|
حَاشى لِوَجهِكَ أن يأتي به القَلَمُ |
أقولُ فيكَ ودَمعُ العَينِ يَنسَجِمُ |
حاشى لِوَجهٍ كَشَمسِ الأرضِ طالِعَةً |
أن تَستَقيمَ بإشراقاتِهِ الرُّسُمُ |
حَاشى لِشَخصِكَ أن تَغتابَه صُوَرٌ |
حَاشى لِذِكرِكَ أن تَنتابَه التُّهَمُ |
كيف استَطابَ يَراعٌ رَسمَ هَيئَتِهِ |
يا ذلكَ الحَدَثُ المَشنوءُ والجُرُمُ |
لو كانَ يَعلَمُ من قد راحَ يَرسُمُهُ |
لَقامَ في خَجَلٍ يَذوِي ويَنقَسِمُ |
وقامَ عن كلِّ خَطٍّ منه مُعتَذِراً |
والحُزنُ يَعصُرُهُ والسُّخطُ والنَّدَمُ |
يُنَزَّهُ الجِسمُ عن وصفٍ وعن صُوَرٍ |
تُنَزَّه الرأسُ والاردانُ والقَدَمُ |
لو كانَ يَعرِفُكَ الكُتّابُ لارتَكَسُوا |
وقامَ مُعتَذِراً عنهم يَراعَهُمُ |
لو يُنصِفوكَ لَقالوا أنتَ سَيِّدَنا |
أو يَفهَموكَ أقامُوا الدِّينَ عِندَهُمُ |
قد صَنَّفوكَ عَظيمَ الأرضِ واحِدَها |
لكنَّهم جَهِلوا من بعدِ ما عَلِموا |
يا وَيلَ ما كَسَبت أقلامُهُم هُزُواً |
يا ويلَ ما اكتَسَبَت أيمَانُها العَجَمُ |
كَيف استَساغُوا بِأن يَحووهُ في وَرَقٍ |
يا قُبحَ ما فَعَلوا يا وَيلَ ما رَسَموا |
كُلُّ الشَّمائِلِ قَامَت تَحتَ صُورَتِهِ |
العَزمُ والفَخرُ والإقدامُ والهِمَمُ |
ما أظلَمَ الغَربَ في إفكٍ يَخوضُ بِهِ |
أيُّ البُغاةِ هُمُ .... أيُّ الجُناةِ هُمُ |
يا ويحَكُم أبِخَيرِ الخَلقِ لَمزَكُمُ |
أما وَجَدتُّم سوى المَعصومِ وَيلَكُمُ |
تَخَبَّطَ الغَربُ من مَسِّ الجُنونِ بِهِ |
وأوهَنَ الغَربَ في تَخربفِهِ الهَرَمُ |
يا سَيِّدَ الناسِ قد غَالَت غوائِلُهُم |
فَصَوَّروكَ بما لا تَقبلُ الشِّيَمُ |
لكنّ مثلَكَ ما ضَرُّوا بِإظفَرِهِ |
مهما رَمَتكَ بِهِ الغربانُ والبُوَمُ |
ما ضَرَّهُ البَدرُ سارٍ في مَهَابَتِهِ |
أن تَعتَرِضهُ بإيضاءاتِهِ الدِّيَمُ |
فالنّورُ أنتَ وأنت النُّورُ مَصدَرُهُ |
زالَ الظَّلامُ بِهِ والظُّلمُ والظُّلَمُ |
لولاكَ يا حِليَةَ الدُّنيا وزِينتَها |
ما تَأمَنُ الذِّئبَ في مِسراحِها الغَنمُ |
لولاكَ لم تََعرِف الدُّنيا مَكارِمَها |
ما الجُودُ ما النُّبلُ الإحسانُ ما الكَرَمُ |
لولاكَ يا من بِهِ المَولى تَدَارَكَنا |
لَكانَ يُعبَدُ نَجمُ اللّيلِ والصّنَمُ |
فَدِينُكَ اليَومُ سارٍ في حَواضِرِنا |
تَعاقَبا نَشرَهُ الإصباحُ والغَسَمُ |
وكُلِّ أرضٍ بِها من نُورِهِ قَبَسٌ |
وَحيٌ بِهِ تُحفَظُ الأعراضُ والحُرَمُ |
لَولاهُ ظَلَّت بِلادُ الغَربِ غَابِرةً |
عَصرُ العَبيدِ بِها والأعصُرُ الدُّهُمُ |
إذا ادلَهَمَّت على الأعلامِ مُعضِلَةً |
فإنَّ رأيَكَ فيها الفَصلُ و الحَكَمُ |
ما الناسُ لولا رَسولَ اللهِ بينَهُمُ |
