مسافر من زمان العولمة
شعر : د. جمال مرسي
أتيـتُ إليـكِ مجـروحَ المشـاعِـرْ من الزمنِ الـذي يُدعـى معاصـرْ
أتيتُكِ يا سُليمـى ، فامنحينـي جـوازَ مــرورِ مـجـروحٍ و حـائـرْ
أتيتُـكِ و الجـراحُ تقـضُّ نـومـي و تـغـرسُ فـيــهِ آلافَ الخـنـاجـرْ
أتيتُكِ فاقبلـي بعـض اغترابـي فإن الجُرحَ في الأعمـاقِ غائـرْ
قطعـتُ إليـكِ سيـراً ألــف عــامٍ جميعـاً قـد أُحيطـتْ بالمخـاطـرْ
لـعـلـي أجـتـنـي ورداً جـمـيــلاً سَقَتْـهُ بِخَـدِّكِ السُّحـبُ المواطـر ْ
و أنهـلُ إن ظمِئـتُ المـاءَ عذبـاً نَقِـيَّ الأصـلِ موثـوقَ المـصـادرْ
أتـوقُ لحلبـةٍ مــن ضــرعِ شــاةٍ و تمـرٍ تُطعمـيـن بطـيـبِ خـاطـرْ
تعـامـت أعـيـنُ الحُـسَّـادِ عـنــهُ فلم تمْسَسْهُ .. غدراً .. كفُّ غادرْ
أتـوقُ لخيـمـةٍ تــأوي شتـاتـي فإنـي لسـتُ أحـفـلُ بالعمـائـرْ
فمـا جـدوى قـصـورٍ شامـخـاتٍ سكنّـاهـا ، و قتَّلـنـا الضـمـائـرْ
تعالي شاركيني بعـض حزنـي فــإن زمانـنـا بالـحـزن زاخـــرْ
فهـذا دفتـرُ الجوعـى بعصـري يـكـاد بـهـاؤهُ يجـلـو الـنـواظـرْ
أمـا أَبْصَـرْتِ يـا حسنـاءُ طـفـلاً طـواه الجـوعُِ ، أعيتـه الفواقـر
يُلامِـسُ جسمُـهُ المهـزولُ أرضــاً يُقـاسـمُ نملَـهـا قـمـحَ الـبـيـادرْ
و هـذا دفتـرُ الـحـربِ ، اْتركـيـهِ فليسـت حــربَ أسـيـافٍ بـواتـرْ
و لكـنَّ المعـارِكَ فــي زمـانـي تُحرِّكـهـا الأشـعــةُ و النـظـائـرْ
و هــذا مــا تيـسَّـرَ مــن كـتـابٍ عــن الإرهـــابِ ألَّـفَــهُ مُـقـامـرْ
و صَنَّـفَ محتـواهُ عـلـى هــواهُ و ربُّ الـكـونِ أعـلـمُ بالسـرائـرْ
و ذاكَ مُـــــرَوِّعٌ ، لا تـقـرئــيــهِ و تلـك روايـةٌ تُدمـي المشـاعـرْ
كتـابـاتٌ تُشـيِّـبُ يــا سُلـيـمـى تـوارى تحتـهـا ديــوانُ شـاعـرْ
يُـغـنِّـي لـلـســلام و لـلـتـآخـي بعصرِ القهـرِ و المـوتِ المُباشـرْ
و جاءكِ من هناك ببعض عشـقٍ طــواهُ مؤجـجـاً و بِــهِ يـجـاهـرْ
ففتَّـشَ عنـكِ فـي زمــنٍ تـولّـى و جـابَ سـؤالُـهُ كــلَّ العشـائـرْ
فلمّـا لــم يـجـدْكِ هـنـاك ولّــى و عـاد مهـرولاً صـوبَ المعاصـرْ
جريدة السفير العربي العدد 18- اكتوبر 2005