المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوائد من شرح النووي على صحيح مسلم



بهجت عبدالغني
27-08-2023, 07:22 PM
«مذاكرة حاذقٍ في الفنّ ساعة أنفع من المطالعة والحفظ ساعات بل أياماً».

بهجت عبدالغني
27-08-2023, 07:23 PM
تبادر إلى ذهني سؤال وأنا أقرأ في الصحيحين: لماذا يذكر البخاري أو مسلم بعد بعض الأسماء صيغة «يعني ابن فلان أو هو ابن فلان»؟
مثلاً: مسلم: حدثنا عبدالله بن سلمة حدثنا سليمان يعني ابن بلال عن يحيى وهو ابن سعد..
فلماذا لم يقل مباشرة: سليمان بن بلال عن يحيى بن سعد؟
ووجدت الإجابة عند النووي في شرحه لصحيح مسلم، حيث يقول: «ليس للراوي أن يزيد في نسب غير شيخه ولا صفته على ما سمعه من شيخه لئلا يكون كاذباً على شيخه، فإن أراد تعريفه وإيضاحه وزوال اللبس المتطرق إليه لمشابهة غيره فطريقه أن يقول قال حدثني فلان يعني بن فلان أو الفلان أو هو بن فلان أو الفلاني أو نحوه ذلك».
فتأمل دقّة الصّنعة، والحرص على الأمانة العلمية.

بهجت عبدالغني
27-08-2023, 07:24 PM
متى تردّ على المخالف ومتى لا تردّ؟
يجيب الإمام مسلم عن ذلك في مقدمة صحيحه فيقول:
«إذ الإعراض عن القول المطرح أحرى لإماتته، وإخمال ذكر قائله، وأجدر أن لا يكون ذلك تنبيهاً للجهال عليه، غير أنا لما تخوفنا من شرور العواقب، واغترار الجهلة بمحدثات الأمور، وإسراعهم إلى اعتقاد خطأ المخطئين، والأقوال الساقطة عند العلماء، رأينا الكشف عن فساد قوله ورد مقالته بقدر ما يليق بها من الرد، أجدى على الأنام، وأحمد للعاقبة إن شاء الله».

بهجت عبدالغني
27-08-2023, 07:25 PM
قال أبو سليمان حَمْد بن محمد الخطابي:
«وقد يحسب كثير من الناس أن معنى القضاء والقدر إجبار الله سبحانه وتعالى العبد وقهرُه على ما قدّره وقضاه، وليس الأمر كما يتوهمونه، وإنما معناه الإخبار عن تقدّم علم الله سبحانه وتعالى بما يكون من اكتساب العبد وصدروها عن تقدير منه».

بهجت عبدالغني
27-08-2023, 07:26 PM
صحيح مسلم: عن عبدالله بن ذكوان القرشي قال: "أدركت بالمدينة مائةً كلهم مأمون ما يؤخذ عنهم الحديث، يقال: ليس من أهله". انتهى النقل من صحيح مسلم

تعليقي:
قال أحمد القرطبي في (المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم): "أنهم كانوا موثوقًا بهم في دينهم وأمانتهم، غير أنهم لم يكونوا حفاظًا للحديث، ولا متقنين لروايته، ولا متحرّزين فيه؛ فلم تكن لهم أهلية الأخذ عنهم، وإن كانوا قد تعاطوا الحديث والرواية".
قال مالك بن أنس: "أدركت بهذا البلد مشيخةً أهل فضل وصلاح يحدثون ما سمعت من أحد منهم شيئًا قط. قيل له: لم يا أبا عبدالله؟ قال: كانوا لا يعرفون ما يحدّثون". (التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، ابن عبدالبر)
وقال: "أدركت بهذه البلدة (يعني المدينة) أقوامًا لو استسقى بهم القطر لسقوا، ما حدَّثت عن أحدٍ منهم شيئًا". (كشف المغطى من المعاني والألفاظ الواقعة في الموطا، محمد الطاهر بن عاشور)
وهنا فائدة:
وهي أنه ليس كل من كان صالحاً أو تقيّاً ورعاً، يكون معتمداً عليه في رواية الأحاديث، وكذا من كان متقناً في اختصاص من العلم، فلا يكون بالضرورة كذلك في اختصاصات أخرى.
فإذن لا بدّ من التفريق بين الترجمة العامة للرّاوي (كصلاحه وزهده أو اتقانه الفقه.. إلخ..)، وبين الترجمة الخاصة له، وهي المتعلقة بالجرح والتعديل وعلم الرجال.
ومن يقرأ مثلاً (سير أعلام النبلاء للذهبي) سيجد ذلك واضحاً بيّناً.
فتأمّل.

بهجت عبدالغني
27-08-2023, 07:29 PM
قوله صلى الله عليه وسلم: «ما المسئول عنها بأعلم من السائل».

فيه أنه ينبغي للعالم والمفتي وغيرهما إذا سُئل عمّا لا يعلم أن يقول: لا أعلم، وأن ذلك لا ينقصه بل يستدل به على ورعه وتقواه ووفور علمه.

