تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : شجرة الأنبياء – الجزء الثاني



المصطفى البوخاري
15-05-2025, 04:42 AM
منذ اللحظةِ الأولى
حين نُفختِ الروحُ في الطين،
وعلَّمَ اللهُ آدمَ الأسماء،
وسُفكَ الدمُ بجريمةٍ كبرى...
توالت الرسالات،
تدعو إلى الهُدى، وتُرسّخُ الدين،
رُسلٌ تعاقبوا على الأرضِ عظماء،
حاملين شرائعَ الحق والتقوى،
بين قومٍ جحدوا، وقليلٍ آمنوا،
لكنهم صبروا، وما بدّلوا.
يوسف
من رؤيا طاهرة... إلى بئرٍ غادر،
ومن قميصٍ ملوَّثٍ بالدم،
إلى قميصٍ ممزّقٍ من دُبُر،
ثم سجنِ ظلمٍ عاشهُ بصبر.
دخل الصدِّيقُ السجنَ ظلمًا،
بذنبِ زليخةَ، والعزيزُ حكمًا،
فاشتهرَ بصلاحِه وصدقِ سريرتِه،
عفيفًا، يؤوِّلُ الرؤيا، وحليمًا.
جاءهُ الخبّازُ والساقي،
فدعاهم لدينِ اللهِ ووحدانيته،
ففسّرَ حلمَهم، وكان اللهُ به عليمًا.
فكان العزيزُ لحُلمِه مستفسرًا،
سائلًا مصرَ جميعَها، ومنتظرًا،
فأوّلَ الصدِّيقُ حُلمَ الملكِ بحكمةٍ،
عن أعوامِ شِدّةٍ يتبعها رخاء،
فنجّى اللهُ الكنانةَ من الهلاك،
وكان ليوسفَ فضلٌ واصطفاء.
لتعترفَ النسوةُ ببراءةِ الملاك،
رحمةٌ من اللهِ... شِدّةٌ ثم نِعمة.
دامَ القحطُ سبعَ سنين،
وعمَّ الأرضَ — كمصرَ وفلسطين،
فخرجَ إخوةُ يوسفَ للكنانةِ،
يدخلونها... والصدِّيقُ بيدهِ مفاتيحُ الخزانة.
عرفهم، لكنْ ما أفصحَ السرَّ،
وردَّهم بحِلمٍ، بطلبِ أخيهِ الأصغر... بنيامين.
فأبى يعقوبُ في أوّلِ الطلب،
وقال: أخافُ عليهِ من ذئبٍ إذا ذهب،
فأقسموا باللهِ عهدًا مُحكمًا،
فرقَّ قلبُ الشيخِ، وأرسلهُ مُسلِّمًا.
اتهموا الصغيرَ بسرقةِ الكأس،
فرجعوا إلى أبيهم خائبين.
فكان صبرُه جميلًا، لا يأس،
وبكى... ففقدَ نورَ البصر،
لكن قلبًا مؤمنًا بالقدر،
يرجو الإلهَ — أرحمَ الراحمين.
رجعوا ليوسفَ يرجونَ الرأفة،
حليمًا بأبيهِ، ثمَّ إخوتِه، في خَجلِ الوقفة،
أعطاهمُ القميصَ، ليَرجعوا
نحوَ فلسطين، فيَلقوا
على الضّريرِ ثوبَ البصر،
ويأفِلوا إليه، والعفوُ حَضَر.
فجاء وعدُ الحق،
ورُفِعَ أبواهُ على العرش،
وسجدَ له إخوتُه، شكرًا وتكريمًا،
فتحققت رؤياه،
وجعلها اللهُ له حقًّا،
لقوله تعالى:
{يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ}
— [سورة يوسف: 4]
صدق الله العظيم.
يتبع....

ناديه محمد الجابي
15-05-2025, 11:58 AM
صياغة جميلة لقصة يوسف عليه السلام
في نثرية أدبية رائعة طيبة الأداء
أجدت وأبدعت فشكرا لك وسلمت يداك.
:v1::0014:

المصطفى البوخاري
15-05-2025, 12:57 PM
أديبتنا الفاضلة نادية الجابي
الشكر موصول لمروركِ الطيّب، مرورٌ بعطر الورد يُزهِر النص ويُورق الحرف، ويبعث فيه الحياة.
أشكر لكِ من القلب هذا التشجيع الدائم، الذي ينساب كنسيمٍ عليل، وكلماتكِ التي تزرع المعنويات وردًا في حقول الحرف.
تحياتي الخالصة لكِ، ولكلّ من في الواحة

ناطق العبيدي
15-05-2025, 02:14 PM
يعطيك الف الف عافيه
موضوع رااائع وجهود أروع
ننتظر مزيدكم بشوووق

آمال المصري
16-05-2025, 01:42 PM
سردت قصة يوسف كأنك تسكب نورًا على ورق، تمزج الحكمة بالوجدان، والإيمان بالعذوبة.
بلاغتك تُحاكي بهاء التنزيل، وأسلوبك يجمع بين قدسية القصة وعمق الأدب.
أنت لم تكتب، بل شهدت، وصدّقت، وصدحت باسم الجمال.
فأتمم، فالحرف معك يُسبّح
دمتِ نبراسًا للبيان
تحياتي

ناطق العبيدي
16-05-2025, 07:07 PM
سلمتِ وسلمت يدآك
ربي يعطيك ألــــــف عـآفيه
الله يسعد قلبك يآرب
ولا يحرمنا منكِ ومن آطرحآتكِ الرآئعه
لك كل احترامي وتقديري

المصطفى البوخاري
17-05-2025, 02:15 AM
أديبتنا الكريمة آمال المصري،

أضاءت كلماتك صدري بضياء جديد، وبعثت في نفسي فخرًا وامتنانًا.
لقد نسجتِ من حروفك لوحة وفاء وصدق، ذكّرتني أن الكلمة ليست مجرد حبر، بل حياة تُعاش، ونبض يُحسّ.

ما أبهى أن يُقرأ النص بهذا العمق،
وما أروع أن يحظى بتقدير قارئة تملك ذائقةً أدبية رفيعة.

تعليقك وسام أعتز به،
وحضورك أضاف للنص بريقًا لم يكن ليكتمل بدونه.

أسعدني أن ما كتبته لامس شيئًا من مرادك،
وألهمني أكثر هذا الاحتفاء الكريم.

سأواصل – بإذن الله – ما بدأت،
ولكلماتك دفء يدفعني للاستمرار.

كل التقدير والاحترام.

المصطفى البوخاري
17-05-2025, 02:17 AM
استاذي الفاضل ناطق العبيدي
شكرًا جزيلًا على مرورك الكريم،
وسام فخر لي أن يحظى النص بقراءتك.
و تحياتي لك و لكل من بالواحة

أسيل أحمد
25-05-2025, 09:25 PM
إن قصة يوسف عليه الصلاة والسلام مليئة بالوعظ والتذكير، والترغيب والترهيب،
ويتبين من خلالها الفرج بعد الشدة، وتيسير الأمور بعد تعسرها، وحسن العواقب المشاهدة في هذه الدار.
فيجب علينا أن نأخذ من هذه القصة العظة والعبرة
مشكور أديبنا على مجهود عظيم بأسلوب رائع وجميل .