أحدث المشاركات
مشاهدة تغذيات RSS

مصطفى معروفي

تأملات في ركود المشهد الأدبي

تقييم هذا المقال
يبدو أن ركود المشهد الأدبي معقد إلى درجة أن المتأمل فيه لا يكاد يجد الأسباب الحقيقية الثاوية من ورائه ،إلا أن هذا لا يمنعنا من ذكر بعض الأسباب التي نراها وجيهة في هذا الركود.
أرى أن الجمهور له نصيب في هذا الركود ، فغيابه من ورائه عوامل بعضها قاهر وبعضها ليس كذلك ،وهذا الغياب له تأثير على المبدع ،إذ أنه يشعر بالخيبة والتذمر حينما لم يجد من يتابعه أو يقرأه ،ومن ثم يلجأ إلى الانسحاب كوسيلة للحفاظ على كرامته من جهة وللحفاظ على هيبة الإبداع من جهة أخرى.وقد رأيت بنفسي ما حصل لأمسية شعرية استدعي لها شعراء من جيل الستينات لهم شهرة ومجاميع شعرية وتراكم كمي ونوعي على مستوى القصيدة ،ومع ذلك لم يحضر أحد من الجمهور ،ففشلت الأمسية وانسحب الشعراء يجرون وراءهم أذيال الخيبة.
إذا فالجمهور أحد العوامل المتسببة في الركود الأدبي،وإلا فما بالك بجمهور عنده حضور مقابلة في كرة القدم أجمل من قراءة ديوان المتنبي،نعم أجمل من قراءة ديوان المتنبي ، وأنا أعني ما أقول.
ثم إن التسيب الذي تشهده الساحة الأدبية العربية زاد الطين بلة ،فكثير من الكتابات في مختلف الأجناس الأدبية لا تسندها ولا تدعمها التجربة ،فتأتي على شكل كتابات إنشائية ليس لها نصيب من الأصالة والتميز ،إذ هي عبارة عن محاكاة لتجارب أخرى ،ولذا تجد أصحابها ذوي أصوات متشابهة لا يتميز بعضها عن البعض الآخر،فالقارئ وهو يقرأ لمجموعة من الأشخاص يشعر أنه يقرأ لشخص واحد ،وهنا طامة الأدب الكبرى.
ثم ما نراه في المنتديات الالكترونية من هجوم شرس على الأدب وخاصة الشعر ،حتى صرنا نرى أن كل من يعرف الحروف الأبجدية يستطيع أن يطلع علينا في منتدىً ما بــ"قصيدة عصماء"مليئة بالأعطاب اللغوية والإملائية ،ولا نتحدث عن الوزن فالبعض منهم لم يسمع بالعروض قط،مع العلم أن الشعر لا تصنعه العروض وحدها.
وأخيرا لا يمكن أن أبرئ ساحة الإعلام من المساهمة في هذا الركود ،فنشر الكتابات الرديئة والاحتفاء بها لأسباب لا تمت بصلة إلى الأدب، كل ذلك ساهم في خلق ذوق رديء لدى القارئ ،كما تفعل ذلك الأغاني الرديئة تماما بذوق المستمع.حتى أصبح القارئ يفضل نصا شعريا مراهقا لشعرورعلى نص ناضج لشاعر متميز بكل المقاييس الأدبية.
والآن أطرح هذا السؤال:
هل هذا الزمن هو زمن إفلاس الأدب؟
أعتقد أن خلق آليات جديدة لتفعيل الأدب كفيل بأن ينقذه من الركود الذي هو فيه ،ويكفي لخلق هذه الآليات أن نعرف الأسباب الحقيقية الكامنة من وراء ركوده.

أرسل "تأملات في ركود المشهد الأدبي" إلى Digg أرسل "تأملات في ركود المشهد الأدبي" إلى del.icio.us أرسل "تأملات في ركود المشهد الأدبي" إلى StumbleUpon أرسل "تأملات في ركود المشهد الأدبي" إلى Google

الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات