تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : المعاني النحوية - هل السامري هو الدحال ؟



خالد أبو اسماعيل
07-08-2024, 01:14 PM
هناك رأي انتشر في زماننا يقول بأن السامري هو الدجال وقد استدل أصحابه بعدة أدلة منها هذه الآية:(قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لامساس وإن لك موعدا لن تخلَِفه) ووجه استدلالهم أنهم قالوا بأن لامساس معناها أن يذهب السامري ويختفي عن أنظار الناس لآلاف السنين حتى موعد خروج الدجال وأن معنى :وإن لك موعدا لن تخلفه هو موعد خروج الدجال ... وأن موسى عليه السلام لما عرف هذا عرف أن الله لن يسلطه على السامري فقال له اذهب أي (((طرده))) ثم علل قوله هذا بأن للسامري في الحياة أن يقول لامساس(يختفي لآلاف السنين) وأن له موعدا لن يخلفه(خروج الدجال).
فهل وجه استدلالهم هذا صحيح من جهة المعاني النحوية؟
هذا الأسلوب نوعان :
(فاخرج إنك من الصاغرين) بدون الفاء
(فاخرج منها فإنك رجيم) بالفاء
هذا الأسلوب يكون فيه مابعد إنَّ تعليل لما قبلها وهذا واضح لكن لاحظ هذا المعنى الدقيق :
(وَجَاءَ رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَىٰ قَالَ يَا مُوسَىٰ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ) فاخرج إني لك من الناصحين :
إني لك من الناصحين ليست سببا للخروح ولكن هي باعث لإيقاع الفعل أي ليقوم موسى عليه السلام بالخروج فينجو وهذا لايسمى السبب بل الغرض .
فالجملة التعليلية التي بعد إنَّ في هذا الأسلوب تكون للتعليل بذكر الغرض أي الباعث على إيقاع الفعل (القيام به) أو لعدم إيقاعه :
(استغفروا ربكم إنه كان غفارا)
إنه كان غفار تبعث عل الاستغفار
(وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء)
(إن النفس لأمارة بالسوء) تبعث على عدم القيام بتبرئة النفس(وما أبرئ نفسي) .
فإذا قلت أيها القارئ أن كون النفس أمارة بالسوء سبب لعدم تبرئة النفس أقول لك :
لا أعلم .
وليكن لك أن تعتقد هذا . لكن الذي أعلمه في هذا الأسلوب أن كون النفس أمارة بالسوء يبعث على عدم تبرئة النفس وأن هذا هو مراد المتكلم والله أعلم .
وقد يكون الباعث على إيقاع الفعل أحيانا هو السبب أوسبب السبب .
فماهو الفرق في المعنى بالفاء وبدون الفاء ؟
هو أن البيان أي الإبانة مع الفاء بيان ظاهر مباشر وبدون الفاء بيان خفي على تقدير سؤال يولد في نفس المخاطب من الجملة التي قبل إنَّ ويكون جوابه هو مابعد إنَّ ويؤكد هذا الحواب بإنَّ لأن المخاطب يتوقعه وليس متأكدا منه .
ولأن السؤال لايعطف على الجواب يجب هنا ألا نعطف الجملتين بالفاء .
فإذا عطفنا كان المعنى بدون تقدير هذا السؤال .
وهذا السؤال يقدر ولايمكن ذكره لفظا لأن المتكلم في هذا الأسلوب يكون قد أغنى المخاطب عن السؤال لتعظيمه أو للشفقة عليه أو لأنه لايريد أن يسمع منه لحقارته ... الخ .
ويمون تقدير السؤال هكذا :
(اخرج إنك من الصاغرين )
- اخرح .
- لماذا ؟ هل أنا من الصاغرين؟
نعم إنك من الصاغرين .
ويكون الغرض من إغناء المخاطب عن السؤال هو أن المتكلم لايريد أن يسمع منه لحقارته .
هذه الآية بدون الفاء لأنها ليست هي الحكم على إبليس بالخروج من الجنة بل هي طريقة تنفيذ الحكم بإخراجه بالطرد ذليلا صاغرا ولذلك لم يقل (فاخرج منها ) ولكن قال (اخرج) لأنها طرد. ويدل على ذلك السياق:(قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ)
(فاهبط منها) هي الحكم مثل آية:(فاخرج منها فإنك رجيم) ثم بعد أن حكم عليه بالخروج من الجنة أخرجه مطرودا كما يخرج الذليل الصاغر .
(((لاحظ هنا أنه عطف جملة مايكون لك أن تتكبر فيها على على جملة اهبط منها (بالفاء)))
هذه مثل:(فاخرج منها فإنك رجيم)
لما كان المقام مقام النطق بالحكم بعد المحاكمة - لأن السياق سياق محاكمة لإبليس - عطف العلة على المعلول بالفاء أونقول عطف سبب الحكم على الحكم بالفاء .
فكان البيان بيانا ظاهرا مباشرا فهو يناسب هذا المقام .
ولما كان المقام ليس مقام النطق بالحكم بل مقام إذلال إبليس بإخراجه مطرودا لم يعطف بالفاء فكان البيان خفيا على تقدير سؤال مثل :
(ذق إنك أنت العزيز الكريم)
سخرية شديدة .
فآية :(قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لامساس وإن لك موعدا لن تخلفه ... ) مثل آية النطق بالحكم على إبليس أي أن موسى عليه نطق بحكم الله على السامري وليس طرده لأنه - كما قالوا - علم بأنه الدجال وبأنه لن يسلطه الله عليه فطرده يدل على ذلك السياق :
(قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ (95)قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَٰلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي (96)قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ۖ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِدًا لَّن تُخْلَفَهُ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ إِلَٰهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفًا ۖ لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا (97)
أقول أن وجه استدلالهم يقتضي ألا تعطف الجملتين بالفاء جملة :(إن لك في الحياة أن تقول لامساس ) وجملة :(اذهب) فيتم تقدير سؤال ثم يؤكد الجواب بإن لأن السامري يتوقعه أي أنه توقع أن موسى عليه السلام طرده لأنه له في الحياة أن يقول لامساس وله موعد لن يخلفه .
فيكون بهذا السامري يعلم بأن له أن يقول لامساس وأن له موعد لن يخلفه فيسأل موسى :
هل تطردني لأن لي كذا ولأن لي كذا .
فلما كانت الجملتين معطوفتين بالفاء فإنه لايقدر في المعنى سؤال لأن الحكم نهائي ولايصح للمتهم أن يعترض أو يسأل ... مثل حكم إبليس .
لأن الحكم حكم الله سبحانه وتعالى لكن لو كان طردا من موسى عليه السلام للسامري فإن السامري سيسأل .
إذاً وجه استدلالهم غير صحيح .
وكذلك إذا كان المقام مقام محاكمة ونطق بالحكم فإنه يناسبه في هذا الأسلوب العطف بالفاء وكذلم إذا كان حكما خاصا بشخص :
(واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا) بالفاء
(واصبروا إنَّ الله مع الصابرين)
(واصبر لحكم ربك .. ) خطاب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم و:(واصبر لحكم ربك) فيها تضمين أي فعل يؤدي معنى فعلين والمعنى هكذا:اصبر على حكم ربك وسلِّم لحكم ربك ... فذكر الفعل اصبر وحذف الجار والمجرور الذي يخصه وحذف الفعل سلم وذكر الجار والمجرور الذي يخصه ليدل على أنه محذوف لفظاً .
هل السامري هو الدجال ؟
قلت بأن وجه استدلالهم بالآية على أن السامري هو الدجال غير صحيح والله أعلى وأعلم ولم أقل أن الاستدلال بالآية على أن السامري هو الدجال غير صحيح أي أنه قد يكون هناك وجوه صحيحة لهذا الاستدلال وكذلك لم أقل أن السامري ليس هو الدجال .
والله أعلم أن السامري هو الدجال .
والأمر كله يتعلق بالقبضة الت قبضها من أثر الرسول حتى عقابه (أن تقول لامساس) والمساس باليد وتلك القبضة يقول عنها الزمخشري في الكشاف أنها تحول الجماد الى حيوان لأن العجل تأثر بها وصار له خوار أي تبث الحياة في الجماد والله أعلم .
لاحظ:(فإن لك في الحياة ... ) في الحياة .
فلابد أن يكون لهذه القبضة التي من أثر الرسول تأثير على السامري .
وأيضا جبريل عليه السلام اسمه الروح وهو الذي أرسله الله سبحانه وتعالى الى مريم عليها السلام فنفخ في جيبها أي أنها تلبس ثوب كمه طويل حتى اليد وفي فتحة الكم عند اليد نفخ جبريل عليه السلام فذهبت النفخة حتى وصلت الى بطن مريم عليها السلام فحملت بسيدنا عيسى عليه السلام .
والدجال لا يقتله الا عيسى عليه السلام والاثنان لهما علاقة بجبريل عليه السلام السامري الأثر أي تراب أثر حافر فرس الرسول جبريل عليه السلام وعيسى عليه السلام النفخة .
هذا وأكثر بإذن الله سبحانه وتعالى في الجزء القادم من هذا المقال.

ناديه محمد الجابي
09-08-2024, 06:03 PM
أن وجه استدلالهم بالآية على أن السامري هو الدجال غير صحيح والله أعلى وأعلم .
هذا هو ما أشعر به وأؤيده وأحسه والله أعلم
وسأكون في انتظار الجزء القادم من المقال لنعرف ونفهم أكثر
ولك كل الشكر والتقدير
تحياتي.
:002::004::002: