تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : علم المحسنين المسكوت عنه



خالد أبو اسماعيل
08-10-2025, 03:15 PM
قال تعالى(ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين).
ماهو هذا العلم المذكور في الآية؟
نعرف أن الأنبياء لم يدرسوا وإنما نزل عليهم الوحي وعلمهم منه فهل ينزل الوحي على المحسنين؟
معنى كلمة(المحسنين):
تقول :
المحسن محبوب
المعنى هو:كل محسن محبوب فكلمة(المحسن)مفردة لكنها معناها جمع ليس بالصيغة مثل كلمة(المحسنين)التي هي جمع بصيغة الكلمة أي جمع مذكر سالم ولكن باستغراق الجنس أي جنس من الأجناس وهذا هو أحد معاني دخول(ال)على الكلمة المفردة تقول:
الرجل أقوى من المرأة
المعنى هو كل رجل أقوى من كل امرأة.
لكن كلمة(المحسنين) ليس معناها كهذا لأنها جمع دخلت عليها(ال)التي لاستغراق الجنس فيتجه الاستغراق الى الأفراد والأنواع والأصناف وهكذا لذلك قال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ۖ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ ۖ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ ۖ لَا هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ۖ وَآتُوهُم مَّا أَنفَقُوا ۚ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۚ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ ...)
(إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن)
ولم يقل(إذا جاءتكم المؤمنة)
لأن الإختبار يكون فرديا وذاتيا وشخصيا وليس جماعيا ولذلك قال(ولاتمسكوا بعصم الكوافر)ولم يقل الكافرات لأن الكافرات اسم فاعل مجموع جمع مؤنث سالم لاسم الفاعل كافرة فهي تدل على الصفة لأن فيها معنى الفعل أي الكفر فهي تدل على الصفة لكن(الكوافر)جمع تكسير يدل على الذات والأفراد والأشخاص وليس الصفة .
إذاً كلمة(المحسنين)تدل على الأفراد بالجمع وتدل على الصفة بالاشتقاق أي أنها اسم فاعل مجموع جمع مذكر سالم أما(الكوافر)فتدل على الأفراد فقط لانها جمع تكسير وكلمة(المحسن)و(الكافرة)تدل على هذا الجنس من الأجناس أي كل محسن وكل كافرة باستغراق الصفة أي الإحسان والكفر.
( ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين).
(وكذلك نجزي المحسنين)
هذه الواو واو العطف هي لوصل الجمل لكنها هنا لفصل الكلام الذي بعدها عن الكلام الذي قبلها وهذا من إعجاز اللغة العربية أن أداة تستخدم في اللغة للوصل تستخدم أيضا للفصل من جهة المعنى .
أي أن الكلام الذي بعدها ليس جزءا من القصة التي قبلها أي أن الله سبحانه وتعالى لما وصل الكلام الى هذا الموضع من قصة سيدنا موسى عليه السلام أنه لما بلغ أشده آتاه الله سبحانه وتعالى حكما وعلما أراد سبحانه وتعالى أن ينبه لمكرمة عظيمة جدا للمؤمنين فعطف بالواو ليفصل الكلام عن بعضه فيتنبه المؤمن لهذه المكرمة العظيمة:
إذا أردت يامؤمن حكما وعلما فكن المحسنين.
(وكذلك نجزي المحسنين)
كذلك : الكاف للتشبيه وذا اسم إشارة واللام والكاف للتعظيم مثل اول سورة البقرة(ذلك الكتاب)ذلك مبتدأ والكتاب خبر والكلمتان معرفتان أي لم يقل(ذلك كتاب)فيكون المعنى أن القرآن الكريم هو الكتاب الذي ليس مثله كتاب ولايشبهه كتاب .
اللام والكاف حسب الأصل اللغوي في اسم الإشارة أصل معناها هو البعد اي أنك تقول(هذا)للقريب وتقول(ذاك)للبعيد وتقول(ذلك)للبعيد جدا ومن هنا أتى معنى العظمة في(ذلك الكتاب)أي بعيد جدا عن الشبيه والنظير .
وكذلك(وكذلك نجزي المحسنين)أي هذا الشيء العظيم(آتيناه حكما وعلما)أي يؤتي الله سبحانه وتعالى المحسنين حكما وعلما يشبه المشار إليه في هذا الموضع من قصة موسى عليه السلام(ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما)
مثل قوله تعالى(.وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ (87)فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ ۚ وَكَذَٰلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِينَ (88).