بهجت عبدالغني
27-08-2023, 07:31 PM
أهل الردّة كانوا صنفين:
الصنف الأول: ارتدوا عن الدين ونابذوا الملة وعادوا إلى الكفر، وهم الذين عناهم أبو هريرة بقوله: وكفر من كفر من العرب.
وهذه الفرقة طائفتان:
الأولى: أصحاب مسيلمة من بني حنيفة وغيرهم الذين صدّقوه على دعواه في النبوة، وأصحاب الأسود العنسي ومن كان من مستجيبيه من أهل اليمن وغيرهم، وهذه الفرقة بأسرها منكرة لنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مدعية النبوة لغيره، فقاتلهم أبو بكر رضي الله عنه حتى قتل الله مسيلمة باليمامة والعنسي بصنعاء وانفضت جموعهم وهلك أكثرهم.
الثانية: ارتدوا عن الدين وأنكروا الشرائع وتركوا الصلاة والزكاة وغيرها من أمور الدين وعادوا إلى ما كانوا عليه في الجاهلية، فلم يكن يسجد لله تعالى في بسيط الأرض إلا في ثلاثة مساجد مسجد مكة ومسجد المدينة ومسجد عبد القيس في البحرين في قرية يقال لها جواثا، ففي ذلك يقول الأعور الشني يفتخر بذلك:
والمسجد الثالث الشرقي كان لنا
والمنبران وفصل القول في الخطبِ
أيـام لا منبر للنـاس نعرفــه
إلا بطيبة والمحجوب ذي الحجبِ
الصنف الثاني: الذين فرقوا بين الصلاة والزكاة، فأقرّوا بالصلاة وأنكروا فرض الزكاة ووجوب أدائها إلى الإمام، وهؤلاء على الحقيقة أهل بغي، وإنما لم يدعوا بهذا الاسم في ذلك الزمان خصوصاً لدخولهم في غمار أهل الردة، فأضيف الاسم في الجملة إلى الردة، إذ كانت أعظم الأمرين وأهمهما، وأرّخ قتال أهل البغي في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، إذ كانوا منفردين في زمانه لم يختلطوا بأهل الشرك.

بهجت عبدالغني
27-08-2023, 07:33 PM
ليس كل ما أخبر صلى الله عليه وسلم بكونه من علامات الساعة يكون محرماً أو مذموماً، فإن تطاول الرعاء في البنيان وفشو المال وكون خمسين امرأة لهن قيّم واحد ليس بحرام بلا شك، وإنما هذه علامات، والعلامة لا يشترط فيها شيء من ذلك، بل تكون بالخير والشر والمباح والمحرم والواجب وغيره.

بهجت عبدالغني
27-08-2023, 07:34 PM
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَبِي بَكْرٍ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ"؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.

في هذا الحديث جملة من الفوائد:
- جواز مراجعة الأئمة والأكابر ومناظرتهم لإظهار الحق.
- أن الإيمان شرطه الإقرار بالشهادتين مع اعتقادهما واعتقاد جميع ما أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جمع ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله «أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به».
- وجوب الجهاد.
- صيانة مال من أتى بكلمة التوحيد ونفسه ولو كان عند السيف.
- أن الأحكام تجري على الظاهر والله تعالى يتولى السرائر.
- جواز القياس والعمل به.
- وجوب قتال مانعي الزكاة أو الصلاة أو غيرهما من واجبات الإسلام قليلاً كان أو كثيراً لقوله رضي الله عنه: «لو منعوني عقالاً أو عناقاً».
- جواز التمسك بالعموم لقوله: «فإن الزكاة حق المال».
- وجوب قتال أهل البغي.
- اجتهاد الأئمة في النوازل وردّها إلى الأصول ومناظرة أهل العلم فيها ورجوع من ظهر له الحق إلى قول صاحبه.
- ترك تخطئة المجتهدين المختلفين في الفروع بعضهم بعضاً.
- أن الإجماع لا ينعقد إذا خالف من أهل الحل والعقد واحد، وهذا هو الصحيح المشهور، وخالف فيه أصحاب الأصول.
- قبول توبة الزنديق.

بهجت عبدالغني
27-08-2023, 07:39 PM
قال الإمام الجليل أبو محمد عبد الله بن أبي زيد إمام المالكية بالمغرب في زمنه:
جماع آداب الخير يتفرّع من أربعة أحاديث:
- قول النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت".
- وقوله صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".
- وقوله صلى الله عليه وسلم للذي اختصر له الوصية: "لا تغضب".
- وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه".

بهجت عبدالغني
27-08-2023, 07:40 PM
عَنْ أَنَسٍ رَضي الله عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ: مَنْ كَانَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ أَنْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ، كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ".
هذا حديث عظيم، أصل من أصول الإسلام. قال العلماء رحمهم الله: معنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشقات في رضا الله عز وجل، ورسوله صلى الله عليه وسلم، وإيثار ذلك على عرض الدنيا، ومحبة العبد ربه سبحانه وتعالى بفعل طاعته، وترك مخالفته، وكذلك محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال القاضي رحمه الله: هذا الحديث بمعنى الحديث المتقدم: "ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً"، وذلك أنه لا يصح المحبة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم حقيقة، وحب الآدمي في الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وكراهة الرجوع إلى الكفر إلا لمن قوى بالإيمان يقينه، واطمأنت به نفسه، وانشرح له صدره، وخالط لحمه ودمه. وهذا هو الذي وجد حلاوته. قال: والحب في الله من ثمرات حب الله.

بهجت عبدالغني
27-08-2023, 07:41 PM
واعلم أن هذا الباب - أعني باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر - قد ضيّع أكثره من أزمان متطاولة، ولم يبق منه في هذه الأزمان إلا رسوم قليلة جداً. وهو باب عظيم به قوام الأمر وملاكه. وإذا كثر الخبث عم العقاب الصالح والطالح. وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه: {فَلۡیَحۡذَرِ ٱلَّذِینَ یُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦۤ أَن تُصِیبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ یُصِیبَهُمۡ عَذَابٌ أَلِیمٌ} فينبغي لطالب الآخرة، والساعي في تحصيل رضا الله عز وجل أن يعتني بهذا الباب، فإن نفعه عظيم، لا سيما وقد ذهب معظمه، ويخلص نيته، ولا يهابنّ من ينكر عليه لارتفاع مرتبته؛ فإن الله تعالى قال: {وَلَیَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن یَنصُرُهُۥۤۚ} وقال تعالى: {وَمَن یَعۡتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدۡ هُدِیَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسۡتَقِیم} . وقال تعالى: {وَٱلَّذِینَ جَـٰهَدُوا۟ فِینَا لَنَهۡدِیَنَّهُمۡ سُبُلَنَاۚ}. وقال تعالى: {أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن یُتۡرَكُوۤا۟ أَن یَقُولُوۤا۟ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا یُفۡتَنُونَ. وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِهِمۡۖ فَلَیَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ صَدَقُوا۟ وَلَیَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَـٰذِبِینَ}. واعلم أن الأجر على قدر النصب، ولا يتاركه أيضاً لصداقته ومودته ومداهنته وطلب الوجاهة عنده ودوام المنزلة لديه؛ فإن صداقته ومودته توجب له حرمة وحقاً، ومن حقه أن ينصحه ويهديه إلى مصالح آخرته، وينقذه من مضارها. وصديق الإنسان ومحبه هو من سعى في عمارة آخرته وإن أدى ذلك إلى نقص في دنياه. وعدوه من يسعى في ذهاب أو نقص آخرته، وإن حصل بسبب ذلك صورة نفع في دنياه. وإنما كان إبليس عدوا لنا لهذا وكانت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين أولياء للمؤمنين لسعيهم في مصالح آخرتهم، وهدايتهم إليها.

