المنتثرة في الغرفة وألقى عليها رأسه المثقل بالنوم والتعب تاركاً شغاغة في صدمة كبيرة وحسرة قاتلة وبكاء هستيري وكأنها تعيش تحت وطأة جاثوم لا ينفك عن صدرها المختنق حزناً وخوفاً .
اطلقت الفتاة المنكوبة ساقيها للريح وهربت لا تلوي على شيء ولا تدري في أي اتجاه تسير ، مثقلة بحزن وهم كالجبال المحيطة بها من كل الاتجاهات .
بعد ساعات متواصلة في رحلة الهروب من المصير المجهول وبعد عناء طويل واستراحات قصيرة خشية أن يلحق بها شلاع أو أحد من سمان قريته القذرة .
استطلت بظل بشجرة في الطريق وقد الهبت حرارة الشمس الأرض ، اذا بامرأة عجوز تقبل عليها راكبة حماراً تكاد تصل إليها ، مما جعلها تفزع منها خشية أن تكون من سكان القرية المشؤومة ، لكنها تماسكت قليلاً لكي تستطلع الأمر فلعل مقدم هذه العجوز خيراً ساقه الله لها أو شراً جديداً سيزيد بلواها ومصابها .
اقتربت العجوز واذا بها تلهث من حرارة الشمس وعناء السفر ، استأذنت من شغاغة كي تشاركها الظل قبل أن تكمل مسيرتها إلى ديار أهلها .
تأملت شغاغة وجه العجوز وملامحها فاستأنست بها ولم يساورها الشك في طيبها ، فملامحها مريحة وتبدو امرأة طيبة النفس لا علاقة لها بالأشرار ، رحبت بها وساعدتها للجلوس بجوارها .
لاحظت العجوز علامات التعب والانهاك الشديد والحزن الواضح على شغاغة في ملامحها وملابسها وهيئتها فطلبت منها أن تشرب من الماء الذي يحوزتها واعطتها بقايا طعام كانت تحتفظ به لنفسها ، شربت شغاغة جرعات بسيطة من ذلك الماء بعد أن كاد يقتلها العطش أما الطعام فلم تكن لديها شهية له أبداً .
بدأ الحوار يستطرد بين العجوز وشيلة وشغاغة إلى أن أخبرتها بما حدث معها وبقصة والدتها مع ذلك المجرم الظالم ، وهنا أطلقت العجوز تنهيدة طويلة وقالت لشغاغة :
لقد وقعت أنت ووالدتك في يد احد أفراد قبيلة " ابن ياكل " وهم قبيلة مجهولة اشتهرت بأكل لحم البشر وخاصة المرضى منهم ، فكلما وجدوا مريضاً اصابته الحمى وارتفعت حرارته يسارعون لطبخه وأكله قبل أن يموت وهم يظنون بذلك أنهم ينقذون الأرواح قبل هلاكها ، علماً بأنهم يستمتعون بذلك أيما متعة وتصيبهم حالة من فقد الوعي تشبه السكر تقريباً ، وقد أحسنت بهروبك منه ومن قبيلته ، والحمد لله فقد أصبحت في مأمن منهم الآن ، فهم لا يأتون إلى هذا المكان .
لم تكف شغاغة عن البكاء والحزن على فراق أمها وما أصابها من ألم وعناء ، لكن العجوز عرضت عليها الرحيل معها إلى ديارها القريبة من ذلك المكان كي تعتني بها وتحميها وسط قبيلتها .
لم تمانع شغاغة من الذهاب مع العجوز وشيلة بعد أن اطمأنت لحديثها وفضلت أن ترافقها إلى أن يكتب الله لها فرجاً وتجد طريقة تعود بها إلى ديارها وقريتها التي افتقدتها رغم ما لاقته فيها من عناء ومشقة وجوع وفقر .
بعد ان هدأ لهيب حرارة الشمس وقارب وقت العصر ركبت العجوز حمارها واردفت شغاغة خلفها وانطلقتا نحو الديار وهناك استقرت شغاغة في دار العجوز وسط أبنائها وذويها .
بعد مضي شهر تقريباً وبينما شغاغة تتناول طعام الافطار مع العجوز وشيلة اذ أصابتها حالة استفراغ وهرعت بعيداً تستقيء وهي حالة مفاجأة وغريبة بالنسبة لها.
