تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : بغداد.. أمل المستقبل



نبيل شبيب
14-04-2003, 10:11 AM
لم تسفر الحرب ضدّ العراق عن هزيمة عسكرية فقط، بل أسفرت في الوقت نفسه عن هزيمة حضارية كبرى.

وإذا كانت الهزيمة العسكرية من نصيب نظام استبدادي كان من المستحيل بسبب استبداده وانحرافه، أن يتمكّن من تعبئة الطاقات الشعبية الكبرى لمواجهة عدوان خارجي وصدّه، شأنه في ذلك شأن ايّ نظام استبدادي آخر، فإنّ الهزيمة الحضارية الكبرى كانت من نصيب تلك الدولة التي حاولت أن تنصّب نفسها زعيمة لحضارة الغرب المادية، وأطلقت شتّى الشعارات البرّاقة المغرية لنشر ما تراه هي عالميا.. لينكشف أمرها أمام من أبى رؤيته من قبل: محض دولة عدوانية تريد التسلّط عالميا وفرض ما تراه بالقوّة العسكرية المجرّدة.


هزيمة عسكرية وانتصار شعبي

لم تكن هذه الهزيمة العسكرية لنظام استبدادي مفاجئة من وراء سائر التمنيات بالصمود، وحتى بالنصر العسكري على القوّة العاتية الغازية.. وتعدّدت منطلقات أصحاب هذه التمنّيات، فتلاقى عليها في خليط نادرا ما شهدناه في تاريخنا المعاصر، أنصارُ أفكار حزب البعث والأقرب إليها من التيارات اليسارية، مع أصحاب المنطلق الإسلامي تحت شعار تجاوز الخلافات في ساعة المحنة والخطر الخارجي، مع كثير من أهل هذه البلاد بعيدا عن الانتماءات، ومع اختلاف العقيدة، انطلاقا من الدفاع عن مهد الحضارات القديمة وعاصمة الخلافة العباسية وعن الإنسان والأرض في العراق.

ويبقى أنّ هذه الهزيمة العسكرية وقعت وبدت لغزا من الألغاز، سواء في نظر من تعلّق بالأمل فحسب، أو من لم يكن يريد أن يصدّق أن تسلّم "قيادة عسكرية وحزبية عقائدية" العاصمة العراقية على النحو الذي حدث وكثرت التكهّنات حوله ما بين صفقة على حساب البلد ومصيره عُقدت بليل، وبين هروب مدبّر مخطّط له من قبل نشوب الحرب تدبيرا محكما. والواقع أنّها لم تكن هذه هي الهزيمة الأولى من نوعها، بل ويمكن أن تتكرّر إذا تكرّرت أسبابها، لا سيّما وأنّ الأنظمة الاستبدادية لا تتعلّم الدروس التاريخية ولو وقعت بين يديها مباشرة، فما من نظام استبدادي إلاّ وكان أقصى ما يستطيعه عسكريا هو أن يمارس سياسات القمع بمختلف الدرجات.. تجاه شعب أعزل، أو أن يمارس العدوان إقليميا إلى أن يجد قوّة عسكرية تقمعه، بغض النظر عن درجة طغيانها هي، وهذا ما شهده العراق.

هي هزيمة عسكرية للنظام ومَن حمله، ولكنّها ليست قطعا من حيث معطياتها الأولية، ومن حيث مجراها، هزيمة شعب، لا من الناحية االعسكرية ولا من أيّ ناحية أخرى سواها، وحتّى تلك المظاهر التي حاولت آلة الإعلام الحربية الأمريكية "فبركتها" والتركيز عليها ونشرها كما لو كانت تمثّل الشعب في العراق، كان "إخراجها" من أدنى مستويات ما تصنعه تلك الآلة الإعلامية عادة، مثل تصوير بضع مئات هنا أو هنالك "يحتفلون" بالقوّة الغازية وتحت بنادقها، في مدن يسكنها الملايين، أو مثل إطلاق العنان –والأرجح بتخطيط مدبّر- لحفنة من اللصوص لنشر السلب والنهب حيثما اختفت أجهزة النظام، ويبدو أنّ القصد ليس مجرّد تشويه صورة شعب العراق فحسب، وإنّما القضاء على السجلات المالية والعقارية وسواها.. لتحطيم "الدولة" وصناعة "هيكل نظام" جديد يتحكّم بمصالح أهل البلاد تحت طائلة التهديد كلّما احتاج الأمر إلى إثبات ملكية حساب مالي.. أو بناء عقاري.. أو ما شابه ذلك.

إنّ مجرّد امتناع شعب العراق عن "الاحتفال" بسقوط الحكم الاستبدادي رغم معاناته منه، يرفع من قامة الإنسان الفرد في العراق إلى مستوى عملاق أمام أسلوب تصرّف الدولة العملاقة بأسلحتها، الصغيرة بتفكير من يخطّط لها، ولحروبها العدوانية.

الاحتفال الذي يكون عادة "تلقائيا" عند سقوط الاستبداد.. مرفوض شعبيا، لأن وسيلة إسقاط الاستبداد كان وسيلة همجية أمريكية يتطلّع مدبّروها إلى الاحتلال والهيمنة إقليميا ودوليا.. وكان الوعي الشعبي عاليا حتى في أشدّ ساعات المحنة الكبرى التي صنعتها له الدولة الكبرى.. منذ اليوم الأول للحصار غير المشروع بأي مقياس، إلى أيام هذه الحرب العدوانية غير المشروعة بأي مقياس أيضا.

رغم الهزيمة العسكرية للنظام وحزبه وقياداته، سجّلت إرادة شعب العراق بذلك انتصارا آخر بعد الصمود للحصار، على تلك القوّة الطاغية الأولى في العالم المعاصر، ولن يكون الانتصار الأخير، فالانتصارات والهزائم في الشعوب لا تقاس بأعمار المعارك العسكرية، وإنّما بما تصنعه الأجيال جيلا بعد جيل، ولقد كان شعب العراق كشعوب المنطقة الإسلامية قادرا في ماضيه التاريخي الطويل، على النهوض من تحت الركام ليتابع مسيرته الحضارية من جديد.. مرة بعد مرة، وسينهض أيضا من هذه الهزيمة العسكرية ومن أثقال الاستبداد الداخلي.

انتصار عسكري وهزيمة حضارية

كذلك لم تكن الهزيمة الحضارية للدولة الأمريكية هي الأولى من نوعها، فعناوين هيروشيما وفييتنام وعناوين مآسي المجاعات الكبرى مقابل ترسانات أسلحة الدمار، عناوين معروفة مشهودة أمام كل ذي عينين.. مهما حاول المتأمركون تجميل وجه السياسة الأمريكية بمساحيق التقدم التقني والمادي على حساب الإنسان وحقوقه وحرياته.. في سائر أنحاء الأرض، وكأنّ القتل بقنبلة ذكية أو عنقودية أو "أمّ القنابل" أرقى وأدلّ على التقدّم "الحضاري" من القتل بسكين أو خنجر ولو كانا من العصر الحجري.. أو كّأن الوصول إلى القمر واكتشاف خارطة العناصر الوراثية، تغفر لصانعي سياسات عالمية تنشر الموت جوعا ومرضا في صفوف ربع البشرية على الأقل.

لقد بدت هذه الهزيمة الحضارية للعيان أوّلا عبر أسلوب الإعداد لها وقد تميّز بذلك التعامل الفاضح ولو لبس لباس "التجبّر والتعالي" تجاه البقية الباقية من مظاهر احترام العلاقات الدولية حتى مع الحلفاء، واحترام الأجهزة العالمية المصنوعة أمريكيا بعد الحرب العالمية الثانية، والقائمة على الأرض الأمريكية، والواقعة في غياب جهاز قضائي أعلى لممارسة "رقابة شرعية دولية" تحت هيمنة موازين القوة..

