سلام اللـه عليك ورحمة اللـه وبركاته
تحية قطفتُها من قلبي
رسالـة إليكِ
حـرة الحبيبـة
تأخرتُ حـرة، وقد علمتِ أنني كنتُ سجينةً بأرضٍ بعيدة، لايسكنها غير الصمت والذكريات وحفنة من بقايا الألم، وماكنتُ لأترككِ جالسةً قربَ شجر الصفصاف، تنادمين القلق والخوف وذكرى الأحبـة، وقد تركتُ القلبَ بين يديكِ شمعةً أقسمتْ ألاّ تنطفئ إكراماً لكِ، وقد عاهدَتْني على حراسةِ قلبكِ النقي من أحزانٍ أنجَبَتْها السنون.
ماكنتُ لأترككِ تقلّمينَ أشواقكِ لأحلامنا التي انهارتْ ذات وجع، والوردُ وزّعني ووزعكِ على مرافئِ الأمل، ماكنتُ لأترككِ تبنينَ مدائنَ لاتعرفنا ولانعرفها، والبحرُ يسكننا مذْ أدّى القسمَ الأكبر بمنصةِ قوسَ قزح.
حرة، أتعلمين أن القلبَ كان يحلّقُ مع النوارس، يبثُّ عشقَه لأهدابِ اليمامة البيضاء التي تحفظ عهدكِ مثلي، حتى وهو مسجونٌ بقلعةِ المرض، تزوره ملكةُ الأسقام الروحية لتنفث فيه وجعاً إثرَ وجعٍ إثرَ آخـر، وقد أيقنتْ أنني بعيدةٌ مكاناً عنكِ، وأنّ جدرانَ الشمس الدافئة التي رسمنا عليها أحلامنا وبسمتنا الصغيرة قد تشققتْ وهوتْ، حين طواني الغيابُ وألبسني ثوباً أصفرَ مهلهلَ القسمات والخطوات؟؟
أين ابتسامتكِ التي ذرفتْ من أجلها أحلامُنا أحلاماً تشبهها؟؟ أين ابتسامتكِ التي راحَ الرسامون يتفنّنونَ برسمها على جدرانِ أصيلةَ فنطقتْ بكِ، ورسمتْكِ هي الأخرى على جدرانِ روحها؟؟؟
عدتُ أفكّ أغلالَ تعبٍ أحرقَ حدائقَ حرفي وروحي، ولكنني مانسيتُ عهدَ الورد والحبّ والحلم، وماهجرتُ البسمةَ التي صنعناها معاً من ورقِ اللوز وشجرِ الغياب. فهلاّ ابتسمتِ ؟؟؟ هلاّ ابتسمتِ كيْ أستعيدَ سفائني التي تسللتْ خلسةً إلى أوردةِ الحزن، مكرهةً، وقد غارتْ منّاَ الأشجانُ والأحزانُ واتفقتْ على ترحيلنا عن بعض، فعلّقتْ رُقعةَ النفي على بواباتِ الحلم؟؟؟
أتدرين بِمَ كانت ملأى سفائني؟؟ لعلّكِ تذكرين أطايبَ الحرف الذي اسّاقطَ علينا ذاتَ خريفٍ، ونحنُ نعدّ عجينَ الحلم تحتَ شجرِ التفاح، ونطرّز أثوابنا بالفضة والسنابل، ونعدّ أباريقَ الشاي والقمرُ يرقبنا، والنجومُ تتراقص على أفنان روحيْنا وقد حان السفر إلى أرضِ الفرح..إنها هي حرة..
..لنبتسم معاً حتى تعودَ السفائن، ونحنُ نتحدى الألم بقلـبِ وردة..