المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مقطع مسلسل من رواية قنابل الثقوب السوداء



إبراهيم مؤمن
24-02-2025, 07:29 AM
الأقصى في عيون العرب
منذ أن أعلنت أمريكا عن امتلاكها لقنابل الثقوب السوداء ومؤيد يموت تدريجيًا، فقد كان يأمل أن تساعده اليابان في دحر مخطط يعقوب إسحاق الذي لا يكلّ ولا يمل عن امضائه، فقد جاءته أنباء بأن وزارة العلوم والتكنولوجيا الإسرائيلية تمكنت أخيرا من ابتكار مادة تستطيع من خلالها صهر حقول القوى التي تمثل أقوى نقطة تعتمد عليها المقاومة في تحصين أنفاقهم، وعلى ذلك يتوقع مداهمة الأنفاق في القريب العاجل.

***
وكما توقع مؤيد جاءه خبر الاقتحام من قادة ألوية المقاومة التي تتمركز أنفاقها في جميع أنحاء فلسطين ولاسيما قطاع غزة منها.
إذ قال له رئيس المقاومة عبر الهاتف: «تقدّمت فرق الاقتحام بسيوف شعاعية ذات تركيب خاص وثقبت الستارة الثلاثية الخاصة بحقل القوة، واقتحمت الأنفاق بسهولة.»
سأل مؤيد وهو في حالة هياج شديد: «وأين كنتم حين داهموكم؟»
– «طول أمد الحصار وسط خذلان العالم لنا ولاسيما أولئك الذين من المفترض أننا عضو من جسدها الأنظمة العربية والإسلامية قد أضعف قوانا، فكنا نتساقط من الجوع قبل أن يداهمونا في الأصل، وأنت تعرف أن أسلحتنا نفدت هي الأخرى بعد أن أحكموا علينا الحصار من الساحل وعبر الأنفاق.»
– «وماذا حدث بعد ذلك؟»
– «حدث التحام بيننا وبينهم في أكثر من مائة نفق، ولم يدم الالتحام طويلا بسبب الإعياء الذي نحن فيه، وبسبب قلة السلاح لدينا، وعلى الجهة المقابلة كانت معهم سيوف شعاعية التي فتكت بنا على الفور.»
سقط الهاتف من يد مؤيد على الفور، وكان واقفا، فلما أراد أن يجلس اتكأ على جدار الحجرة حتى أدرك الكرسي.
وانهد عليه كالجبل المنهار، وأخذ يحدث نفسه: كنا منتصرين، ألا لعنة الله على الأنظمة العربية والإسلامية الذين باعونا لإسرائيل، كنا منتصرين بالاكتفاء الذاتي لدينا، لكنه لم يعد يجدي نفعا بعد ذلك فقد كنا نحتاج لدعم. كنا منتصرين، في الوقت الذي كنا نحارب بضراوة لم نجد أحدا يمد يده إلينا لنستكمل كفاحنا، كانت إسرائيل تمتد إليها ألف يد من أمريكا ودول أوروبا، وكان ثمة أيادي أخرى تكتسي برداء يلذ الناظرين في شكله، لكن داخله أقبح ما في الوجود، إنها أيادي الخذلان العربية والإسلامية، ألا لعنة الله على كراسي الحكم.»
صمت لحظات، وسكن كالميت، ثم عاود حديث النفس: والعالم الآن منشغل برحلة جاك من أجل القضاء على الثقب الذي كاد أن يلتهم الشمس منذ بضعة أيام. وإسرائيل لن تألوا جهدا في المضي قدما في تنفيذ مخططهم. ضاع، ضاع كل شيء يا مؤيد، وذهب كل كفاحنا مع الريح.
وأخذ يزفر وهو ممسك بقلبه الذي لا يكاد يقوى بعد على التنفس. وفك ربطة عنق بذلته بيد مرتعشة كأنها تغيثه غوث الغريق.
***
ومرت بضعة أشهر، خلالها كانت المقاومة تتهاوى في غفلة من العالم أجمع الذي انشغل بثقب سحابة أورط إلى أن تلاشت.
لذلك انتهزها يعقوب إسحاق فرصة من أجل وضع خطة لهدم الأقصى ومن ثم بناء الهيكل وانتظار نزول المسيح.
يرى يعقوب أن الحصول على قنابل الثقوب السوداء بات مستحيلا بعد عبور فهمان إلى الجن.
كما يرى أن المسيح قادر على صنع الكثير من تلك القنابل بمدد من الله الذي حباهم وفضلهم على العالمين.
لذلك شرع في إعداد التجهيزات التي سوف تقوم بعملية الهدم والبناء.
واستغرقت تلك التجهيزات ثلاثة أشهر أخرى.