وبدت للعيان ثانيا عبر تعليل الحرب بما لم يقنع صديقا ولا خصما، ولا حتى الأتباع الصغار وإن ردّدت ألسنتهم التمجيد التقليدي لما تصنع "أمريكا" سيّان ضدّ من، وكيف..

كما بدت للعيان ثالثا عبر توجيه أعتى الأسلحة الفتّاكة ضدّ دولة أو ضدّ شعب.. سيّان فالحصيلة بالمنظور الحضاري واحدة، وهي تعلم مسبقا أنّ تلك الدولة لا تملك القدرة العسكرية على مواجهة تلك الأسلحة الفتّاكة، وهو "خُلق" في التعامل الدولي في العصر الذي تريده أمريكا أمريكيا، لا يختلف عن خُلق مريض استفحال الجريمة في الولايات المتحدة الأمريكية من مثل الاعتداء بالرشاشات على أطفال في مدرسة، أو اعتداء عتاة المجرمين على المسنّين في الشوارع..

والأهمّ من تعداد المزيد لبيان مظاهر "السقوط" الحضاري الذي تمثلّه هذه الجولة العسكرية، هو تقدير حجم الهزيمة الحضارية الأمريكية على أرض العراق بالذات، ووفق المعطيات الدولية الراهنة بعد عقود عديدة من هيروشيما وفييتنام وسواهما، فهي هزيمة حضارية تمثل مفصلا تاريخيا ما بين حقبة صعود إجرامي بالمفهوم الحضاري، طال زمنيا، وبين حقبة الهبوط الإجرامي بالمفهوم الحضاري أيضا، بدأت الآن.. رغم كلّ تقدّم تقني وعلمي، ورغم سائر الشعارات المرفوعة عن الحريات والحقوق..

هي المسيرة التي صنعت "وجها حضاريا" بالقوة الدموية، ووضعت عنوان "الإنسان" على حلقات متواصلة من تنامي أسباب القوّة المحضة على حساب الإنسان نفسه، منذ مسلسل إبادة الهنود الحمر، إلى عصر التجارة بالرقيق، إلى ترسيخ أسباب العنصرية الداخلية في الدولة الحديثة النشوء، إلى الحرب الأهلية الدامية، ثمّ الخروج من الحدود "الوطنية" عبر الحملات الاستعمارية في أمريكا الوسطي والجنوبية، وحتى الانطلاق بالقوة العسكرية إلى جانب التفوّق العلمي لفرض الهيمنة العالمية، بالحروب أولا كما كان في غزو الفيليبين.. والأحلاف ثانيا عبر معطيات الحربين العالميتين.. وهذه المسيرة التي لم تعرف قطّ منطقا فرض نفسه بصورة حاسمة فتغلب على منطق القوّة وأصبح أعلى مفعولا منها.. رغم مقاومة "الإنسان" الأمريكي لها بين حين وحين، ظهرت معالمه في دعوات التحرير والمساواة، لتغيّبها معادلة موازين القوّة داخليا ودوليا من جديدة.. ولتوصل في نهاية المطاف إلى المرحلة الراهنة المتميّزة بالتطلّع إلى هيمنة انفرادية استبدادية مطلقة على الصعيد العالمي.

القوّة الغاشمة من وراء القناع الحضاري هي التي هُزمت حضاريا في الحرب ضدّ العراق، بسقوط هذا القناع، سقوطا تجاوز بمفعوله العالمي سقطات سابقة، ولهذا بات حدث العراق يمثّل مفصلا تاريخيا سبق للتاريخ أن سجّل ما يشبهه، ما بين صعود امبراطوريات وانهيارها.

وقد أبت جهات عديدة في الغرب الذي تتزعّمه الدولة العاتية، وتمثل الغالبية على المستوى السياسي وعلى المستويات الفكري والشعبي، أن تخوض غمار هذا "المفصل التاريخي" مع الدبابات والطائرات والصواريخ الأمريكية..

ولهذا لم يكن التحذير قطّ موجّها إلى إسقاط نظام حاكم في دولة ذات سيادة بالمفهوم الدولي المعاصر، أو عدم إسقاطه، ولا كان الرفض متعلّقا بقرار جائر من حيث الأساس أن تُستخدم "أسلحة فتاكة" لنزع "أسلحة فتاكة" من دولة أخرى.. بل ولا يمكن تفسير "درجة" التحذير والرفض والإصرار عليه بما هو معتاد في العالم الغربي داخل نطاق جولات "التنافس والصراع"..

إنّما كان الرفض المتواصل والقويّ والمستمرّ إلى ما بعد الحرب، متركّزا داخل العالم الغربي - كما تشهد نصوص المواقف الرسمية وبيانات المفكرين واحتجاجات المثقفين- على ما تراه تلك القوى رأي العين، كيف تقوّض الآلة العسكرية الأمريكية البقية الباقية من القيم الإيجابية في منظومة القيم الغربية، ليطفو على السطح كلّ ما كان فيها ظاهرا للعيان أو مغيّبا وراء الشعارات، وترمز إليه كلمة "شرعة الغاب"، سواء كانت القوّة المعتمدة قوّة المال أو الاحتكار دون مراعاة للإنسان نفسه، أو القذائف القاتلة.. الغبيّة منها والذكية.

السقوط بين الأمل.. وما يقتضيه

إنّ بغداد هي المحطة التي استطاعت -رغم سيطرة الاستبداد العسكري والحزبي فيها زمنا طويلا- أن تواجه بقيمة الإنسان وحده وقيمة الإرث الحضاري الكبير فيها، طاغوت العصر وسائر ما كان يمثله عبر قرون مضت، وما يمكن أن يمثله في مستقبل البشرية، ما لم يجد من الأسرة البشرية ما يكبح جماحه.

ولهذا فإن "سقوط بغداد" لا يثير في الأعماق الإحساس بالألم والأسى فحسب، وإنّما يثير في الوقت نفسه الأمل الكبير واليقين الراسخ، بأنّه سيكون نقطة تحوّل في مجرى التاريخ البشري عموما، وليس في المنطقة العربية والإسلامية فحسب.

ولا يعني هذا قطعا الوقوفَ موقف الانتظار أمام مسيرة عجلة التاريخ، بل يمكننا –ويجب علينا مهما اختلفت المنطلقات والتوجّهات والمواقع- أن نساهم في مضاعفة سرعتها، على كلّ صعيد. يجب أن يكون الخروج من الصدمة الأولى التي صنعها مجرى الأحداث أسرع بكثير من سرعة أولئك الذين ينطلقون من مختلف ألوان فلسفة المواقف الانهزامية والاستسلامية، وألوان ادّعاء الواقعية المزيفة، والتعلّق بمرجعية التبعيات الدولية بعيدا عن حقيقة مبادئ الشرعية الدولية ومثلها، المنتهَكَة من جانب أجهزة وقوى دولية عديدة بمنطق القوّة..

يجب الخروج من هول الصدمة إلى أرضية العمل الدائب المشترك بين سائر من يتحرّك متجاوزا الخلافات العتيقة للمحاور.. والتيارات.. والتوجّهات.. والانتماءات الشكلية وغير الشكلية، لخوض معركة بغداد الكبرى..

