دَعني أغرق في عَينيك
قصة قصيرة
امتلأت القاعة الضخمة بالمدعوّين الذين أتوا من مختلف الأنحاء , و الذي وضح من أسلوب حوارهم ومن أناقتهم أنهم ينتمون للطبقة الراقية , تلك الطبقة التى تحسب لكل خطوة أو كلمة ألف حساب
و بالرغم من العدد الضخم من المدعويين , إلا أن تنظيم الحفل كان رائعاً بحق , والذى جعل المدعوين لا يشعرون بأي إزدحام , و انسابت الموسيقى الهادئة العذبة عبر أثير المكان لتُضفي على جو الحفل لمسة رومانسية , ليشعر الموجودين بأنهم انتقلوا لعالم آخر .
و في وسط هذا الحفل الرائع , كانت جيهان تخطو برقة عبر أروقة القاعة , كانت بخفّة خطواتها , كفراشة جميلة تتقافز عبر الزهور ببياض بَشرتها و رَشاقة قَوامها , كانت تملك وَجهاً مَلائكياً تستريح له النفوس عندما تراه , و عينين واسعتين عسليتين صافيتين , و زاد جمالها رِدائها الرائع , والذي جعلها كأجمل فتيات الأرض
لم يكن من العجيب ألا تكون محط إعجاب كل من فى الحفل ,و لكنها كعادتها لم تعر أحد اهتمامها , فهي دوماً لا تبحث عن الظهور, كانت دوماً تفضل السكون بعيداً عن الأنظار وعن العيون , لم تحب أبداً تلك الحياة المليئة بالمجاملات والنفاق , إنها تحب الحياة بطبيعتها دون رتوش .. تحب أن تعيش على طبيعتها دون اللجوء للخداع والمجاملة
لم تُعجب أبداً بكلمات الإطراء والإعجاب من كل شاب تقع عيناه عليها , كانت تشعر دوماً بتفاهتهم و اهتمامهم بالشكل دون المضمون
وحانت منها التفاتة .. لتلتقي عيناها بعينيه .. وتوقّف الزمن .. وسكت الحضور .. أو هكذا خُيّل إليها .. لتنتقل لعالم آخر .. عالمه , كان وسيماً بحق .. ملامحه الشرقية المحفورة على وجهه و التى تعطيه معنى مييز للرجولة , قامته الممشوقه , وجهه المريح , شعره الأسود المتفحم , وعيناه الواسعتين لم تر مثل تلك العينان من قبل , تلك العينان التى اخترقتا كيانها لتصل إلى أعماق قلبها .. لتحدثها عن عالم سماؤه وردية .. وعبيره منثور عبر الأجواء
شعرت بتدفّق الدماء إلى وجنتيها, شعرت بنبضات قلبها تهتف له .. قلبها الذي نسى النبض و معنى الحب , قلبها المجروح الذي أقسم ألا يعشق مرة أخرى
لا تدري لماذا تسمّرت أمامه ؟.. لماذا نسيّت أحزانها فجأة ؟.. لماذا شعرت بصحوة أحاسيسها الرقيقة ؟ .. و بتفجّر أحاسيس الحب بداخلها مرة أخرى , تاهت وسط بحور عينيه .. بدون مرسى .. وكأنها أصبحت تريد الغرق .. بين عينيه.. كأنها تهتف من أعماقها .. دعني أغرق فى عينيك
كان المشهد عجيباً بحق .. جيهان واقفة شاردة , وكأنها انتقلت لعالم آخر .. تتأمل عيناه .. دون أن تبادله الكلمات .. كلمات عينيها كانت تكفى كى يفهم أي شخص أنها وقعت مرة أخرى في الحب .. أخيراً وجدت ضالتها المنشودة .. وجدته ..
ارتسمت ابتسامة خفيفة على طرف شفتيها , وهى تنادى أحد مشرفي الحفل
ثم أشارت للّوحة التى تزين الجدار .. وقالت :
أريد شراء تلك اللوحة من فضلك ....
تـَـمَّــت
أحمد فؤاد