المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مـجـدُ الـقـلم - وصايا ميخائيل نعيمة للأدباء



عادل العاني
02-10-2005, 01:42 PM
إلى كل من يخطو في طريق الأدب , وجدت هذه الوصايا والتي أعتز بها ضرورية جدا لمن يسعى للنجاح ومن الضروري أن تقرأ.

مجد القلم
ميخائيل نعيمة
من كتاب ( في مهب الريح 1972 )

1- تأتيني من حين إلى حين رسائل من أدباء ناشئين يطلبون إلى فيها أن أرشدهم إلى السبل الكفيلة بأن تجعل منهم كتابا وشعراء ذوي مكانة في دولة الأدب. وياليته كان في مستوصفي أو مستوصف سواي "روشته" إذا استعملها الراغب في الأدب أصبح أديبا. إذن لكنا "نصنع" الأدباء بمثل السهولة التي نصنع بها الزبيب من العنب والخبز من القمح , إلا إن الأدباء يخلقون ولا يصنعون . والفرق بين الأديب المخلوق والأديب المصنوع كالفرق بين العين الطبيعية والعين من زجاج.

2- من كان معدا للأدب كان في غنى عمن يدله على طريقه. ففي داخله ومن خارجه حوافز لا تتركه يستريح حتى يتم التزاوج مابين عقله وقلبه وذوقه وبين القلم والمداد والقرطاس وهو عن وعي وعن غير وعي لا ينفك يلتهم التهاما كل ما يتصل به من آثار أدبية ثم لا ينفك يسود الأوراق بما يتولد في نفسه من أحاسيس وأفكار وانطباعات إن أغمض عينيه في الليل فعلى كاتب أو مقال وإن فتحهما في الصباح فعلى شاعر أو قصيدة. فكأن كل مافيه وكل ما حواليه يدفع به دائما أبدا إلى تحقيق حلمه بأن يدرك اليوم الذي فيه ينطبع اسمه على شفاه كثيرة وتغدو مؤلفاته نجعه لجيش من القراء والأقلام.

3- لكل ذي مهنة أو حرفة عدّة , وعدّة الأديب لغة وفكر وخيال وذوق ووجدان وإرادة, وهذه كلها قابلة للتنمية وللصقل وخير الوسائل لتنميتها وصقلها هو احتكاكها المستمر بما سبقها وما عاصرها من نوعها ثم توجيهها التوجيه المستقل في الطريق الذي تفرضه على الكاتب حياته الباطنية والخارجية. لذلك كان لا بد من المطالعة ومن فكر سريع الإلتقاط وخيال مسبل الجناح وذوق مرهف الحدّين ووجدان صادق الميزان وإرادة صلبة العود , وكان لا بد لكم فوق ذلك كله من معدة أدبية تهضم ما تلتقطونه هنا وهناك فتحوله غذاءا طيبا لكم وللذين يقرأون ما تكتبون وإلا كنتم كالإسفنجة إذا غمستموها في وسائل من الوسائل التي عصرتموها ردت إليكم ما امتصته عينا بعين وجون زيادة أو نقصان وكنتم إذ ذاك أصداء فارغة لا أصواتا حية.

4- وإن تسألوني ماذا يحسن بكم أن تطالعوا أجبكم: إن ذلك يتوقف إلى حد بعيد على ميولكم وأذواقكم وعلى مقدار جوعكم غلى المعرفة التي بدونها لا قيام لأي أدب. فقد يكتفي الواحد منكم بمطالعة بعض الآثار الأدبية المشهورة وقد يتعداها إلى النجوم والحيوان والنبات وطبقات الأرض والفنون والأديان والتأريخ والفلسفة بأنواعها حتى إلى الروايات البوليسية والمقالات التافهة التي تحفل بها حقول الصحافة الرخيصة , فالأمر الذي لا شك فيه هو إنكم كلما اتسع اطلاعكم على مجاري الحياة البشرية قديمها وحديثها بعيدها وقريبها جليلها وحقيرها , اتسع مجالكم للتأمل والتفكير وللعرض والتصوير فما انسدت في وجوهكم الطرق إلى مواضيع جديدة تعالجونها بأساليب جديدة.

5- تحاشوا اللف والدوران فليس أكره من جثة فيل أو حوت تحيا بقلب ضب أو بقلب ضفدع, وتحاشوا النوح والبكاء والتشكي من الدهر واستجداء رحمة القارئ وشفقته فهذه كلها من دلائل الهزيمة, والهزيمة عار وأي عار على الذين سلحتهم الحياة بالفكر والحس والخيال والإرادة. ومن ثم فالناس يحبون السير في ركاب الظافرين ويكرهون مماشاة المنهزمين.

