بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى[ ومن احسن دينا ممن اسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة ابراهيمم حنيفا . واتخذ الله ابراهيم خليلا ] صدق الله العظيم {125/ النساء}
Mohamad Khalifa
Reasercher ـ Journalist
A member in the Union of swedish writers
A member in the foreign press Association
Hidinge Backe 19-3//16365 Spanga
Tel+fax : 08/7959970
mohamadkhalifa3@hotmail.com
بيان إلى الرأي العام عن :
دور الاستخبارات القطرية فيما تعرضت له من إرهاب ومحاولتي قتل من جانب استخبارات بعض الدول العربية
على الرغم من حضور وأهمية دور الاستخبارات القطرية في نطاق وسياق المسلسل الإرهابي الذي تعرضت له ابتداء من منتصف عام 1999 ـ وما يزال مستمرا متصاعدا ـ جنبا إلى حنب ، مع أدوار بقية الأطراف العربية التي تعاونت ونسقت فيما اقترفته ضدي ، مجتمعة أو فرادى ، وبخاصة الاستخبارات العراقية والسورية والمصرية والسعودية .. أقول على الرغم من حضور وأهمية دور الاستخبارات القطرية فقد ظل طي الكتمان بالنسبة للرأي العام، حتى اليوم ، مقارنة بأدوار الأطراف الأربعة الأخرى التي قمت بفضح أقدار متفاوتة مما قامت به ، وذلك من خلال البيانات والمقالات التي أصدرتها ووزعتها على الجالية المسلمة في السويد ، والمنظمات المعنية، ونشرتها في وسائل الاعلام العربية ـ لا سيما على المواقع العربية على شبكة الانترنت ويرجع هذا الكتمان إلى اعتقادي طوال هذه السنوات أن الاستخبارات القطرية تقف معي ، ضد الآخرين الظالمين الذين استهدفوني لأسباب مختلفة غير مشروعة ، إذ وجد أو اختلق كل منهم سببا خاصا به ، ثم تكالبوا علي ، حين تهيأ لهم أن ساعة وفرصة تصفية الحساب معي قد أزفت . فإما أن أرضخ لمطالبهم جميعا، وأتعاون معهم ، وأقدم الولاء لهم ، وإما أن يقضوا علي كمؤمن وككاتب حر ، وجد نفسه بعد أربعين سنة من التيه والضياع العقدي في الإرتباط بالله والولاء المطلق له ، والانتماء الأوحد لدينه ، قضاء معنويا لبعضنهم ، وقضاء ماديا أيضا لبعض آخر . وأعترف اليوم بلا خجل أن الاستخبارات القطرية نجحت في خداعي وتضليلي ودفعي للاعتقاد بتعاطفها معي ورغبتها في مساعدتي ، شأنها في ذلك شأن أطراف أخرى نجحت أيضا في ذلك لفترات مختلفة ، وهو أمر طبيعي وبدهي بحكم جهلي بأساليب وألاعيب هذه الأجهزة الشيطانية الماكرة ، ونزوعي العريزي للتعامل مع الناس بقلب سليم ونية صافية ، بعيدا عن الأحكام المسبقة والشبهات . إلا أني بفضل الله استطعت دائما فيما بعد تمييز الحق من الباطل ، والتفريق بين الصدق والنفاق ، مما مكنني من النجاة من شباك وشراك الخداع التي أعدوها لي ، وتجاوز المطبات والألغام الكثيرة التي حفروها وزرعوها في طريقي . ولمّا كان لا وجود لإنسان غير قابل للخداع ، فإن المهم هو ألا يستمر الخداع منطليا على الانسان ، وأن يستطيع المرء اكتشاف ما يحاك له ، أو ضده ، وتمييز الصديق من العدو ، مستعينا بالله الذي وعد عباده بحمايتهم من تأثير الشيطان [ قال هذا صراط علي مستقيم ، إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ] ، ومستفيدا مما سماه رسولنا الأكرم محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم [ فراسة المؤمن ] فضلا عن [ الكياسة والفطنة ] اللتين جعلهما صلى الله عليه وسلم من مزايا المؤمن . بل إني أقول بثقة إن كل تجارب الخداع التي نجح أعدائي فيها ، تحولت بحمد الله لصالحي ، وانقلب السحر فيها على السحرة [ ويمكرون ويمكر الله ، والله خير الماكرين ] إذ تراكمت لدي المعلومات الثمينة عما تقترفه هذه الأجهزة الشريرة من مكائد ، وتمارسه من نفوذ وتأثير وسطوة ، وتعيثه من فساد وإرهاب سري وعلني ، وكشفت لي الكثير جدا من رجالها وعملائها السريين الذين تمكنت من شراء ذممهم وولاءاتهم ، من طبقات الناس وفئاتهم كافة ،لا سيما من مدعي الثقافة والفكر وحملة الأقلام ، وكذلك عن أدق أسرار التعاون الأمني ، في زمن الانحطاط العربي ، هذا الذي اختزلت فيه الوحدة العربية إلى اتحاد عضوي على مستوى أجهزة الأمن لحماية الملوك التقليديين والملوك الجمهوريين الجدد ، وفي عصر العولمة أيضا ، هذا الذي لم تتحقق العولمة فيه على أي مستوى اقتصادي أو اجتماعي كما تحققت على صعيد التعاون بين استخبارات الدول كافة ، وبامتياز ، خصوصا في الحرب غير المعلنة على الاسلام .
لذلك فإنني أكشف للرأي العام للمرة الأولى الحقائق والمعلومات المهمة التالية ، عما قامت به الاستخبارات القطرية في سياق ما تعرضت له من ضغوط وعمليات إرهابية وجرائم ، بما فيها محاولتا قتل تعرضت لهما على أيدي الاستخبارات العراقية والسورية .
أولا : بدأ هذا الدور بحذر شديد منذ أواخر 1999 استجابة لطلب الاستخبارات العراقية لكني لم أتبينه إلا متأخرا ، ولم أكتشف الدافع العراقي خلفه ، إلا بعد أن ذهبت إلى قطر للاقامة فيها في مطلع اكتوبر 2000 .
ثانيا : غادرت بلدي السويد مع عائلتي إلى لندن ، في الأول من اكتوبر 2000 تحت ضغط الإرهاب المنظم والتهديد بالقتل الذي تعرضت له من طرف عملاء الاستخبارات العراقية والسورية ، بشكل رئيسي ، وأطراف عربية أخرى أهمها المصرية ، بشكل ثانوي . وتعرضت بموازاة الارهاب لعمليات تضليل وخداع ومساومة وابتزاز شارك فيها مخبرون ودبلوماسيون عرب سعوديون وكويتيون ومغاربة بتنسيق واضح وهدف واحد .
ثالثا : في لندن اكتشفت أن خطة الأطراف المذكورة كانت تقتضي إجباري على مغادرة السويد ثم إقفال كافة الأبواب التي يحتمل أن أقصدها في وجهي وإبقاء باب سوريا وحده مفتوحا أمامي لكي أضطر للتوجه إلى سوريا ، حيث كان سيتم إجباري على البقاء فيها طوعا أو كرها ، ومنعي من العودة للسويد ، أو الخروج إلى أي مكان ، وتصفيتي أو اعتقالي إذا أصريت أو رفضت . ونجح الشطر الأول من الخطة بخروجي من السويد ، وإغلاق الأبواب التي كان يحتمل أن أطرقها، لكن الشطر الثاني لم ينجح ، بل أحبطه الله إذ قيض الله لي أمير قطر بمحض الصدفة ، إذ كان يوم وصولي إلى لندن في زيارة لبريطانيا، فاتصلت هاتفيا بصديقي العزيز الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني ، وشرحت له وضعي الشخصي والعائلي ، فرحب الشيخ بنا في قطر ، وعلمت في اليوم التالي من السفير القطري في لندن أن التعليمات جاءته من صاحب السمو أمير قطر شخصيا . وعلمت المخابرات السورية بما جرى فأسقط في يدها ، لكنها اتصلت بنظيرتها القطرية للالتفاف على الأمر الأميري وإلغائه .