اقبلت عليها العجوز وقالت لها : ما بك يابنتي فأجابتها : لا أدري يا خالة لا أدري ماذا أصابني ولكني أشعر بدوار شديد ، هنا قالت الخالة لشغاغة انت حامل يا ابنتي .
وقع الخبر كالصاعقة على شغاغة فقالت : ماذا ..؟ حامل ..! لاااا .. لا تقولي هذا يا خالة وبدأت في حالة بكاء وجزع شديد ، وتساءلت كيف أكون حاملاً ولم أنم معه إلا ليلة واحدة .. وتولول وتبكي بكاءً حاراً.
علي أحمد معشي
10-04-2020, 05:47 PM
ق.ق
شغاغة وعائلة ابن ياكل ( 4 )
وهي تردد ليتني أموت من ساعتي هذه ، كيف احمل من ذلك المجرم المتوحش ..؟ كيف أحمل من قاتل أمي وآكل لحوم البشر ..؟ يا الهي ارحمني مما أنا فيه واربط على قلبي وتدخل في نوبة نحيب طويلة فطرت معها قلب الخالة وشيلة وجاراتها اللاتي حضرن على عويل شغاغة وبدأن يتساءلن عن قصة هذه الغريبة وما سر كل هذا البكاء وزاد الهمس بينهن حتى فطنت الخالة وشيلة لحديثهم ولعلمها بتأويلات النساء ، قطعت عليهن الطريق إلى التأويلات الشاطحة وابتكرت لهن قصة مصطنعة حيث أخبرتهم أن شغاغة تبكي حزناً على زوجها الذي هلك في الصحراء عطشاً منذ أيام ، وعندما علمت أنها حامل منه زاد حزنها واشتد ألمها ، وبذلك أنهت الخالة كل الوساوس والشكوك التي خيمت على حديث النسوة .
ادخلت الخالة وشيلة ضيفتها شغاغة إلى داخل المنزل واضجعتها على فراشها داخل احدى الغرف وذهبت تواسيها وتشد من أزرها وتحاول زراعة الأمل بكشف الغمة وزوال الكربة وتحسن الأمور .
في تلك الأثناء كان شلاع يبحث كالمجنون في كل مكان عن شغاغة وينبش البيوت المجاورة وينقب في الكهوف ويصعد الجيال وبنزل الى الأودية دون جدوى ويتوعد ويهدد إن أمسكها لينتقمن منها ، وظل أياماً يخرج كل يوم للبحث وسؤال العابرين عنها ، إلا أنه لم يهتد إلى أي خيط يرشده إليها ، فقرر الرحيل مستبقاً موعد رحلته المعتادة كل شهر للبحث عن ضحية جديدة .
مكثت شغاغة في بيت الخالة إلى أن وضعت حملها وأنجبت طفلاً بعد معاناة وآلام مبرحة ومشاعر مختلطة بين حقد على والده المتوحش وشفقة عليه فهو طفل صغير لا ذنب له ، ولذلك قررت أن تربيه لعله يكون تعويضاً لما أصابها من بلاء وعناء خلال حياتها وإبان رحلتها الشاقة وزيجتها المشؤومة .وأسمته مدلكم " بسب زيادة حجم رأسه .
بعد سنتين من مولد الصغير مدلكم ، بدأت شغاغة تفكر في رحلة العودة إلى الديار يحدوها الشوق لهواء الوطن وأمان السكن بين سكان قريتها التي طال بينها وبينهم الفراق وابتعدت المسافات .
كشفت عن نية الرحيل للخالة وشيلة والتي حاولت ثنيها عن ذلك وابقائها حتى يشتد عود طفلها الصغير وتأمن عليه من أخطار الطريق ، لكن رغبة شغاغة في العودة كانت كبيرة للغاية فأصرت على الرحيل .
جمعت شغاغة بعض لوازم الرحيل لها ولطفلها واخذت بعض أوصاف الطريق من الخالة وشيلة التي منحتها حماراً تركبه وزاداً تتبلغ به .
خرجت شغاغة مع شروق الشمس تحمل مدلكم الصغير في حجرها راكبة حمار الخالة وفي عينيها آمال منتظرة بعد جروح وآلام وهموم ثقيلة تعجز الجبال عن حملها . قاطعة عرض الصحراء نحو الديار .