- نفسانيا.. رفضا لكل شكل من أشكال القهر.. والتسليم للقهر على أي مستوى قطري.. أو دولي، وفي كل ميدان سياسي أو عسكري أو اقتصادي أو اجتماعي أو فكري

- وجدانيا.. فليس مقياس العمل الحقيقي للقضايا المصيرية مقياس الانتماء وحده، وإنما هو مقياس جوهر الإخلاص لتلك القضايا من وراء الانتماءات، فإذا كان نبض انتماء العقيدة وانتماء الحضارة في الأمة العربية والإسلامية، هو النبض الذي يحرّك جماهير بلادنا، ويعبّئ قواها وإمكاناتها الكبرى، فكلّ عمل خارج هذا النطاق يمثل خيانة للقضايا المصيرية، مهما كانت وراءه من رؤى تفلسفها النظريات والاقتناعات الذاتية متجاهلة ما كان من تجارب مأساوية على امتداد العقود الماضية

- فكريا وعلميا.. بالتلاقي على كل مستوى من المستويات الفكرية والعلمية، من وراء الحواجز والحدود والقيود السياسية الممزّقة المدمّرة، ومن وراء الشكليات والاعتبارات القطرية المفرّقة المتخلّفة، ومن وراء التسميات والعناوين التي لا تقوم على أساس يجمع ما بين الشعوب ويجعل الفكر والعلم في خدمة قضاياها المصيرية..

- وعلى صعيد الإنجازات المرئية على أرض الواقع، في كل ميدان من ميادين الاستثمار لثروات الشعوب، مالية ومادية، وطاقات الشعوب العاملة والإدارية، سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات أو المؤسسات والاتحادات والنقابات في مختلف المجالات.. ونتمنّى أن نقول في يوم قريب على مستوى الحكومات أيضا، على أن تضع الحكومات نفسها في خدمة الشعوب لا أن تستخدمها.. وأن تتجاوز نفسها من أجل القضايا المصيرية لا أن تتجاوزها من أجل البقاء في السلطة، وإلا فلا ينبغي في هذه المرحلة أن تبقى الحكومات هي "العقبة" في وجه التعاون من وراء الحدود، ولا يجوز التسليم بذلك بأي ثمن.

إن بغداد التي صنعت من خلال معطيات الظروف الحالية إقليميا ودوليا، مفصلا تاريخيا في مسيرة الهيمنة الأمريكية الآيلة للسقوط آجلا أو عاجلا، يجب أن نجعل منها، انطلاقا من جماهير الشعب العراقي وسائر شعوبنا، مفصلا تاريخيا في مسيرة النهوض الحضاري الذي رفعناه شعارا وسلكنا إليه مختلف السبل، ولم نقطع فيه خطوة حقيقة واحدة.. منذ بدء عصر الانحطاط في جسد الأمة الإسلامية حتى اليوم.

بغداد أمل المستقبل.. فمن يضع نفسه على هذا الطريق، يشارك في تحويل الأمل إلى واقع منظور، ومن لم يفعل فسوف تتجاوزه عجلة التاريخ، وعجلة التغيير، وعجلة البناء، وستعود بغداد، به وبدونه، عاصمة من عواصم الحضارة الإسلامية، ومنبر إشعاع لنور القيم الإنسانية للبشرية جمعاء.

ياسمين
14-04-2003, 01:22 PM
تحليل سياسى رائع
وتحليل نفسى وفكرى لما نراه الان
فى غاية الموضوعية والمنطق السليم
فقد كانت جوانب الموضوع وسردها فى منتهى الدقة وسلاسة التعبير

اشكرك اخى الكريم على هذا الموضوع الاكثر من رائع
وفى انتظار المزيد من ابداع هذا القلم
ولك تحياتى ,,, وباقة ياسمين

الموضوع مثبت

علي قسورة الإبراهيمي
17-04-2003, 07:48 PM
الأخ/نبيل

تحليل منطقي ، و دراسة لأحداث سياسية في مطقتنا العربية . اغبطك عليها ، و أهنئ دوحة الفكر السياسي على هذا التحليل الواسع ، و هذه الدراسة الشاملة .


اخي/نبيل:

ان ما يبعث على الأسى . ان ما يدعى المعارضة العراقية ، بدأت فب التناحر و التطاحن فيما بينها ، على استلام السلطة . و لاهم لها سوى الكراسي ، وهذا على حساب الشعب الغراقي الذي ذاق ، و سيذوق الأمرّين .

لك الله يا عــــــراق!.


تحياتي...................................... قسورة.

د. سمير العمري
18-04-2003, 12:37 AM
أخي الحبيب نبيل:

قرأت بشغف ما خطت يمينك التي أراها مباركة بفضل الله ونعمته نغبطك عليها ونحتفي بها ....

قراءة بفكر سليم وقلب صادق سليم وانتماء لقضايا الأمة وهويتها واتزان فكري يدعو إلى الاحترام والاهتمام....

أوافقك فكرياً بما ذهبت إليه حتى كأنك كتبت ما يجول بخاطري فبارك الله بك على هذه الرؤية العميقة الشاملة وإلى مزيد منها لننير العقول ونصحح المفاهيم ونعيد الصياغة لجيل النصر ....

كل احترامي وامتناني أخي الحبيب ...

نبيل شبيب
24-04-2003, 05:09 PM
لا ينبغي الوقوف عند حدود (الأمل) !

حياة الأمة بحياة "النخبة" مجدّدا
متى يطرح المفكرون والمثقفون مبادرات عملية للتحرّك؟..
نزع أسلحة الدول الصغيرة.. توظيف بعض الحكومات لتجريد منظمات المقاومة من سلاحها.. الحملات الإعلامية الموجّهة ضدّ كل صورة من صور المقاومة والصمود إما تحت عنوان "مكافحة الإرهاب" أو بأسلوب نشر التيئيس أو باستخدام أساليب القمع.. الحملة الضارية لتبديل مناهج التربية في البلدان العربية والإسلامية في الاتجاه نفسه.. وصولا إلى الرقابة على خطب الجمعة وعزل من لا يلتزم بالتوجيهات المعروفة للبعد بالحديث عن قضايا الأمة.. التركيز على تشويه المصطلحات لتصوير قرارات مجلس الأمن أنها هي "الشرعية الدولية" التي يجب الالتزام بها مهما كانت جائرة.. أو لتصوير السياسة الواقعية أنها هي الاستسلام لما يصنعه الآخرون من واقع في بلادنا..