ما الأرضُ لولاهُ ما الإنسانُ ما الأمَمُ |
ضَجَّت له الأرضُ والأخلاقُ ثائِرَةً |
العُرفُ والنُّبلُ والأعراقُ والقِيَمُ |
تَفديهِ أفئِدَةٌ تَفنى لِنُصرَتِهِ |
لا تَشتَفي أبَداً حَتى يُراقَ دَمُ |
تَبتَزُّها غَدَراتُ الرّومِ سَيِّدَها |
كالمَشرَفِيَّةِ إذ تَبتَزّها اللّجُُمُ |
تَحِنُّ للبَشَرِ المَبعوثِ أمَّتهُ |
كَما تَحِنُّ إلى أمَّاتِها الفُطُمُ |
هذي المَسيراتُ في الدُّنيا تُذَكِّرُهُم |
بِأنَّهُ حَرَمٌ وذِكرُهُ حَرَمُ |
يا ابنَ الخِيارِ خِيارِ العُربِ من مُضَرٍ |
ساداتِ يَعرُبَ كلٌ سَيِّدٌ عَلَمُ |
لمّا أتيتَ وَقد غَنّى الرَّبيعُ رِضىً |
واستَبشَرَ النَّخلُ والزُّراعُ والأكَمُ |
صاحَت وُحوشُ الفَلا وانتَشَت فَرَحاً |
النَسرُ والصَّقرُ والعُقبانُ والرَّخَمُ |
الوَحيُ هَلَّ وهَلَّ الخَيرُ يَعقُبُهُ |
النُّورُ والهَديُ والنَّعماءُ والنِّعَمُ |
عَزَّت قُريشُ بهذا الأمرِ وافتَخَرَت |
فَخرَ المُلوكِ فلا كِندَا ولا لَخَمُ |
البَحرُ والبَرُّ في طَه سَعادَتُهُم |
الجِنُّ والإنسُ والأحيَاءُ والرِّمَمُ |
إنّ الحَضارَةَ بالعَدنانِ مَبدؤُها |
فَهوَ المُؤسِّسُ لا عادٌ ولا إرَمُ |
وكلّ خَيرٍ من الإصلاحِ أصَّلَهُ |
في كُلِّ أمرٍ فلا قَيسٌ ولا هَرِمُ |
يا سَيِّدَ الناسِِ إني اليومَ أعلِنُها |
حَرباً على الشِّركِ فيها الشِّعرُ يَنتَقِم |
ما قيلَ فيكَ من المُدَّاحِ مُقتَضَبٌ |
ما كان فيكَ يَفيهِ القَولُ والكَلِمُ |
في مثلِ طَه و هَل من مِثلِهِ أحَدٌ |
يَحلو النَّشيدُ و يَحلو الشِّعرُ والنَّغَمُ |
وكلّ نَظمٍ بِهِ مُستَعذَبٌ حَسَنٌ |
فالمَدحُ فيهِ كما الياقوتِ يَنتَظِمُ |
فقد أفاضَ أميرُ الشِّعرِ بُردَتَهُ |
تَشيبُ منها نواصِي الشَّعرِ واللِّمَمُ |
وثَجَّ من مُعصِراتِ الجَوَى وَدَقاً |
كأنّهُ دِيمَةٌ مِدرارَةٌ تَثِمُ |
نَفيسَةٌ سَكَنت اصدَافَ لُؤلُؤةٍ |
إن النّفائِسَ في أصدَافِها التُّوَمُ |
كَأنَّها لُجَجٌ مِن فَوقِها لُجَجٌ |
وإنَّهَا قِمَمٌ مِن فَوقِها قِمَمُ |
فما ذَكَرتُكَ يا طَهَ بِقافِيَةٍ |
إلا وقَلبيَ والعَينينِ تَختَصِمُ |
فما يُفَرِّقُ غَيرَ الدَّمعِ بينَهُما |
يَجري َ سَخِيناً عَلى الخَدَّينِ يَزدَحِمُ |
والنَّفسُ بينَهُما مَقهورَةٌ كَمَداً |
ما بينَ مُعتَرَكِ الأعضاءِ تَلتَطِمُ |
يا سَيِّدَ النّاسِ قََسراً عن أنُوفِهِمُ |
إن أخرَجَت أشَراً سَاداتِها الأمَمُ |
إني أهَابُكَ في قَولي وقافِيَتي |
فالشِّعرُ فيكَ مَنيعُ الجَنبِ مُعتَصِمُ |
أقسَمتُ باللّهِ لا أنفَكُّ مُمتَدِحاً |
لا يشفَعُ الفِعلُ إن لم يَشفَعِ القَسَمُ |
حُبّاً إليكَ رَسولَ اللّهِ قَافِيَتِي |