***
من داخل وكالة الفضاء الأمريكية ناسا كان جاك يعمل على تجهيز الجاز الشامل الذي سيلازم الفضائيين في رحلتهم المرتقبة إلى سحابة أورط.
دخل عليه رئيس ناس وهو منهمك في صناعة الجهاز.
قال له جاك: «أخبرني عن آخر استعدادات العالم سيادة الرئيس.»
قال رئيس ناسا: «كلّ مصاعد الفضاء في العالم تعمل ليلاً ونهارًا لنقل ما يستطيعون من تقنيين وخبراء من مختلف أجناس العالم، فضلاً عن عشرات الألوف من الروبوتات المبرمجة لاستكمال بناء المحطات الليزريّة السبعة.»
ترك جاك ما في يده وتنهد تنهدات المتوجع وقال: «أكبر همي تلك المحطات الليزرية، فالوسط الفعال الكافي لإثارة الليزر قد لا يكون متوفرا بالقدر الكافي على سطح القمر، كما أنها تحتاج إلى جيش من الروبوتات وآلاف الفنيين لتشيدها على الوجه الأكمل، وسوف تستغرق وقتا طويلا لبنائها وسوف تستنزف اقتصاد العالم.»
قال رئيس ناسا مستدركا: «فعلا، لما قرأت رسالة الدكتوراه الخاصة بك شعرت بأنك كنت تتألم وأنت تتكلم عنها، كما كنت تخشى عن عدم تمكن العالم من تخليق حقل مغناطيسي يتحمل درجة حرارة الاندماج ويعمل على استمراره.»
لم يكد ينتهي من كلامه حتى ارتعش جسد جاك وجرت دموع العبرة والبين على خديه، ثم ما لبث أن قال: «الوحيد الذي كنت أثق في قدرته على إيجاد هذا الحقل المغناطيسي قد ذهب، ذهب بلا رجعة.»
وأجهش جاك بالبكاء.
طيب رئيس ناسا خاطره بقوله: «هوّن على نفسك، فهمان ذهب إلى الشيطان وهو يحمل أنبل رسالة كونية، رسالة الأنبياء، لعله ينجح في قتل إبليس.»
سكت وهو يحاول رفع الهم عن جاك أكثر فقال: «الروس يحاولون، وأنا متأكد أنهم قادرون على تخليق هذا الحقل المغناطيسي.»
قال جاك: «وما أخبار هيليوم-3؟ اتعظوا أم لا؟»
أجابه: «اتعظوا، اتعظوا يا جاك، فطب نفسا.»
تبسم جاك وسأله في لهفة: «أخبرني بالتفاصيل.»
أجابه: «يصل لخبراء الفيزياء النووية كل ما تم الكشف عنه (هيليوم-3) على سطح القمر بوساطة الروبوتات من أجل بناء مفاعلي الاندماج والانشطار، ومنه منع منعا باتا تصدير أي منه إلى الأرض، بل وأرسلت كل الدول النووية كل ما لديها من هيليوم-3 إلى سطح القمر عبر المصاعد الفضائية.»
هز جاك رأسه بعد أن طابت نفسه.
وعاود العمل على الجهاز الشامل وهو يقول: «وأخبار محطة ناسا ومحطة الروس والصين؟»
– «خبراء الفيزياء النووية والفضاء يشرفون عليها على أكمل وجه.»
سكت رئيس ناسا لحظات ينظر فيها إلى جاك المنهمك في عمل الجهاز، فتراءى له أن يخبره بباقي أعمال تجهيزات رحلته.
قال: «وخبراء آخرون يصعدون درج المصاعد الفضائيّة للوصول إلى الشراع المثبت في مداره الأرضيّ ليركّبوا الخلايا الشمسيّة النانويّة على كامل طوله وهو واحد كيلومتر.
وقد كان خبراء اليابان أمهر الخبراء في تنفيذ خطوات تصميمك، فهم يصممونه من الرسم الهندسيّ الموجود في رسالتك، ويصُممونه على أن يكون سيرانه بصورة دائريّة طول الرحلة لإحداث جاذبيّة صناعيّة تساوي جاذبيّة الأرض تزيد أو تقلّ قليلاً، كما سيزود بكاميرا ومحرك صاروخيّ ومعدات اتصال وملاحة.»
– «كم تكلفت هذه التجهيزات حتى الآن؟ ومن أنفق عليها؟»
– «لقد بلغت التكلفة حتى الآن رقما خياليًا، قرابة مائتى تريليون من الدولارات، الشعوب كلّها تتبرع للحكومات، كلّهم يتسارعون إلى وكالات فضائهم بالدمع الحار لينجوا من الموت، كلّهم يدعون لأمريكا، كلّهم يدعون لك، لكَ أنتَ يا جاك.»
