لا أدري من أين أبدأ وكيف أكتب، فالقلم بين يدي قد تحول عينا فاضت بالحبر دموعا حزينة تنهمر بلا توقف لتنحدر على خد الورق في اتجاهات شتى تتجمع لتشكل اسما واحدا، عرفناه منذ نعومة أظفارنا وتأصل عشقه في قلوبنا، فأنزلناه منزلة الوالد فضلا عن القائد، واحتمينا تحت دفء "بشته" من نوائب الزمان، فدافع عنا كما يدافع الفارس عن شرفه وسلاحه، وأجهد نفسه ليرتاح شعبه، فكلما رأيت من حولي ما نحن فيه من خير وعز ورخاء وأمان ونبوغ بالعلم والمعرفة وحب لبعضنا البعض وسمو هامة الكويت والكويتيين تتجمع دموعي لتخط اسما خالدا في ذاكرتي وهو جابر الأحمد.
كم تألمنا وكم حزنا وكم انفطرت قلوبنا أسى ونحن نسمع الخبر المؤلم والفاجعة الفادحة لرحيل فارس الكويت وحبيب الكويت الشيخ جابر الاحمد الصباح طيب الله ثراه، فحقا كانت ساعات رهيبة ومفزعة زلزلت كل ما في وجداننا ومزقت كل ما بنا من مشاعر وأحاسيس وبعثرت كل نبضة من نبضاتنا وحولت أعماقنا الى جروح غائرة فألبستنا حلة من العذاب ،فبكينا وبكينا وليت البكاء يريحننا ويخفف عنا وطأة الصدمة الموجعة التي فتتت كياننا، آه من ونات قلوبنا الحزين التي أوجاعها الخبر ،كتمنا أنفاسنا وحولنا جروحينا الى قطرات من الألم...
هذه قسوة الزمن وضربات القدر... تأتي متلاحقة كنصل سكين حادة مزقت نياط قلبي من الوريد الى الوريد...
حقيقة، مرة، حزينة وكئيبة ونحن نفقد ربان سفينة ديرتنا الذي نذر نفسه وصحته من أجل شعبه وأمته العربية والاسلامية وتحمل على مدى عشرات السنين كل هذه الآلام والأحزان وكان بالفعل فارسا مغوارا تحدى كل الظروف القاسية والعواصف التي عصفت بالكويت وكان رحمه الله شامخا صامدا كشجرة مباركة، وكان والدا وقائدا مخلصا وصدرا حنونا وإنسانا وديعا رقيقا كالنسمة ومشرقا كالشمس الساطعة، له قلب حنون يدفىء به كل الكويتيين، وكانت عطاءاته الكريمة لا تنضب جارية كنهر عذب يرتوي منه القريب والبعيد.
يا جابر القلوب والمحبة انك ستكون في كل نبضة من نبضاتنا وكل خلجة من خلجاتنا وقائدا حبيبا في ذاكرتنا... أحاسيسنا... مشاعرنا... عقولنا... أنفاسنا... وجداننا...
صورتك يا جابر الكويت والمحبة ستكون مرسومة داخل شراييننا وستكون محفورة داخل أعماقنا وسننقل قصة كفاحك البطولية بأمانة واخلاص الى أحفادنا وأجيالنا كنقطة مضيئة ومشرفة في تاريخك الحافل بالقيم والمبادىء الكريمة...
فانت يا شيخنا ويا والدنا شمس لن تغيب عنا وستظل ذكراك عطرة تعيش بين خلايا ضلوعنا وفي أعماق وجداننا.
إن قلوبنا حزينة لفراقك يا نبض الكويت وفارسها، فالله نسأل بقلوب مؤمنة راضية بأن يدخلك فسيح جناته ويصبر قلوبنا وقلوب أهلك وذويك على فراقك الأليم، ولو كانت أرواحنا تفديك لفديناك بها يا حبيب الكويت ولكن هذه إرادة الله فلا اعتراض عليها.
ومهما كتبنا ومهما بكينا ومهما قلنا فلن نستطيع أن نعبر عن حزننا وألمنا وحبنا لك يا والدنا العزيز
رحمك الله يا أبانا جابر وأسكنك فسيح الجنان فقد كنت لنا أبا رحيما عطوفا فأديت الأمانة وتركتنا بأحسن حال، فذكراك ستبقى تاريخا حيا عظيما يروى للأجيال...
صورة لا تنسى
لن أنسى ما حييت
يوم عاد للوطن اثر تحرير بلادي الكويت.
هبط من طائرته القادمة من جدة
وما أن وطأ الأرض,,, ركع مصليا
ســـقط «عقـــال» المجد والتـــاج والصولجــــان,,, لم يهتم
انحنى حتى قبَّل الارض، وانحنى جبينه الناصع لعدالة الله وشكر ربه.
رفع رأسه بعد قبلة أرض الوطن، عيناه الحادتان كصقر، مطبوعتان في ذاكرة قلبي, دامعتان بكبرياء الولي.
رفع رأسه، يده الخيرة تمتد لعقاله الواقع على الارض، فعاد رجل دولة صغيرة نامية.
رفع رأسه لقرص الشمس ولمحبة شعبه انحنى شكرا,,, لله جلت قدرته
انحنى ولاء للارض التي انجبته وقومته وعمدته أميرا وأبا لكل بيت
انحنى ابتهالا لله، وابتهاجا لعودة الأب لديار أولاده/ شعبه.
انحنى ليطبع قبلة التاريخ على جغرافية الوطن.
عيناه مثلنا,,, انسانية المشاعر,,, ومقلتاه الرائعتان,,, تدمع مثل مثل,,, مثلنا.
أبناءك المخلصين
الكويت