6- أما العار الأكبر والأفظع فهو تقليدكم الأعمى للغير أو سرقة بضاعة الغير فالتقليد هو الشهادة بإفلاس المقلد. وسارق أدب الأحياء والأموات كمن يأكل لحم أخيه نيئا, أو كمن ينهش جيفة في قبر.

7- أما الشهرة فإياكم أن تبتغوها في ذاتها. فما هي غير ظل قامتكم الأدبية إن امتدت تلك القامة امتد , وإن تقلصت تقلص, فظل السّرو السامقة غير ظل العليقة اللاصقة بالتراب, وأما الغرور فاقتلعوا جذوره من صدوركم فهو أشد فتكا بكم من السوس بالخشب.

8- والغرور : هو غير الإيمان بالنفس ذلك بالوعة وقاذورة , وهذا ميناء ومرساة وما لم يكن لكم من إيمانكم بإنفسكم ميناء ومرساة كنتم حيرة في حيرة, وكان أدبكم رغوة في رغوة.

9- قبل أن تهتموا بما يقوله الناس فيكم اهتموا بما يقوله وجدانكم لوجدانكم , اخلصوا لأنفسكم ولأدبكم أولا , وإذ ذاك فصدوركم لن تضيق بذم ولن تنتفخ بمدح. فإن كنتم أكبر من ناقديكم فما همكم أذموكم أم مدحوكم , وإن كنتم في مستواهم فيجمل بكم أن تصغوا إلى ما يقولونه فيكم , وإن كنتم دونهم فجدير بكم أن تتعلموا منهم.

10- تنافسوا ولا تتحاسدوا وإياكم أن تتشاتموا فعداوة الكار إن هي اغتفرت لإسكاف أو نجار أو غيرهما من صانعي السلع وبائعيها فهي لا تغتفر للعاملين على السمو بالإنسان في معارج الفهم والحرية.

11- ما دمتم واثقين من إن لكم رسالة تؤدونها فلا تقنطوا من تأديتها وإن اغلقت في وجوهكم أبواب الصحف ودور النشر . ثابروا على العمل وأنا كفيل بأنكم ستشقون لرسالتكم طريقا في النهاية. فالناس في جوع وعطش دائمين إلى القوم الحق القول الجميل . ولا تنسوا إن الذين تبصرونهم اليوم في القمة كانوا بالأمس من الأغوار وفي السفوح.

12- خذوا مواضيعكم من أنفسكم ومن الناس والأكوان حواليكم ولا تمسحوا أقلامكم منها إلا بعد أن تبدو لكم صريحة المعالم مشرعة الأبواب كي يسهل تناولها حتى على الذين دونكم مقدرة ومهارة في الغوص إلى الأعماق وليكن أجركم الأول والأعظم تلك البهجة التي يشيعها في الروح شعوركم بأنكم قد خلقتم مخلوقا جديدا وجميلا , أكان ذلك المخلوق مقالا أم قصيدة أم قصة أم رواية , أم كلاما لا ينساق إلى التبويب ولكنه يترك فيكم وفي القارئ نشوة وعبرة .

13- الكتابة عمل مرهق كسائر الأعمال البناءة إلا إنه عمل لذته لا تفوقها لذة. وهي لذة قلما يتذوقها الكسالى وفاتروا الهمة فإن شئتم بلوغ القمم الأدبية حيث " الخالدون " فعليكم أن لا تشركوا في محبتكم للقلم محبة أي سلطان سواه, وأن تنبذوا الكثير من ملذات العالم وأمجاده. وأنتم متى أدركتم أي مجد هو مجد القلم هانت لديكم من أجله كل أمجاد الأرض, وصنتم أقلامكم عن التملق والتسفل والتبذل , فما سخرتموها لمال أو لسلطان , ولا لأية منفعة عابرة مهما يكن نوعها. ومادامت أقلامكم عزيزة فأنتم أعزاء.
.................................................. ................

وتمنياتي بالنجاح لكل قلم مبدع يسير بثقة ويتسلق سفوح المجد.