الطريق قد تستغرق يومين أو يوم ونصف على الأقل كما أخبرتها الخالة وقد بدأتها مستعينة بالله .
كانت الأمور تسير على ما يرام طيلة النهار ما بين سير ومكث قطعت فيها الصحراء ونزلت أودية وصعدت تلالاً إلى أن غابت الشمس وبدأ الظلام يمد خيوطه في الأفق مما جعل شغاغة تشعر بالخوف وتسلل القلق إليها ولكنها مضت تتلمس مأوى للمبيت إلا أنه لا يظهر أمامها أي بوادر لنور فوانيس أو نار تدل على قرب أي سمان أو مسافرين ، وهنا ازداد خوفها وهي تسمع صوت صرار الليل يصدر أصواته المخيفة من وراء الحشائش على جانبي الطريق ، يزاحمه بكاء الطفل الذي نفذ طعامه الذي أاعدته له .
بعد أن تجاوز بهم الحمار احد التلال لمحت شغاغة من بعيد بصيص نور بعيد بدا وكأنه في يعض البيوتات على مد البصر مما زرع بذرة أمل في الحصول على مكان آمن للمبيت والخلاص من يد الظلام القايضة على صدر ها.
ماهو إلا وقت يسير حتى اتضحت الصورة الغامضة أمام شغاغة وتيقنت أنها تقدم على قرية من القرى المتناثرة في الساحل الطويل حين رأت نور الفوانيس وسمعت أصوات الكلاب .
اقترب بها الحمار من أحد البيوت في اطراف تلك القرية المحاطة بالظلام إلا من فانوس باهت الاضاءة ، وما أن اقترب بها حتى بادرتها كلاب الحراسة تكاد تنال منها ومن الحمار الذي يحاول التراجع خوفاً من نباح الكلاب وسط فزع الصغير الذي أطلق فمه بصراخ شديد ، إلى أن تدارك الموقف صاحب البيت حين أقبل راكضاً ليمنع الكلاب عن الضيوف والذي تفاجأ بهذه المرأة وطفلها في ذلك الظلام وحيدة دون مرافق .
رحب بها ونادى بناته لاستقبالها وايوائها .
ترجلت شغاغة من ظهر حمارها ودخلت الى داخل البيت وقد تنفست الصعداء وزال عنها الخوف ، ثم القت السلام فردت عليها زوجة الرجل التي وضعت مولودها قبل ساعات قليلة ولذلك لم تستطع الخروج لاستقبالها خوفاً من ريح الليل على صدرها وحليب رضيعها كما هو متعارف عليه لدى القرويات ، اعتذرت شغاغة مرة أخرى لازعاجهم وتعبهم بهذه الزيارة الغير متوقعة خاصة وهم في تلك الظروف الخاصة بهم لكنها أخبرتهم أنها ستغادر قبل طلوع الشمس عندما يسفر الصبح بعون الله .
باتت شغاغة وابنها في أمان وسلام بعد ان أكرمها أهل الدار وفرشوا لها بجوار المرأة النفساء وابنها .
ونام الجميع في طمأنينة وسكون .
استيقظت شغاغة باكراً وعزمت على الرحيل ولم توقظ أهل الدار خوفاً من أن يطلبوا منها البقاء وتحرجهم بصنع الطعام خاصة وامهم متعبة وفي حالة لا تساعدها على القيام بالواجب فقررت الرحيل دون علمهم تخفيفاً عليهم و حفظاً لماء وجوههم من الحرج .
أخذت ولدها الصغير ولوازمها وركبت حمارها ومضت .
استيقظ اهل البيت منتصف النهار بعد ليلة طويلة وتعب شديد على فاجعة كبيرة جن جنونهم منها وتوجهت سهام الاتهام إلى الضيفة شغاغة التي غادرت خلسة وهم نائمون ..
ترى ماذا حدث ..؟
ناديه محمد الجابي
11-04-2020, 09:18 PM
سرد ماتع ، وقص شائق لأسطورة وكأنها من حكايات جدتي
عذوبة وتشويق، وحبكة مكثفة، وتطور في الأحداث
في إيقاع سريع مع بلاغة في التصوير
أتابع معك بكل الأهتمام والشغف.
