المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : عودة الفينيق



المصطفى البوخاري
31-01-2025, 07:02 PM
*"هناك صوت. بعيد... قريب؟ لا أدري. مجرد طنين، كأن رأسي مغمور تحت الماء. أحاول أن أفكر... لكن لا فكرة لتتشبث بها ذاكرتي.
جسدي؟ هل لدي جسد؟ لا أشعر بشيء. لا برودة، لا دفء، ولا ألم... فقط فراغ. لكن... هناك شيء ما. كأنني أنجرف، أو أن شيئًا يسحبني. هل أنا أصعد؟ أم أنني أسقط؟ لا فرق، كل ما في الأمر أنني... أعود. لكن إلى أين؟
طقطقة أصابع، ربما؟ صوت رقيق، لكنه غريب، يهمس لي. أهو داخلي؟ أم من مكان آخر؟ كأنني أنتزع من حلم غائر. أحاول فتح عيوني، لكن جفوني ثقيلة، محملة بثقل الزمن. بالكاد أنجح في ترك شق ضيق للنور، ضبابي، باهت...
أحاول تحريك أصابعي. هل تحركت؟ لا أدري. لا شيء مؤكد بعد. لكنني أشعر بهواء بارد يلامس خدي، خفيفًا... غريبًا. إنه أول إحساس ملموس منذ وقت لا أذكره. شيء ما يخبرني أنني هنا، في مكان ما، لكنني لم أكتشفه بعد."*
--
*"وخزة إبرة، ربما؟ إحساس غريب، بسرعة شهاب يخترق الغلاف الجوي. شعور بالتفتت، بلا إدراك. هل كان ألمًا؟ لا أدري. لا وقت للتأكد. فقط دفقة عابرة، كأنها لم تكن.
أتحرك أصبعي، ربما فعلت، ربما تخيلت ذلك فقط. شعور غامض بالوجود بدأ يتسرب إليّ، كأنني قطعة خشب تُلقى في بحر هادئ، لا تغرق تماما، ولا تطفو بالكامل.
كأنه أول شعور لي منذ دهر. لكن... ماذا بعد؟ هل سأطفو أكثر؟ أم سأغرق من جديد؟
صوت رتيب يصل أذني... ربما؟ صوت متزامن، روتيني، كدقات عقارب ساعة، لا تمل ولا تتوقف. أهو خارج رأسي، أم ينبض في أعماقي؟ لا أدري. كل شيء عالق في هذا الإيقاع المنتظم، كأن الزمن ذاته قد تجمد عنده. حاولت أن أتحرك، أن أكسر هاته
الرتابة، لكن شيئًا ما يثقلني... جسدي؟ أين هو؟ هل أنا هنا؟
أصبح الصوت حادًا، ومستمرًا... أكيد؟ لم يعد مجرد إيقاع بعيد، بل صار يخترقني كليًا، كأنه يعرف جسدي، ونقاط ضعفه. يسري مسرعًا كوميض برق، ينزلق في شراييني، وجهته... قلبي. هناك، في عمق صدري، استقر للحظة، ثم انفجر كقنبلة خاطئة، أم أنني تخيلت ذلك فقط؟
وكأنني أسمع جري أقدام... كخيول جيش تتسابق نحو ساحة وغى. ربما؟ أصوات متداخلة، بعيدة، قريبة، لا أدري. ثم، كأن صدى مشوّه يخترق الضباب الذي يحيط بي...
"سنفقده ثانية!"
ثم... لا شيء.
لحظة صامتة، كأن الكون توقف عن الدوران. لا نبض، لا إحساس، فقط فراغ يبتلعني. أهذا هو الموت؟ أم أنني مجرد ظل يتلاشى؟
فجأة، صدمة عنيفة تخترق صدري! تيار جارف، كأنه صاعقة مزقت كياني من الداخل. لا أدري إن كنت قد صرخت، أو إن كان ذلك مجرد صدى في رأسي. لحظة صمت أخرى... ثم صدمة جديدة، أعنف، أقرب إلى زلزال يقتلعني من العدم. هل هذا جسدي الذي يرتفع للحظة قبل أن يرتطم من جديد؟
تستجيب خلاياي، كأنها تنشطر مثل ذرات متلاحقة، ومع كل صعقة، تتدفق حرارة تُذيب جليدًا متجذرًا في عروقي. كأن طاقة كونية بعثت الحياة في حواسي، توقظ إدراكي، وتعيد تشكيل كياني من جديد.
