تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حين تحب بصدق



هائل سعيد الصرمي
01-08-2025, 10:16 PM
لم تقُل يومًا: “أُحبُّك”، لكنها كانت تضعُ لي في الصحنِ ما أُحبّ.
ما قالتْ كلامًا معسولًا، لكنها كانتْ تقبضُ على خاصِرةِ الرِّضا، وتُربّتُ على كتفِ الضوء.
كانتْ تُؤثِرُني على نفسها، وتُقدّمُ لي سكينتَها، ولا تُبقي لها إلا فتاتَ التأمّل، وهي تراني أرتدي جلبابَ الذهولِ والدهشةِ برضا وإعجاب.

لم تكن تُدلّلُني بالكلام، بل كانتْ تُخبّئُ في أفعالِها حبًّا،
لو جُمع، لكان عزاءَ العُمرِ، وكلمةَ الخلود.

لم تقُل لي يومًا: “حبيبي”، لكنها كانت تُزيحُ عتباتِ الطريقِ قبل أن أسير،
وتنفضُ التعبَ عنّي قبل أن يستشري، وقبل أن أتكلم.
كانتْ تعرفُ موعدَ حزني دون بوحٍ ولا وقت،
وتعرفُ جوعَ قلبي قبل أن يجوعَ فمي.
تقرأني مثلَ كتابٍ مفتوحٍ أمام عينيها الحانيتين، برقةٍ غارقةٍ في حبٍّ سماويٍّ عريض، لا منتهى له ولا مبتدأ.

لم تكتبْ لي رسالة، لكنها كانت تُنقّطُ لي الحروف،
وترسمُ الكلماتِ على المائدة، وتَبري لي الأقلامَ لأحتضنَ الورقَ دون ضجيج.
كانتْ سماءً حين تكفهرّ السماء، وأرضًا صلبةً حين تمورُ الأرض، ووطنًا حين يغيبُ الوطن،
وموردًا عذبًا أستسقي منه كلّما هزّ الضمأُ وحشةَ قلبي، كما تهتزُّ الأشجارُ التي يفرّ منها العطشُ عند تسلُّلِ الماء إليها.

كانتْ هي مائدةَ الحياةِ ومأدبتَها: رغيفَ الخبزِ الساخن، وكوبَ الماءِ البارد، وقطعةَ الحلوى التي تُشبه نهايةَ يومٍ ناجٍ من الانهيار.

كانتْ تمشي على أطرافِ الوقتِ بأصابعِ الحياء كي لا تُزعجَ يومي،
وتُخفي خطواتِها في المطبخِ كي لا ينهضَ السكونُ من أطرافِ نومي،
وتُصلّي بصمتٍ كي لا يبردَ ظهري.
وإذا اشتكيتُ بردًا – بل، قبل أن أشتكي –
كانت ترفعُ لي بُردتَها القديمة، ولحافَها الممهور بكلماتٍ تُشبه تكبيرةَ العيد، دون أن تذكرَ أنها لم تَعُد تملكُ غيرَهما.
وإذا بُحتُ بألم، جفّفته كما يُجفَّفُ المطرُ عن مُصحفٍ قديمٍ تبلّل بأريج زخّاته.

لم تكن تُحبُّني بالكلام،
كانتْ تُحبُّني بتقشُّفِ الأنبياء، وكرمِ الأمنيات، وصبرِ الجبال، وحنينِ العشّاق.
أعطتني عمرَها على جُرعات، وسحبتْ من نفسها كلَّ ضوءٍ كي لا أعيشَ في العتمة.
تركتْ لي الحياةَ بألوانِها، وأقامتْ في ظلالِ التخفّي، بلا لون، يُشبه اسمَها في السجلاّتِ القديمة.

لو جمعتُ حبّها من فُتاتِ الأفعال، لصنعتُ به مدينةً تسكنُها طمأنينةُ العائدين من الغياب،
يتقاطرون من أزقّةِ المهاجرِ بلا موعدٍ مضروب.
ولو نسجتُ من صمتِها وِشاحًا، لارتداه الشتاءُ حياءً من دفئِها.

اللهم ارحمها.

✍️ هائل الصرمي

ناديه محمد الجابي
02-08-2025, 11:40 AM
يالها من ترنيمة حب بنغم النبض الهادر عشقا..
يالها من أغنية عشق عزفت على أوتار القلب فأمطرت السماء ياسمينأ..
يالها من لوحات رائعة روعتها تكمن في صدق المشاعر، وأنغامها سيمفونية
أطربت الروح وأنعشت الفؤاد بحروف جميلة معبرة.
يالها من اعترافات تفجرت فيها الأحرف ينابيع من وله بلغة جميلة تلون فيها الحب
بفصاحة ريشة فنان
يالها من مرثية لحب العمر وشريكته بكلمات ذائبة في المشاعر،
خرجت من قلب نقي بكلمات حملت لوعة وأسى وحنين ووجع الفقد
فاستجابت له الجوارح ألما واشتياقا..
رحمها الله رحمة واسعة ورزقها الفردوس الأعلى من الجنان.
:008::009::008:

آمال المصري
07-08-2025, 12:25 AM
هنا قرأت تراتيل حب صامتة،
واحتواء لا مشروطة فيه كلمة،
ذلك النوع النادر من الحنان الذي لا يُدوّن، بل يُعاش، ولا يُصاغ إلا بماء القلب وخشوع العارفين.
انت هنا اديبنا الفاضل لا تسرد مشاهد،
بل تنحت تمثالًا من الطهر،
وتضعه في محراب التأمل حيث اللغة تركع، والكلمات تتهجد خاشعة أمام مقام تلك الأنثى التي لم تقل: "أحبك" يومًا،
لكنها كانت الآية التي نزلت على جبين الوجع بردًا وسلامًا.
وجاء اسلوبك هذا البيان المُغمس في دمع الطمأنينة، بلاغة آسرة لا تزخرف، بل تبني وطنًا من الحنين على صدر الورق.
وكل جملة فيه تحمل وزن دعاء، وثقل نبيل من الوفاء، وسكينة لا تُشترى.
هذا النص يجب أن يُعلّق في القلوب لا على الجدران، ويُقرأ بصوتٍ خافت، كما تُتلى وصايا الراحلين في الهزيع الأخير من الذاكرة.
اللهم ارحمها،
واجعل دعاءك لها شاهدًا وحجابًا من نور
من القلب:
هذا النص من تلك الكتابات التي تبقى حين ترحل كل الكلمات.
شكرًا لك، لأنك أهديتنا شيئًا لا يُنسى

هائل سعيد الصرمي
07-08-2025, 06:11 AM
اخجلتي تواصعي بكلماتكً لا اجد عبارات للشكر ولكن جزيك الله خيرا

هائل سعيد الصرمي
07-08-2025, 06:12 AM
نسجك الكلمات ادب رفيع يفوق كل الأدب