أحدث المشاركات
مشاهدة تغذيات RSS

صديق الحلو

فاطمة عبدالنبى النور

تقييم هذا المقال
اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صديق الحلو مشاهدة المشاركة
الحاجة فاطمة عبد النبي النور....
صديق الحلو.
الحزن المنسرب للشباب غير المتزوجين الآتي عبر شارع النيل.دخل غرفهم. نعى الناعي المرحومة الحاجة فاطمة. َالتي كانت تفصح دائماً عما في ذهنها. لابد أن تنفجر الحقائق يوماً. البلد مرت بكثير من المصائب والآن عليها أن تتعافى.. تحلم ببزوغ فجر عالم
جديد. بلد حرة متنورة ومحبة فوق الانتقام أنها تغفر.. موحدة، متعلمة وذكية. الارض الاسيرة سالمة، حملت الريح أحلامها حيث سيتلاشى الكذب وتسود الحقيقة.
في صباح إثنين خريفي حزين حين كان الآذان يرسل صوته الشجي بأن الصلاة خير من النوم والهواء مفعم ببرودة الصباح الباكر.، كانت الحاجة فاطمة تلفظ أنفاسها الأخيرة.. عاشت أيامها ببعض من غضب، ألم وخيبات أمل وقليل من البهجة والفرح. أحبت أولادها حتى الثمالة وكان تواصلها العاطفي متيناً. كانت كما السودان أنهاره ووديانه حقول الذرة المحملة بالمحصول الوافر. والفول والسمسم، نيله وعصافيره المزقزقة وحدائقه الوارفة وبساتينه المعطاءة. وفوق كل ذلك عمت المأساة أهلها لفقدانها بكى الجميع دون توقف.
كانت تحكي عن الثريا ودرب التبانة والعنقريب والعقرب. وعن عينات فصل الخريف.. الجبهة والطرفة البكايا والسماك. وعن المهدي الامام وكيف وجد اسمه منقوشاً على )صفق( الشجر وقشر البيض.. وعن سيوف العشر. عن التاريخ والناس والجغرافيا كانت تحكي.. عن النجوم وأبوزيد الهلالي وفاطمة السمحة والغول. ووقع الجميع في حب القصص وشرب القهوة في العصاري وأكل الترمس والفول السوداني والبلح والسمسم المقلي في أيام الشتاء الباردة، وتظل في مداراتها تهتم بالناس كل الناس.كرما وسخاء كنا نشتعل حماسا ونخمد وننسى اللحظات التعيسة. كانت تتبادل الهدايا مع جاراتها.. المسيال وفك الريق وتنتنة القهوة، تعمل بإتقان طبيخ الملوخية والرجلة والكفتة والكنافة وللتحيلة عندها طعم خاص.
تعرف في الزراعة وتربية الحيوان والدواجن. قالت لابنها البكر ذات يوم ستقتل قلبي. كان شقياً يومها وكانت دائماً ما توصيه على الصبر والصلاة. كانت تشعر بالشفقة والخجل والخوف وكانت مهمومة أن يتعلم أولادها والبنات حتى الجامعة، ناضلت امي... حتى خرجتهم في الجامعات. وبما أن زوجها متوفى لم تتوان لحظة من تحمل المسؤولية بإرادة حديدية لا تقهر.
بعد موتها راح الالق ذبلت الحديقة ما عادت الايام تضج بإثارة جديدة.. وكأن بهاءً معيناً قد غادر ساحات غرفتها وإلى الابد
.
ما عادت الاماسي بهية وفقد أبناؤها حماسهم وما عاد الايقاع هو الايقاع، وفي الايام التي تلت تلاشت المسرة، ما يشدهم للحياة صار رخواً.
وبروحها المتوهجة الوثابة تحلق دوماً في أحاديثهم. وأتت براءة أخيراً ابنة حفيدها عمر كأنما تقمصتها روح الجدة.. رفعت همتهم وصاروا بها سعداء.. يا للهول أسماؤنا تدل على مصائرنا والنهايات.
وكخيال جوال رأوا صورة روحها في النعيم تنظر وفي عينيها الفرح والسرور ويدها ممدودة لتقطف تفاحة حمراء.

أرسل "فاطمة عبدالنبى النور" إلى Digg أرسل "فاطمة عبدالنبى النور" إلى del.icio.us أرسل "فاطمة عبدالنبى النور" إلى StumbleUpon أرسل "فاطمة عبدالنبى النور" إلى Google

الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد إضافة/ تعديل الكلمات الدلالية
التصانيف
غير مصنف

التعليقات