تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : كلام حول نغم الشعر



خالد أبو اسماعيل
17-09-2024, 04:01 PM
قال تعالى :(الرحمن - علم القرآن - خلق الإنسان - علمه البيان)
الفعل عَلَّمَ ينصب مفعولين وفي قوله تعالى :(علمه البيان) هما الهاء والبيان أما في قوله تعالى:( عَلَّمَ القرآن) فأحدهما مذكور والآخر محذوف وحذف المفعول به يكون إما اختصارا وإما اقتصارا فحذفه اختصارا كقوله تعالى:( ماودعك ربك وماقلى ) وفي هذا النوع يتم تقدير المفعول المحذوف في الإعراب وتقديره في هذه الآية (وماقلاك) أي الكاف مثل :(ماودعك) ويكون لحذف المفعول أغراض مثل أن نقول في هذه الآية الغرض مراعاة الفاصلة مثل القافية في الشعر والسجع في النثر وكذلك ألا يقع الفعل (قلى) على الضمير العائد الى النبي محمد صلى الله عليه وسلم .
وأما حذف المفعول به اقتصارا فمثل قوله تعالى :(هل يستوي الذي يعلمون والذين لايعلمون) الفعل يعلم ينصب مفعولا واحدا أي يعلم كذا مثلا تقول يعلم زيد النحو وفي هذه الآية حذف المفعول اقتصارا أي بعد أن كان الفعل متعديا ينصب مفعولا واحدا يصير لازما لاينصب مفعولا مثل ذهب زيد وقام عمرو أفعال تكتفي بالفاعل ولاتنصب مفعولا ولذلك يجب ألا يتم تقدير هذا المفعول المحذوف في الإعراب لأن الفعل صار لاينصب مفعولا وعلى هذا يكون المعنى لتسليط الضوء على الفعل فقط أي يكون معنى آية :(هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون) هو هل يستوي العالم وغير العالم ... ولو تم ذكر هذا المفعول فقيل هل يستوي الذين يعلمون النحو والذين لايعلمونه تسلط الضوء على عالم النحو وغير عالم النحو مثل عالم الفيزياء وليس على العالم وغير العالم .
وفي آية :(علم القرآن) حُذِف أحد المفعولين اقتصارا فلانقدره في الإعراب فيكون المعنى كأنه قيل : الرحمن أراد أن يعلم القرآن فخلق لهذا الغرض الإنسان وأعطاه الوسيلة التي يحقق بها هذا الغرض فعلمه البيان أي يبين عما في نفسه ويفهم ما أبان عنه غيره .
قد يكون في هذا دليل على أن جميع البشر إذا سمعوا القرآن عرفوا بالفطرة البيانية أنه كلام الله عز وجل فإذا سمعه من لايعرف العربية فليس من سبيل ليعرف أنه كلام الله الا الصوت ... هذا الذي نسميه في الشعر النغم لأنه لايفهم المعنى إنما سمع ألفاظا والألفاظ أصوات .
قال تعالى :(ورتل القرآن ترتيلا)
ترتيلا مصدر مؤكد لفعله والترتيل يظهر مزية الصوت التي في القرآن يعني كأن الله سبحانه وتعالى أمر بالترتيل لكي تظهر هذه المزية فيعرف الناس أن القرآن كلام الله فالقرآن مهيأ للترتيل .
والشعر كذلك تظهر فيه مزية النغم بالإنشاد :
تغن بالشعر إذ ماكنت قائله
إن الغناء لهذا الشعر مضمار
فإذا غنيت شعرك ستكتسب مع الزمن ملكة فيكون لك نغم خاص بك تولد من بيئتك وثقافتك الشعرية يقول كشك :
مالهذا الغصنِ مالا
وارتمى نحوي دلالا
كأنه عصفور يزقزق نغم خفيف من الأسلوب السهل بعكس الدكتور سمير مثلا فهو في النغم كأنه شاعر عباسي أسلوبه جزل وأحيانا يكون فخما جدا وكأنه قائد فرقة موسيقى عسكرية .
ولهذا جمهور ولهذا جمهور حسب الأذواق فليس الموضوع نغم جيد ونغم غير جيد بل ألحان متنوعة تبدأ من الأسلوب الجزل والسهل الى أن نصل الى أن يكون للشاعر نوع من النغم خاص به فنعرف شعره بنغمه كما أن الذي لايعرف العربية يعرف مصدرية القرآن بصوت القرآن .

والله أعلم