مر بضع دقائق وجاك يعمل فيها على الجهاز، وفجأة قال: «هذا الجهاز أخذ بلب عقلي، لكني على وشك الانتهاء منه، وفور أن أنتهي منه سوف أجربه.»
***
ورغم أنّ الرئيس مهديّ يتفطّر قلبه حرقًا على المسجد الأقصى إلَا أنّه لم يجد وسيلة لردعهم إلّا الشجب والاستنكار.
هو يتابع الأحداث العالميّة، كلُّ الوكالات تركّز على الثقب الأسود وتتابع تجهيزات رحلة جاك في صحوهم ومنامهم ولم تعد تهتم أيضًا بالقضية الفلسطينية إلّا تهميشًا.
أمّا القنوات الإسرائيليّة الدينيّة فتركّز على دعوة الربّ لهم بالعمل على إقامة دولة إسرائيل الكبرى بداية من أرض فلسطين وتقول: إنّ المسيح قد ينزل في أيّ وقت بعد بناء الهيكل الذي أمرنا الله ببنائه.
واستغرق في التفكير، واجتمع بالمجلس العسكري أكثر من مرة لإيجاد حل يردع به اليهود التي تود هدم الأقصى وسط انشغال العالم كله بشأن ثقب سحابة أورط.
ولم يصلوا لحل.
وفي ذات يوم صلى الفجر وجلس يفكر وحده في المسجد بعد أن صرف حرسه الرئاسي حتى قال بعد زفرة عجز وألم: «إذن، لا بد مما ليس منه بد، لابد أن أجبره.»
ونهض، ومضى إلى قصره بعد أن أرسل في طلب فهمان الذي يعلم بمكانه بالضبط، وعلى ملامح وجهه العناد والحزم.
وتراءى له أن يتصل به.
واتصل، الهاتف مغلق.
واتصل عشرات المرات بيد أن الهاتف مغلق على الدوام.
حتى قال: «يبدو أنه منهمك مع جاك في التجارب على المصادم.»
وأخيرا عاد من أرسله مهدي، دخل عليه وهو خائف من مغبة الخبر عليه.
سأله مهدي في حذر ودهشة: «أين؟ أين فهمان.»
أجابه ورأسه في الأرض: «عبر، وترك لنا صديقه هذا الخطاب.»
لكزه مهدي في أعلى كتفه بقوة حتى كاد يقع الرجل على الأرض وهو يقول: «عبر ماذا؟ ما بك يا رجل؟»
قال الرجل وهو يرفع بالخطاب نحوه: «خير إجابة في هذا الخطاب.»
نزعه مهدي منه في ضيق شديد، نظر مهدي فيه والغضب يتفجر منه، فتحه بوجل وقرأ: أنت تبحث عن فهمان، فهمان عبر إلى الجنّ ولن يعود، أيها الذئب الملقب بالمهدي، شعبك خرج من الجحور إلى القصور سابحًا في أنهار من دماء الأمريكيين، ولن أدعك حتى آخذ حق أبناء وطني.
ضغط على الخطاب بقبضة يده التي بدت مرتعشة فكومه وضرب به الأرض بقوة، وأطبق على أسنانه يحرك وجهه يمنة ويسرة، واحمرّ وجهه غضبًا.
وقال غير مكترث لوعيد جاك له: لا شأن لي يا جاك بما حدث لوطنك، أنا فحسب كنت أريد أن أخرج بالمصريين من أنياب المجاعة التي تفشت فيهم وقد نجحت.
وخرّ مندكا كالجبل بعد عبور فهمان.
وظلّ يكلم نفسه متحسرًا: عبرت، عبرت، أكنت تخدعنا طول هذا الوقت؟ أردت المصادم لتعمل على هداية البشريّة ولم تقصده للنهوض ببلدك.
أتظنَّ يا ولدي أنّ البشريّة من الممكن أن يأتيها يوم وتعيش في سلام! لقد كنت طوباويًا حالمًا إلى أقصى درجة يا بني.
ثمّ قال معاتبًا: لِمَ يا ولدي؟ لِم يا فهمانَ؟
والآن ضاع الأمل الأخير الذي كنّا سنتَوَكَّأ عليه لنحيا نحن العرب بكرامة، وها هم العرب يلبسون طرح النساء تاركين اليهود يهدمون ثاني قبلة للمسلمين، كنت سأمنعهم بقنابلك، والآن لا أمل.
لن أقوى على مجابهة المخطط الصهيوني وحدي، وليس معي ما يردعهم.
صمت هنيهة ثمّ قال في حسرة وهو يضرب كلتا يديه ببعضهما: ليس معي كان معك، سامحك الله. ثمّ أطرق رأسه في الأرض ودعا كلّ العرب أن يطرقوا معه بعد أن فازت إسرائيل بكل الجولات بعد أن انغمسوا في العلم بينما انغمس العرب في الشهوات.