الهجوم على خطّ الدفاع "الأخير"لم نعد نواجه في الوقت الحاضر حملات عسكرية شعواء ما بين فلسطين والعراق وأفغانستان وسواها فحسب، بل نواجه في الوقت نفسه حملة أشدّ ضراوة وعنفا وتنظيما، ويعمل في إطارها عدد أكبر من الجنود المسلّحين من "العدوّ" الخارجي، وأشدّ قدرة على التأثير لتحرّكهم داخل مجتمعاتنا، وهدف تلك الحملة الضارية هو القضاء –بأسلوب الحرب الاستباقية- على بذور المقاومة في المستقبل، وليس الآن فقط.
نواجه حملة ضارية تريد اقتحام جبهات الخط الدفاعي الأخير في الأمة لمواجهة النكبات والكوارث المتتالية، وهي جبهات قائمة في البيوت، والمدارس، والجامعات، والمساجد، ودور الفكر، والجمعيات الصغيرة والكبيرة، ناهيك عن مختلف وسائل الإعلام والثقافة.. أو هي الوسائل التي يُفترض أن تكون جزءا من خطّ الدفاع الأخير عن الأمة.
حملة ضارية نعتقد اعتقادا جازما بأنّها ستكون حملة سيخسرها في نهابة المطاف، مّن يقف وراءها، ومّن يجنّد نفسه ليكون أداة محلية من أدوات تنفيذها.. ولكن هل يكفي "الاعتقاد" بإخفاقها لصدّها؟.
إن تعبير "حملة" لا يعني سوى أنّنا أمام معركة فُرضت علينا داخل ديارنا.. ولا يمكن كسب معركة دون تعبئة، ولا تتحقق التعبئة بتحرّك كلّ فريق في اتجاه، ولا تجتمع القوى على صعيد واحد دون مبادرات عملية منظورة على أرض الواقع.. ولا يتأهّل أحد للقيام بمثل هذه المبادرات قدر مَن يُطلق عليهم وصف "نخبة" المفكرين والمثقفين والأدباء، فهل يحملون المسؤولية كما ينبغي؟..
حتّى الآن، ورغم كلّ ما عايشناه مع انتفاضة فلسطين الثانية، وفي الحرب ضدّ أفغانستان، وما جرى ويجري تحت عنوان "الحرب ضدّ الإرهاب"، والغزو الأمريكي-البرطاني العسكري للعراق.. حتى الآن لا يمكن القول بوجود مبادرات على مستوى هذه الأحداث، التي تجاوزت مستوى الإصابة العادية، إلى ما نصفه عادة بكلمة الإصابة في مقتل.. فلم نعد أمام "قواعد عسكرية" بل أمام احتلال، ولا أمام ضغوط اقتصادية بل أمام سياسات إملاء الهيمنة المتبجّحة من جانب وخضوع التبعية العلنية من جانب آخر، ولا أمام "غزو" ثقافي أجنبي بل أمام تجريد الأمّة من مقوّمات وجودها الثقافية وغير الثقافية بمشاركة قوى خارجية وداخلية..
إن لم يتحرّك المفكرون والمثقفون الآن.. فمتى يتحرّكون؟..
إن لم نتجاوز الآن خلافات التيارات الإسلامية والعلمانية فمتى نتجاوزها؟..
إن لم ننتقل من أسلوب "الإنشائيات" في الخطاب الأدبي إلى أسلوب إحياء الوجدان فمتى ننتقل؟..
إن لم تظهر في كتاباتنا الفكرية معالم طرق عملية وأساليب واقعية للتحرّك الشعبي، إلى جانب البحوث والدراسات الأكاديمية وشبه الأكاديمية فمتى تظهر؟..
إن لم تصعد "النخبة" الآن بنفسها إلى الدرجة التي وصل إليها الاستعداد للعطاء والبذل من جانب الجماهير، والقدرة على توظيف هذا الاستعداد وترشيده في اتجاه إنجازات حقيقية على أرض الواقع.. فمتى تصعد؟..
إن لم نرتفع الآن إلى مستوى مبادرات تتجاوز الحدود والقيود والاعتبارات الشخصية والجانبية والانتمائية، وتحدّد أسسا مشتركة للتحرّك، وتثبّت قواعد ملزمة للتعامل، وتبتكر قنوات حرّة للوصول إلى بعضنا بعضا وإلى الجماهير، وتوجد قوالب تنظيمية مناسبة للظروف وكافية لتحقيق الأهداف.. إن لم نرتفع الآن إلى مستوى الحدث الكبير.. فمتى.. وكيف يزعم من يزعم لنفسه أنّه من "النخبة" ويقبل بالقليل الذي يصنع وإن لم يحرّك به ساكنا، أو يحيِ ميّتا، أو يوجّه حائرا سائلا: ما العمل؟..

هل "النخبة" على مستوى المسؤولية؟من يتحرّك؟..
لقد كان ممّا يلفت النظر في بعض المنتديات والمجموعات الشبكية التي يتردّد عليها بعض أصحاب القلم الأدبي والفكري والثقافي، أنّ كثيرا منهم واكب أحداث الحرب في العراق، بكلمة حماسية، أو قصيدة لاهبة، وأحيانا بفكرة "دعائية" للاتجاه الذي ينتمي إليه.. حتى إذا بدأت نتيجة الحرب بالظهور، بدأت المرثيات والبكائيات التي دفعت أحد الشعراء (طلعت سقيرق) للقول بحق: كفانا جلدا للذات!..
ثم ظهرت كلمات متفرقة عن "دور المثقف".. وكادت تضيع بين الكمّ الكبير من الإنتاج الأدبي والثقافي الذي عاد بمن يتابع تلك المنتديات والمجموعات إلى فترة "ما قبل الحرب"، في مواضيع شتى، ربّما ينتقدها بعضنا ويراها بعضنا الآخر "قمّة ثقافية".. سيّان، فالأهمّ من ذلك أنّ هذه "العطاءات" الثقافية، سواء ما يتحّدث منها عن ثقافة كوريا مثلا أو عن بعض الأحكام الفقهية للمرأة مثلا آخر، باتت توحي بعد الحرب وكأنّ "الاحتلال" نفسه لا يحتاج إلى متابعةٍ مواكبةٍ للحدث بشبيه ما كان أثناء الحرب، وجميعنا يعلم أنّ ما يُنشر على هذا النحو، منشور مرارا وتكرارا بصورة أو بأخرى، فلا إبداع فيه وإن كان جميل العبارة والصياغة، ولا تجديد أو إصلاح يتضمّنه وإن ارتدى الرداء الإسلامي تذكرة وموعظة.. وجميعنا يعلم أيضا أنّ "الواقع" الإجرامي الأجنبي في العراق وفلسطين وسواهما، و"الواقع" الفاسد المحلي الذي مكّن من وقوع النكبات والكوارث.. يحتاج إلى الارتقاء بما تسكبه الأقلام الأدبية، وتفجّره العبقريات الفكرية، وتنفخ فيه النفحات الثقافية والفنية.. فلا نقف عند محاولة إحياء الضمائر وشحذ الهمم أثناء القصف وسيل الدماء وتراكم الأنقاض، دون الوصول إلى خطوات عملية لتعبئة من عادت ضمائرهم إلى الحياة، وتحفّزت هممهم للعطاء.. وتوظيف الحصيلة وتنميتها لمقاومة الاحتلال ومقاومة الأوضاع التي مكّنت من الحرب ومن الاحتلال!..
لئن كان الذين عبّروا عن مواقف أدبية وثقافية وفكرية.. تأثرا بمجرى الحرب، قد انقطع بهم حبل المواصلة، وفترت همم أقلامهم، ورجعوا إلى ما كانوا عليه من قبل.. فمنذا نتوقع أن يتحرّك من جمهرة المثقفين الذين دأبوا على فلسفة سياسات التيئيس والانهزامية والتبعية الخارجية والاستبداد الداخلي.. أو من صفوف الجماهير التي تواجه ألوان القمع إذا ما حاولت "التظاهر" فحسب؟..
إنّنا نحتاج إلى حركة شعبية من وراء الحدود.. ونحتاج إلى مقاومة تتنامى على كلّ صعيد.. ونحتاج إلى قيادات تولد من قلب العمل ولا تفرض نفسها من خلال الألقاب أو الصوت المرتفع أو عبر وسائل تقليدية يكرّر بعضها بعضا ولا تكاد تتجاوز جدران "النخبة" إلا نادرا.. ولن يوجد شيء من ذلك إلا عن طريق ما يطرحه المخلصون من نخبة المفكرين والمثقفين، على شكل مبادرات عملية، وحلول عملية، طرحا عمليا.
والتحرّك المطلوب والممكن لا ينطلق بالضرورة من فراغ، ولا من حالة يأس يراد نشرها بالقوّة العسكرية والتسليم السياسي الرسمي، ولا يبدأ من نقطة الصفر.. ونعلم أنّ بين أيدينا عدد من التشكيلات المنظمة المتميزة – بدرجات متفاوتة- بعدم انطلاقها من انتماءات حزبية تقليدية، كما أنّها لا تضع حواجز في وجه التعاون من وراء تعدّد التيارات ووجهات النظر –وهذا ما يجب استمراره والحرص عليه حرصا مطلقا وتنميته وتعميمه- وقد لفتت مواقفها في فترة الانتفاضة وفي فترة حصار العراق الأنظار إليها، أو نشأت مواكبة لها، كان منها مثلا اتحاد الكتاب العرب في دمشق، والنقابات في مصر والأردن، ولجان المقاطعة الشعبية ومناهضة التطبيع.. وقد كان لجهودها في الفترة الماضية أثر واضح فيما نرصده من بداية أولى للخروج بقضايا الأمّة من أقفاص الأنظمة الرسمية وقيودها، وجدران "النخبة" للوصول بها إلى موقعها الطبيعي، في الوعي الجماهيري للأمة، كمقدّمة لتتولى الأمّة زمام أمورها وتتولّى قضاياها المصيرية بنفسها.
الأمل كبير في أنّ تنطلق المبادرات العملية المرجوّة، لمرحلة عمل متطوّرة تضيف المزيد إلى ما كان حتى الآن، من صفوف الناشطين في تلك التشكيلات في الدرجة الأولى، وأن يواكبها كل قادر على التعبير عن هذه الأمة وجمع الكلمة حول ما يحقق أهدافها المشروعة، بأن يجعل من نفسه جزءا منها، دعما وتطويرا، وسعيا حثيثا لتجنّب أخطاء الماضي.. فلم تعد أوضاع بلادنا تحتمل المزيد من الأخطاء والانحرافات والنزاعات.

