الطفولة الهاربة
( إلى ابن جرير مسقط رأسي على إثر زيارة خاطفة بعد هروب طويل طويل)
ما رايتك يوما إلا طفلة،
تكبر في عيني دربا دربا
وكنت طفلا..
يكبر في حناياك الساغبة
غصنا غصنا..
وكان الفطام الموعود،
لحظة لفظاعة الانتزاع..
كالمسروق منك،
حرمت فيك دمع الخرائب الأولى
واللعب الممنوع،
ونداء أمي المكلوم،
يبحث عن نبضي المرعوب
في غرف الظلام..
بلا قمر أو نجوم.
وكنت أراك أمي
تحضن خوفي
في سرير من صقيع
وغطاء من غيوم.
تتبعني خلسة في الهروب السراب..
تشيد معي على رصيف المحطة
فراقا و وداعا..
ينطلق قطار الهروب،
وأراني أبعد..أبعد..
أغوص في تيه الغياب،
وأرى المنديل يلوح لي
في بحر ضياعي..
قد صار لي شراعا.
ها أشيخ ..وتشيخين،
و حين ألقاك مرغما..
في خبب الوقت المسروق
أراني كما كنت ،
في تجاعيد وجهك الحزين،
غربة و ضياعا..
وفي أشلاء ،فيك إضافية،
أطبق جفني
كي تعود للذاكرة أطلالها الأولى
تمد لي صدرا وذراعا
فلا احضن غير طفولتي الهاربة.
--------------------
(ابن جرير / بتاريخ : 10 -06 – 2003 )