تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أنا مع الإرهاب . نزار قباني .



معاذ الديري
23-10-2005, 07:15 AM
أنا مع الإرهاب
نزار قباني
...
متهمون نحن بالارهاب ...
إن نحن دافعنا عن الوردة ... والمرأة ...
والقصيدة العصماء ...
وزرقة السماء ...
عن وطن لم يبق في أرجائه ...
ماء ... ولاهواء ...
لم تبق فيه خيمة ... أو ناقة ...
أو قهوة سوداء ...
متهمون نحن بالارهاب ...
ان نحن دافعنا بكل جرأة
عن شعر بلقيس ..
وعن شفاه ميسون ...
وعن هند ... وعن دعد ...
وعن لبنى ... وعن رباب ...
عن مطر الكحل الذى
ينزل كالوحى من الأهداب !!


لن تجدوا فى حوزتى
قصيدة سرية ...
أو لغة سرية ...
أو كتبا سرية أسجنها فى داخل الأبواب
وليس عندى أبدا قصيدة واحدة ...
تسير فى الشارع .. وهى ترتدى الحجاب

متهمون نحن بالارهاب ...
اذا كتبنا عن بقايا وطن ...
مخلع .. مفكك مهترئ
أشلاؤه تناثرت أشلاء ...
عن وطن يبحث عن عنوانه ...
وأمةٍ ليس لها أسماء !
عن وطن .. لم يبق من أشعاره العظيمة الأولى
سوى قصائد الخنساء !!
عن وطن لم يبق فى افاقه
حرية حمراء .. أو زرقاء .. أو صفراء ..
عن وطن .. يمنعنا أن نشترى الجريدة
أو نسمع الأنباء ...
عن وطن كل العصافير به
ممنوعة دوما من الغناء ...
عن وطن ...
كتّابُه تعودوا أن يكتبوا ...
من شدة الرعب ..
على الهواء !!
عن وطن ..
يشبه حال الشعر فى بلادنا
فهو كلام سائب ...
مرتجل ...
مستورد ...
وأعجمى الوجه واللسان ...
فما له بداية ...
ولا له نهاية
ولا له علاقة بالناس ... أو بالأرض ..
أو بمأزق الانسان !!
عن وطن ...
يمشى الى مفاوضات السلم ..
دونما كرامة ...
ودونما حذاء !!!
عن وطن ...
رجاله بالوا على أنفسهم خوفا ...
ولم يبق سوى النساء !!

الملح فى عيوننا ..
والملح .. فى شفاهنا ...
والملح .. فى كلامنا
فهل يكون القحط في نفوسنا ...
ارثا أتانا من بنى قحطان ؟؟
لم يبق فى أمتنا معاوية ...
ولا أبوسفيان ...
لم يبق من يقول (لا) ...
فى وجه من تنازلوا
عن بيتنا ... وخبزنا ... وزيتنا ...
وحولوا تاريخنا الزاهى ...
الى دكان !!...
لم يبق فى حياتنا قصيدة ...
ما فقدت عفافها ...
فى مضجع السلطان !!
لقد تعودنا على هواننا ...
ماذا من الانسان يبقى ...
حين يعتاد على الهوان؟؟
ابحث فى دفاتر التاريخ ...
عن أسامة بن منقذ ...
وعقبة بن نافع ...
عن عمر ... عن حمزة ...
عن خالد يزحف نحو الشام ...
أبحث عن معتصم بالله ...
حتى ينقذ النساء من وحشية السبى ...
ومن ألسنة النيران !!
أبحث عن رجال أخر الزمان ..
فلا أرى فى الليل الا قططا مذعورة ...
تخشى على أرواحها ...
من سلطة الفئران !!...
هل العمى القومى ... قد أصابنا؟
أم نحن نشكو من عمى الألوان ؟؟

متهمون نحن بالارهاب ...
اذا رفضنا موتنا ...
بجرافات اسرائيل ...
تنكش فى ترابنا ...
تنكش فى تاريخنا ...
تنكش فى انجيلنا ...
تنكش فى قرآننا! ...
تنكش فى تراب أنبيائنا ...
ان كان هذا ذنبنا
ما أجمل الارهاب ...

متهمون نحن بالارهاب ...
... اذا رفضنا محونا
على يد المغول .. واليهود .. والبرابرة ...
اذا رمينا حجرا ...
على زجاج مجلس الأمن الذى
استولى عليه قيصر القياصرة ...


.... متهمون نحن بالارهاب
.. اذا رفضنا أن نفاوض الذئب
.. وأن نمد كفنا ل..
أميركا ...
ضد ثقافات البشر ..
وهى بلا ثقافة ...
ضد حضارات الحضر ...
وهى بلا حضارة ..
أميركا ..
بناية عملاقة
ليس لها حيطان ...

متهمون نحن بالارهاب
اذا رفضنا زمنا
صارت به أميركا
المغرورة ... الغنية ... القوية
مترجما محلفا ...
للغة العبرية ...


... متهمون نحن بالارهاب
اذا رمينا وردة ..
للقدس ..
للخليل ..
أو لغزة ..
والناصرة ..
اذا حملنا الخبز والماء
الى طروادة المحاصرة

متهمون نحن بالارهاب
اذا رفعنا صوتنا
ضد الشعوبيين من قادتنا
وكل من غيروا سروجهم
وانتقلوا من وحدويين الى سماسرة

متهمون نحن بالارهاب
اذا اقترفنا مهنة الثقافة
اذا قرأنا كتابا في الفقه والسياسة
اذا ذكرنا ربنا تعالى
اذا تلونا ( سورة الفتح)
وأصغينا الى خطبة الجمعة
فنحن ضالعون في الارهاب

متهمون نحن بالارهاب
ان نحن دافعنا عن الارض
وعن كرامــــــة التــراب
اذا تمردنا على اغتصاب الشعب ..
واغتصابنا ...
اذا حمينا آخر النخيل فى صحرائنا ...
وآخر النجوم فى سمائنا ...
وآخر الحروف فى اسمآئنا ...
وآخر الحليب فى أثداء أمهاتنا ..
..... ان كان هذا ذنبنا
ما اروع الارهــــــــاب!!

أنا مع الإرهاب...
ان كان يستطيع أن ينقذنى
من المهاجرين من روسيا ..
ورومانيا، وهنغاريا، وبولونيا ..
وحطوا فى فلسطين على أكتافنا ...
ليسرقوا مآذن القدس ...
وباب المسجد الأقصى ...
ويسرقوا النقوش .. والقباب ...
أنا مع الارهاب ..
ان كان يستطيع أن يحرر المسيح ..
ومريم العذراء .. والمدينة المقدسة ..
من سفراء الموت والخراب ..

بالأمس
كان الشارع القومى فى بلادنا
يصهل كالحصان ...
وكانت الساحات أنهارا تفيض عنفوان ...
... وبعد أوسلو
لم يعد فى فمنا أسنان ...
فهل تحولنا الى شعب من العميان والخرسان؟؟

أنا مع الارهاب ..
إن كان يستطيع ان يحرر الشعب
من الطغاة والطغيان
وينقذ الانسان من وحشية الانسان

أنا مع الإرهاب
ان كان يستطيع ان ينقذني
من قيصر اليهود
او من قيصر الرومان

أنا مع الإرهاب
ما دام هذا العالم الجديد ..
مقتسما ما بين أمريكا .. واسرائيل ..
بالمناصفة !!!

أنا مع الإرهاب
بكل ما املك من شعر ومن نثر ومن انياب
ما دام هذا العالم الجديـــد
!! بيـن يدي قصــــــاب

أنا مع الإرهاب
ما دام هذا العالم الجديد
قد صنفنا
من فئة الذئاب !!

أنا مع الإرهاب
ان كان مجلس الشيوخ في أميركا
هو الذى فى يده الحساب ...
وهو الذي يقرر الثواب والعقـــــــاب

أنا مع الإرهاب
مادام هذا العـالم الجديد
يكــــره في أعمـاقه
رائحــة الأعــراب

أنا مع الإرهاب
مادام هذا العالم الجديد
يريد ذبح أطفالي
ويرميهم للكلاب

من أجل هذا كله
أرفــــع صوتـي عاليا
أنا مع الإرهاب
أنا مع الإرهاب
أنا مع الإرهاب
...

عدنان أحمد البحيصي
23-10-2005, 09:05 AM
أخي معاذ
أراك هنا جئت بقصيدة تستحق الوقوف عندها

هي قصيدة لرجل كثير من الناس لا يعرفون عنه سوى أنه شاعر المرأة

وما عرفوا أنه شاعر الوطن أيضاً

ورغم تحفظاتي عليه وعلى ما يكتب

إلا أنني أحترم إرهابه



شكراً لك أخي معاذ

معاذ الديري
25-10-2005, 06:34 PM
شكرا لحضورك وتعليقك الذي يدل على وعيك ..

غالبا من ينتشر عن المرء ما يحب الناس .. وهم باغلبهم نسونجيون ان صح التعبير...
اما الوطنيون قليل , ولذا فشعر نزار الوطني ( وهو اكثر من اي نوع اخر في شعره ) لا يصل رغم شهرته الى شهرة شعره في المرأة ..

تحيات ارهابية .

عبلة محمد زقزوق
25-10-2005, 09:54 PM
لا عن خوف من إرهاب

.................. ولا خوف من جحافل الطغيان

الصمت حليفي الأن رهبة لقدسية تلك العبارات

تحياتي أ / عاقد الحاجبين

معاذ الديري
26-10-2005, 03:56 AM
شكرا لك سيدتي الفاضلة ..
لعلي انشر فيما بعد قصيدة لاحمد مطر حول ذات الشأن .

تحيات مقدسة .

عطية العمري
26-10-2005, 09:38 AM
أخي معاذ
أحسنت الاختيار
وأحسن الشاعر الكبير نزار قباني ( برغم تحفظاتنا على كثير من شعره ) في تصوير الواقع المؤلم ،
وهناك ما هو آلَمُ من ذلك ، وهو أن ينظر بنو جلدتنا إلى الواقع بعيون أمريكية أو صهيونية
ولكن أخي معاذ
ألا ترى أن التركيز على النواحي السلبية فقط في واقعنا السيء يزيد من الإحباط ويجعل المرء يعتقد أنه لا فكاك من هذا الوضع المؤلم ؟
ألا ترى أن الشاعر الكبير كان حريٌّ به أن يضعنا في نهاية قصيدته على بداية الطريق الصحيح للتخلص من هذا الوضع المزري ؟ فأن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام ، وكما قال رسولنا الكريم :" الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة " ويقول تعالى على لسان يعقوب عليه السلام " " ولا تيأسوا من روح الله ، إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون "
مع كل الاحترام والتقدير

معاذ الديري
29-10-2005, 09:01 AM
استاذي المفضال :
رغم حرصي الا ينقلب الحوار في كل مرة يذكر فيها نزار الى جدل شخصي عن شخصيته الا انني ساجيب تساؤلك الكريم بقولي ان مهمة الشاعر مهمة فنان يحترف التصوير :
لو نظرت الى بعض صور الحرب لرأيت من الصور ماهو مؤلم حد الفظاعة , ولكنها في ذات الوقت معبرة تغني عن كتاب . وتجسد تارخ مرحلة.
الشاعر او بعض الشعر يكون هكذا : لقطة اصطادها او حالة وصفها كما هي دون ان يتدخل بها او يضيف او يحذف منها . وليس مهمته ان يصححها او حتى يبدي رأيه فيها .
كما ان لفت النظر الى مواطن الضعف يعتبر بحد ذاته بداية القوة .
وحتى لو اكتفى بالتعبير عن رأيه تجاه قضية ما وعبر عن شعزر الملايين كماهو الان لافاد واجاد . واتساءل ماذا يمكنه ان يقول لو عاش هذه الايام ؟!
اعلم ان بعض الشعراء او بعض شعرهم فيه من التوجيه والخطابة واحيانا يتحول الشاعر الى مصلح اجتماعي لكن نزار ليس من نوعية هؤلاء .انه كموزع الجرائد الذي يقذف اليك بريدك ويمضي ..
ولا غضاضة في هذا التنوع . لكنني شخصيا لا احب شعر النصيحة او شعر التلقين . افضل الشاعر الذي يعطي توصيف حالة من حيث يراها دون تدخل في قناعاتي .. او فرض رأيه .

تقبل امنياتي .. وكل عام وانت بخير .

عطية العمري
29-10-2005, 10:09 AM
أخي معاذ
بارك الله فيك
وأنا معك على طول الخط فيما قلته آنفاً
وأنا لم أكن أقصد إثارة نقاش حول نزار قباني
إنما أردتُ أن أبين مدى إعجابي بهذه القصيدة بالرغم من تحفظي على قصائد أخرى
وهذا لعمري منتهى الإنصاف وهو أن لا تحكم على شخصٍ ما حكماً كلياً
فكل إنسان له مزاياه وله عيوبه وعليك أن تبين هذه وتلك
كما أن الاختلاف في موضوعٍ ما ، لايفسد للود قضية
دمت بألف خير

عطية العمري
29-10-2005, 10:15 AM
أخي معاذ
بارك الله فيك
وأنا معك على طول الخط فيما قلته آنفاً
وأنا لم أكن أقصد إثارة نقاش حول نزار قباني
إنما أردتُ أن أبين مدى إعجابي بهذه القصيدة بالرغم من تحفظي على قصائد أخرى
وهذا لعمري منتهى الإنصاف وهو أن لا تحكم على شخصٍ ما حكماً كلياً
فكل إنسان له مزاياه وله عيوبه وعليك أن تبين هذه وتلك
كما أن الاختلاف في موضوعٍ ما ، لايفسد للود قضية
دمت بألف خير

معاذ الديري
01-11-2005, 09:18 AM
كل الود لكم سيدي .
الاختلاف ظاهرة صحية ..
سعدت ايامكم .

د. سلطان الحريري
02-11-2005, 12:00 AM
كنت قد وعدتك يوما أن نلتقي على مشارف عالم هذا الكبير ، وهأنذا آتي على استحياء ، وما ذلك إلا لأنني لم أر موضوعك إلا هذه اللحظة ، وكنت قد رافقت نزارا في الأيام الماضية قارئا ومتذوقا..
اختيار القصيدة جاء ليعيد إلى الأذهان أن الجماهير العريضة تؤيد أبجدية نزار التي تحمل أوجاع الأمة ، وتبعات الدماء المسفوحة على هوامشه، وملامح الشرخ العميق الذي تحدثه آلام هذه الأمة في ضمير الإنسان العربي.
عندما أقرأ نزارا أحس به وهو يفكر بأمته بمعيارها السليم، كما يحسها الملايين من شعبنا المهزوم داخيلا وخارجيا؛ فكأني به يعبر بلسان هؤلاء..
ما أروعه وهو يصوغ الفكرة بعمق ، في تعابير رشيقة ، مشحونة بعاطفة حارة تتماوج لغتها طاقات التعبير ..
سنلتقي مرة أخرى يا معاذ في موضوع خاص عنه ، وإلى ذلك الوقت أتوجه إليك بالشكر على اختيارك لهذه القصيدة، وكل عام وأنت بخير

معاذ الديري
02-11-2005, 09:57 AM
شكرا لك سيدي الفاضل .
كل عام وانتم بخير.