أنا فينيق... ربما؟
أتنفس أخيرًا، كما لو كنت أنبعث من رمادي. خفق قلبي، واندفعت الدماء تغمر حجراته، كجناحين يشقان طريقهما نحو السماء. بدأت أعصابي ترسل إشاراتها، تهمس لجسدي:
أنا أشعر... أنا حي."*
-
*"ضوء باهت يضرب عيني، قاسٍ، بارد كالصقيع. السقف أبيض، بلا ملامح، تتدلى منه مصابيح فلورية تصدر أزيزًا خافتًا. الهواء ساكن، مشبع برائحة الكحول الطبي. أشيح بنظري، فتتضح الجدران الرمادية، والنافذة الكبيرة ذات الزجاج الشفاف. خلفها... أشخاص يراقبونني، ظلال مبهمة، بلا تفاصيل. باستثناء وجه واحد... مألوف بطريقة مزعجة، كأنه يحفر في ذاكرتي بابتسامته الغامضة وعيونه المسدلة الثاقبة.
أخفض بصري. شاشة صغيرة يومض عليها رسم بياني متموج، وأسلاك تمتد من صدري إلى أجهزة لا أفهمها. أصوات تنفس بطيء تتردد في المكان. تنهدات؟ ليست لي وحدي. أأنا وحدي هنا؟ أم أن هناك آخرين؟
سيدة بلباس أبيض ملائكي، تبتسم بوجهي. ابتسامتها ناعمة، هادئة، لكنها تحمل شيئًا لا أستطيع تفسيره. عيناها تراقبني باهتمام، كأنها تدرس كل حركة، كل نفس. مدت يدها الناعمة تلامس معصمي بلطف، كأنها تتحقق من نبضي. أفتح فمي لأتكلم، لا صوت.
'أخيرًا... استيقظت.'
كلماتها انسابت ببطء، كما لو كانت تحمل معنى أعمق مما تبدو عليه. لماذا أشعر وكأن الخطر لم ينتهِ بعد؟.
أحاول التركيز... لم تكن هناك سيدتان، بل واحدة فقط. واقفة بجانبي، نفس الوجه الذي لمحته خلف الزجاج. نفس العيون المسدلة الثاقبة، نفس الابتسامة الغامضة. شيء ما يتحرك داخلي، كأن ذاكرتي تنتعش ببطء، دفقة من المشاعر والصور تجتاحني، غير واضحة، لكنها مألوفة، كأن هذا الوجه له ارتباط بي، بجسدي، بكياني. كان وجهها منقوشا في أعماق ذاكرتي، عيونها التي لم تغادر مخيلتي يومًا، ابتسامتها التي لم أفهمها قط."
تقترب أكثر، تنطق باسمي بصوت هادئ. عندها فقط... أدرك أنني كنت غائبًا لفترة طويلة. كيف؟ ولماذا يبدو وجهها وكأنه يحمل الإجابة؟
نطقت باسمي ثانية... وابتسمت. شعور دافئ يأسرني، مألوف وغريب. شيء ما بداخلي يخبرني أنني أعرفها، أو كنت أعرفها. لكن قبل أن أتمسك بهذه الذكرى الهاربة، همست:
'لقد عدت أخيرًا.'
عندها فقط... أدركت أنني لم أكن يومًا وحيدًا."**
*"هناك صوت. بعيد... قريب؟ لا أدري. مجرد طنين، كأن رأسي مغمور تحت الماء. أحاول أن أفكر... لكن لا فكرة لتتشبث بها ذاكرتي.
جسدي؟ هل لدي جسد؟ لا أشعر بشيء. لا برودة، لا دفء، ولا ألم... فقط فراغ. لكن... هناك شيء ما. كأنني أنجرف، أو أن شيئًا يسحبني. هل أنا أصعد؟ أم أنني أسقط؟ لا فرق، كل ما في الأمر أنني... أعود. لكن إلى أين؟
طقطقة أصابع، ربما؟ صوت رقيق، لكنه غريب، يهمس لي. أهو داخلي؟ أم من مكان آخر؟ كأنني أنتزع من حلم غائر. أحاول فتح عيوني، لكن جفوني ثقيلة، محملة بثقل الزمن. بالكاد أنجح في ترك شق ضيق للنور، ضبابي، باهت...