:sb::sb::sb:
علي أحمد معشي
11-04-2020, 11:02 PM
سرد ماتع ، وقص شائق لأسطورة وكأنها من حكايات جدتي
عذوبة وتشويق، وحبكة مكثفة، وتطور في الأحداث
في إيقاع سريع مع بلاغة في التصوير
أتابع معك بكل الأهتمام والشغف.
:sb::sb::sb:
شكراً جزيلاً أديبتنا الرائعة القديرة نادية الجابي شكراً على الاهتمام والمتابعة وسعيد بحضورك الوارف
علي أحمد معشي
11-04-2020, 11:04 PM
ق.ق
شغاغة وعائلة ابن ياكل ( 5 )
الجميع في ذهول وبحث واستنفار عن الرضيع الصغير ذو الساعات من عمره ؟
أين يمكن أن يكون قد اختفى ؟
هل أكلته الكلاب ؟
هل خطفته ضيفة البارحة ؟
ماذا تريد منه ومعها طفلها وليست بحاجة لطفل ؟
لم تبدو شريرة بل كانت عليها علامات الوداعة والضعف ..!
هل تخفي روحاً شريرة خلف تلك الوداعة
اسئلة تدور في أذهان ذوي الطفل الرضيع غير مستوعبين لما حدث ..!
أم الطفل الرضيع عاجزة عن الحركة من هول الصدمة وتعض أصابع الندم .! كيف لم تشعر به ينسل من بين يديها وهي نائمة ، أي يد خفيفة تسللت الى رضيعها في الظلام واخذته ..؟
هل لا زال على قيد الحياة أم حصل له ضرر ..؟
انطلق أهل القرية شباباً وشيباً في كل اتجاه للحاق بشغاغة وتقفي أثرها بعد أن تتبعوا آثار حمارها على الأرض .
في هذه الأثناء كانت شغاغة تواصل طريقها نحو الديار ولا تعلم عن شيء مما يجري خلفها ولا تعلم شيئاً عن حادثة اختفاء الرضيع ولا ما أحدثته تلك الحادثة من آثار خطيرة ولا عن الخطر الذي يحيط بها من كل مكان .
وكان قد أصابها العطش حين لمحت بئراً على الطريق بجوار إخدى القرى ، فتوقفت عندها لتملأ وعاء الماء الذي تحمله على ظهر الحمار وتشرب وتسقي صغيرها اللاهي بأصابع قدميه .
وبعد أن شربت وسقت الصغير اذ به يشير إلى الخرج الذي تحمله على كتفها ويطالبها باعطائه اياه وهي تمنعه لترتاح قليلاً بعد أن بسطت وشاحاً لها بحوار البئر لتلتقط أنفاسها وتواصل السفر ، لكنه أزعجها وبدأ بالبكاء والصراخ ، فرمته اليه ، وكانت الفاجعة ، إذ تدحرجت جمجمة الرضيع من داخل الخُرْج ملطخة بدماء متيبسة منذ ساعات ، صرخت شغاغة بصوت عالٍ وجحظت عيناها وتجمدت في مكانها من هول الصدمة والمفاجأة التي حدثت أمامها ، ووقفت مذهولة بينما يغرس طفلها المدلكم أسنانه في جمجمة الرضيع المفصولة عن جسده يحاول التهامها ، تراجعت للخلف تراقبه و قد أصابها ذعر شديد وبدأت تضرب رأسها ووجهها بيديها وتولول بينما الطفل المتوحش غير آبهٍ بها ، مشغول بفريسته يبحث عن المناطق الرخوة فيها ليبدأ بالتهامهما .
لم تشعر شغاغة إلا وهي تأخذ طفلها المتوحش ومعه الخرج والجمجمة الصغيرة وتلقي بهم جميعاً وسط البئر السحيقة بعد أن أصابتها حالة هستيرية عارمة .
وقفت شغاغة قليلاً غير مصدقة لما يحدث ، تخنقها الف عبرة وتصطف في مآقيها الف دمعة وألف حزن لما آلت إليه الأمور.
