تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : عودة الفينيق



المصطفى البوخاري
01-02-2025, 08:24 PM
تحت تأثير صوت طقطقة أصابع، يعزف على وتر الذاكرة، يبعث في أعماقي شعورًا غريبًا، كمن يتوه بين الحلم واليقظة. حاولت فتح عيني، كأني أستيقظ من حلم غائر، لكن جفوني مثقلة، كأنها تحمل الزمن بأسره.
مع وخزة إبرة، بسرعة شهاب يخترق غلافًا جويًا، دفق عابر من الإحساس يدغدغني. لا ألم، فقط شعور بالوجود بدأ يتسرب إلي. كان هذا أول إحساس ملموس أشعر به منذ وقت طويل.
صوت رتيب كعقارب الساعة، لا يمل ولا يتوقف، يصل إلى أذني. كل شيء عالق في هذا الإيقاع المنتظم، كأن الزمن ذاته قد تجمد عنده. حاولت أن أتحرك، أن أحرك أصابعي، أن أكسر هذا السكون.
فجأة أصبح الصوت حادًا، لم يعد مجرد إيقاع بعيد، بل صار يخترقني كليًا، كأنه يعرف جسدي ونقاط ضعفه. يسري مسرعًا كوميض برق، ينزلق في شراييني، وجهته... قلبي. هناك، في عمق صدري، استقر للحظة، ثم انفجر كقنبلة خاطئة.
وكأنني أسمع جري أقدام... كخيول جيش تتسابق نحو ساحة وغى. ثم، صدى كلام مشوش يخترق الضباب الذي يحيط بي...
"سنفقده ثانية!"
ثم... لا شيء.
لحظة صامتة، كأن الكون توقف عن الدوران. مجرد ظل يتلاشى، لا نبض، لا إحساس، فقط فراغ.
همهمة، طنين، فأزيز، صعقة تيار أولى تخترق صدري، كتيار جارف، مزقت كياني من الداخل. لحظة صمت أخرى... ثم صعقة ثانية، أعنف، أقرب إلى زلزال يقتلعني من العدم. هل هذا جسدي الذي يرتفع للحظة قبل أن يرتطم من جديد؟
تستجيب خلاياي، كأنها تنشطر مثل ذرات متلاحقة، ومع كل صعقة، تتدفق حرارة تُذيب جليدًا متجذرًا في عروقي. كأن طاقة كونية بعثت الحياة في حواسي، توقظ إدراكي، وتعيد تشكيل كياني من جديد.
تنفست أخيرًا، كما لو كنت أنبعث من رمادي كالفينيق. خفق قلبي، واندفعت الدماء تغمر حجراته، كجناحين يشقان طريقهما نحو السماء.
ومع اللحظة التي استعدت فيها نبض قلبي، تنفستُ الحياة من جديد. كان كل شيء من حولي يشع بالنور، كأنني ولدتُ مرة أخرى.
أدركتُ أن الحياة لا تتوقف عند أي نقطة، بل هي تدفق مستمر لا يتوقف.
نظرت إلى العالم، وأنا أشعر بشيء جديد في داخلي. ليس الألم، ولا الظلام، بل النور... النور الذي يستقر في أعماقي، يدفعني إلى المضي قدمًا.
ثم، بكل يقين، همستُ في نفسي:
"أنا أشعر... أنا حي."

ناديه محمد الجابي
02-02-2025, 06:09 PM
رغم إنه اختلف كثيرا عن نصك الأول ولكنه يظل نصا بديعا
تألق بروعة الفكرة ، وحوار داخلي تمكنت من العزف عليه ببراعة
رسمت لوحة إنسانية عميقة استوقفتني بروعة الوصف، ومهارة التعبير
وأوصلت لنا إحساس البطل ومراحل انتقاله من غيبوبة الموت إلى الحياة
أحسنت انتقاء الألفاظ المعبرة ورسمت لوحة المعاناة بتميزوحبكة سلسة
وبسبك موفق وجمال في الأداء.
شكرا على هذا الألق.
:v1::pn::nj:

واسمح لي بنقلها إلى قسم القصة والمسرحية.

المصطفى البوخاري
02-02-2025, 07:24 PM
أهل مكة أدرى بشعابها
من قلب فاض مودة و تقدير
ابعث لك أزكى تحية و سلاما خاصا
شكرا لمروركم الكريم
اديبتنا الفاضلة
لقد عملت على جعلها من جزئين
سانشر الثاني هنا في هذا القسم باذن الله
و سلام لكل من بالواحة
مكناس المغرر