عبلة محمد زقزوق
02-10-2005, 05:08 PM
دمت لرابطة الواحة مبدعا


جزاك الله كل الخير

علي ما تناوله موضوعكم ، من نصائح تفيد كل أديب أو كاتب ؛

مهما صغر أو كبر مقامة ،

فتلك النصائح تخاطب النفوس ،

فما أعظمها من رسالة ؛ تلك الرسالة .

إنها درر منثورة

علي صفحات الواحة

محمد الدسوقي
02-10-2005, 07:21 PM
عادل العاني

اتعلم عزيزي ما أصبحت فيه الآن ....

من حُسن يراعك ؛ وصدق حسك الذي أجده في كل ما تخطه .

صادق النفس عزيز الهمة ؛ جم الأدب .

وهذا ليس مدحا فيك ؛ بل هي الحقيقة التي أراها من خلال كلماتك ..

أيها الحبيب ؛ سعدت جدا لتلك النصائح

والتي تنم عن ذوقك الرفيع

لك مني كل الحب والأحترام

كن بخير

عادل العاني
03-10-2005, 07:38 AM
الأخت المبدعة عبلة
الأخ الكريم محمد
شكرا لقراءتكما الموضوع , وحقيقة لم أكن أرغب أن أحتفظ به لنفسي لما وجدت فيه من نصائح قد ترسخت في تفكيري , ووجدت صدق كل كلمة كتبها الأديب الكبير ميخائيل نعيمة , فقد كان محقا في كل شيء.
تمنياتي لكما وللجميع بالنجاح والموفقية , وبارك الله فيكما من أديبين مبدعين.

د. سمير العمري
08-10-2005, 08:32 PM
أحسن الأديب ميخائيل النصيحة ، وأحسنت أخي عادل النقل.

أجدها أجدر بها التثبيت لتعميم الفائدة فتكون مرجعاً لأصحاب المواهب.


تحياتي
:os::tree::os:

عبداللطيف محمد الشبامي
08-10-2005, 11:24 PM
أخي العزيز

الشاعر المتألق

عادل العاني


نقاط في غاية الأهمية لكل موهوب ومبدع ستعينه بلا شك وتضئ ولو جزءاً من طريقه الذي هو بحاجة إلى من يأخذ بيده ...

وقد سبق لي أن قرأتُ هذه النصائح ،واسمح لي أن أقتطف مما تفضلت به هذه الأسطر من نص ميخائيل نعيمة :

ـــ والفرق بين الأديب المخلوق والأديب المصنوع كالفرق بين العين الطبيعية والعين من زجاج ...
ـــ من كان معداً للأدب كان في غنى عمن يدله على طريقه. ففي داخله ومن خارجه حوافز لا تتركه يستريح حتى يتم التزاوج مابين عقله وقلبه وذوقه وبين القلم والمداد والقرطاس ...
ـــ وعدّة الأديب لغة وفكر وخيال وذوق ووجدان وإرادة, وهذه كلها قابلة للتنمية وللصقل وخير الوسائل لتنميتها وصقلها هو احتكاكها المستمر بما سبقها وما عاصرها من نوعها ثم توجيهها التوجيه المستقل في الطريق الذي تفرضه على الكاتب حياته الباطنية والخارجية...
ـــ .... فالأمر الذي لا شك فيه هو إنكم كلما اتسع اطلاعكم على مجاري الحياة البشرية قديمها وحديثها بعيدها وقريبها جليلها وحقيرها , اتسع مجالكم للتأمل والتفكير وللعرض والتصوير فما انسدت في وجوهكم الطرق إلى مواضيع جديدة تعالجونها بأساليب جديدة...
ــــ وتحاشوا النوح والبكاء والتشكي من الدهر واستجداء رحمة القارئ وشفقته فهذه كلها من دلائل الهزيمة ....
ـــ وسارق أدب الأحياء والأموات كمن يأكل لحم أخيه نيئا, أو كمن ينهش جيفة في قبر.
ــــ أما الشهرة فإياكم أن تبتغوها في ذاتها...
ـــ قبل أن تهتموا بما يقوله الناس فيكم اهتموا بما يقوله وجدانكم لوجدانكم , اخلصوا لأنفسكم ولأدبكم أولا ...
ــــ ما دمتم واثقين من إن لكم رسالة تؤدونها فلا تقنطوا من تأديتها وإن اغلقت في وجوهكم أبواب الصحف ودور النشر . .
ــــ وليكن أجركم الأول والأعظم تلك البهجة التي يشيعها في الروح شعوركم بأنكم قد خلقتم مخلوقا جديدا وجميلا , أكان ذلك المخلوق مقالا أم قصيدة أم قصة أم رواية....
ـــ فعليكم أن لا تشركوا في محبتكم للقلم محبة أي سلطان سواه, وأن تنبذوا الكثير من ملذات العالم وأمجاده. وأنتم متى أدركتم أي مجد هو مجد القلم هانت لديكم من أجله كل أمجاد الأرض, وصنتم أقلامكم عن التملق والتسفل والتبذل ...
ختاماً دمت رائعاً متألقاً ..

خالص التحايا والتقدير

د. سلطان الحريري
09-10-2005, 12:39 AM
ما أروع هذه النصائح .. تالله إن ألأجد أن تكتب بماء الذهب..
عادل العاني الحبيب : رائعة هذه المشاركة التي اغترفت ما جاء فيها ، ومثلي في ذلك مثل من كان في صحراء وانقطعت به السبل ، وأخذ به العطش مأخذه؛ فوجد نبعا ثرا يغترف منه ما يسد رمقه..
لم أقرأ نصا بهذه الروعة منذ زمن؛ فشكرا لك أخي على نقله ، والشكر للحبيب سمير على تثبيته ؛ فمثل هذا الكلام يستحق التثبيت، على صفحات الواحة ، وفي القلب والعقل، وأرجو أن يفيد منه كل متلق باحث عن المتعة والفائدة..
دمت رائعا

حوراء آل بورنو
31-01-2006, 03:30 AM
هي الرائعة بحق ، و ما أجدرنا باقتداءٍ .

بارك الله في نقلك و أثابك على اختيارك .

محمود شاكر الجبوري
17-03-2006, 10:19 AM
سيدي الفاضل لقد قدمت موضعا في غاية الاهمية شكرا لك جزيل الشكر

دلال كامل
28-03-2006, 11:33 PM
لم يبخل ناسك الشخروب وابن جبل صنين بنصائحة الذهبية
أديب كبير وضع بين أيدينا مسالك الوصول بصدق من خلال تجاربه
شكرا على النقل القيم
دمت بخير

عادل العاني
03-04-2006, 09:39 AM
أشكر كل من مر من هنا وقرأ هذه الوصايا القيمة,

وكم أتمنى أن يقرأها الجميع ويعملوا بها ,

فهي نصائح ووصايا إن فهمت وطبقت فهي إحدى

وسائل النجاح لأي كاتب أو أديب أو شاعر.


تحياتي لمن مر من هنا , وتحياتي لمن سيمر مستقبلا.

فاطمة أولاد حمو يشو
18-04-2006, 11:11 PM
أشكر أولا الواحة التي تحتفظ لنا بهذا المخزون من المقتنيات الفريدة التي لاتقدر بثمن،وأشكر من نقل المقال، والذي ثبته، واستغرب أن عبد اللطيف محمد الشبامي رغم قراءته للنص المثبت، فإنه استلذ إعادة كتابته في رده وتعليقه، وهذا يدل على ما لكلام ميخائيل نعيمة من مصداقية،وكأن الشبامي أراد أن يقبض على النص حتى لايفلت من يده، وحتى لاينساه، أو أراد أن يحفظه ظهرا عن قلب، أو أرادنا أن نكتبه بماء من ذهب على باب كل بيت يضم مبدعا. لو طلبتم مني أن أكتب ما ورد في النص من نصائح، فإني سأجد نفسي لا أحتفظ إلا بما يلي:
لاتسرق أفكار الغير
تعلم من تجارب الناس
لا تنسى أن تجعلهم منفتحين على تجاربك
اقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ دون أن تختار ما تقرأ.
لا تكون منتفخا كالبالون ببعض جمل نشرت لك
المبدع ليس بتاجر، ولا بسفسطائي.
أحب المعرفة ولا شيء غير المعرفة فالحب مصدر ولادة المبدع.
لاشك أني نسيت كلام ميخائيل نعيمة الجميل المؤثر، وتحولت إلى خطيب يوزع الوصايا العشر أليس كذلك؟
شتان بين جمال الأدب وبين المواعظ.

عادل العاني
27-05-2006, 10:53 AM
الأخت الأديبة فاطمة

رائع هو مرورك , ورائع ما استنتجته من وصايا الأديب الكبير ميخائل نعيمة,

وأمنيتي أن يقرأها الجميع بين الحين والآخر , ليتذكر كل منا من نحن وما نحن !


تقبلي خالص تقديري وتحياتي