بقيت بعض الوقت قبل أن تتذكر أهل الرضيع وما أصابهم من فاجعة وعلمت أنهم بكل تأكيد يبحثون عنها في كل مكان وهم على وشك الوصول الى مكانها فهي لم تقطع سوى ساعتين أو ثلاث بعيداً عن ديارهم ،
أخذت تفكر في طريقة تنجو بها من الموت المحقق إن هم أدركوها ، فتذكرت أنها أقبلت عليهم ليلاً ولم يتعرفوا على ملامحها جيداً ، فأخرجت ملابس جديدة غير تلك التي كانت ترتديها ، وارتدتها واطلقت حمارها فهرب الى غير هدى ، وبقيت بجوار البئر تبحث عن حجة تقولها لمن سأل عنها .
بعد ساعة أو أكثر أقبلت امرأة مسنة تركب حماراً لتملأ جرارها من البئر ، فاقتنصت شغاغة الفرصة وعرضت على العحوز أن تقرم هي بخدمتها وما عليها سوى أن تدلها على مقر اقامتها ، فعلت العجوز ما طلبته منها شغاغة وسلمتها الحمار والجرار ونظراً لحرارة الطقس فقد اشفقت عليها العجوز ومنحتها مظلتها التي تضعها على رأسها ، اخذت شغاغة الحمار والجرار وانطلقت نحو البئر ووضعت المظلة على رأسها واستطاعت أن تجعل ذلك تعمية وتورية عنها كي لا يتعرف عليها الباحثون عنها.
وماهي الا ساعات حتى أقبل عدد كبير من الشبان والرجال يكادون يحرقون الأرض بحوافر خيولهم وحميرهم تلمع خناجرهم وترعد بنادقهم حتى وصلوا إليها . . وبدأ قلبها يخفق بشدة وأصابها رعب شديد ..خوفاً من أن يتعرفوا عليها فيقتلوها ..
اقترب منها أحدهم ..
ترى ماذا حدث..؟
ناديه محمد الجابي
13-04-2020, 08:29 PM
مسكينة شغاغة كتب عليها الشقاء والبؤس والألم
وقد صح عليها قول الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ)
قصة مؤثرة تحزن القلب في غرائبيتها جمال وتشويق
اتخذت متكأ على ضفاف حرفك أتابع بشغف
تحياتي وودي.
:sb::sb::sb:
علي أحمد معشي
14-04-2020, 08:12 AM
شكراً كل الشكر لك الاديبة الجميلة نادية الجابي
رغم قلة السالكين هنا إلا أنك تبثين الحياة في قصتي هذه بحضورك البهي
فطيبي عيشاً ومتكأً وسأكمل القصة ولي قصص قادمة بعون الله
علي أحمد معشي
14-04-2020, 08:13 AM
ق.ق
شغاغة وعائلة ابن ياكل ( 6 )
اقترب منها أحدهم .. وسألها :
هل رأيتِ امرأة على حمار ومعها طفل صغير ورضيع ؟
فأجابت على الفور :
لا يا سيدي لم أر أحداً بهذه المواصفات .
صرخ الرجل في وجهها :
هل أنتِ متأكدة
قالت :
نعم نعم متأكدة
نظر اليها طويلا ، ًكأنه يتأكد من صدق كلامها حتى كادت أن تقع مغشياً عليها من الخوف ، إلا أنه انصرف عنها وصرف رجاله معه وذهبوا حتى غابوا عن نظرها ، فاستعادت أنفاسها بعد موجة خوف شديدة .
اطمأنت شغاغة وشعرت أن الخطر قد زال تقريباً ، وبدأت تفكر في الرحيل مجدداً ، وكان عليها أن تملأ الجرار وتعيد الحمار للمرأة العجوز التي أنقذت حياتها دون أن تعلم .
أعادت شغاغة الأمانة إلى العجوز وولت وجهها نحو الديار بينما باءت كل محاولات أهل الرضيع بالفشل في إيجاد خاطفه واستمروا أياماً يواصلون البحث ولكن لا خيوط تدلهم على من فعل تلك الفعلة الشنيعة .
بعد رحلة طويلة وشاقة بلغت شغاغة إلى قريتها وأهلها وقد خط الهم والغم خطوطاً سوداء على وجهها البريء وأوجد ندوباً في قلبها لن تطيب بسهولة .