أحاول تحريك أصابعي. هل تحركت؟ لا أدري. لا شيء مؤكد بعد. لكنني أشعر بهواء بارد يلامس خدي، خفيفًا... غريبًا. إنه أول إحساس ملموس منذ وقت لا أذكره. شيء ما يخبرني أنني هنا، في مكان ما، لكنني لم أكتشفه بعد."*
--
*"وخزة إبرة، ربما؟ إحساس غريب، بسرعة شهاب يخترق الغلاف الجوي. شعور بالتفتت، بلا إدراك. هل كان ألمًا؟ لا أدري. لا وقت للتأكد. فقط دفقة عابرة، كأنها لم تكن.
أتحرك أصبعي، ربما فعلت، ربما تخيلت ذلك فقط. شعور غامض بالوجود بدأ يتسرب إليّ، كأنني قطعة خشب تُلقى في بحر هادئ، لا تغرق تماما، ولا تطفو بالكامل.
كأنه أول شعور لي منذ دهر. لكن... ماذا بعد؟ هل سأطفو أكثر؟ أم سأغرق من جديد؟
صوت رتيب يصل أذني... ربما؟ صوت متزامن، روتيني، كدقات عقارب ساعة، لا تمل ولا تتوقف. أهو خارج رأسي، أم ينبض في أعماقي؟ لا أدري. كل شيء عالق في هذا الإيقاع المنتظم، كأن الزمن ذاته قد تجمد عنده. حاولت أن أتحرك، أن أكسر هاته
الرتابة، لكن شيئًا ما يثقلني... جسدي؟ أين هو؟ هل أنا هنا؟
أصبح الصوت حادًا، ومستمرًا... أكيد؟ لم يعد مجرد إيقاع بعيد، بل صار يخترقني كليًا، كأنه يعرف جسدي، ونقاط ضعفه. يسري مسرعًا كوميض برق، ينزلق في شراييني، وجهته... قلبي. هناك، في عمق صدري، استقر للحظة، ثم انفجر كقنبلة خاطئة، أم أنني تخيلت ذلك فقط؟
وكأنني أسمع جري أقدام... كخيول جيش تتسابق نحو ساحة وغى. ربما؟ أصوات متداخلة، بعيدة، قريبة، لا أدري. ثم، كأن صدى مشوّه يخترق الضباب الذي يحيط بي...
"سنفقده ثانية!"
ثم... لا شيء.
لحظة صامتة، كأن الكون توقف عن الدوران. لا نبض، لا إحساس، فقط فراغ يبتلعني. أهذا هو الموت؟ أم أنني مجرد ظل يتلاشى؟
فجأة، صدمة عنيفة تخترق صدري! تيار جارف، كأنه صاعقة مزقت كياني من الداخل. لا أدري إن كنت قد صرخت، أو إن كان ذلك مجرد صدى في رأسي. لحظة صمت أخرى... ثم صدمة جديدة، أعنف، أقرب إلى زلزال يقتلعني من العدم. هل هذا جسدي الذي يرتفع للحظة قبل أن يرتطم من جديد؟
تستجيب خلاياي، كأنها تنشطر مثل ذرات متلاحقة، ومع كل صعقة، تتدفق حرارة تُذيب جليدًا متجذرًا في عروقي. كأن طاقة كونية بعثت الحياة في حواسي، توقظ إدراكي، وتعيد تشكيل كياني من جديد.
أنا فينيق... ربما؟
أتنفس أخيرًا، كما لو كنت أنبعث من رمادي. خفق قلبي، واندفعت الدماء تغمر حجراته، كجناحين يشقان طريقهما نحو السماء. بدأت أعصابي ترسل إشاراتها، تهمس لجسدي:
أنا أشعر... أنا حي."*
-
*"ضوء باهت يضرب عيني، قاسٍ، بارد كالصقيع. السقف أبيض، بلا ملامح، تتدلى منه مصابيح فلورية تصدر أزيزًا خافتًا. الهواء ساكن، مشبع برائحة الكحول الطبي. أشيح بنظري، فتتضح الجدران الرمادية، والنافذة الكبيرة ذات الزجاج الشفاف. خلفها... أشخاص يراقبونني، ظلال مبهمة، بلا تفاصيل. باستثناء وجه واحد... مألوف بطريقة مزعجة، كأنه يحفر في ذاكرتي بابتسامته الغامضة وعيونه المسدلة الثاقبة.