ناديه محمد الجابي
30-08-2023, 06:21 PM
«مذاكرة حاذقٍ في الفنّ ساعة أنفع من المطالعة والحفظ ساعات بل أياماً».



إن ساعة من المناقشة الراقية في مسألة علمية مع قرينك المُتقن ..
تعدل قراءة مئات الصفحات !أحيوا مجالس المذاكرة العلمية بآدابها وأساليبها .. كما كان يفعل علماء الحديث .

قال الإمام النووي رحمه الله :
(بالمذاكرة يثبت المحفوظ ويتحرر ويتأكد ويتقرر ويزداد بحسب كثرة المذاكرة
ومذاكرة حاذق في الفن ساعة أنفع من المطالعة والحفظ ساعات بل أياما
وليكن في مذاكراته متحريا الانصاف قاصدا الاستفادة أو الافادة غير مترفع على صاحبه
بقلبه ولا بكلامه ولا بغير ذلك من حاله مخاطبا له بالعبارة الجميلة اللينة
فبهذا ينمو علمه وتزكو محفوظاته )
:011::002::011:

بارك الله فيك لما أوردت من فوائد فقهية تستحق الدراسة والتدبر
زادك الله علما ونورا.:nj::nj:

بهجت عبدالغني
10-11-2023, 02:01 PM
عن تميمٍ الداري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتهم».


النصيحة مأخوذة من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه، فشبّهوا فعل الناصح فيما يتحرّاه من صلاح المنصوح له بما يسده من خلل الثوب. وقيل: إنها مأخوذة من نصحت العسل إذا صفّيته من الشمع، شبّهوا تخليص القول من الغش بتخليص العسل من الخلط.
ومعنى الدين النصيحة:
أنها عماد الدين وقوامه، كقوله صلى الله عليه وسلم: الحج عرفة، أي عماده ومعظمه عرفة.

بهجت عبدالغني
10-11-2023, 02:03 PM
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ، وَالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ بَعْدُ".
قال القاضي عياض رحمه الله: أشار بعض العلماء إلى أن ما في الحديث تنبيهٌ على جميع أنواع المعاصي والتحذير منها:
* فنبّه بالزنا على جميع الشهوات.
* وبالسرقة على الرغبة في الدنيا والحرص على الحرام.
* وبالخمر على جميع ما يصد عن الله تعالى، ويوجب الغفلة عن حقوقه، وبالانتهاب الموصوف عن الاستخفاف بعباد الله تعالى وترك توقيرهم، والحياء منهم وجمع الدنيا من غير وجهها.

ناديه محمد الجابي
10-11-2023, 05:24 PM
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَاسْتُخْلِفَ أَبُو بَكْرٍ بَعْدَهُ، وَكَفَرَ مَنْ كَفَرَ مِنَ الْعَرَبِ، قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَبِي بَكْرٍ: كَيْفَ تُقَاتِلُ النَّاسَ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَمَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَقَدْ عَصَمَ مِنِّي مَالَهُ وَنَفْسَهُ إِلَّا بِحَقِّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللَّهِ"؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ؛ فَإِنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ الْمَالِ، وَاللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عِقَالًا كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إِلى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَى مَنْعِهِ. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: فَوَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ رَأَيْتُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ شَرَحَ صَدْرَ أَبِي بَكْرٍ لِلْقِتَالِ، فَعَرَفْتُ أَنَّهُ الْحَقُّ.

في هذا الحديث جملة من الفوائد:
- جواز مراجعة الأئمة والأكابر ومناظرتهم لإظهار الحق.
- أن الإيمان شرطه الإقرار بالشهادتين مع اعتقادهما واعتقاد جميع ما أتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جمع ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله «أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به».
- وجوب الجهاد.
- صيانة مال من أتى بكلمة التوحيد ونفسه ولو كان عند السيف.
- أن الأحكام تجري على الظاهر والله تعالى يتولى السرائر.
- جواز القياس والعمل به.
- وجوب قتال مانعي الزكاة أو الصلاة أو غيرهما من واجبات الإسلام قليلاً كان أو كثيراً لقوله رضي الله عنه: «لو منعوني عقالاً أو عناقاً».
- جواز التمسك بالعموم لقوله: «فإن الزكاة حق المال».
- وجوب قتال أهل البغي.
- اجتهاد الأئمة في النوازل وردّها إلى الأصول ومناظرة أهل العلم فيها ورجوع من ظهر له الحق إلى قول صاحبه.
- ترك تخطئة المجتهدين المختلفين في الفروع بعضهم بعضاً.
- أن الإجماع لا ينعقد إذا خالف من أهل الحل والعقد واحد، وهذا هو الصحيح المشهور، وخالف فيه أصحاب الأصول.
- قبول توبة الزنديق.