رابعا : بعد وصولي إلى قطر تلقيت وعودا سخية وحفية من الشيخ حمد بن ثامر بتوفير العمل لي والإقامة والمدارس لأولادي خلال أيام فقط ، وعلمت أيضا أن الأمير يتابع أموري بنفسه . لكن ما حصل أن المخابرات القطرية تدخلت نتيجة ضغوط مكثفة من المخابرات السورية والعراقية والمصرية ، واستطاعت تأجيل إي إجراء عملي لمصلحتي ، وفي نفس الوقت قامت بعزلي عن جميع زملائي وأصدقائي ومعارفي في قطر ، وهم كقيرون ، بمن فيهم الذين تربطني بهم علاقات عمل في صحيفة [ الراية ] التي كنت أراسلها من أوروبا وأكتب فيها عمودا يوميا منذ ستة عشر عاما كاملة ، وبالمقابل ترك لعملاء المخابرات السورية في قطر أن يلتفوا حولي ، ويحاصروني ، قبل أن يفهوني أنه ليس لي سواهم [ !!] كما أفهموني بأوضح أساليب الابتزاز اللئيمة ، أن هناك فيتو كبيرة علي من قبل القيادة في دمشق ، وأنه لن يكون بإمكاني العمل والاقامة في قطر بدون موافقتهم ، وأنهم لن يعطوا هذه الموافقة أبدا ، لأنهم يريدونني في سوريا ، لا في أي مكان آخر . وأن معارضتي السياسيةالطويلة للنظام السوري ، وكتاباتي القاسية ضده ، وضد الرئيس حافظ الأسد ، وضد توريث السلطة لابنه بشار هي السبب في هذا الموقف . لكني كنت أعلم أن هناك أسبابا إضافية ، منها أن المصريين أيضا يريدونني في سوريا وقد اتفقوا معهم على ذلك ودبوا معا خطة استدراجي إليهالأسباب خاصة بهم أيضا ، فهم يخشون أن أفشي أسرارا سياسية مهمة تتعلق بهم وبنشاطهم السياسي الاستخباري على الساحة العربية ، وتحديدا عن سيطرتهم على أهم التنظيمات الناصرية القومية في البلدان العربية ، وأسرار أخرى تتعلق ببعض الشخصيات المصرية المعروفة ، ونشاطاتها ، وسيطرتها على بعض كبريات ما يسمى زورا بمنظمات الرأي العام والمجتمع المدني ذات الطابع القومي والاسلامي .
خامسا : تحولت إقامتي في قطر من وعد أميري كريم ، إلى ابتزاز لئيم ، وتحولت حياتنا فيها إلى كابوس مرعب على أيدي الاستخبارات القطرية . فقد وجدنا أنفسنا أنا وأسرتي ، في وضع يشبه القفص الصغير ، تحيط بنا عشرات الوحوش التي لا تعرف الرحمة . فقد استدعت الاستخبارات القطرية بعض عملاء الاستخبارات العراقية الذين هربنا من السويد بسببهم إلى الدوحة وسلطتهم علي ، لتفهمني أنه لا بد لي من مصالحتهم والرضوخ لشروطهم قبل أن أحصل على أي شيء في قطر . كما سلطوا علي عملاء الاستخبارات السورية كما ذكرت ، ليفهموني أنه لا بد لي من مصالحة النظام السوري قبل الحصول على أي شيء منهم أيضا ، ومن خلفهم كان المصريون عبر عملائهم يشيرون علي بضرورة القببول بالحل السوري ، والسفر إلى سوريا ، وأن لا أتوقع شيئا من القطريين !! لا بل إن القطريين سمحوا لعناصر من الاستخبارات العراقية جاءت من بغداد بتهديدي الصريح والمباشر بالقتل ، داخل الدوحة ، كما سمحت لعملاء الاستخبارات الأردنية بإيصال مواد إسرائيلية إلى سكني لمتابعة تضليل بدأه عملاؤهم في السويد قبل خروجي منها لإيهامي بأن الاستخبارات الاسرائيلية هي التي تقف وراء كل ما أتعرض له ، إبعادا للشبهة عن الاستخبارات العراقية !!!