أخفض بصري. شاشة صغيرة يومض عليها رسم بياني متموج، وأسلاك تمتد من صدري إلى أجهزة لا أفهمها. أصوات تنفس بطيء تتردد في المكان. تنهدات؟ ليست لي وحدي. أأنا وحدي هنا؟ أم أن هناك آخرين؟
سيدة بلباس أبيض ملائكي، تبتسم بوجهي. ابتسامتها ناعمة، هادئة، لكنها تحمل شيئًا لا أستطيع تفسيره. عيناها تراقبني باهتمام، كأنها تدرس كل حركة، كل نفس. مدت يدها الناعمة تلامس معصمي بلطف، كأنها تتحقق من نبضي. أفتح فمي لأتكلم، لا صوت.
'أخيرًا... استيقظت.'
كلماتها انسابت ببطء، كما لو كانت تحمل معنى أعمق مما تبدو عليه. لماذا أشعر وكأن الخطر لم ينتهِ بعد؟.
أحاول التركيز... لم تكن هناك سيدتان، بل واحدة فقط. واقفة بجانبي، نفس الوجه الذي لمحته خلف الزجاج. نفس العيون المسدلة الثاقبة، نفس الابتسامة الغامضة. شيء ما يتحرك داخلي، كأن ذاكرتي تنتعش ببطء، دفقة من المشاعر والصور تجتاحني، غير واضحة، لكنها مألوفة، كأن هذا الوجه له ارتباط بي، بجسدي، بكياني. كان وجهها منقوشا في أعماق ذاكرتي، عيونها التي لم تغادر مخيلتي يومًا، ابتسامتها التي لم أفهمها قط."
تقترب أكثر، تنطق باسمي بصوت هادئ. عندها فقط... أدرك أنني كنت غائبًا لفترة طويلة. كيف؟ ولماذا يبدو وجهها وكأنه يحمل الإجابة؟
نطقت باسمي ثانية... وابتسمت. شعور دافئ يأسرني، مألوف وغريب. شيء ما بداخلي يخبرني أنني أعرفها، أو كنت أعرفها. لكن قبل أن أتمسك بهذه الذكرى الهاربة، همست:
'لقد عدت أخيرًا.'
عندها فقط... أدركت أنني لم أكن يومًا وحيدًا."**

المصطفى البوخاري
01-02-2025, 04:39 PM
سلام
اعتذر كتب النص مرتين
المرجو التعديل
مع الشكر الجزيل

ناديه محمد الجابي
01-02-2025, 04:39 PM
بسرد متقن شيق جذاب ، ونفس قصي طيب جعلتنا ندخل في متاهة ذلك الإنسان
الفاقد لكينونته وهو هو من الأحياء أو أصبح في عداد الموتى
ومن خلال ديالوج داخلي نبدأ في التعرف على إنه قد بدأ في الأفاقة من غيبوبة طويلة
وكأنه أسطورة الفينبق العائد من رماده.
بعد الصدمات الكهربائية التي صعق بها الأطباء صدره فاستجابت خلاياه وأذابت الجليد
المتجذر في عروقه لتبعث الحياة في حواسه من جديد فيشعر ويرى ما حوله
فيهمس لجسده.. أنا أشعر .. أنا حي.
وعندما همست عيون الوجه المنقوش في ذاكرته بأسمه قائلة: لقد عدت أخيرا
أدرك بسعادة إنه لم يكن يوما وحيدا.

رأيت في نصك ملامح القصة القصيرة مكتملة فنقلتها إلى هناك.
ولكن هناك فقرات تكررت في النص تداخلت مع أحداث أخرى
أرجو مراجعة النص وحذف الجمل المتكررة ودمج السرد بعد ذلك.
ولكنه عموما نص يشير إلى قاص متمكن فشكرا عل خيال محلق
وفن في الصياغة وأداء جميل.
:v1::nj::0014:
تحياتي وودي.

المصطفى البوخاري
01-02-2025, 04:58 PM
اديبتنا الفاضلة
رد بناء بعبق الياسمين
سأحاول بلورته بطريقة اخرى
ليكون أفضل نسخة بإذن الله
يسعدني مرورك، الف الف شكر لك
لتشجيعك الدائم
تحياتي الخالصة