***

الأقصى يلتهم الثقب الأسود
إبراهيم أمين مؤمن/ مصر

أتمّ جاك تركيب الجهاز المعجزة الذي سوف يرافقهم طول الرحلة.
وكذلك تمّ الانتهاء من تصميم الشراع الشمسيّ للرحلة وهو الآن مثبّت في مدار حول الأرض.
أمّا محطتا الفضاء الشمسية النانويّة فتعمل على أحسن وجه.
والمشكلة الآن أنهم لم ينتهوا بعد من بناء السبع محطات الليزريّة، فما زالت ناسا ترسل خبراءها وملايين المرايا عبر المصاعد الفضائيّة لاستكمال بنائها الذي بدأوا فيه منذ نحو خمسة عشر شهرًا، لكن الخبر الجيد أنهم عثروا على كميات ضخمة من الوسط الفعّال لليزر الذي سيُثار في جميع أنحاء سطح القمر.
كذلك تمّ الانتهاء من مفاعلي الانشطار والاندماج، وتمّ حلّ مشكلة الحقل المغناطيسيّ، فقد صدق الروس فيما قالوا بشأنه.
أمّا بالنسبة لإطلاق مركبة الرحلة فسيتمّ عبر صعوده على السلم الفضائيّ شأنه شأن كلّ الخامات والروبوتات التي انتقلتْ من قبل.
حيث يوجد طابق كامل تم تشيده بجانب المصعد الفضائيّ مباشرة، ذلك الذي سيصعده جاك وروّاد الفضاء معه من خلال مركبة القيادة الرئيسة.
هذا الطابق يغطي مساحة فدانا واحدا وذلك من أجل إنتاج شعاع الليزر الذي سيدفع كبسولة القيادة للتخلص من الجاذبية الأرضية.
يتمّ في هذا المبنى إنتاج ليزر فائق القوة والتركيز وذي طاقة عالية.
وبذلك تمّ توفير كل التقنيات اللازمة لعمل الليزر الذي سيدفع الشراع الضوئي.

