سر الإبداع في الاستعارة

[خالد أبو اسماعيل]

بما إن الاستعارة مجاز ينبغي أن نسأل :
لماذا عدل الشاعر عن الحقيقة الى المجاز ؟
أهم جواب هو أنه ضاقت الحقيقة عن التعبير عن مشاعره واتسعت الاستعارة للتعبير عنها .
تذكرون في المنتدى أن بعض الأعضاء يعلقون على صور الشاعر أو الكاتب ويقولون تقصد كذا وكذا .
هم يمسحون الصورة من المعنى ليعرفوا أنه يقصد كذا وكذا والشاعر أصلا ركب الصورة بطريقة مسحت المعنى من الصورة أي المعنى الذي يحاولون الوصول اليه .
الصورة قد جعلت المعنى كما تتخيل عبارة عن عناصر بينها علاقات معنوية فحولت المعنى الى مايشبه القالب الذي يمكن أن تصب فيه العناصر التي تريد والعلاقات المعنوية التي تريد .
لكن الحقيقة ليس هناك معنى لأن الصورة مسحته بل هناك مشاعر وعواطف تجسدت على شكل معاني .
يقول كشك :
مالهذا الغصن مالا
وارتمى نحوي دلالا
العناصر :
الغصن
الشاعر
العلاقات المعنوية بين العناصر :
ميلان الغصن
ارتماء الغصن
اتجاه الارتماء
دلال الغصن
تساؤل الشاعر
وتساؤل الشاعر الغرض منه التعجب .
هذي هي الصورة بعناصرها والعلاقات المعنوية التي بينها .
إذا مسحت هذه العناصر والعلاقات المعنوية ماذا ستضع مكانها ؟
ستفهم أن الصورة معنى مستعار فالغصن مستعار لكذا الذي ستختاره والارتماء مستعار لكذا الذي تختاره ... وهكذا حتى تستكمل العناصر والعلاقات المعنوية التي بينها .
ستفهم المعنى كما تريد لأنه ليس هناك معنى بل مشاعر وعاطفة والاستعارة ترجمت هذه المشاعر :
ميلان الغصن
ارتماء الغصن
هذه ليست معاني إنما هي المشاعر المتجسدة على هيأة معاني كأن تقول أن مشاعر الغصن تجاه الشاعر جعلته يميل ويرتمي نحوه دلالا .
يعني أن المشاعر هي السبب والميل والارتماء هما المسبب . فهل المقصود السبب أم المسبب ؟
هل المقصود ميل الغصن وارتمائه أم المشاعر التي جعلته يميل ويرتمي ؟
لو جعلت مكان الغصن مثلا فتاة ستقول أن مشاعر الإعجاب والحب جعلتها تميل فكذلك الغصن إنما مال إعجابا وحباً .
أليس المحبوب يتدلل ؟
وارتمى نحوي دلالا
لاتبحث عن معاني ولكن ابحث عن المشاعر التي تجسدت في هذه المعاني .
هل عرفت الآن سر الإبداع في الاستعارة ؟
المشاعر القوية والعاطفة المتأججة