بقيت أربعة شهور في الدوحة مع عائلتي ، ولم نحصل على شيء سوى الوعود اليومية المنقولة عن كبار المسؤولين ، وخاصة الشيخ حمد بن ثامر الذي كان يؤكد لي نفس الوعود في اتصالاتي الهاتفية شبه اليومية معه ، وكذلك عن طريق الذين كنت أظنهم في الماضي أصدقائي وزملائي في جريدة [ الراية ] . وتبينت أن كل ذلك كان مجرد حقن مخدرة ، تحقنني بها الاستخبارات التي تبنت مطالب أعدائي كاملة ، وأصرت على عدم تنفيذ أي وعد أعطي لي من الأمير ومن الشيخ حمد بن ثامر ، قبل أن ألبي مطالب جميع أعدائي ، وهو أمر بالغ السخف والخسة ، لأنني لو كنت أقبل بشيء من ذلك ، لما اضطرات لمغادرة السويد ، إذ كان يكفيني أن ألبي بعض تلك المطالب لتنتهي المشكلة ، وأحصل بالمقابل على أكثر مما هو معروض علي عن طريق القطريين ، وأبقى مطمئنا في بيتي وبلدي .. إلا أن سوء تقديرات الاستخبارات القطرية وسوء تقويمها لي، ونظرتها الاستكبارية ، واعتقادها أني لن أستطيع الرفض نتيجة للظرف المرير الذي كنت موجودا فيه مع عائلتي ، وعدم وجود أي خيار آخر أمامي ، مما سول لها ، وجعلها تحلم بتحقيق اختراق كبير على جبهتي ، وانجاز نجاح ثمين ، سيق أن فشل فيه المصريون والعراقيون و السوريون ، فرادى ، أو متكتلين ، فأغراها كل ذلك بأن تضعني في ما يشبه [ القفص ] أو السجن ، وإجراء مناقصة دولية علي ّ لدعوة كل من له علي أو عندي مطلب ، من استخبارات الدول العربية وأنظمتها ، وبيعي لها بهذه الطريقة الرخيصة ، والضغط على جراحي وجراح أطفالي ، حتى أرضخ ، إلى حد أن إبنتي الكبرى أصيبت في قطر بالاكتئاب الشديد ، وشارفت على الاقدام على الانتحار، بينما كان القطريون يتفرجون علينا ويتسلون بعذاباتنا ، ويطلبون منا الاستسلام لأعدائنا ، حتى يمكنهم مساعدتنا !
سادسا : أدركت حقيقة اللعبة التي تقوم بها الاستخبارات القطرية ، فهي تتظاهر بالضعف وأنها لا حول لها ولا قوة أمام مشكلتي المعقدة ، وتدعي بأنها تريد مساعدتنا ولكنها مجبرة على تأجيل ذلك حتى تسوي جميع مشاكلي مع الأطراف العربية تحت ضغط هذه الأطراف ، ولم يكن هذا صحيحا ، بدليل مسلسل الأكاذيب والوعود الزائفة ، وتسليط أعدائي علي ، وعدم الوضوح في التعامل معي .