(وكذلك ننجي المؤمنين)
مثلها تماما .
لذلك إذا اصابك هم او غم قل(لا إله أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)لأن الله سبحانه وتعالى قال بعدها(فاستجبنا له ونجيناه من الغم)ثم قال(وكذلك ننجي المؤمنين)أي ان الفصل بالواو(وكذلك)فيه تنبيه للمؤمنين على هذه المكرمة العظيمة .
فكيف يحصل المحسنين على الحكمة والعلم؟
أعتقد بعدة طرق مثل التوفيق والإلهام وليس عن طريق الوحي لأن الوحي خاص بالأنبياء عليهم السلام كأن يوفق المحسن لسبب يحفزه فيجعله يتعلم وهذا من أهم الأشياء(((الحافز))).
كنت أكتب في أحد المنتديات وكان هناك عضو يعلق على ما أكتب وكان واضحا أنه لايمكن أن يعلق بما علق به من دون أن يبحث ويقرأ فأنا قلت في نفسي قد يكون هذا الشخص من المحسنين والتعليق ماهو الا حافز يحفزه على البحث والقراءة لكني أيضا لاحظت أنه صار بعد ذلك لايبحث ولايقرأ فقلت في نفسي قد يكون غير مداوم على الإحسان لأنه لكي يكون من المحسنين الذين يحصلون على علم أكثر وحكمة أكثر لابد أن يداوم على الإحسان ويصبر الإحسان جزء من حياته .
وأيضا تعرفت على شخص في أحد المنتديات وهذا كان واضحا جدا انه من المحسنين المداومين على الإحسان لأن الطريقة التي حصل بها على العلم والحكمة طريقة ربانية وهي أن يعلم نفسه بتعليمه للناس حيث كان هذا الشخص يساعد طلاب العلم فيوفر لهم طلباتهم ووصل الى درجة الإحسان في هذا الشأن حتى أنه ليتواصل مع أهل العلم ويطلب منهم مالم يستطع الحصول عليه من طلبات طلاب العلم .
بالفعل هذا الشخص بلغ درجة الإحسان في خدمة طلاب العلم لأن الإحسان في اللغة معناه الزيادة .
أما الإلهام فهو واضح من قراءة ماكتبه علماؤنا فإنهم لاشك كانوا ملهمين.
ومثال على ذلك أن الشيخ محمد أباموسى كان يشرح كتاب دلائل الإعجاز للشيخ عبدالقاهر الجرجاني فلما قرأ طالب العلم قول الشيخ عبدالقاهر الجرجاني(تقديم الكلام ليس كتأخيره)استوقفه الشيخ وقال هذا من الإلهام لانه حصل على الفكرة التي أضاءت له الطريق في اكتشاف بلاغة التقديم والتأخير في الكلام ومن ثم بقية أبواب علم المعاني من علم البلاغة مثل الذكر والحذف والتعريف والتنكير أي عمم الكلام عليها فمثل ان تقديم الكلام ليس كتأخيره فإن ذكر الكلام ليس كحذفه وتعريفه ليس كتنكيره .
ماهو العلم الذي يكون جائزة ومكرمة للمحسنين؟
قد يكون من نوادر العلم وعزيزه لكني أعتقد أن المحسنين حصلوا على معلومات من إنتاجهم استخرجوها بطريقة ما وكذلك الحكمة لأن الحكمة مصدرها التجارب والتجارب لاتستخرج منها الحكمة الا بالتنبه فعلم المحسنين قد يكون أكثره منبهة .
الا أنهم قد يكونون حصلوا على علم ليس في الكتب ولم يستخرجه العلماء لأن العلماء لم يحولوا كل شيء في السليقة والفطرة البيانية والذائقة اللغوية الى علم هذا بالنسبة الى علوم اللغة .
والله أعلم

ناديه محمد الجابي
08-10-2025, 07:12 PM
"وكذلك نجزي المحسنين":

تبين أن هذا الجزاء العظيم (الحكم والعلم) ليس خاصًا بيوسف وحده،
بل هو سنة الله في عباده الذين أحسنوا في طاعته ونصحه لعباده،
فهو يعطيهم من جزاء إحسانهم علمًا نافعًا ورشدًا.
وتوضح الآية أن الله يجازي المحسنين بمثل هذا الجزاء العظيم،
وهو منحهم العلم والحكمة، جزاءً لهم على إحسانهم في عبادته والطاعة.
هذه هى الخلاصة... أفهمت مقصدك أم أخفقت؟؟؟؟
:002::011::004:

خالد أبو اسماعيل
12-10-2025, 01:41 PM
هلا أستاذة نادية
الإحسان في اللغة هو الزيادة مثلا أنك لاتكونين من الذبن يؤتون الزكاة وهذا الحق المفروض بل تكونين ممن في أموالهم حق معلوم أي أنك تدفعين الزكاة وتزيدين عليها بالحق المعلوم وهذه الزيادة هي التي أوصلتك الى أن تكوني من المحسنين وليس هذا في الصدقات فقط بل في كل شيء ومنها العبادة