ياسمين
14-05-2003, 01:28 PM
نعم نبيل
لابد من تحديد الاهداف اولا
والاجتماع على الكلمة والرأى الواحد
ومناقشة الامور وتحليلها تحليللا منطقيا
قد نصل منه الى حلول
قد نخرج منه ببعض الايجابيات
على الاقل قد نتعلم كيف يكون النقاش والحوار
بيعجبنى جدا تحليلك للموضوع ومناقشته
تحياتى لهذا القلم الرائع فكراوأدبا

لك تحياتى ,,,, وباقة ياسمين

نعيمه الهاشمي
24-06-2003, 05:18 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الاخ نبيل صدقت القول اخى بغداد امل المستقبل

ولكن ليست بغداد هى بابل التى ولد فيها الخليل الابراهيم الحنيف ونور الدنيا بخطاه الطاهر الى ارجاء العالم

ان التاريخ يعيد نفسه!!!

وهاهو يعيد نفسه سوف يخرج من بابل وبغداد العباسيه الرشيده عطرا يحمل نور الهدى والفرقان

والعاقبه للمتقين!

رعاك الله اخى العزيز وسلمت من كل شر

نبيل شبيب
09-07-2003, 02:15 PM
ما يزال حدث "سقوط بغداد" مصدر أمل في حدوث تغيير جذري، على المستوى الشعبي وعلى مستوى ما يوصف بالنخب.. وليس مصدر الامل منحصرا في مظاهر ازدياد المقاومة للاحتلال فحسب، ورغم محاولة ربطها بصدّام حسين على أمل منع التفاف القوى "الشعبية" حولها من منطلق رفضها لعودة صدام حسين ونظامه..
الأمل يكمن في أن ما كان يُستخدم من وسائل التضليل القديمة على امتداد العقود الماضية، لم يعد يجدي في الوقت الحاضر.. ولعلّ هذا ما استدعى ابتكار أساليب جديدة، فبدلا من التبجّح القديم بقوّة لا تقهر.. وقهرت في الحروب السابقة، أصبح التبجّح اليوم بالعجز علنيا.. للقضاء على مشاعر الأمل في النفوس..

الزعماء.. سواء في السلطة أو على رأس بعض التيارات الباقية من العهود السابقة، لا يفتؤون يستعرضون عجزهم أمام القوى العدوانية الخارجية، وإن لم يتخلّوا عن استخدامهم أساليب التسلط القمعية داخل بلدانهم

عاجزون عن توحيد كلمتهم، وعن الاعتماد على أنفسهم، وعن التعاون فيما بينهم، وعن مواجهة الأخطار الإقليمية لا سيّما الخطر الصهيوني الإسرائيلي، والأخطار الدولية، لا سيّما خطر الهيمنة الأمريكية..

عاجزون عن مجرّد الاجتماع إلاّ في حدود ما يتفق مع السياسة الأمريكية والدولية كالاجتماع على مكافحة "الإرهاب".. وعاجزون عن حلّ المشكلات الإقليمية والقطرية دون تدخّل أجنبي أو رغم التدخّل الأجنبي، ولو كانت من قبيل المشكلات القائمة بين بلدين شقيقين متجاورين كمصر والسودان أو داخل قطر عربي واحد كالجزائر.

لقد بات الحديث المتواصل عن العجز بحدّ ذاته ضربا من ضروب التيئيس لترسيخ العجز بدلا من أن يكون من باب التحليل والبحث عن الأسباب القريبة والبعيدة وطرح المبادرات المخلصة لمواجهتها بصورة فعّالة. وليس مجهولا أنّ العجز لا يعود إلى افتقاد الإمكانات.. البشرية.. والمالية.. والاقتصادية.. وحتّى الاختصاصية والتقنية، بل هو قائم -وبتعبير أصحّ مصنوع صنعا- نتيجة عدم توظيف تلك الإمكانات توظيفا هادفا، وفق مخطّطات منهجية، تمتلئ بها خزائن الملفات في جامعة الدول العربية منذ عشرات السنين، ويمكن تجديدها ووضع المزيد منها، ويتردّد ذكرها بين الحين والحين، ولكن لا توضع موضع التنفيذ.

لئن كان العدوان الخارجي خطرا محدقا بالمنطقة العربية يمكن صدّه بتوفير أسباب القوّة بمختلف أشكالها، بدءا بالتكتّل وانتهاء بالصناعة العسكرية المشتركة، فإنّ العجز الذاتي يمثّل الخطر الأكبر الذي يمنع من توفير أسباب القوّة تلك. ولئن كان من المستحيل أن نمنع عدوّا ظاهرا للعيان وآخر يرتدي لباس "الصديق.. والوسيط النزيه" من التخطيط لعدوانه والتنفيذ ما استطاع إلى ذلك سبيلا، فإنّ الامتناع عن إزالة أسباب العجز رغم توفّر الإمكانات الضخمة في البلدان العربية والإسلامية، ليس مستحيلا.. بل هو ما يضع السياسة العربية نفسها في قفص الاتهام.

فمن أين يأتي الردّ على هذا العجز "المزعوم" إن لم يصدر عمن يعتبرون أنفسهم هم "النخب" وقد أصبحوا في الوقت نفسه هم المسؤولين عن المبادرات الضرورية للتحرّ: الشعبي الذي يضع حدّا للعجز الاتسعراضي على المستوى الرسمي.

ياسمين
10-07-2003, 12:00 PM
اتفق معك فى الرأى ووجهة النظر
وارى أن الامل يكبر يوما بعد يوما
كما ارى العجز ايضا يزداد يوما بعد الايام
وهكذا ستمر الايام فى حالة من الشد والجذب والقوة والضعف
الى ان نصل للامل المنشود بقوة الارادة والعزيمة على تحقيقه

شكرا نبيل على هذا التألق
ومع أمثالك وأمثال هذا الفكر والقلم ترتقى الآمال

لك تحياتى ,,, وباقة ياسمين

صدى الانين
31-08-2003, 09:18 PM
اخي العزيز نبيل.....

بوركت على ما ابدع فكرك من تحليل لما يحصل لنا....وما وضعت من حلول منطقية ادعوا الله ان ترى النور عاجلا......