عندما أدركت حقيقة اللعبة الماكرة على هذا النحو ، وأيقنت أن الاستخبارات القطرية انضمت إلى الأطراف الأخرى لإجباري على القبول بما تريده مني اتخذت قرارا فاجأ الجميع ، وقلب الطاولة في وجوههم ، إذ قررت بعد الاتكال على الله العودة إلى السويد ومواجهة مصيري وأعدائي في نفس المكان الذي بدأت فيه المؤامرة ، ذلك أن الجميع كان يبني حساباته على أني لن أجرؤ على العودة للسويد ، وأني غادرتها نهائيا ، وأنه إذا أغلقت قطر في وجهي آخر أبواب الرجاء فسأضطر لا محالة للقبول بالعودة إلى سوريا ووضع نفسي في قبضة النظام السوري ، خصوصا أن هذا كان يقدم لي وعودا وإغراءات ، ونجح في توظيف بعض أقربائي وأصدقائي السابقين لطمأنتي وتضليلي .
ولقد اكتشفت في نفس الوقت أن كل الوعود التي سبق أن قدمت لي من بعض الدول العربية كالسعودية والكويت سحبت تحت ضغط السوريين والمصريين ، أو إنها كانت بالأصل مجرد جزرة هدفها خداعي وحثي على القبول بالمعروض عليّ من سوريا ، لأن وضعي في قبضة النظام السوري كانت معقد آمال الجميع ، وتحقق للكل ما يريدونه مني لأني سأنتهي ، أو ينتهون مني للأبد ، ولذلك رفضت وتحاشيت هذا المصير بكل ما أمكنني ، وفضلت عليه أي خيار آخر لأنه بمثابة الانتحار أو الاستسلام للموت على أيدي أعدائي !
سابعا : غادرت الدوحة عائدا للسويد بعد أربعة شهور مريرة . كنت أشعر في لحظة المغادرة بشعور يختلط فيه الأسى الشديد مما تعرضت له في قطر من مقلب حقير وخيانة لا مبرر لها ، بالاعتزاز بإيماني وبربي الذي أعانني على التحمل والصمود في وجه هذا الفصل الجديد من المؤامرة وأطرافها الذين تجردوا من كل رحمة وخلق ، ومكنني من إفشالها . وقبل أن أغادر الدوحة التقيت الشيخ حمد بن ثامر في مكتبه وأطلعته على قراري وودعته ، فأبدى تمسكه الشديد بي وقال إنهم بحاجة لي ، ويريدونني أن أساهم معهم في تطوير الاعلام القطري ، وأكد لي أن مرسوم تعييني في الهيئة العامة للاعلام الخارجي موجود في الديوان الأميري ينتظر التوقيع فقط من الأمير ، وقال إن هذا قد يتم غدا وقد يتم بعد شهر . فقلت له أنا مضطر للعودة للسويد لحاجة أولا دي للمدارس ، وعندما يوقع الأمير المرسوم اتصلوا بي هاتفيا فأحضر .. ، وبناء على ذلك أصر الشيخ حمد بن ثامر أن أترك جميع حاجياتنا وأشيائنا العائلية والمنزلية في أمانتهم لأننا كما قال عائدون حتما ، خلال يضعة أسابيع أو أيام !! وكنت قد شحنت هذه الأشياء من السويد إلى قطر بعد شهرين من وصولي إليها ، بمساعدة بعض الأصدقاء في السويد ، وهي تضم كل جنى وتحويشة العمر الحميمة والثمينة ، بما فيها كتبي وأرشيفي ووثائقي الشخصية وملفاتي وأوراقي ومخطوطات مؤلفات وأبحاث عديدة غير منشورة وغير مكتملة ، فهي أثمن ما أملك ، وكل ما أملك ، وحصيلة عملي وعلمي خلال ثلاثين عاما ، وهي تساوي حياتي نفسها، شحنتها من السويد إلى قطر بناء على تأكيدات الشيخ حمد لي بأني سأبقى في بلادهم ، ثم تركتها في عهدته وأمانته الشخصية داخل الشقة التي أسكنوننا فيها وهي تابعة لقناة الجزيرة ، وبناء على تأكيداته وتعهداته هو أيضا .