والحُبُّ يُنجِي وَبَعضُ الحُبِّ ما يَصِمُ |
جَاهَدتُّ كِتمانَها في مُهجَتي زَمَناً |
حَتَّى تأبَّت فليسَ اليومَ تَنكَتِمُ |
وَيَسأَمُ القَلبُ مِن أمرٍ يُسِرُّ بِهِ |
يا وَيحَ مُضغَةِ صَدري طَبعُها السَّأمُ |
كلُّ الحِبالِ و إن كانت مُغَلَّظَةً |
ما كانَ فيها بِغَيرِ الحُبِّ يَنصَرِمُ |
لَهُ صُنوفٌ بِأَسبَارِ الجَوَى عَدَدٌ |
مِنها الشُّخوصُ ومِنهَا البَانُ والعَلَمُ |
أقلُّ تَقدِمَتي شِعراً نَقَمتُ بِهِ |
والشِّعرُ يُسعِفُ إن لم تُسعِفِ النِّقَمُ |
لا بَارَكَ اللهُ في شِعرٍ تَلوكُ بِهِ |
ولم يَكُن بِصِراطِ الحَقِّ يَلتَزِمُ |
القولِ بالهَديِ أو لا قُلتَهُ أبَداً |
فكلُّ ما قيلَ في غَيرِ الهُدى لَمَمُ |
كُلُّ الرِّجالاتِ من عُربٍ ومن عَجَمٍ |
بِِبَابِ أحمَدَ حُجَّابٌ لَهُ خَدَمُ |
يا أمّةَ الغَربِ صَرحُ الشِّركِ مُهتَرئٌ |
وكُل صَرحٍ بِغَيرِ الدِّينِ مُنهَدِمُ |
أما قَرأتُم من التَّوراةِ هَيئَتَهٌ |
ألم يُبَشِّر بِهِ الإنجيلُ عِندَكُمُ |
أما عَلِمتم بأنّ الله ناصِرُهُ |
يَكفيهِ هُزوَ شِرارِ النّاسِ مثلَكُمُ |
لَم تَسمَعوهُ وَقَد شُقَّ الهِلالُ لَهُ |
وكَيفَ يَسمَعُ من في سَمعِهِ صَمَمُ |
إنّ انتِفاشَ حَضاراتِ العِدا عَرَضٌ |
والدّاءُ يَظهَرُ من أعراضِهِ الوًَرَمُ |
فاربأ بِبَطنِكَ أن يَقتاتَ حاجَتَهُم |
أقلُّ حَربَهُمُ في بَيتِكَ اللُّقَمُ |
فَكَيفَ يُفلِحُ قومٌ سُبَّ سَيُّدُهُم |
وَلَم يَثورُوا على هذا وَيَنتَقِموا |
وَالزَم تُراثَ رَسولِ اللّهِ سُنَّتَهُ |
فالدِّينُ مُمتَنِعٌ والحَقُّ مُلتَزَمُ |
كُلُّ المَبادِئ والأَعرافِ سَائِبَةٌ |
من غَيرِ أحمَدَ لا عَهدٌ ولا ذِمَمُ |
إن قَامَ قامَ أرِيجُ المِسكِ يَلحَقُهُ |
نَوَاشِرُ الطِّيبِ من جَنبَيهِ يُنتَسَمُ |
أو قالَ أجمَعَ بالإحكامِ مَنطِقَهُ |
فََصلُ الخِطابِ و فَصلُ القَولِ والحِكَمُ |
بِه بَيانٌ حَلالُ السِّحرِ فِتنَتُهُ |
يُستَنطََقُ الصَّخرُ من مَبناهُ والبُكُمُ |
تَفَجَّرَ الماءُ من إبهَامِ إصبَعِهِ |
كَأنَّهُ نَهَرٌ أو هَاطِلٌ عَرِمُ |
أهلُ السَّماءِ وأهلُ الأرضِ تَذكُرُهُ |
والجِذعُ حَنَّ لَهُ و الحِلُّ والحَرَمُ |
ما قامَ قاصِدُهُ فيما يُؤمِّلُهُ |
إلا وتَسبِقُهُ في سُؤلِهِ نَعَمُ |
وَمَا تَحَدَّثَ نَحوَ النَّاسِ مُبتَدِراً |
إلا وَيَظهَرُ نُورُ اللَّوحِ والقَلَمُ |
يَهديكَ لِلحَقِّ من غيرِ الدُّعاءِ لَهُ |
بِبَسمَةِ الوَجهِ حَولَ الثَّغرِ تَرتَسِمُ |
قد أسلَمَ ابنَ جَريرٍ طُولُ نَظرَتِهِ |
يُقَلِّبُ الطَّرفَ في خَدَّيهِ يَبتَسِمُ |
سَالَ الغَمامُ بِهِ من بَعدِ ما قَحَطَت |
سَعدُ بنُ بَكرٍ ودَرَّ الشََّاءُ والنَّعَمُ |
