بربرية .. الفيتو
( فوكوياما ) المفكر الذي أدهش الكثير من الناس جاءنا بفكرة جديرة بالتوقف معها ... فالرجل شاهد سقوط الاشتراكية والشيوعية فظن أن العالم والتاريخ وصل إلى نهايته, لقد اطمئن الى أن العالم قد وصل فعلاً إلى( الانتروبيا ) أي التوازن الكامل دون تناقضات فطرح اننا نعيش نهاية التاريخ !
إن القرآن يطرح نظرة مختلفة تقرر الاستمرار والزيادة في الخلق, وأن القانون الذي ينظم هذه الزيادة هو قانون الزبد والمنفعة فالتفاعل الحضاري للمسلمين كيما يتبؤؤا مكانهم المرسوم لهم قرآنيا مرتبط بالكم الذي يستطيعون ان يقدموه للارض وسكانها من المنافع فيفترض حيثما وجدت المنفعة والعدل والحكمة وجد الاسلام
((أما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض))
((ليس بامانيكم ولا اماني اهل الكتاب من يعمل سوءا" يجز به ))
السؤال الأهم ألآن
هو كيف نفسرايمان الكثير من المسلمين اليوم والشعورالمشاهد عند الناس في بيئتنا أننا في آخر الزمان، وأن الدين والدنيا دائماً في تراجع وأن كل يوم أسوأ من الذي قبله.
لقد ازعجتني فكرة فوكوياما واحبطتني مشاعر اخوتي بنهاية التاريخ
ففكرت: كيف يمكن لي أن أجند نفسي لخدمة مبدأ وقد أتضح أن مستقبله خاسر وسيئ! فأعدت قراءة القرآن بحثاً عن هذه الفكرة فما عثرت على شيء من ذلك الوحي الاجتماعي عن فكرة آخر الزمان
ورأيت أن فكرة آخر الزمان تظهر في المجتمعات التي تشعر أنها لم يعد في مقدورها إضافة شيء جديد وأنهم قد أنهوا دورهم. فيدعمون ماقرروه بخدعة فكرة (نهاية التاريخ).
فالمؤمنون بذلك لا يستطيعون الإتيان أو حتى القبول بكلمة السواء التي تتيح التعايش السلمي بين الناس بعيدا عن انتماءاتهم العرقية والطائفية ومايعتقدونه من تصور عن آلههم ومعبودهم(( قل يااهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا" اربابا من دون الله ...)) وهنا تتضح علة شيوع فكرة نهاية التاريخ , لقد رضي الطغاة عن موقفهم في اعمار الارض وحصروه في استعباد الشعوب وسرقة امنياتهم ومواردهم وشاهدنا مايحصل فوق ارض الرافدين
وكذلك رضي المستعبدون والمستعمرون من قبل اولئك الطغاة بدورهم في اعمار الارض بالصمت والسكينة وواسوا انفسهم انهم مغلوبين على امرهم وان الامر لله من قبل ومن بعد وفرحوا انهم ظلموا فشاع احباطهم فالتصقت ايديهم على خدودهم او ربما تطرفت تلك اليد لتؤذي نفسها ومن حولهم !
عندما دخل بوش العراق وقد ادار ظهره للشرعية الاممية التي اعترضت على فعله ,شعرت حقا ان التاريخ قد انتهى عند تلك الدول التي لم تستطع ان توقف فعلته في التهديد والتخريب لانساننا فظلمنا وظلم نفسه , فماتت قيمة العدل القرآنية عند البشر اذ أتضح إنهم لا يستطيعون أن يلغوا حق الفيتو, وأنهم لايستطيعون ان ينظروا إلى الآخرين بعين المساواة, بعين الرضا والعدل, وكلمة السواء باشاعة اعمار الارض ... لا... خرابها
واشاعة تقبل الانسان ...لا..أضطهاده
والتعايش ....لا .. التناحر والتقاتل
بعد ذلك قلت في نفسي ... لقد دخلنا نهاية التاريخ حقا ولا أمل الا باعادة الثقة الى الانسان (الظالم والمظلوم)بان يجعل الغد اسمى وان يجعل الارض مكانا افضل للعيش فوقها ولكنها امنية صعبة المنال ذلك ان من اشعل الحروب لايستطيع ان يطفئها
وقبل أن نستمع الى بريجنسكي: مستشار الأمن القومي الأميركي في عهد كارتر وهو يقول:
لنستمع الى سفير أميركا في الأمم المتحدة ألان جون بولتون صاحب مقولة «يكون للأمم المتحدة قيمة فقط، عندما تكون في خدمة الولايات المتحدة مباشرة».
يقول برجنسكي «توصل ارنولد توينبي منذ 60 عاما في مؤلفه العظيم (دراسة التاريخ) الى ان السبب النهائي لانهيار الامبراطوريات هو (انتحار الحكمة السياسية) وللاسف بالنسبة لمكانة جورج بوش التاريخية والأكثر اهمية من ذلك بالنسبة لمستقبل أميركا، تبدو عبارة انتحار الحكمة السياسية منطبقة على السياسات التي تتبعها أميركا منذ كارثة 11 سبتمبر وعلى الرغم من وجود بعض التلميحات في الاونة الاخيرة الا ان الادارة ربما تبدأ في اعادة تقييم اهدافها المتبلورة حتى الآن في اطار شعارات متعلقة بتدخلها العسكري في العراق، فان خطاب الرئيس في 6 اكتوبر 2005 كان ردة لصالح الصيغ الديماجوجية التي استخدمها خلال حملته الانتخابية بتبرير الحرب التي بدأها هو. هذه الحرب التي دافعت عنها دائرة محدودة من صانعي القرار لاسباب لم يتم الكشف عنها بعد، وتم الترويج لها عبر شعارات ديماجوجية تعتمد على تأكيدات كاذبة، قد اصبحت ذات كلفة كبيرة من الدماء والاموال اكثر مما كان متوقعا. وأدت الى انتقادات حادة في جميع انحاء العالم، في الوقت الذي جعلت أميركا في الشرق الاوسط وريثة للامبريالية البريطانية وشريكة لاسرائيل في القمع العسكري للعرب، وهو تصور اصبح منتشرا في العالم الاسلامي كله.. ان الدولة التي كانت لعقود طويلة تقف شامخة الرأس تعارض القمع السياسي والتعذيب وغيرهما من انتهاكات حقوق الانسان، قد انكشفت من حيث انها، اي أميركا، دولة تؤيد ممارسات يصعب اعتبارها احتراما للكرامة الانسانية. فعمليات التعذيب في جوانتانامو وابو غريب لم تكشف عنها ادارة غاضبة محتجة «!!» انتهى كلامه
\
في الارض اليوم تسود بربرية من نوع جديد
\
تغتال انسانية الانسان