سقط النظام البعثي المتغطرس...وبدأ سقوط امريكيا باحتلالها للعراق...فوجئت امريكيا بما رأت ولمست من صمود هذا الشعب وبتلاحمه بكل طوائفه...وهزمت وهي محتلة لهذا البلد عندما اعترف بوش قبل يومين بان امريكيا عاجزة عن التحكم بالعراق لوحدها...وكل هذا بفضل الله اولا ثم بالمقاومه العراقية الباسلة ثانيا....فالقتل بالامريكان اكثر بكثير مما تتناقله وسائل الاعلام...وتتمنى امريكيا لو انها لم تتورط بدخول العراق على هذه الشاكله وما توسلها بالدول العربية وبالامم المتحدة لارسال جنود الى العراق الى دليل على تورطها وهزيمتها.....
اما العمل على ان يكون العراق من اللحضه باستغلال الفراغ السياسي وتخبط امريكيا.. العمل على ان يكون مصدر قوة وثقل للعرب والمسلمين فهذا ما يجب ان تفكر به وما يجب ان تعمل علية وبجد كل القوى السياسية والاقتصادية المخلصة في الدول العربية والاسلامية.....
تحياتي.......

اسكندرية
05-09-2003, 03:49 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

نبيل...

ماحدث يو (سقوط بغداد)... يجعل الصورة واضحة أمام أعيننا..
فما آل اليه حال العرب من هزيمة و عجز و ضعف...سببه "الخيانة"
خيانة من الحكام و خيانة بين الجهات المجاهدة و خيانة من البعض للاوطان...

و لكن الصفعة الكبرى ,جاءت يوم سقوط بغداد..

و هاهى تقاوم هذه البلدة التى تحمل كنوز التاريخ بين رافديها..و تحت رمالها..و صحرائها..

و اليوم يعترف الأمريكان بخيبتهم فى احكام قبضتهم على العراق..
هؤلاء الجنود الذين طالما تغنوا بغطرسة بمقدرتهم على اجتياز المعارك و طالما هددوا تلك البلدة و تلك..
اليوم اخرسهتم أسواط المجاهدين فى العراق و فى افغانستان..
و اليوم تعترف أمريكا أنها لا تستطيع ان تصد المقاومة
لكن الامر الخطير هنا..أنها بدات تجند العراقيين أنفسهم ..ضد المقاومة العراقية الشريفة..
و الآخطر أن هناك بعض الدول العربية بدأت فى ارسال مجندين عرب ليحاربوا فى صفوف الأمريكان..
فالى متى الخيانة؟؟الى متى؟؟
و الى متى تبيع النفوس الضعيفة نفسها للدولار؟؟؟

:002::002::002::002:

نبيل شبيب
18-09-2003, 06:25 PM
تقول أختي الكريمة الاسكندرية:

الى متى تبيع النفوس الضعيفة نفسها للدولار؟

وأحسب الجواب: سيستمر هذا إلى أن يصبح الأعمّ الأغلب بين المسلمين هو وجود نفوس زكية تأبى أن تبيع وتشتري بالدولار.. ولا بسواه فإنّما تبيع بذلك جنة عرضها السموات والأرض.. بجناح بعوضة

وهذا بالذات ما يبيّن أنّ عملية البناء -مع عدم إغفال الصمود والمقاومة- ليست مسألة "جانبية".. بل هي الاساس الأول والذي لا غنى عنه لتحويل الأمل إلى واقع مشهود في عالمنا وعصرنا..
إن بناء النفوس هو ما ينقصنا..
إن صناعة الإنسان هي ما نفتقد..
فمن يملك سلاحا ولا يملك العقيدة والإخلاص والمعرفة والوعي يستحيل أن يوجّه هذا السلاح توجيها هادفا قويما يحقق الغرض المطلوب على النحو الأمثل.. أو يمكن أن تزل به القدم تحت ضغط المغريات والمرهبات فينقطع في منتصف الطريق..

ومن لا يملك نفسا مسلّحة بسلاح العقيدة الموجبة للعمل، تراه يردّد بلسانه أعظم الأهداف وأجمل الآمال وزلكن لا يتحرّك على أرض الواقع بعمل مؤثر، ولا يقدّم مبادرة، ولا يبتكر وسيلة، ولا يساهم في تخطيط..وقد يشغل لسانه إمّأ بالتثبيط تيئيسا.. أو بالحماس دون إعداد على مستوى الحماس تهوّرا..

ولا يعني بناء النفوس عقيدة وعبادة وعلما ووعيا وإخلاصا وصبرا وتخصصا يأتي في مرحلة.. ثم يأتي الصمود وتأتي المقاومة في مرحلة أخرى.. إنّما عملية البناء المتكاملة هي تلك القادرة على توظيف الصمود نفسه والمقاومة نفسها في عملية تطوير البناء بحيث تتكامل جوانبه، وتقرّبنا من الهدف المنشود..
إنّما المشكلة التي نواجهها في كثير من الأحيان هو أنّنا بزعم (الحماس) في المقاومة والصمود.. يوجد بيننا من يهوّن من قيمة الكلمة.. أو التربية.. أو التوجيه.. أو العبادة.. أو سوى ذلك من وسائل صنع النفس التي تكون كتلك التي (تفتقدها) أختي الكريمة الاسكندرية.. النفس التي لا تبيع وطنا ولا قضية ولا تبيع أهلا ومقدسات.. بثمن بخس.

نبيل شبيب
22-11-2003, 06:27 PM
مواجهة الهزيمة بوحشية الهجمات

المطلوب سياسة بديلة في الوقت المناسب، خارج نطاق السؤال عن سقوط أمريكي محتم أو إملاءات هيمنة أمريكية

بدا الرئيس الأمريكي بوش في حديثه عن أزمته في العراق أثناء التظاهرات البريطانية ضدّه وهو يزور بلد حليفه بلير أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2003م.. بدا من جديد عاجزا عن تقديم موقف سياسي متوازن يشير إلى بعد نظر في التفكير والتدبير، أو قدرة على تحرّك "استراتيجي" كما يقال، وعاجزا عن إعطاء تفسير عسكري لمجرى الأحداث في أرض العراق، فكان التصريح الذي أدلى به في أوّل أيام الزيارة –إذا صحّ وصفه بالتصريح- هو أنّه لم يصنع كذا وكذا (أي شنّ حرب احتلال العراق بكلّ ما تطلّبته من جند وعتاد ومال) كي ينسحب الآن أمام من أسماهم "بعض عصابات القتلة". وأوّل ما يظهر مدى الشرود السياسي في مثل هذه التصريحات، هو أنّ مجرّد "نفي نيّة الانسحاب" من جانبه يشير إلى أنّ العقلاء من سياسيين ومحلّلين، ينتظرون مثل هذا الانسحاب، وبالتالي فهو يجد من الضروري الإعلان عن النفي رسميا!.. أمّا البديل –وفق نهجه- فقد شهدته أرض العراق قبل أقلّ من 48 ساعة، إذ صاعدت القوّات الأمريكية ما سبق وبدأت به مؤخرا، فاستأنفت من الناحية الواقعية العمليات الحرية الكبيرة بعد بضعة شهور مضت على الإعلان الرسمي عن نهايتها، وعادت إلى استخدام الطائرات المقاتلة بالإضافة إلى المروحيات، في بلد لا يوجد فيه "جيش"، وإلى إلقاء القنابل من العيار الثقيل (مئات الأطنان) إلى جانب سواها من أسلحة الفتك الشامل.. وتعطي الولايات المتحدة الأمريكية بذلك الدليل أنّها أصبحت فعلا كالذئب الجريح، ما بين عزلتها الدولية رغم الهيمنة، وعجزها العسكري رغم القوّة، وغبائها السياسي رغم ما فيها من مراكز الدراسات الفكرية وألوان التقدّم العلمي والتقني.