أحسنت القول أيها الكريم
أثابك الباري ونفع بك ووفقك
دمت بحفظ الله وتوفيقه.
:011::002::011:

ناديه محمد الجابي
10-11-2023, 05:30 PM
عن تميمٍ الداري: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة، قلنا: لمن؟ قال: «لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامَّتهم».


النصيحة مأخوذة من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه، فشبّهوا فعل الناصح فيما يتحرّاه من صلاح المنصوح له بما يسده من خلل الثوب. وقيل: إنها مأخوذة من نصحت العسل إذا صفّيته من الشمع، شبّهوا تخليص القول من الغش بتخليص العسل من الخلط.
ومعنى الدين النصيحة:
أنها عماد الدين وقوامه، كقوله صلى الله عليه وسلم: الحج عرفة، أي عماده ومعظمه عرفة.





تعرف النصيحة بأنها إرادة الخير للمنصوح، بفعل ما ينفعه أو ترك ما يضره أو تعليمه ما يجهله ونحوها من وجوه الخير ؛
ولهذا سماها النبي ديناً (الدين النصيحة) ، وجعلها من حقوق المسلمين فيما بينهم
(حق المسلم على المسلم ست ومنها : وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ ) رواه مسلم .
بوركت ولك تحياتي.
:011::002::011:

بهجت عبدالغني
29-11-2023, 08:58 AM
قال أبو بردة بن أبي موسى: وجِع أبو موسى "الأشعري" وجعاً فغشي عليه، ورأسه في حجر امرأة من أهله فصاحت امرأة من أهله، فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً، فلما أفاق قال: أنا بريء مما برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من الصّالقة، والحالقة، والشّاقّة.

الصّالقة: بالصاد وبالسين سالقة، وهما لغتان، وهي التي ترفع صوتها عند المصيبة.
والحالقة: هي التي تحلق شعرها عند المصيبة.
والشّاقّة: هي التي تشق ثوبها عند المصيبة.

بهجت عبدالغني
29-11-2023, 08:59 AM
عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتيت بالبُراق، وهو دابّة أبيض طويل فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرف، فركبته حتى أتيت بيت المقدس، فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء».

قال النووي: "وفي ربط البراق الأخذ بالاحتياط في الأمور وتعاطي الأسباب وأن ذلك لا يقدح في التوكل إذا كان الاعتماد على الله تعالى".

أقول: والحال معجزة وآية باهرة، ومع ذلك أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بالأسباب، فربط البُراق في حلقة بالحائط المبارك ولم يتركه.
فما بالنا نحن وقد استسلمنا للتواكل وتركنا الأسباب، وركضنا وراء الأماني!

بهجت عبدالغني
29-11-2023, 09:00 AM
في حديث الإسراء والمعراج:
«ثم عرج بنا إلى السماء، فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا».
فائدتان:
الأولى: أن في تصريح جبريل عليه السلام باسمه لمّا سئل: من أنت؟ بيان الأدب فيمن استأذن بدقّ الباب ونحوه فقيل له: من أنت؟ فينبغي أن يقول زيدٌ مثلاً، إذا كان اسمه زيداً، ولا يقول أنا، فقد جاء الحديث بالنهي عنه ولأنه لا فائدة فيه.
ففي صحيح البخاري: عن محمد بن المنكدر قال: سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في دَيْنٍ كان على أَبِي، فدققت الباب فقال: من ذا؟ فقلت أنا. فقال: أنا أنا، كأنه كرهها.
الثانية: أن مراد قول بوّاب السماء: وقد بعث إليه؟
هو: وقد بعث إليه للإسراء وصعود السماوات؟
وليس مراده الاستفهام عن أصل البعثة والرسالة، فإن ذلك لا يخفى عليه إلى هذه المدّة.

بهجت عبدالغني
23-12-2023, 02:37 PM
قال أبو حامد الغزالي في (البسيط في المذهب):
والضابط الشامل المعنوي في ضبط الكبيرة:
أنّ كلَّ معصية يقدم المرء عليها من غير استشعار خوفٍ وحذارِ ندمٍ، كالمتهاون بارتكابها والمتجرئ عليه اعتياداً، فما أشعر بهذا الاستخفاف والتهاون فهو كبيرة، وما يُحمل على فلتات النفس أو اللسان وفترة مراقبة التقوى ولا ينفك عن تَنَدُّمٍ، يمتزج به تنغيصُ التلذُّذ بالمعصية، فهذا لا يمنع العدالة، وليس هو بكبيرة.

بهجت عبدالغني
11-07-2024, 05:39 PM
في شرح الإمام النووي لهذه الأحاديث:
«مَنْ تَوَضَّأَ هَكَذَا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَكَانَتْ صَلَاتُهُ وَمَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ نَافِلَةً».
«الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ».
«الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الْكَبَائِرُ».
سأل:
وقد يقال إذا كفّر الوضوء فماذا تكفّر الصلاة، وإذا كفّرت الصلاة فماذا تكفّر الجمعات ورمضان؟
وكذلك صوم يوم عرفة كفّارة سنتين، ويوم عاشوراء كفّارة سنة، وإذا وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه.
وأجاب:
والجواب ما أجابه العلماء أن كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير، فإن وجد ما يكفّره من الصغائر كفّره، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتبت به حسنات ورفعت به درجات، وإن صادفت كبيرة أو كبائر ولم يصادف صغيرة رجونا أن يخفّف من الكبائر، والله أعلم.

بهجت عبدالغني
25-08-2024, 10:30 AM
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ، أو عَلَى أُمَّتِي، لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ".
وعن شريح بن هانئ قال: سألت عائشة: "بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ يَبْدَأُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ؟ قَالَتْ: بالسِّوَاكِ".

* أولاً: إن السِّواك يطلق على شيئين:
الأول: على الفعل، أي تنظيف الفم بالسواك.
الثاني: على الآلة التي يتسوك بها.
وجمع السواك سُوُكٌ ككتاب وكُتب، ويجوز أيضاً سُؤك بالهمز.
وأصله مأخوذ من ساك الشي سوكاً إذا دلّكه. وقيل من جاءت الإبل تَتَساوَكُ أي تتمايل هزالاً.
* ثانياً: إن السواك مستحب في جميع الأوقات، ولكنه في خمسة أوقات أشد استحباباً:
الأول: عند الصلاة سواء كان متطهراً بماء أو بتراب أو غير متطهر كمن لم يجد ماءً ولا تراباً.
الثاني: عند الوضوء.
الثالث: عند قراءة القرآن.
الرابع: عند الاستيقاظ من النوم.
الخامس: عند تغير الفم وتغيره، ويكون بأشياء منها ترك الأكل والشرب، ومنها أكل ما له رائحة كريهة، ومنها طول السكوت، ومنها كثرة الكلام.
* ثالثاً: يستحب أن يستاك بعود من أراك، وبأيّ شيء استاك مما يزيل التغير حصل السواك كالخرقة الخشنة والسعد والأشنان، و (معجون الأسنان).
ففي صحيح البخاري أن السواك "مطهرة للفم مرضاة للرب"، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

بهجت عبدالغني
25-08-2024, 10:33 AM
عن أنس بن مالك أن أعرابياً بال في المسجد، فقام إليه بعض القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دَعُوهُ وَلَا تُزْرِمُوهُ.
قال: فلما فرغ دعا بدلوٍ من ماء فصبّه عليه.
وفي رواية أخرى:
عن أنس بن مالك قال: بينما نحن في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي فقام يبول في المسجد، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَهْ مَهْ. قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تُزْرِمُوهُ دعوه. فتركوه حتى بال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له: إن هذه المساجد لا تصلح لشيء من هذا البول ولا القذر، إنما هي لذكر الله عزّ وجلّ والصلاة وقراءة القرآن، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فأمر رجلاً من القوم فجاء بدلو من ماء فَشَنَّهُ عليه.

* مَهْ مَهْ: هي كلمة زجر، ويقال : به به، بالباء أيضاً، قال العلماء: هو اسم مبني على السكون معناه: اسكت. قال صاحب المطالع: هي كلمة زجر، قيل: أصلها: ما هذا؟ ثم حذف تخفيفاً، وتقال مكررة: مه مه، وتقال فردة: مه، ومثله به به.
* لا تُزْرِمُوهُ: لا تقطعوه، والإزرام القطع.
* َشَنَّهُ: فصبّه.
وفي هذا الحديث:
* الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف ولا إيذاء إذا لم يأت بالمخالفة استخفافاً أو عناداً.
* وفيه: دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: دعوه.
قال العلماء: كان قوله صلى الله عليه وسلم: دعوه. لمصلحتين إحداهما: أنه لو قطع عليه بوله تضرر، وأصل التنجيس قد حصل فكان احتمال زيادته أولى من إيقاع الضرر به. والثانية: أن التنجيس قد حصل في جزء يسير من المسجد، فلو أقاموه في أثناء بوله لتنجّست ثيابه وبدنه ومواضع كثيرة من المسجد.

بهجت عبدالغني
25-08-2024, 10:34 AM
عن سليمان بن بُريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّـى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد، ومسح على خُفّيه، فقال له عمر: لقد صنعت اليوم شيئاً لم تكن تصنعه. قال: عمداً صنعته يا عمر.
في هذا الحديث:
جواز سؤال المفضول الفاضل عن بعض أعماله التي في ظاهرها مخالفة للعادة، لأنها قد تكون عن نسيان فيرجع عنها، وقد تكون تعمداً لمعنى خفي على المفضول فيستفيده.

بهجت عبدالغني
25-08-2024, 10:35 AM
عن شريح بن هانئ قال: أتيت عائشة رضي الله عنها أسألها عن المسح على الخُفين فقالت: عليك بابن أبي طالب فسلهُ، فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسألناه فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوماً وليلة للمقيم.
وفي رواية أخرى أن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: ائت علياً فإنه أعلم بذلك مني.
في هذا الحديث من الأدب ما قاله العلماء:
إنه يستحب للمحدّث وللمعلم والمفتي إذا طلب منه ما يعلمه عند أجلّ منه أن يرشد إليه، وإن لم يعرفه قال: اسأل عنه فلاناً.
وأنا أقول: لقد تجرّأ اليوم على الفتوى من ليس بأهلها، وإن ثقافة (لا أدري) مفقودة.
فتأمل جواب أمنا عائشة رضي الله عنه عندما سُألت عن مسألة كيف أحالتها إلى علي رضي الله عنه، وصرّحت بأنه أعلم منها في المسألة.
أما اليوم فترى القوم يفتون في كلّ شيء، ولقد قيل قديماً وصدق من قال: لو سكت من لا يدري، لقلّ الخلاف بين الخَلق، ولاستراح الناس.

بهجت عبدالغني
25-08-2024, 10:35 AM
فائدة لغوية:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان إحْدانا إذا كانت حائضاً أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأتزر بإزار، ثم يباشرها.
وفي رواية أخرى: وأيّكم يملك إربه كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يملك إربه.
* كان إحدانا: من غير تاء في كان، وهو صحيح، فقد حكى سيبويه في كتابه في باب ما جرى من الأسماء التي هي من الأفعال وما أشبهها من الصفات مجرى الفعل، قال: وقال بعض العرب: قال امرأة، فهكذا نقل الإمام هذه الصيغة أنه يجوز حذف التاء من فعل ما له فرج من غير فصل، وقد نقله أيضاً الإمام أبو الحسين بن خروف في شرح الجمل، وذكره آخرون.
ويجوز أن تكون (كان) هنا التي للشأن والقصة، أي كان الأمر أو الحال، ثم ابتدأت فقالت: إحدانا إذا كانت حائضاً أمرها.
* الإِرْبَةُ والإِرْبُ: الحاجة، وهي هنا شهوة الجماع، والمقصود: أيّكم يملك شهوته كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك.