ثامنا : عندما عدت للسويد اكتشفت أن المؤامرة القذرة دخلت مرحلة جديدة ، وذلك بالتلويح لي بأن عودتي المأمولة إلى قطر مشروطة بالقبول بما تطلبه مني الاستخبارات العراقية تحديدا ، فرفضت بإباء وإصرار ، ومع مرور الوقت أدركت أن ما قاله لي الشيخ حمد في اللقاء الأخير كان من إعداد الاستخبارات حرفيا ، سيما أني وجدت أحد كبار رجالهم يومئذ في انتظاري في مكتب الشيخ حمد ، وطلب مني أن نلتقي لبحث بعض الأشياء المتعلقة بوضعي ، وأدركت أيضا أن حاجياتي وأشيائي الثمينة التي تركناها في عهدتهم صارت رهينة في أيديهم ، ووسيلة ضغط وابتزاز جديدة ضدي ، لأنهم يعلمون أهميتها بالنسبة لي ، وكان تقديرهم أني إذا استغنيت عن العودة لقطر ، فلن أستطيع الاستغناء عن هذه الأشياء الثمينة بالنسبة لي ولأسرتي ، فهي كل ما أملك من حطام الدنيا ، ولا شك أن تقديرهم لأهمية هذه الأشياء صحيح ، ولكن تقديرهم لعدم استعدادي للرضوخ لاملاءات أعدائي كان محض خطأ ، ولذلك كله رفضت أن يبتزوني بها .
وبعد شهرين ونصف اتصلوا بي من مكتب الشيخ حمد وطلبوا مني العودة إليهم في قطر لحسم هذه المسألة فإما أن نتفق وأبقى للعمل ، وإما نختلف وأحمل متاعي وأعود للسويد فوافقت ، وذهبت إلى هناك ، وأجبرت على البقاء شهرا كاملا تعرضت خلالها لأسوأ أشكال الابتزاز والمعاملة المهينة ، والضغوط المادية والنفسية ، وكنت خلالها ألتقي برجل الاستخبارات الذي تعرفت عليه في مكتب الشيخ حمد قبل سفري السابق للسويد ، ثم أفهموني بجلاء أنه يتعين علي أن أصالح الاستخبارات العراقية ، وأن أصالح النظام السوري ، حتى يمكنهم أن يستقبلوني في قطر ، فرفضت بحسم وقوة ، بل إني رددت على أساليبهم اللئيمة بأن أصدرت بيانا من الدوحة هاجمتهم فيه وطالبت الأمير بمحاسبة المسؤولين عن كل ما أصابني منهم لأنه يسيء له ولبلده قبل أن يسيء لي . وعندما غادرت أصريت على شحن متاعي ومكتبتي معي ، لكنهم استطاعوا خداعي مجددا ، وإبقاء تلك الأشياء الثمينة عندهم ، وأوحوا لي لاحقا بأنهم فعلوا ذلك تعبيرا عن تمسكهم بي ورغبتهم بعودتي إليهم . وقبلت منهم هذا التفسير لأني ما زلت أرجح حسن النية في تعاملهم معي وأجد المبررات لما فعلوه ظنا مني أنهم أجبروا على ذلك . والجدير بالذكر أنه بعد أن فشل السوريون في محاولاتهم لإجباري على الرضوخ لما يبيتونه لي ، أي العودة إلى السجن في سوريا على قدمي تقدم [ المصريون ] وحاولوا مساومتي على العودة لقطر