تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : هل في القرآن أساليب نحوية ولغوية ليست في كلام الناس



خالد أبو اسماعيل
29-10-2024, 01:56 PM
هذا رأي قديم لبعض العلماء لكن في القرن الخامس اخترع الشيخ عبدالقاهر الجرحاني نظرية النظم لتكتسح بعد ذلك ويولد منها علم البلاغة الذي نعرفه .
فهل في القرآن أساليب ليست في كلام الناس ؟
الكتب التي ألفها الشيخ عبدالقاهر الجرجاني عن البلاغة تُعلِّم البلاغة وطريقة تفكير المؤلف وهذه طبيعة الكتب التي أسست العلم في ثقافتنا .
ومن طرائق الشيخ أنه كان ينقل الفكرة من مجال الى مجال مثلا نقل فكرة التوكيد والبدل وعطف البيان من باب التوابع في علم النحو الى كمال الاتصال في باب الفصل والوصل في علم المعاني في البلاغة .
مثال على ذلك قوله تعالى :(حَاشَ لِلَّهِ مَا هَٰذَا بَشَرًا إِنْ هَٰذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ)
عندنا جملتان :(ماهذا بشرا - إن هذا الا ملك كريم)
لم يعطفا على بعض
فتأمل الشيخ فعرف مادام أنه ملك كريم فهو ليس بشرا فصار هناك جملة تؤكد معنى جملة قبلها ومادام أنه ليس بشرا فمن أي نوع من المخلوقات يكون ؟
من الملائكة ... فصار هناك جملة توضح جملة قبلها والبدل وعطف البيان يوضحان المبدل منه والمعطوف عليه .
عطف البيان لايكون بالحروف وعطف النسق يكون بحروف العطف .
وباب التوكيد والبدل وعطف البيان في التوابع في النحو التوكيد لايعطف على المؤكد والبدل لايعطف على المبدل منه وعطف البيان لايعطف على المعطوف عليه .
فعرف أن هذا الذي موجود في المفردات موجود في الجمل وهو علاقة التوكيد والتوضيح فلا تعطف الجملتان على بعضهما كما أن المفردات لاتعطف على بعضها في التوكيد والبدل وعطف البيان فنقل الفكرة من علم النحو الى علم البلاغة .
وهكذا استخرج علما من علم .
حاولت أن أطبق نفس الطريقة فأنقل فكرة من الشعر الى القرآن الكريم وهي :
أحيانا في الشعر يجوز أن تعرب كلمة إعرابين حسب الصناعة النحوية ولكل إعراب معنى لكن حسب نظرية النظم وعلم البلاغة هذا لايجوز لأنه لايمكن أن يتوخى الشاعر معنيان مختلفان لإعرابين في كلمة .
مثال قول أبي تمام يصف قلم الممدوح :
لسان الأفاعي القاتلات لسانه
يجوز أن نعرب لسان الأفاعي مبتدأ ولسانه خبر فيكون التشبيه مقلوبا ويكون المعنى أن الشاعر يبالغ فيدعي أن لسان القلم قد كملت فيه الصفة القتل التي هي وجه الشبه فتحول من مشبه الى مشبه .
ويجوز أن نعرب لسان الأفاعي خبر ولسانه مبتدأ فيكون التشبيه عاديا والمعنى هو أن لسان قلم الممدوح يصدر أوامر بالقتل .
في التشبيه المقلوب يكون الممدوح سفاحا وفي التشبيه العادي ليس كذلك .
إذا قلنا أن الشاعر توخى معنيا الإعرابين فهذا يعني أن التشبيه مقلوب وعادي غير مقلوب في نفس الوقت وهذا لايقوله أحد .
وهكذا الأمر في إعراب الشعر فلما حاولت أن أطبق هذا على القرآن الكريم حسب منهج الشيخ عبدالقاهر الجرجاني لم يجز ذلك لأن عندنا قراءات يختلف فيها الإعراب للكلمة الواحدة فيكون القرآن الكريم يمكن أن يتوخى معاني أكثر من إعراب للكلمة الواحدة وليس ذلك للشعراء ولا للناس .
فصار هذا أسلوب خاص بالقرآن الكريم ليس في الشعر ولا كلام الناس .
والله أعلم