بهجت عبدالغني
25-08-2024, 10:37 AM
عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها، قَالَتْ: جَاءَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ رضي الله عنها إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللّهِ، إِنَّ الله لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ فَهَلْ على المرأة مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: "نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ الْمَاءَ". فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ رضي الله عنها: يَا رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم وَتَحْتَلِمُ الْمَرْأَةُ؟ فَقَالَ: "تَرِبَتْ يَدَاكِ، فَبِمَ يُشْبِهُهَا وَلَدُهَا".

(إن الله لا يستحي من الحق). قال العلماء معناه لا يمتنع من بيان الحق وضرب المثل بالبعوضة وشبهها، كما قال سبحانه وتعالى: «إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا»، فكذا أنا لا أمتنع من سؤالي عما أنا محتاجة إليه.
وقيل معناه: أن الله لا يأمر بالحياء في الحق ولا يبيحه، وإنما قالت هذا اعتذاراً بين يدي سؤالها عما دعت الحاجة إليه مما تستحي النساء في العادة من السؤال عنه وذكره بحضرة الرجال.
ففيه أنه ينبغي لمن عرضت له مسألة أن يسأل عنها ولا يمتنع من السؤال حياء من ذكرها، فان ذلك ليس بحياء حقيقي، لأن الحياء خير كله، والحياء لا يأتي إلا بخير، والامساك عن السؤال في هذه الحال ليس بخير بل هو شر.
وقد قالت عائشة رضي الله عنها: نِعْمَ النساء نساء الأنصار لم يمنعهنّ الحياء أن يتفقهن في الدين.

ناديه محمد الجابي
25-08-2024, 01:07 PM
كان الإمام النووي مهيبا، وقليل الضحك، وعديم اللعب، وكان يقول الحق وإن كان مرا،
وهو لا يخاف في الله لومة لائم، وكان الزهد والورع والتقى أهم ملامح شخصيته؛
حيث أجمع أصحاب كتب التراجم على أنه كان شيخا في الزهد، وقدوة في الورع،
عديم النظير في مناصحة الحكام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛
وكان رحمه الله لا يأكل في اليوم والليلة إلا أكلة واحدة بعد العشاء الآخرة،
وكان لا يأخذ من أحد شيئا، وكان كثيرا ما يكاتب الأمراء والوزراء،
وينصحهم لما فيه خير البلاد والعباد.

لما بلغ نعي الإمام النووي إلى دمشق ارتجت هي وما حولها بالبكاء،
وتأسف عليه المسلمون أسفا شديدا، وتوجه قاضي القضاة عز الدين محمد
بن الصائغ وجماعة من أصحابه إلى نوى للصلاة عليه في قبره
رحمه الله رحمة واسعة.
وبوركت على ما أتحفتنا به من فوائد رائعة
وصل الله على سيدما محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
:tree::os::tree:

بهجت عبدالغني
24-09-2024, 07:26 PM
عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ: تَمَارَوْا فِي الْغُسْلِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أَغْسِلُ رَأْسِي كَذَا وَكَذَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُفِيضُ عَلَى رَأْسِي ثَلَاثَ أَكُفٍّ".
قوله: (تماروا في الغسل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم)، ‏أي: تنازعوا فيه، فقال بعضهم: صفته كذا، وقال آخرون: كذا.
وفيه جواز المناظرة والمباحثة في العلم.
وفيه جواز مناظرة المفضولين بحضرة الفاضل، ومناظرة الأصحاب بحضرة إمامهم وكبيرهم.

بهجت عبدالغني
29-11-2024, 04:23 PM
شُكِيَ إِلَى النَّبِيِّ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّجُلُ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهُ يَجِدُ الشَّيْءَ فِي الصَّلَاةِ. قَالَ: "لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا أَوْ يَجِدَ رِيحًا".
هذا الحديث أصل من أصول الإسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الفقه، وهي أن الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقّن خلاف ذلك، ولا يضرّ الشك الطارئ عليها.

بهجت عبدالغني
29-11-2024, 04:24 PM
عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَوَاتِ وَلَيْسَ يُنَادِي بِهَا أَحَدٌ، فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمُ: اتَّخِذُوا نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: قَرْنًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ. فَقَالَ عُمَرُ: أَوَلَا تَبْعَثُونَ رَجُلًا يُنَادِي بِالصَّلَاةِ؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا بِلَالُ، قُمْ فَنَادِ بِالصَّلَاةِ".
في هذا الحديث فوائد منها:
* منقبة عظيمة لعمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه في إصابته الصواب.
* وفيه التشاور في الأمور لا سيما المهمة وذلك مستحب في حق الأمة بإجماع العلماء.
* وأما السبب في تخصيص بلال رضي الله عنه بالنداء والإعلام فقد جاء مبيناً في سنن أبي داود والترمذي وغيرهما في الحديث الصحيح، حديث عبدالله بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: "ألقه على بلال فإنه أندى صوتاً منك".
قيل معناه أرفع صوتاً، وقيل أطيب.
فيؤخذ منه استحباب كون المؤذن رفيع الصوت وحسنه، وهذا متفق عليه.
قال أصحابنا: فلو وجدنا مؤذناً حسن الصوت يطلب على أذانه رزقاً، وآخر يتبرع بالأذان لكنه غير حسن الصوت، فأيّهما يؤخذ؟
فيه وجهان أصحهما: يرزق حسن الصوت.
* ذكر العلماء في حكمة الأذان أربعة أشياء:
إظهار شعار الإسلام وكلمة التوحيد، والإعلام بدخول وقت الصلاة وبمكانها، والدعاء إلى الجماعة.

بهجت عبدالغني
29-11-2024, 04:26 PM
«فائدة حديثية»
قول الصحابي أمرنا بكذا ونهينا عن كذا أو أمر الناس بكذا ونحوه، فكلّه مرفوع - أي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -، سواء قال الصحابي ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بعد وفاته.

بهجت عبدالغني
29-11-2024, 04:52 PM
إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال أحدكم: الله أكبر الله أكبر إلى آخره، من قلبه دخل الجنة، إنما كان كذلك لأن ذلك توحيد، وثناء على الله تعالى، وانقياد لطاعته وتفويض إليه لقوله لا حول ولا قوة إلا بالله، فمن حصل هذا فقد حاز حقيقة الإيمان وكمال الإسلام، واستحق الجنة بفضل الله تعالى، وهذا معنى قوله في الرواية الأخرى: "رضيت بالله رباً، وبمحمد رسولاً، وبالإسلام ديناً".
واعلم أن الأذان كلمة جامعة لعقيدة الإيمان مشتملة على نوعيه من العقليات والسمعيات:
* فأوله إثبات الذات وما يستحقه من الكمال والتنزيه عن أضدادها، وذلك بقوله: (الله أكبر)، وهذه اللفظة مع اختصار لفظها دالة على ما ذكرناه.
* ثم صرح بإثبات الوحدانية ونفي ضدها من الشركة المستحيلة في حقه سبحانه وتعالى، وهذه عمدة الإيمان والتوحيد المقدمة على كل وظائف الدين.
* ثم صرح بإثبات النبوة والشهادة بالرسالة لنبينا صلى الله عليه وسلم، وهي قاعدة عظيمة بعد الشهادة بالوحدانية، وموضعها بعد التوحيد؛ لأنها من باب الأفعال الجائزة الوقوع، وتلك المقدمات من باب الواجبات، وبعد هذه القواعد كملت العقائد العقليات فيما يجب ويستحيل ويجوز في حقه سبحانه وتعالى.
* ثم دعا إلى ما دعاهم إليه من العبادات فدعاهم إلى الصلاة وعقبها بعد إثبات النبوة، لأن معرفة وجوبها من جهة النبي صلى الله عليه وسلم لا من جهة العقل.
* ثم دعا إلى الفلاح وهو الفوز والبقاء في النعيم المقيم، وفيه إشعار بأمور الآخرة من البعث والجزاء ، وهي آخر تراجم عقائد الإسلام.
* ثم كرر ذلك بإقامة الصلاة للإعلام بالشروع فيها، وهو متضمن لتأكيد الإيمان وتكرار ذكره عند الشروع في العبادة بالقلب واللسان، وليدخل المصلي فيها على بينة من أمره وبصيرة من إيمانه، ويستشعر عظيم ما دخل فيه وعظمة حق من يعبده، وجزيل ثوابه.

بهجت عبدالغني
29-11-2024, 04:54 PM
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلَامُ، فَإِذَا قَعَدَ أَحَدُكُمْ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَقُلِ: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. فَإِذَا قَالَهَا: أَصَابَتْ كُلَّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ. أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. ثُمَّ يَتَخَيَّرُ مِنَ الْمَسْأَلَةِ مَا شَاءَ".
* لفظة التشهد سمّيت بذلك للنطق بالشهادة بالوحدانية والرسالة.
* قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله هو السلام)، معناه أن السلام اسم من أسماء الله تعالى، ومعناه السالم من النقائص وسمات الحدوث ومن الشريك والند.
وقيل المُسَلِّمُ أولياءه، وقيل المُسَلِّمُ عليهم.
* وأما التحيات فجمع تحية وهي المِلْكُ، وقيل البقاء، وقيل العظمة، وقيل الحياة، وإنما قيل التحيات بالجمع لأن ملوك العرب كان كل واحد منهم تحييه أصحابه بتحية مخصوصة فقيل جميع تحياتهم لله تعالى وهو المستحق لذلك حقيقة.
* والمباركات والزاكيات في حديث عمر رضي الله عنه بمعنى واحد، والبركة كثرة الخير وقيل النماء، وكذا الزكاة أصلها النماء.
* والصلوات هي الصلوات المعروفة، وقيل الدعوات والتضرع، وقيل الرحمة أي الله المتفضل بها.
* والطيبات أي الكلمات الطيبات.
* ومعنى الحديث أن التحيات وما بعدها مستحقة لله تعالى ولا تصلح حقيقتها لغيره.
وقوله: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)، وقوله في آخر الصلاة: (السلام عليكم)، فقيل معناه التعويذ بالله والتحصين به سبحانه وتعالى، فإن السلام اسم له سبحانه وتعالى تقديره الله عليكم حفيظ وكفيل، كما يقال الله معك أي بالحفظ والمعونة واللطف، وقيل معناه السلامة والنجاة لكم، ويكون مصدراً اللَّذَاذَةِ وَاللَّذَاذِ، كما قال الله تعالى:(فَسَلامٌ لكَ مِنْ أصْحابِ اليَميْن).

بهجت عبدالغني
29-11-2024, 04:55 PM
عَنْ أبي مَسْعُودٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ : "اسْتَوُوا، وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ، لِيَلِنِي مِنْكُمْ أُولُو الْأَحْلَامِ وَالنُّهَى، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ".
* أولو الأحلام هم العقلاء، وقيل البالغون، والنهي بضم النون العقول، فعلى قول من يقول أولو الأحلام العقلاء يكون اللفظان بمعنى فلما اختلف اللفظ عطف أحدهما على الآخر تأكيداً، وعلى الثاني معناه البالغون العقلاء.
قال أهل اللغة واحدة النهى نهية بضم النون وهي العقل ورجل نه ونهي من قوم نهين وسمي العقل نهية لأنه ينتهي إلى ما أمر به ولا يتجاوز وقيل لأنه ينهى عن القبائح.
والنهي في اللغة معناه الثبات والحبس، ومنه النِّهَى وَالنَّهَى بكسر النون وفتحها، وَالنُّهْيَةُ للمكان الذي ينتهي إليه الماء فيستنقع، فالنهية هي التي تنهى وتحبس عن القبائح.
* في هذا الحديث تقديم الأفضل فالأفضل إلى الإمام:
» لأنه أولى بالإكرام.
» ولأنه ربما احتاج الإمام إلى استخلاف فيكون هو أولى.
» ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له غيره.
» وليضبطوا صفة الصلاة ويحفظوها وينقلوها ويعلموها الناس.
» وليقتدي بأفعالهم من وراءهم.
* ولا يختص هذا التقديم بالصلاة، بل السنة أن يقدم أهل الفضل في كل مجمع إلى الإمام وكبير المجلس، كمجالس العلم والقضاء والذكر والمشاورة ومواقف القتال وإمامة الصلاة والتدريس والإفتاء وإسماع الحديث ونحوها، ويكون الناس فيها على مراتبهم في العلم والدين والعقل والشرف والسن والكفاءة.
* وفيه تسوية الصفوف واعتناء الإمام بها والحثّ عليها.

