ربّما كان من غير المصلحة في الوقت الحاضر التعرّض بحديث سلبي عن مسؤول من المسؤولين الفلسطينيين في السلطة، انطلاقا من حقيقة أنّ الخطر الأمريكي-الصهيوني يتهدّد الجميع، في فلسطين وحول فسطين على السواء، لا سيّما وأنّ أحد الأهداف الرئيسية من الحرب العدوانية ضدّ العراق واحتلاله، هو العمل على التعجيل في تصفية القضية الفلسطينية، وترسيخ أسباب الهيمنة الإسرائيلية إقليميا.
ولكن يعلم الجميع، أنّ الخطوة الحاسمة في هذا الاتجاه، هو القضاء –ليس على الانتفاضة فقط- بل على جذور المقاومة الفلسطينية المشروعة على طريق تحرير الارض والإنسان بفلسطين، والتي كانت الانتفاضات المتتالية هي التعبير الوحيد عنها منذ غزو فلسطين الحديث.
فهل دار ويدور الخلاف بين ياسر عرفات من جهة ومحمود عباس من جهة أخرى حول هذا المحور الحيوي بالنسبة إلى مستقبل فلسطين وأهلها؟..
ألم تكن مسيرة الطرفين معا مسيرة مشتركة، قد يختلفان على بعض تفاصيلها، ولكنها في حصيلتها ممهورة –ولا سيما في مرحلة أوسلو- بتوقيع الطرفين وسياساتهما معا؟..
هل يعكس الخلاف القائم أيّ جانب من جوانب الحرص على استمرار المقاومة المشروعة وقد أصبحت الطريق الوحيد للتحرير بعد وفاة "أوسلو" مرارا، وتحوّل مشاريع كامب ديفيد وفاس ومدريد، إلى مجرّد محطات كبرى على منحدر التنازلات، وميتة شبعت مواتا، على صعيد تحصيل "الثمن الزهيد" الذي كانت التنازلات تقبل به، محطة بعد محطة، ولا تصل إليه أو حتى إلى جزء منه؟..
أليس القاسم المشترك بين مؤيّد ومعارض داخل نطاق السلطة الفلسطينية، لهذا الطرف أوذاك، هو خدمة الهدف الأمريكي-الإسرائيلي المتمثل في تحويل محور الحدث الفلسطيني من احتلال ومقاومة، إلى ديمقراطية مزعومة بتوجيه أمريكي وإسرائيلي، تكون مهمتها الوحيدة، القضاء على منظمات المقاومة، ببنيتها التحتية وعناصرها الناشطة، ومحاولة القضاء من وراء ذلك على الأمل في التحرير؟..
قد يخرج عرفات من هذه الجولة "منتصرا" على رفيق الدرب حتى الآن وغريمه في الوقت الحاضر.. وقد يخرج عباس "منتصرا" على رفيق الدرب حتى الآن وغريمه في الوقت الحاضر، ولكن هل سيسير الطرف "المنتصر" على درب المقاومة من أجل التحرير، أم درب التسليم تحت أيّ عنوان من عناوين التفاهمات والاتفاقات، ولكن بعيدا عن عنوان المقاومة والتحرير.
إنّ هذا الخلاف الثنائي، لا يمثّل إلا جزئية جانبية من جوانب أحداث الأرض الفلسطينية، وتطوّر القضية الفلسطينية، ولا ينبغي أن يشغل عن المحور الأساسي لقضية فلسطين، التي كانت وما تزال، قضية حق وباطل، واغتصاب وتحرير، وعدوان غير مشروع ومقاومة مشروعة.