عَمَّ الرَّضيعُ بَني سَعدٍ بِطَلَّتِهِ |
وأقحَطَت مُضَرٌ وأقفَرَت جُشَمُ |
قد أثخَنوهُ جِراحَ الحَربِ في أحُدٍ |
وهيَ الّتي بِرَسولِ اللّهِ تَلتَئِمُ |
يَشفي السَّقيمَ إذا ما جاءَ مُشتَكِياً |
بِِريقِهِ فيَزولُ السُّمُّ والسَّقَمُ |
كَساهُ سَمتٌ وَقاراً لا عُلُوَّ بِهِ |
عَلاهُ حُسنٌ بِسيما الخَيرِ يتَّسِمُ |
لَمّا رأَتهُ قُرَيشٌ صَاحَ صَائِحُها |
وَتوشِكُ الحَربُ أن تَضرا وتَضطَّرِمُ |
هذا الأمينُ أمينُ القَومِ نَقبَلُهُ |
هذا الصَّدوقُ وهذا الرُّكنُ يَستَلِمُ |
بَنى بِهِ الحَجَرَ المُسوَدّ مَوضِعَهُ |
بَنى بِهِ قَبلَهُ من بَينَهم رَحِمُ |
فلا تَحُدُّ دروسُ العِلمِ سيرَتَهُ |
ولا يُحيطُ بِهِ شَرحٌ ولا كَلِمُ |
وكلّ ما ذََكَرَ التّاريخُ مُختَصَرٌ |
ما خَطَّهُ قَلَمٌ أو قالَ عنهُ فَمُ |
في عُقرِ دارِهِمُ نَرنو لِمَلحَمَةٍ |
لو كانَ يَقصُدُ شَيخَ الحَربِ دارَهُمُ |
حتّى نُعيدَ إلى سِبتِمبَرٍ حِقَباً |
كانت رَحَاهَا لَهيبُ النَّارِ والحِمَمُ |
فاغزُ رَعاكَ إلهَ الكَونِ أرضَهُمُ |
وابدأ هَداكَ إلا رَدِّ العِدا بِهِمُ |
ما بَالُ صَيدَكَ قد زادَت طَرائَدُهُ |
يا ذلكَ اللّيثُ هل ضَاقَت بِك الأجَمُ |
لِيَفهمَ الغَربُ أنَّ الحَقَّ مُعتَصِمٌ |
ويَفهَمَ الموتَ إن لم يَفهَمِ الفَهِمُ |
فَللسِّلاحِِ إلى أجسادِهِم وَلَعٌ |
ولِلسُّيوفَ إلى أعناقِهِم قَرَمُ |
وَاهاً على زَمَنٍ صُنَّاهُ مُحتَرَماً |
فيهِ الكَنائِسُ و الأديانُ تُحتَرَمُ |
دَكَّت خُيولُ بَني مَروانَ مَغرِبَهُم |
واستَنهَضَتهُم إلى عَليائِها الهِمَمُ |
الغَافِقِيُّ على أبوَابِهِم وَثِبٌ |
والبَربَريُّ الَّذي سارَت بِهِ التُّخَمُ |
لَنا مَعادٌ بِلادَ الغَربِ فَارتَقِبي |
لَم يُنسِنا عَنكُمُ بُعدٌ وَلا قِدَمُ |
ما قَصَّرَت عَنهُ خَيلُ المُسلِمينَ مَضَت |
تَدعُوإلَيهِ هُناكَ الأينُقُ الرُّسُمُ |
سَارَت قَوافِلُهَا بالدَّينِ تَنشُرُهُ |
ما أعجَزَ السَّيفَ لَم يَعجِز لَهُ الأدَمُ |
إنا رَضَعنا قَتامَ الحَربِ أغلِمَةً |
والبَعضُ يَبلُغُهُ في ساحِها الحُلُمُ |
يَشِبُّ ناشِئُنا حتى يَشيبَ بِها |
والموتُ يَفطِمَنا عنها فننفَطِمُ |
القابِضونَ على جَمرٍ عَقيدَتَهُم |
مُستَمسِكون بِرُكنٍ لَيسَ يَنفَصِمُ |
لا يُنصَرُ الحَقُّ إن لم يَحتَرِب زَمَناً |
فالحَربُ تَفعَلُ ما لا يَفعلُ السَّلَمُ |
أزكَى صَلاةً رَسولَ اللّهِ يَبعَثُها |
قَولِي وَقَلبي بِها مُستَعذِبٌ شَبِمُ |
مولايَ صلِّ وَسَلِّم دائماً أبَدَاً |
على صَفِيِّكَ خَيرِ خَلقِ اللّهِ كُلِّهِمُ |
مولايَ صَلِّ وبارِك ما أرَدتَّ على |
مُحَمَّدٍ من بِهِ الأخيارُ قد خُتِموا |