الخطأ الحقيقي في الحسابات الأمريكية

قيل إنّ ساسة الحرب في واشنطون أخطؤوا في حساباتهم، فلم يستقبلهم الشعب العراقي بالورود كما أشاعوا هم ومعهم بعض المتأمركين حتى النخاع، ولكنّ مثل هذا "الخطأ" كان منتظرا من الأصل، هذا إذا صحّ اعتباره من الأخطاء، فحكاية "الورود" هذه كانت حكاية تضليل مكشوفة من البداية، يردّدها ساسة الحرب ومن رضي أن يكون في خدمتهم ويحمل اسما عراقيا أو عربيا فقد مصداقيّتـه، وجميعهم يعلم في الأصل أنّ الحرب حرب احتلال، بأبشع ما تعنيه الكلمة في عالمنا المعاصر وعبر عصور التاريخ الماضية.. ولا نحسب من كانوا يردّدون هذه الحكاية كانوا يصدّقون أنفسهم فعلا –عبر تكرارها- إذ نربأ بهم أن يكونوا على هذا القدر من العجز عن تقدير الأمور على حقيقتها.

الخطأ الأكبر من ذلك، أو الخطأ الحقيقي المهمّ في حسابات ساسة الحرب الأمريكيين، يتمثّل في إخفاقهم إخفاقا ذريعا عن وضع تقديرات عسكرية محضة قريبة من الواقع عندما تقع المعركة، إذ قامت تلك التقديرات ابتداء على الاعتقاد بأنّ تفوّق العتاد العسكري الأمريكي يكفي وحده لتحقيق الاستقرار، بمعنى استقرار الاحتلال، لوضع حكومة تابعة تنفّذ الإرادة الأمريكية إلى ما بعد رحيل الجند، وقامت تلك الحسابات الخاطئة أيضا على أساس الاعتقاد بأنّ الجزء الأهمّ في المعركة هو القضاء على قوّة "العدوّ" في جولة المواجهة العسكرية المباشرة، فكلّ ما يأتي بعد "سقوط بغداد عسكريا" لن يتجاوز حدود استكمال "سقوط العراق" كليّا واستكمال سقوط المنطقة معه إقليميا، هذا مع مضاعفة العواقب الوخيمة المترتّبة على هذا الخطأ بأنّ الحسابات الأمريكية اعتبرت "العدوّ" الذي تحمل مهمّة القضاء العسكري عليه، هو النظام وجيشه وقوّاته الخاصّة، وليس "البلد" الذي جاءت القوّات الأجنبية لاحتلاله بالقوّة، فكان التخطيط العسكري الأمريكي قائما من البداية على انتهاء المعركة مع نهاية وجود هذا النظام في السلطة!..

من وراء هذه الأخطاء –وسواها- المتراكمة بعضها فوق بعض، وفي إطار التفكير "الامبراطوري" المهيمن على توجّهات "المحافظين الجدد" و"المسيحيين الصهيونيين" وقد أصبحوا في رأس السلطة.. من وراء الأخطاء يكمن المغزى الأهمّ في تقدير "الجانب النوعي" في الحدث الجاري، فالظاهرة العراقية تؤكّد أنّ القوّة العسكرية الباطشة في القرن الميلادي الحادي والعشرين، عاجزة أكثر بكثير من جيوش الامبراطوريات العتيقة، عن "إخضاع شعب" وتطويع إرادته، بل على النقيض من ذلك، فإنّ ما نعلمه (وينطلق منه الذئب الأمريكي المسلّح) بصدد تحقيق قفزات نوعية كبرى في تقدّم صناعة السلاح واستخدامه، ما بين العصور الغابرة وعصرنا هذا، يقابله تطوّر أكبر حجما وأهمّ مفعولا، على صعيد الوعي التاريخي للشعوب، وبالتالي على صعيد قدرتها أن تصنع عن طريق المقاومة، في عالمنا المعاصر، ما يحقّق أهدافها المشروعة، بسرعة أكبر ممّا كان يتحقّق في الماضي.

هزيمة حضارية

إنّ الهزيمة الأمريكية المحتّمة في العراق وإقليميا، والأهم من الهزيمة العسكرية المحضة، هي الهزيمة الحضارية. أمّا الهزيمة العسكرية بمعناها التقليدي، فهي من نصيب دول أصغر حجما وأضعف قوّة، قد تقضي على جيشها، وقد تقيّد إرادتها السياسية ردحا من الزمن، أمّا هزيمة "الدولة الكبرى" عسكريا، فلا تعني "انكسار قوّاتها" ولا "احتلال أرضها" ولا فرض معاهدة ما تقيّد إرادتها السياسية في تسيير أمورها بطريقة مشروعة.. إنّما تقع مع ظهور العجز (ويتطلّب ذلك فترة زمنية كافية) الذي لا يمكن إخفاؤه بالتمويه والتضليل، عن تحقيق "هدف سياسي بالقوّة العسكرية".. وهو ما سبق أن حدث في فييتنام، ويحدث الآن في العراق.

ممّا ينبغي النظر فيه بغير العيون الرسمية الأمريكية، هو أنّ عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية لم يتطوّر فقط من حيث البنية الهيكلية لتركيبة موازين القوى الدولية، إنّما تطوّر في الجانب النوعيّ للعلاقات الدولية، فلم يعد الهمّ الأكبر لمن يريد تحقيق أهدافه المشروعة (أو مطامعه غير المشروعة) خارج حدود بلاده، أن يرسل دبابة وطائرة وصاروخا، بل صار همّه الأكبر أن يرسل قرضا ماليا.. يقيّد، واستثمارا ماليا.. يستغلّ، ومفاوضا بارعا.. يخدع، أو أن يفتح فرعا لشركته، وآخر لمركز ثقافي ينشر فكره.. وغير ذلك من الوسائل المرفوضة أو المقبولة، فالمهمّ هو أنّ كثيرا من الساسة المعاصرين أدركوا أنّهم في ظلّ نتائج التطورّات التقنية الحديثة ولا سيما في عالم المواصلات والاتصال، باتوا أقدر على تحقيق ما يريدون دون استخدام الوسيلة العسكرية.. ولم تنقطع الدروس التي أثبتت ذلك وإن كان أبرزها أفغانستان في مواجهة الغزو السوفييتي وفييتنام في مواجهة الغزو الأمريكي. ولا ينفي هذا التطوّر بقاء "الحرب" هي الوسيلة الأخيرة في جعبة أولئك الساسة المعاصرين ايضا، ولكن هنا أثبتت القيادة الأمريكية في عهد بوش وأعوانه عجزها عن الاستيعاب.. وليس مجرّد الوقوع في بعض الأخطار "التكتيكية".. فكانت أطروحاتها النظرية من قبل الوصول إلى السلطة، ثمّ تطبيقاتها العملية من بعد، تتحرّك بعقلية الذئب في غابة. صحيح أنّ بعض ذلك عرفته حكومات أمريكية سابقة والتيارات الحاكمة من خلالها، ولكنّه بلغ وبسرعة ملحوظة خلال ثلاث سنوات من عهد بوش، مستوياتٍ غير مسبوقة من حضيض ما يُسمّى شرعة الغاب. هذا ما أصبح ينعكس في ميادين عديدة، ولا يقتصر–كما كان من قبل- على بعضها، مثل مضاعفة سرعة صناعة أسلحة الفتك الشامل وأسلحة الدمار الشامل وتطويرها على حساب الأوضاع الاجتماعية لقطاعات كبرى من سكان الولايات المتحدة الأمريكية، وأخطر ميادين انعكاس هذه العقلية إلى جانب الانسحاب الفعلي من منظومة القانون الدولي، هو التهوّر في ارتكاب المغامرات العسكرية، والتي قد تكون نتائج حرب احتلال العراق من بيتها هي القاصمة.

لقد هزمت الولايات المتحدة الأمريكية حضاريا بعجزها –وهي الدولة الأقوى في ميادين عديدة مالية واقتصادية وتقنية وإعلامية وغيرها- عن التخلّي عن وسيلة القوّة العسكرية أي شرعة الغاب، والاكتفاء بوسائل أخرى لتحقيق مآربها ومطامعها، هذا بغضّ النظر عن عدم مشروعيتها في معظم الحالات، ومن المؤكّد أنّ هذه الهزيمة الحضارية تحتّم وقوع الهزيمة العسكرية، مهما بلغت قوّة الآلة الحربية نفسها.


التعامل مع عقلية الذئب

لا يُنتظر من الذئب الأمريكي الجريح إقرار بهزيمته في العراق، ولا أن يسحب قوّاته تحت وطأة ضربات المقاومة، رغم استحالة تحقيق الأمن (للجنود الأمريكيين) أو الاستقرار (لسياسة الاحتلال)، ولا أن يتراجع عن النهج الذي ابتدعه منظّروه في كتاباتهم منذ عشرات السنين، وخطّة الهيمنة العالمية الموضوعة والموثّقة منذ التسعينات الميلادية (وليس كردّ فعل على هجمات نيويورك وواشنطون عام 2001م)، بل لا يتوقّع من ساسة هذا النهج أن يتراجعوا أمام تصاعد المعارضة الداخلية الأمريكية للمغامرة العسكرية الراهنة، ولا يُستبعد أن يخاطروا بخسارة الانتخابات المقبلة أثناء استمرار تساقط القتلى الأمريكيين والضحايا العراقيين وبقايا العلاقات الدولية، على أن يخاطروا بخسارة الانتخابات عبر رفع "الراية البيضاء"!..

هذا وأسباب أخرى هي التي تدفع حاليا دولا غربية عديدة للعمل على "إنقاذ" واشنطون من ورطتها، دون أن تفقد ماء وجهها كما يقال، ولكن في الوقت نفسه شريطة ألاّ تتحوّل عملية الإنقاذ إلى التورّط معها، فقد أدركت تلك الدول أنّ الهزيمة الأمريكية في العراق تحمل معنى الهزيمة الحضارية وآثارها، وأنّ الأضرار المترتّبة على إخفاق المغامرة العسكرية لن تقتصر على الولايات المتحدة الأمريكية بل ستصيب معها شركاءها على الصعيد الحضاري وإن لم يكونوا شركاءها في "هذه" المغامرة العسكرية.

على أنّ أشدّ ما نفتقده في المرحلة الراهنة، هو أن يستوعب ساسة المنطقة العربية والإسلامية ما يعنيه مجرى الأحداث في العراق ويبدو أنّ النظرة الغالبة حتى الآن، هي أنّ السقوط الأمريكي يعني خسارة ما لكلّ من ربط سياسته بالسياسة الأمريكية حتى الآن، وهذا ما ينشر الانطباع بوجود "مأزق" أو "مصيدة سياسية"، ما بين المخاوف من تلك الخسارة، وما بين خسارة أخرى تصنعها الاستجابة إلى مطالب الهيمنة الأمريكية، وقد بلغت من حيث نوعيّتها ما لا يخفيه أسلوب العجرفة المتّبع –عمدا- في الإعلان عنها.

أمّا البحث عن "سياسة بديلة" في الوقت المناسب، خارج نطاق السؤال عن السقوط الأمريكي أو الهيمنة الأمريكية، فهذا ما يبدو الحديث عنه بعيدا كلّ البعد عمّن أدمن "الاعتياد" على سواه!

في حقبة الحرب الباردة كانت مسألة "السياسة البديلة" تُطرح، ولكن محصورة في التأرجح ما بين شرق وغرب، وهو ما وقع مرّتين على نطاق واسع في المنطقة العربية، أولاهما في الخمسينات الميلادية عبر راية "الاشتراكية والصداقة السوفييتية" وأوصلت واقعيا إلى كارثة 1967م، والثانية في السبعينات الميلادية عبر شعار "99 في المائة من الأوراق في الأيدي الأمريكية" وأوصلت واقعيا إلى كارثة احتلال العراق.

المطلوب اليوم أكثر من أي وقت مدى هو السياسة البديلة القائمة على إنهاء التبعيات بمختلف أشكالها وميادينها، مع وضع دعائم جديدة لوجود عربي وإسلامي جديد، في مقدّمتها إصلاح العلاقة بين الحكومات والشعوب وهو ما يكاد يتحوّل إلى انفجار خطير نتيجة تأخيره، ومن تلك الدعائم ما لا يستغنى عنه على صعيد التقارب والتكتّل الإقليمي في مختلف الميادين، أما "نوعية" العلاقات مع دول العالم الأخرى، وفحوى تلك العلاقات، فلا بدّ من إعطائه المرتبة الثالثة بعد هاتين الدعامتين.. وإلاّ .. فسوف تستمرّ عقلية التبعيات في مواجهة عقلية الذئب، وتستمرّ الكوارث.

هو الطريق الأصعب.. لكنّه الطريق الوحيد، وهو في الوقت الحاضر بالذات طريق تفتحه ضربات المقاومة البطولية المشروعة القائمة على الطاقات الشعبية وحدها، في أكثر من ميدان وأرض في المنطقة العربية والإسلامية، وهي التي تزيل واقعيا كثيرا من العقبات التي أقامتها الخشية من سطوة الذئب، فحالت دون سياسات قويمة تمليها المصلحة الذاتية والعليا المشتركة، ولعلّ أهمّ ما يعنيه مجرى أحداث العراق في اتجاه هزيمة أمريكية (يستحيل إلاّ أن تجرّ من ورائها هزيمة صهيونية) هو كسر حاجز تلك المخاوف، والخروج من فلك السؤال عن التهديدات الأمريكية والصهيونية المتوالية، فمع تقدير أنّ "الهيمنة الدولية" لن تزول بين ليلة وضحاها، وأنّ احتمال المغامرات العسكرية لم يسقط بصورة نهائية، يبقى من الثابت أنّ واشنطون تبدو في هذه الفترة بالذات، عاجزة عن ترتيب أمر هزيمتها –كما صنعت في فييتنام- لتكون في صيغة انسحاب نظامي بأقلّ خسائر ممكنة، بدلا من وقوعه عشوائيا، مثلما شهد جنوب لبنان مع القوّات الصهيونية، ولكن على جميع الأحوال.. فإنّ الانسحاب واقع، والهزيمة واقعة، آجلا أو عاجلا، فإمّا أن يعمل الساسة المحليون والإقليميون على الاستعداد منذ الآن لأوضاع ما بعد عهد التبعيات لواشنطون، أو أن تتبدّل الأوضاع الإقليمية نفسها، ربّما من حيث لا ينتظرون، وتحلّ مكانها أوضاع بطاقات أقدر على استيعاب مجرى الأحداث والتفاعل معها، وعلى التفكير والاستعداد والتصرف في الوقت المناسب.

نعيمه الهاشمي
22-12-2003, 02:53 AM
السلام عليكم ورحمة الله

لرفع الى ان نعود
ان شاء الله
:010:

نعيمه الهاشمي
25-01-2004, 07:11 AM
:os:

نعيمه الهاشمي
10-09-2004, 05:19 AM
السلام عليكم ورحمة الله


الاستاذ العزيز أشتقنا لسموك الفكري
ولعطاء قلمك المناضل

وفقك الله وسدد خطاك اينما كنت
تمنياتى أن تعود لواحتك قريبا!!