ولكن بشروطهم ، وبمقابل مصالحة النظام السوري ، ووعدوني بتقديم ضمانات لحياتي وسلامتي إذا ذهبت إلى سوريا في زيارة قصيرة لإتمام المصالحة فقط ثم العوة لقطر للعمل والاقامة فيها ، فرفضت أيضا وشككت بصدقية أي ضمانات تقدمها الاستخبارات السورية ، لأني متأكد مما يضمرونه لي نتيجة معرفتي بما جرى بيني وبينهم في السويد ، فضلا عن معرفتي بما هو قائم بيني وبين كل من حليفيهم العراقي والمصري ، وقد أبلغتهم رفضي المطلق لمبدأ المصالحة مع النظام السوري بعد ما اقترته الاستخبارات ضدي في الشهور السابقة . ويبدو أنهم ردا على ذلك أخذوا تعهدا من الاستخبارات القطرية بقطع كل صلة لي بوسائل الإعلام القطرية وإيقافي عن العمل معها للأبد ، وقد حدث كل ذلك فعلا ، ولكني عندما استشعرته سبقتهم إليه فأوقفت عملي مع صحيفة الراية قبل أن يطلبوا هم مني التوقف، لكن القطريين أوحوا لي بأنهم مجبرون على تلك الإجراءات العقابية ضدي ، وقد صدقتهم بالفعل، وكنت حتى مطلع هذا العام 2003 ما زلت أعتبرهم أصدقائي وأهلي وأخوتي .وأخاطبهم على هذا النحو وأتبادل معهم الرسائل ، وأتلقى منهم إجابات مباشرة ، إحداها من سمو ولي العهد في أغسطس 2002 . فضلا عن أنهم استطاعوا فتح قناة جانبية معي من خلال أحد عملاء الاستخبارات السعودية الناشطن في السويد ، ويبدو أنهم قد استعاروه منها ليطلعهم ويزودهم بتطورات قضيتي ، وينقل لي تطميانتهم المتكررة بتعاطفهم معي متأييدهم لي ، وانتظارهم للحظة التي يتمكنون فيها من دعوتي للعودة إلى قطر ، والعمل عندهم كالسابق وأكثر ، وذلك عندما ترفع الأطراف المذكورة الفيتو الموضوع علي !!
تاسعا : في منتصف 2001 تلقيت عدة وعود من القطريين بواسطة عميلهم السعودي في السويد بأن عودتي إلى قطر ستتم خلال شهرين أو ثلاثة فقط ، وبناء على ذلك استعديت وبدأت تصفية بيتي في السويد ، وأرسلت أسرتي إلى دبي ، ثم لحقت بها ، وهناك تعرضنا لمسلسل ابتزاز جديد قاده عملاء الاستخبارات المصرية بشكل رئيسي ، والعراقية بشكل ثانوي ، ومن خلال اتصالاتي مع الدوحة ، وجدتهم يتنصلون تماما مني ومن متاعي الذي استبقوه عندهم ، ولم يعد يصدر عنهم أي وعد أو رد عن رسائلي ، وظل الشيخ حمد الذي كنت أهاتفه يسوف ويؤجل ويتهرب . وسافرت إلى الدوحة وبقيت فيها اسبوعا كاملا في اكتوبر 2001 ولم أتمكن من مقابلة أي منهم ، وتجاهلوني تماما وتهربوا من لقائي ، بل صاروا يتنصلوا من مسؤوليتهم عن ضياع متاعي !
