بداية اشكرك والاخت زاهية على كريم مشاعركما .... في الواقع فان الشجرة الطيبة لا تقذف الا طيبا .. فطيب الله ايامكما .
الحديث ذو شجون يا حرة . ولكن على كل حال ليس الامر مغادرة بل توقف ومراجعة حتى نرى في اي طريق نسير .. لا يمكن بحال من الاحوال استمرار الامر كماهو الان . والاصطدام حتمي ولا شك . والركود دليل البرك الفاسدة .
اما الهروب للامام فليس الا اختراعا عربيا صرفا امقته ولا استطيع ابتلاعه على مبدأ (مشّي حالك ).
كذلك فان معالجة الامر بالعاطفة وحدها غير مجدية . لدينا كمية مشاكل او لنقل مشكلة علينا ان نكون واضحين فيها ونجد الحل لا ان نرحلها الى اخواتها القادمات كما تفعل القمم العربية .
يجب ان نعلم ماذا نريد ههنا . وكيف . وان نتفق على اسلوب واضح في التعاطي . ومنهج مقنن في تسيير الامور ابتداءا من المشاركات وانتهاءا بالحذف . اما التعامل بالموانة والعشم على طريقة شيوخ القبائل فانه يختزن المشاكل حتى تصبح غير قابلة الا للانفجار .
واذا كان احدهم قال ان فضاء الشبكة امتداد لفضاء الواقع فهذه والله مصيبة .. افلا يكفينا مرارة الواقع لتلحقنا دمامله واحتقاناته وتخلفه الى هنا ؟ وهل كانت مثل هذه المواقع الا هروبا من الواقع و بحثا عن حرية مفقودة ؟
الحرية مداد الاقلام .. وفي بيئة معادية ومشحونة كهذه لا يمكن للمرء ان يفكر في ابداع او اي شئ غير تأمين سلامته ..بت اتلفت يمنة ويسرة قبل ان اكتب شيئا واهرب ..
واذا كانوا يشتكون من قلة الرواد وعدم تعليق الكتاب الكبار على سواهم فان جزءا من المشكلة هو ان الردود محسومة مسبقا . وردات الفعل يمكن بسهولة التنبؤ بها تماما كما يحدث ايضا في واقع القمم .. واستطيع ان اخبرك سلفا ماالذي سيقوله فلان وباي دعاء ستدعو فلانة وماذا سيعلق الاستاذ الكبير وماالذي سيعجب الاخت المستحية .
بات الامر مدعاة للضحك على رأي احداهن .. لماذا ؟ لانك اما ان تعلق في هذا الاتجاه واما ان نعلقك حذفا .. وكأنها دائرة رقابة في الاعلام الرسمي .. فموظفوها جاهزون دائما باقلامهم الحمر لينفذوا كل التعليمات ويمارسوا كل انواع السلطة المفقودة .
الا تلاحظين كمية التشابه بين الواقع وهذه المواقع ؟ الان فهمت قصدهم بذلك التشبيه .
ثم الى متى سيظل شغلنا الشاغل مراعاة شعور فلان و مجاملة مشاعر الاخت الفاضلة فلانة قدس الله سرها وجهرها ؟ لماذا لا نتعامل بتجرد كما يفعل المحترفون ؟ ولماذا نحوله الى موقع رهباني بعيد كل البعد عن الفكر الحضاري لمعنى الدين وتعاليم الشرائع ؟ ولماذا نخلط ايضا بين ماهو شرع وماهو عادة ؟ وحتام يبقى الفقه البدوي (كما وصفه الغزالي رحمه الله ) مسيطرا ؟ ان لدى هؤلاء ملايين المواقع على الشبكة فهل ضاق بعينهم موقع يهتم بالادب ليبتلعوه ايضا ؟ وهل الادب حكر على المسلمين فقط ؟ لا بل على طائفة واحدة منها اقرب للتكفير وتحريم كل ماهو حلال .
ثمة ادباء شيعة وشيوعيون وعلمانيون واباظيون وسنة وصوفيون وومن كل مذهب ومشرب .. والنهوض بالادب كما نطمح يقتضي الاعتراف بكل هؤلاء والتعامل مع النصوص لا مع اصحابها في اطار الاحترام المتبادل والحرية التي كفلها الاسلام للجميع .
اما ان اتلقى محاضرة اخلاقية كلما كتبت ردا , ودرسا دينيا كلما كتبت بيتا غزليا واختم امسيتي بدعاء ختم القرآن لا بدعاء ختام المجلس الذي ورد عن سيد البشر صلى الله عليه وسلم فانه والله امر مثير للملل , ويصيب بالاحباط ويجلب الهم الذي نهرب منه في واقعنا .
علينا ان نحول المسألة من امتداد لللواقع الى نموذج ما ينبغي ان يكون عليه ذلك الواقع . انه النموذج الاسلامي الأول الذي حين طبقه سلفنا اناروا الدنيا علما واخلاقا وقوة وبهروها حتى دخل الناس في دين الله افواجا .. ولعلنا نعلم ان غالبية الفتوحات كانت بلا قتال .. لان سمعة هؤلاء القوم كانت تسبقهم .
اعتذر عن هذه الاطالة الفلسفية .. ولكنها شجون النفس نكأها منكما طيبة قلب وحسن ادب وحب خير فلكما جزيل الشكر والاحترام .
تحيات قلبية .