في الفترة الأخيرة تعدد الجهات التي تجمع التبرعات في العالم الاسلامي . و لوحظ دخول بعض الجهات المعروفة بأنها ذات صلات بمنظمات مشبوهة الي الميدان مستغلة إمكانياتها الإعلامية التي تفوق غيرها لتجمع التبرعات من الشعوب العربية التي يجرفها الحماس للبذل و العطاء بدون تفكير . و للأسف فان هناك توجه منظم لتبديد هذه الأموال في غير الأولويات التي رصدت لها . فالظاهر ان كلها ذهب في شراء الطعام و الشراب و السلع المادية و الدواء و لم يذهب منها شيئا للمقاومة التي تتحمل عبء الدفاع عن الشعب الفلسطيني .
نعم يجب تقديم العون المادي للفلسطينيين ، لكن الطعام و الشراب فقط معناه أننا نهيئهم للذبح . فالفلسطيني يحتاج الي ما يدافع به عن نفسه و أهله قبل أن نوفر له الكساء و الدواء . انهم في حرب مستعرة تدور من بيت الي بيت و ليسوا لاجئين في مناطق معزولة هادئة ينتظرون الطعام و الدواء .
ليس معني هذا التقليل من المعونات العينية لكن الأولوية للتسليح و ليس افراغ حماس الأمة في إرسال شاحنة تمنعها حكومة الاحتلال علي الحدود!
و لأن باب التبرع أصبح هو الباب الوحيد تقريبا المفتوح امامنا لدعم الشعب الفلسطيني ماديا بعد الحصار الذي تفرضه الحكومات العربية علي شعوبها و اغلاق باب الجهاد فان هذا الموضوع يحتاج الي ان يعلم المتبرع أين تذهب نقوده ، و الاطمئنان إلى أنها لم تذهب إلى جيوب شارون و من علي شاكلته أيا كان مسماه .
أولا : يجب أن تصل التبرعات بشكل مباشر الي المقاومة الفعلية ( حماس ، الجهاد ، كتائب الأقصي ) إما عن طريق الاتصال المباشر بممثليهم المتواجدين في بعض الدول ، أو عن طريق أشخاص موثوق بهم يمكنهم التوصيل . و ليس عن طريق الهيئات الرسمية و المنظمات التي تخضع لألف رقيب و رقيب داخلي و خارجي و التي غالبا ما تتعامل مع السلطة الفلسطينية حيث الرجوب الخائن و أمثاله من المتطوعين كشرطة للعدو .
قد يكون هذا الأمر صعبا و ليس يسيرا، لكن مشقة الجهاد بالمال تفرض علي المتبرع أن يتأكد من وصول المال الي من يستحق .
ثانيا : الشعب الفلسطيني يحتاج إلى السلاح للدفاع عن نفسه ، فالمقاومة لن تستطيع الصمود أمام الدبابات إلا بالسلاح و خاصة الأسلحة المضادة للدروع . و عن طريق المخلصين المقيمين علي الحدود يمكن دعم تهريب هذه الأسلحة إلى الداخل . فإذا افترضنا أن قذيفة الـ "ار بي جيه " تساوي ألف دولار فان مليون دولار تكفي لتهريب ألف قذيفة لمواجهة ألف دبابة . و هذا يعني أن الصهاينة لن يستطيعوا دخول المدن الفلسطينية ، لأنهم يخافون الخروج من الدبابات خشية القنص . و بالتالي يتم تحييد سلاح الدبابات تماما .. أي لن يستطيع المحتلون البقاء في أي مدينة فلسطينية .
ثالثا : يجب أن تكون التبرعات للمنظمات و الهيئات الحكومية تبرعات عينية و ليست مالية و التأكد من وصولها الي الشعب الفلسطيني عبر القوافل الجماعية ، لأن بعض المنظمات تستخدم أموال التبرعات في الانفاق علي الدعاية الخاصة بها هي و الصرف علي أنشطة ذاتية لم يدفع المتبرعون أموالهم من أجلها .
رابعا : الحرص في التعامل مع الحسابات المصرفية لأن منظمات المقاومة الفلسطينية مطاردة ، و في ظل الحملة الأمريكية علي ما يسمي بالأرهاب لم يعد سهلا فتح حسابات لدعم المقاومة ، و من هنا يجب التأكد من الحسابات التي يعلن عنها تحت مسميات مختلفة.
خامسا : البحث عن وسيلة لتقديم الدعم المباشر للأسر الفلسطينية عبر وسطاء موثوق بهم بمبالغ شهرية ثابتة و خاصة أسر الشهداء و المقاومين و المضارين و المحتاجين لضمان توفير ما يقوي هذه الأسر علي تحمل الأذى و الأضرار المتلاحقة .
هذه بعض المقترحات لضبط حركة الشارع العربي حتي لا يتحول هذا الجهد الرائع الي نكسة مثل غيرها من النكسات التي نشهدها في ظل العشوائية و محاولات اعداء الأمة اختراق صفوفنا من خلال دخلاء لتفريغ تحركات الأمة من مضمونها و تشتيت جهودنا بدلا من تجميعها و تقويتها لتحقيق ما نريد من أهداف .
بقلم : عامر عبد المنعم