***
بدأ تحرك فرق الهدْم ومعهم معاولهم وعدتهم صوب الأقصى لهدمه، يتقدمهم يعقوب إسحاق بعينين مفتوحتين وصدر منشرح وعلى وجهه هالة من السعادة والحزم على هذا القرار.
قال في نفسه وهو يشاهد ذاك المشهد العظيم الذي يتوجه صوب الأقصى: الآن حانت اللحظة الفاصلة في عهدك أنت يا يعقوب، وأنا أول من يسعى إلى المسيح ويقبل يده حال نزوله، ما هي إلا بضعة أيام فحسب ويُسوّى هذا المسجد بالتراب.
كما كان يتقدمهم بعض حاخامات اليهود وأبرز القيادات السياسيّة والدينيّة منهم.
وكما أن معظم مراسلي الوكالات العالمية وقنواتهم ومنصاتهم يتوجهون بأنظارهم لرصد وتوثيق مساهمات كافة أجناس الأرض لتذليل كافة العقبات التي تواجه جاك من أجل نجاح رحلته لدحر ثقب سحابة أورط إلا أن بعضهم رافق عن بعد فرق الهدم المتوجهة نحو الأقصى ونقلوها بثا حيا إلى العالم كله.
لما وصلوا رفع يعقوب رأسه وأشار بيده نحو الهدامين كي يجدوا في هدم أول لبنة من لبنات المسجد الأقصى.
وتقدمت معاول الهدم بالفعل وكاميرات القنوات العالمية مسلطة هنا وهناك.
بينما الشعوب العربية والإسلامية في لحظات تقدمهم وحال وصولهم خرجت من كل حدب وصوب في لمح البصر لتنذر الكيان الصهيوني من مغبة هدم الأقصى عبر تلك القنوات الإعلامية.
ومن هؤلاء الذين تابعوا أخبار الأقصى جاك، جاك الذي وجد يعقوب إسحاق فجأة في طريقه نحو الأقصى لهدمه نقلا عن كاميرات مراسلي القنوات العالمية.
تقلصت ملامح وجهه، وارتسم على وجهه الغضب والخوف معا، ثم ما لبث أن رفع هاتفه وهاتف الرئيس الأمريكي وأخبره بمغبة فعل يعقوب إسحاق المجنون على نتائج رحلته الفضائية في لحظات فحسب.
بينما أوناش الهدم ترفع بفؤوسها الحمقاء الغاشمة لأعلى لتهبط على قبلة المسلمين الثانية رن هاتف يعقوب إسحاق.
نظر فيه وهو في حالة نشوة واغتباط، فتح الخط وكلمه، قال جورج على الفور: «قبل السلام أؤمر رجالك بالتوقف.»
تقلصت ملامح وجهه من فوره، وتسمر كالتمثال، لم يدر ما يدور حوله، بينما الرئيس الأمريكي يصرخ في الهاتف مكررا كلمة "توقف".
رد عليه يعقوب بلسان لا يكاد يستطيع التكلم إلا تلعثما: «لم؟»
أجابه وقد نزلت أوناش الهدم على بعض جدران الأقصى: «أوقف العملية وأمر رجالك بالتقهقر للخلف وبعد ذلك نكمل كلاما.»
وامتثل يعقوب بالفعل لرغبة الرئيس الأمريكي وأمر رجاله بالتقهقر.
تنفس جورج الصعداء كما تنفسه جاك.
أما يعقوب ففي وجل لسماع جورج.
قال جورج بعد أن زفر زفرة الخلاص: «كدتَ أو كدنا معا أن نفعل أمرا سوف يهلك كوكب الأرض.»
فسأله يعقوب عن كيفية هلاك الكوكب بهدم الأقصى فأجابه جورج: «نحن في فترة لابد أن تتحد كافة قوى العالم البشرية والمالية، ولاسيما المعنوية والروحية منها، من أجل دعم رحلة جاك، وعملك هذا سوف يتسبب في صرف نظر كافة البلاد الإسلامية عن تدعيم رحلة جاك فضلا عن تنابذ واحتراب الأحلاف العالمية على خلفية هدم الأقصى، فتفشل رحلة جاك التي سوف تقضي على الثقب الأسود.»
قال يعقوب في يأس بالغ بعد أن استسلم: «ويستفرد ثقب سحابة أورط بالمنطقة المحيطة به فيلتهمها، ثم ما يلبث إلا أن يلتهم بلوتو ثم نبتون وأورانوس وزحل والمشتري والمريخ والأرض.»
سكت لحظة وهو يهز رأسه ثم قال لجورج الذي فضل الصمت بعد أن أدرك يعقوب إسحاق خطأه الفادح: «خسارة، إسرائيل كانت تنتظر تلك اللحظة منذ عدة عقود، ولما جاءت اللحظة وقف ثقب سحابة أورط حائلا دون حلم إسرائيل الكبرى.»
وأنزل الهاتف من على أذنه في يأس، وقع على الأرض، وظل لحظات ساكنا لا يتكلم، ثم أمر بعد ذلك بانسحاب الجميع والعودة بهم إلى أدراجهم.