وقفت على مشارف القرية الصغيرة التي لطالما احتضنت خطواتها صغيرة ، وفتية ، وشابة ، قبل أن تغادرها مع ذلك المجرم القاتل .
تستعيد تلك الذكريات ولكن أكثرها ألماً ذكريات والدتها المسكينة التي نالتها يد الغدر ، مكانها ، حركتها ، مخدع نومها ، أنينها ، كل ذلك يشعل لهيب الحزن في قلب شغاغة المثقل بالوجع .
تقدمت بخطوات متثاقلة نحو القرية قاصدة أطلال منزلها الذي غادرته قبل ثلاث سنوات عروساً تمني النفس بحياة سعيدة وعيش رغيد بعد معاناتها مع الفقر والعوز وخدمتها في بيوت الجيران لسد حاجتها وحاجة أمها آنذاك ، ولكن هاهي تعود بخيبات ثقيلات وحزن دفين وذكريات أليمة لا تمحى بسهولة وخوف من الثأر والفقر والانتقام ، ولا زال خطر شلاع يحيطها ويشغل تفكيرها .
كانت أول خطوة خطتها داخل المنزل القديم بنفس مترعة بالأسى والبكاء .
تفقدت شغاغة منزلها شبراً شبراً وهي تتلمسه بيديها تجر خطواتها المرهقة من طول السفر وتقبل جدرانه وتتمسح بترابه وتبكي بكاء مريراً حزناً على فراق أمها المصدر الوحيد للحنان والعطف عليها .
بعد ساعة من التجول في المنزل الحزين ، قررت شغاغة أن تذهب إلى شيخ القرية لتخبره كل التفاصيل والأحداث التي حدثت لها في رحلتها الشاقة .
في البداية لم يتعرف الشيخ على شغاغة لما طغى عليها من تغير واضح على هيئتها وملامحها لولا أنها تحدثت اليه وعرفته بنفسها ، مما جعله يفغر فاه مما يرى من حالة رثة ووجه حزين ونفس مكسورة.
رحب الشيخ بها وأمر أهله بالاعتناء بها واطعامها وتغيير ملابسها ثم استدعاها ليسمع منها ماحدث لها .
روت شغاغة للشيخ كل ما حدث معها ودموعها لا تتوقف عن الجريان على خدودها طالبة منه مساعدتها وحمايتها .
أصاب الشيخ حزنٌ شديد ورق لحالها وطمأنها على نفسها ووعدها بحمايتها وتسوية كل الأمور بإذن الله .
في نفس الوقت ودون تأخير دعى رجال قريته وعقلائها للاجتماع الفوري ليروا كيف يعالجون هذه المشكلة
وماهو الرأي السديد وكيف يوفرون الحماية لابنة قريتهم اليتيمة .
في ذلك الاجتماع قرر الشيخ ورجاله قرارات حاسمة ..
وهي ..
علي أحمد معشي
14-04-2020, 08:15 AM
ق.ق
شغاغة وعائلة ابن ياكل ( 7 ) الأخيرة
في ذلك الاجتماع قرر الشيخ ورجاله قرارات حاسمة ..
كان أولها جمع أعيان قبيلتهم ووجهائها والتوجه إلى قبيلة ذوي الطفل الرضيع الذي التهمه مدلكم ابن شغاغة للقيام بواجب العزاء وايضاح ملابسات الحادثة كما روتها شغاغة ودفع الدية وإقامة الصلح وطلب العفو عن شغاغة المظلومة والمتهمة بدم الرضيع وهي منه براء.
وثانيها : عقد تحالف مع تلك القبيلة والقبائل المجاورة ضد عائلة ابن ياكل للأخذ بالثأر منهم وتخليص الناس من شرهم.
وثالثها : جمع أكبر عدد من الرجال الأقوياء من القبيلة والقبائل المجاورة وتدريبهم لمعركة فاصلة مع أكلة لحوم البشر والمتنمرين على الناس.
رابعها : ترميم منزل شغاغة وتزويجها بأحد شباب قريتها لرعايتها وحمايتها والاهتمام بشؤونها .