عاشرا : رغم ذلك ، فقد أرسلوا لي بعد ذلك وطوال الفترة من نوفمبر 2001 إلى اليوم إشارات ورسائل غير رسمية وتطمينات عن طريق عميلهم إلى وقوفهم بجانبي وتأييدهم لي ، وأنهم اتخذوا ما اتخذوه مرغمين ومكرهين تحت ضغط الأطراف الثلاثة . وقبلت هذه الأعذار نتيجة قناعتي الراسخة أن عدوي الحقيقي هم السوريون وحلفاؤهم العراقيون والمصريون تحديدا ، وأنه لا سبب ولا مبرر للقطريين لكي ينضموا إلى جبهتهم ، لأني كنت صديقا مخلصا لقطر طوال عقدين من السنين ، وخدمتها بشرف وصدق ، فلماذا لا يبادلني القطريون الود والاخلاص والصدق ؟؟ ولماذا يعادونني ؟؟ هل هي مصالح الدول التي تعلو على مصالح الأفراد ؟؟ أم هي الطبيعة الاجرامية المتأصلة في أجهزة الاستخبارات ؟؟
على أي حال لقد استشعرت في الأشهر الأخيرة أن الأمر طال أكثر مما يجب ، وأن السطات القطرية عليها أخلاقيا أن تلتزم بما وعدتني به وتعهدت لي به على أعلى المستويات ، وأن تتخذ قرارا شجاعا بالوقوفمعي والخروج من دائرة الحياد والوسطية ، إن لم نقل من دائرة الأعداء الذين بدأت سكاكينهم تقطع شراييني بعد ثلاث سنوات ونصف من الضغط والارهاب والاجرام وفقدت عملي ومنعت من الكتابة والتعبير في صحف ومجلات واعلاميات العالم العربي كافة ، بل ومنع الناس والأصدقاء من الاتصال بي والحديث معي ، وروجت الشائعات عن جنوني ومرضي بطريقة تجعل القتل أهون وأخف وطأة علي وعلى أفراد أسرتي . وأرسلت للقطريين عدة رسائل شفوية ومكتوبة طالبتهم فيها بترجمة تعاطفهم وتأييدهم لي إذا كانوا صادقين وجادين ، وقلت لهم إنهم إذا لم يفعلوا فهذا يعني بالنسبة لي أنهم يكذبون علي وأنهم يؤيدون أعدائي ويسكتون على محاولات قتلي والقضاء علي . ولم أتلق منهم سوى رسائل شفوية على نفس الإيقاع السابق ، رفضتها ، وأخيرا أرسلت رسالة إلى أمير قطر شرحت له فيها ما تعرضت له من استخبارات بلده ، وقلت فيها :
{ يا صاحب السمو .. لا أريد أن تتدهور علاقتي بقطر إلى هذا الحد فأنتم أهلي ، لكني لا أستطيع الاستمرار في الانتساب إليكم بينما استخباراتكم تعاملني بهذه الخسة وتتآمر على حياتي مع أعدائي ، ويبدو واضحا لي الآن أنهم كانوا وما زالوا ينتظرون قتلي ، حتى يتخلصوا ويرتاحوا من أي حرج أسببه لهم بعد أن تعقدت مشكلتي ، وفشلت محاولات إرضاخي وإخضاعي لتلك الأطراف الباغية .
إني بكل تأكيد سأنشر بعد أسبوع واحد فقط من الآن ، كل ما جرى بيني وبينهم ، خاصة الاتصالات السرية في العامين الأخيرين ، وأنا على ثقة أنها ستشكل غنيمة ثمينة للأطراف الأخرى التي تضمر لكم ولبلادكم أضعاف ما تضمره لي .
إن نشر ما جرى وأصابني من استخباراتكم يمثل بالنسبة لي تأكيدا لمصداقيتي وتعويضا بسيطا جدا عما لاقيته منهم ، من أضرار مادية ومعنوية فادحة وقاسية ومهينة جدا .}
ولم أتلق للأسف ردا شافيا ، ولذلك قررت أن أفي بتحذيري وأنشر على النا س صفحة أخرى من صفحات الإجرام والارهاب الذي تعرضت له لعدة سنين متتالية ، من جانب استخبارات دولة عربية أخرى ، بلا أي سبب أو مبرر على الاطلاق ، كما إني أكرر القول بأن الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني يتحمل شخصيا مسؤولية الحفاظ على ما تركته لديه من متاع أمانة في عهدته ، وأحمله مسؤولية ما قد تتعرض له ، وأطالبه بإعادتها لي ، على الأقل .
حرر وصدر في ستوكهولم في 15 صفر 1424 الكاتب الصحافي
المصادف 17 ابريل 2003 محمد خليفة