***

كان يتابع مؤيد أصيل تقدّمَ فرق الهدْم إلى المسجد بعينين زائغتين وقلب مرتجف، كان يأمل أن يتراجعوا ولكنّهم تقدّموا، ومع لحظة رفع أوناش الهدم توقف قلبه عن النبض وصعدت روحه إلى بارئها.
ربما لو شاء الله أن يرى انسحاب فرق الهدم ما توقف قلبه.
ومات مؤيد أصيل ومن قبْلِه فطين ورجل المائة ألف جنيه، ورحل فهمان عبر ثقب الشيطان، كلّ الأوفياء رحلوا وما بقي منهم إلا القليل في هذا العالم البائس.

***

تشكلت لجنة عالميّة فضائيّة أعضاؤها من القارات السبع ليكونوا في رباط مستمر فينقلوا التغيرات التي تطرأ على المجموعة الشمسية وخاصة الشمس والأرض أوّلاً بأوّل.
كلّ تلسكوبات العالم سُلّطتْ على الثقب الأسود، وظهر كلّ هذا على شاشات التلفاز إلى شعوب العالم أجمع.
فكان يمثل شحنا معنويا هائلا يجعلهم في رباط مستمر نحو تدعيم رحلة جاك.
تدقيق 16/2/2024

ناديه محمد الجابي
26-02-2025, 05:38 PM
بسرد ممتع وبتصوير معبر وبخيال علمي وهو الخيال الممزوج بالحقائق العلمية
والرؤية التنبؤية ، وتخمين واقعي عن الأحداث المستقبلية المحتملة فيأخذنا إلى عالم آخر
ولكن تظل القضية الفلسطينبة محورا رئيسيا في قصتك
وقد جعلت أنفاسنا تتقطع خوفا عندما نزلت أوناش الهدم تريد تدمير المسجد الأقصى
ليحقق اليهود حلم إسرائيل الكبرى.. ولكن الله سلم.
تمتلك قلما رائعا وفكرا خصبا وسردا جذابا .. فلك تحياتي وتقديري.
:v1::011::003:

إبراهيم مؤمن
26-02-2025, 11:52 PM
بسرد ممتع وبتصوير معبر وبخيال علمي وهو الخيال الممزوج بالحقائق العلمية
والرؤية التنبؤية ، وتخمين واقعي عن الأحداث المستقبلية المحتملة فيأخذنا إلى عالم آخر
ولكن تظل القضية الفلسطينبة محورا رئيسيا في قصتك
وقد جعلت أنفاسنا تتقطع خوفا عندما نزلت أوناش الهدم تريد تدمير المسجد الأقصى
ليحقق اليهود حلم إسرائيل الكبرى.. ولكن الله سلم.
تمتلك قلما رائعا وفكرا خصبا وسردا جذابا .. فلك تحياتي وتقديري.
:v1::011::003:

=================
الحمد لله على كل حال