لم يمض شهر واحد إلا وقد تم الاعداد للمعركة وأءتلفت القبائل تحت راية واحدة وانطلق الجيش بقيادة الشيخ الشجاع يتقدم الفرسان وكلهم عزيمة على القضاء على الشر والموت الزؤام المختبئ خلف الجبال السبعة والأودية المظلمة ، هناك في قرية الوحوش والغربان الناعقة ليل نهار .
صار الجيش أياماً وليالي إلى أن شارف على قرية السوء حيث لمحه بعض الصبيان عاريي الصدور متوشحي العظام الآدمية ، وانطلقوا يهرعون إلى آبائهم يخبرونهم بحركة الجيش الآدمي الزاحف نحوهم وأعداده الكبيرة .
سمع شلاع الخبر فعلم أن شغاغة خلف ما حدث وأقسم لينتقمن منها ومن قبيلتها وخرج من فوره يجمع رجال بني ياكل ويتقدمهم لمواجهة البشر ونهش لحومهم فقد جاءوا بأنفسهم ، صرخ في قومه صرخة القائد الشرس وانطلقوا ، إلى أن التقى الحيش الآدمي وقبيلة بني ياكل في الوادي ودارت بينهم معركة طاحنة هلك فيها الكثير من الطرفين وقتل فيها شلاع ورجال بني ياكل واطفالهم وابيدت القرية عن بكرة أبيها ، كما قتل الشيخ وعدد كبير من الحيش الآدمي بعد معركة شزسة استمرت شهراً كاملاً ، عاد منها جيش القبائل الآدمية منتصراً ومثقلاً بالجراح والدماء مخلفين خلفهم النسور والحدأ والغربان تأكل أجساد بني ياكل بعد أن أحرقوا عليهم القرية بما فيها وبقيت ألسنة النيران وعواصف الدخان ترى من مسافات بعيدة .
عاد الجيش وعادت القبائل لحياتها الطبيعية وتزوجت شغاغة من أحد الفرسان الأبطال وزفت إلى بيتها الجديد .
بالمقابل حدث حادث مفاجئ لم يكن في الحسبان ..
حيث اهتزت القرية التي تقع فيها البئر التي ألقت فيها شغاغة بطفلها مدلكم وجمجمة الرضيع ، وخرج منها مدلكم بعد أن تحول إلى مارد ضخم ومخلوق غريب عملاق وقد صنع من جمجمة الرضيع خاتماً لأصبع يده الصغير وبدأ يشم رائحة البشر ويسيل لعابه القذر على جسمه العفن كلما اقترب من الناس أو رآهم ، وبدأ يفتك بالناس ويلتهمهم واحداً تلو الآخر ، لا يقف أمامه شيء ..
وقد وصل إلى راوي هذه القصة وابتلعه دفعة واحدة ولم نتمكن من معرفة بقية الأحداث ومات الراوي وسره معه .. إلى الأبد .•
ناديه محمد الجابي
14-04-2020, 06:07 PM
ياله من شيخ حكيم، وقائد شجاع، ورجل كريم..
يسوق بلاده إلى حرب هم في غنى عنها ليزهق الباطل..
ويدفع الدية إلى قبيلة الطفل المغدور مع إنهم لا يعرفون عنهم شيئا فقط لإحقاق الحق..
ويأمر بترميم بيت شغاغة وتزويجها لرعايتها وحمايتها وللاهتمام بأمرها..
لقد ضرب مثلا رائعا في كيف يكون الراعي المسؤول عن رعيته.
قصة جميلة ، امتعنا فيها سردك البارع، وانتقلنا بين تسلسل الأحداث حتى شعرنا
باننا وصلنا إلى النهاية السعيدة بتحقيق الأمن والسلام
حتى صدمنا بتلك النهاية المروعة.
سلم الفكر والقلم.
:v1::nj::0014:
د. سمير العمري
13-06-2020, 02:01 AM
قرأت الجزء الأول من القصة وشدني الأمر ولكن لضيق الوقت توقفت على أن أعود لأتابع باقي أجزائها بحرص ودقة، ولعلني وجدت فقط أن أنبه لأهمية التكثيف والبلاغة في الطرح والحرص على عدم الترهل في السرد.
دمت في ألق ويسرني أن أقرأ لك مجددا!
تقديري
علي أحمد معشي
13-06-2020, 10:28 AM
سعدت جداً بمرورك الجميل ونصحك البديع
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir