تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الطائر الذي لم يكلمني



إبراهيم القهوايجي
26-10-2005, 01:41 AM
قبل أن تبزغ في سمائي نجما

كنت أرقبه..

توقد في فجيعة الانتظار،

والموت يتنزه قربي ،

يتحرش بالبرعم

الذي نام في فراش اليأس..،

ومرات بالمارين من الفقراء،

ومرة بالأغنياء..

قبل أن يزهر برعم الدم فيك

تصعد من تفاصيل الغياب

ريحا تتسكع في ذاكرة اليباب.

قبل أن تطويك الريح

يأتيني الحزن منتشيا

بذاكرة الزهرة المغتالة

على مداخل الربـاط ،

لكن ، وأنا أرقبك

أموت..

محلقا في مشفى عزلتي

أجمع ما تساقط من حزني

في مياه حياتي

******

جمعت أسرارك

ثم خبأتها في المشفى ،

وأنا خلفك في الليل

أرمي شباك النظر

ثم أطعم أفكاري للغيم

الجاثم على صدري..

وأنت تتهيأ لأكل الطين.

كان التراب واقفا..

أمام مدخل المارستان

يرتب أغنية الرحيل،

ويروض عرش الغياب..

وأنا عار

كنخلة تنتحب في الصحراء ،

وعند جذعها تناوحت

فراشات

وعصافير

وخرائب الأفق..


******

في أول مسعى إليك

خطوت..

حين رأيتك تبتهل للموت العاجل

هرعت إليك،

وأنت محاصر

بالهواء البخيل على رئتيك..

بكيت ليل وحدتي ،

ليل المشفى والمدينة

المحاصر بأشباح الموتى

في كل مكان..

وبعد هنيهة

قال صوت :

الطائر الذي لم يكلمني

طار إلى جنة الأعالي


******


هجعت بين أغاريد الأصيل

وزغاريد العويل

بعدما غطيتك بنبضي

وزهر الياسمين،

وأنت ترتدي ملابس الخريف

كفنا ،

وتمضي باتجاه الثلث الخالي

لتؤسس عرشك مع التراب..

أنت في قبرك تنام

وأنا في رمادك أتألم.

يصحبني ألمي

فأنجب مسافات للغربة،

وأمك ترتب تجاعيد حزنها

في المرآة ،

وتفتح في القلب مواجع للذكرى ،

تتجلى في عيونها الذابلة

وشفاهها اليابسة،

تذبح الكلمات

مثل ليلها.

لم تحتس من نهر البراءة

رشفة..

ومن مقبرة الأيام

ترمي للريح بقاياك،

وأنا ما بين أرصفة الشوارع

ودخان المقاهي

أحتسي موتي

الممزوج بعصير الحزن،

وأقواس السحاب

تنثر فوقي

سقفا من الغبار

والنار.


******

كان عرسك

ترابا وحجرا،

وميلادك

حفلا رتلت فيه أوجاعي،

والشمس تخلع عباءتها

والقمر الساهم

يحفر في أعماقي

بئرا من الأوجاع

حزنا على

طائر لم يكلمني

وطار إلى جنة الأعالي.

تبيت ذكراك ترحل

بين باحة المشفى

وزحمة المقبرة

دونما جدوى

حتى تتلاشى في أفق الرؤيا.

بين قلبك والمدينة

تقرأ الريح سلامها

وتكتب حكايا الغيب..

وأنا أقرأ على روحك

سورة الحمد

ودعاء العابرين إلى منفاهم..

هي ذي الحياة

صرخة يتناسل

من جمالها الموت

مساحة للحب

على نعش الحزن..



إبراهيم القهوايجي – مكناس / سبع عيون في 11/10/2005

أسماء حرمة الله
26-10-2005, 11:03 PM
سلام الله عليك ورحمته وبركاته

تحية مخضّبة بالآس والرّنْد

الأخ المبدع ابراهيم القهوايجي،

ماأقسى أغاني الحزن التي غناها نصك الرقيق، وكأنني ألفيْتُ فصلَ الوجع مورقاً هنا، وألفيتُ كل بساتينه مثمرةً حزناً قد أغمضَ عينيه ليغمضَ معهما شمسَ النهار وشمسَ الأفق الأخضر، هذا الحزنُ المخضرّ الذي برعت في تصويره، أنحني له احتراما وإعجاباً ..
وهذه بعض اللوحاتِ التي راقت لي كثيرا ، لوحات تتحدّث بِلسانِ الوجع والاحتراق والفكر المعذَّب عن ألمٍ أبدعتَ في تصويره إبداعاً فاقَ الوصف:
....................
"الموت يتنزه قربي
يأتيني الحزن منتشيا
بذاكرة الزهرة المغتالة
لكني وأنا أرقبُك
أموت..
محلقا في مشفى عزلتي
أجمع ما تساقط من حزني
............
ثم أطعم أفكاري للغيم
الجاثم على صدري..
وأنا عار
كنخلة تنتحب في الصحراء ،
...........
حين رأيتك تبتهل للموت العاجل
بكيت ليل وحدتي ،
ليل المشفى والمدينة
المحاصر بأشباح الموتى
في كل مكان..
.............
وأنت ترتدي ملابس الخريف
كفنا ،
وتمضي باتجاه الثلث الخالي
لتؤسس عرشك مع التراب..
أنت في قبرك تنام
وأنا في رمادك أتألم.
يصحبني ألمي
فأنجب مسافات للغربة
........
ومن مقبرة الأيام
ترمي للريح بقاياك،
وأنا ما بين أرصفة الشوارع
ودخان المقاهي
أحتسي موتي
الممزوج بعصير الحزن،
وأقواس السحاب
تنثر فوقي
سقفا من الغبار
والنار.
..........
كان عرسك
ترابا وحجرا،
وميلادك
حفلا رتلت فيه أوجاعي،
والشمس تخلع عباءتها
والقمر الساهم
يحفر في أعماقي
بئرا من الأوجاع
طائر لم يكلمني
تبيت ذكراك ترحل
بين باحة المشفى
وزحمة المقبرة
صرخة يتناسل
من جمالها الموت
نعش الحزن..
..................
كن بألف خير
وتقبّل مني ألف باقة من الورد والمطر
دمتَ رحيقا
تحياتي وتقديري

إبراهيم القهوايجي
27-10-2005, 01:58 PM
الشاعرة المبدعةأسماء حرمة الله
رمضان وعيد مباركان
شكرا على مرورك الذي يضوع منه المسك والعنبر في كل أرجاء الواحة ، وألف شكر وامتنان لتعليقك البهي ، الذي هو شهادة نقدية اعتز بها أيما اعتزاز، خصوصا وانها صادرة من شاعرة أكن لها كل الاحترام والتقدير.
لقد عشت مع النص تجربة حزينة أكثر مما عاش معي، انه نتيجة معاناة ذاتية وفنية،ومادام حضي بإعجابك فإنني ،على الاقل ،موجود شعريا.
محبتي الواسعة

ليال
01-11-2005, 03:51 AM
ياللوحة الباكية،اجسد واحدٌ تسكنه روحان؟ ، أم روح تسكن جسدين؟
نثرية مترعة بالألم المالح المذرور ببطء على جراح ملتهبة..
لك كل التقدير والأحترام.

إبراهيم القهوايجي
02-11-2005, 02:54 AM
الأخت ليال
عيد مبارك سعيد
شكرا على مرورك البهي من هنا،بالفعل أصبت كبد الحقيقة ، إنه جسد واحد تسكنه روحان؟ ، أم هو روح تسكن جسدين...
ممتن لقراءتك ودمت بهيا كما تحب..
مودتي