بهجت عبدالغني
29-11-2024, 05:25 PM
عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ زَيْنَبَ الثَّقَفِيَّةَ كَانَتْ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْعِشَاءَ فَلَا تَطَيَّبْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ".
عَنْ بُسْرِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِاللَّهِ قَالَتْ: قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا".
معناه إذا أرادت شهودها -أي شهود المرأة صلاة العشاء-، أما من شهدها ثم عادت إلى بيتها فلا تمنع من التطيّب بعد ذلك.
قلتُ:
وهذا الأمر قد عمّت به الفتنة، وإن كان هذا في ظلام الليل والمرأة ذاهبة إلى المسجد للصلاة، فكيف بمن تتعطّر وتضع المكياج وتلبس ما يثير الرجال، وتخرج إلى المدارس والجامعات والأسواق؟!
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية".
قال ابن حجر في (فتح الباري): "قال ابن دقيق العيد: ويلحق بالطيب ما في معناه، لأن سبب المنع منه ما فيه من تحريك داعية الشهوة كحسن الملبس والحلي الذي يظهر والزينة الفاخرة وكذا الاختلاط بالرجال".
وقال محمد ناصر الدين الألباني في (جلباب المرأة): "فإذا كان ذلك حراماً -أي التعطر- على مريدة المسجد فماذا يكون الحكم على مريدة السوق والأزقة والشوارع؟ لا شك أنه أشد حرمة وأكبر إثماً".

بهجت عبدالغني
29-11-2024, 05:26 PM
عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ}، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَالِجُ مِنَ التَّنْزِيلِ شِدَّةً؛ كَانَ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ. فَقَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحَرِّكُهُمَا. فَقَالَ سَعِيدٌ: أَنَا أُحَرِّكُهُمَا كَمَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَرِّكُهُمَا. فَحَرَّكَ شَفَتَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: {لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ} {إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ} قَالَ: جَمْعَهُ فِي صَدْرِكَ ثُمَّ تَقْرَؤُهُ، {فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ} قَالَ: فَاسْتَمِعْ وَأَنْصِتْ، {ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا} أَنْ تَقْرَأَهُ. قَالَ: فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ جِبْرِيلُ اسْتَمَعَ، فَإِذَا انْطَلَقَ جِبْرِيلُ قَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا أَقْرَأَهُ.
قوله: (فاستمع له وأنصت)
* الاستماع الإصغاء له.
* والإنصات السكوت.
فقد يستمع ولا ينصت، فلهذا جمع بينهما كما قال الله تعالى: (فاستمعوا له وأنصتوا).
قال الأزهري: يقال أنصت ونصت وانتصت، ثلاث لغات، أفصحهن أنصت، وبها جاء القرآن العزيز.

بهجت عبدالغني
21-03-2025, 08:05 PM
قوله صلى الله عليه وسلم: (فإذا كبر فكبروا) ‏فيه أمر المأموم بأن يكون تكبيره عقب تكبير الإمام، ويتضمن مسألتين:
إحداهما: أن لا يكبر قبله ولا معه، بل بعده، فلو شرع المأموم في تكبيرة الإحرام ناوياً الاقتداء بالإمام وقد بقي للإمام منها حرف لم يصح إحرام المأموم بلا خلاف، لأنه نوى الاقتداء بمن لم يصر إماماً بل بمن سيصير إماماً إذا فرغ من التكبير.
والثانية: أنه يستحب كون تكبيرة المأموم عقب تكبيرة الإمام ولا يتأخر، فلو تأخر جاز، وفاته كمال فضيلة تعجيل التكبير.

تعليق مهم على النقطة الأولى كما جاء في (الموسوعة الفقهية الكويتية):
إن تقدّم المأموم إمامه في تكبيرة الإحرام لم يصحّ الاقتداء أصلاً، لعدم صحّة البناء، وهذا باتّفاق المذاهب .
وجمهور الفقهاء (المالكيّة والشّافعيّة والحنابلة، وهو رواية عن أبي يوسف من الحنفيّة) على أنّ مقارنة المأموم للإمام في تكبيرة الإحرام تضرّ بالاقتداء وتبطل صلاة المقتدي، عمداً كان أو سهواً، لحديث: « إنّما جعل الإمام ليؤتمّ به، فلا تختلفوا عليه، فإذا كبّر فكبّروا، وإذا ركع فاركعوا».
لكن المالكيّة قالوا: إن سبقه الإمام ولو بحرفٍ صحّت، إن ختم المقتدي معه أو بعده، لا قبله.
واشترط الشّافعيّة، وهو المفهوم من كلام الحنابلة، تأخّر جميع تكبيرة المقتدي عن تكبيرة الإمام.
ولا تضرّ مقارنة تكبيرة المقتدي لتكبير الإمام عند أبي حنيفة. انتهى.
أقول: إذن فلينتبه المأموم على هذه النقطة المهمة، وعليه أن يكبّر تكبيرة الإحرام بعد أن ينتهي الإمام من التكبير انتهاءً كاملاً.