بارك الله فيك أخى الكريم حسن
وشكرا جزيلا لمرورك واشادتك
وان هذه الخميلة ان هى الا بعض طرح واحتكم الوارفة
شكرا جزيلا
ابتهالات.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» هل تعلم مامعنى اللهمّ إنّك عفو تحب العفو فاعف عنّا ؟؟» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» أيها العمر» بقلم عيسى سلامي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» (تبسم البدر في ليلي فأيقظني)» بقلم عبدالله بن عبدالرحمن » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» @ تَعَاويــذ فراشَــةٍ عَاشِقـَـة @» بقلم دوريس سمعان » آخر مشاركة: دوريس سمعان »»»»» الذقن في الإسلام» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» لو كانت الدنيا تدوم لأهلها» بقلم عبدالله بن عبدالرحمن » آخر مشاركة: عبدالله بن عبدالرحمن »»»»» حلمٌ قصيرٌ جداً» بقلم أحمد عيسى » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» أين الشّهامة؟» بقلم غلام الله بن صالح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» رمضان .. حكاية نور.» بقلم أسيل أحمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»»
بارك الله فيك أخى الكريم حسن
وشكرا جزيلا لمرورك واشادتك
وان هذه الخميلة ان هى الا بعض طرح واحتكم الوارفة
شكرا جزيلا
الإيميل الجديد للتواصل
gadelzoghaby@hotmail.com
- عباس محمود العقاد ..
النجم الذى لم تقو العيون على استيعاب دليله
عندما أسعى للحديث عن رجل مثل العقاد .. فيجب أن أستعيد فى أعماقي وأستوعب أن هذا المفكر الأسطورة .. كان ولا زال نجما يشع بما لا طاقة لعيون العقول باستيعابه ..
ولا يمكننى حين أتناول شخصيته أو شخصية من سبقه من عمالقة الفكر المصريين
أن أدعى أننى بصدد تأريخ حياتهم ..
بل هى مجرد خواطر ونظرات الى هؤلاء الكوكبة التى شغلت الدنيا ولم تنشغل بالدنيا ..
وعلى رأس هؤلاء .. يقبع العقاد متربعا نسيج وحده .. عالم من الفكر .. وجامعة من العلوم لا يتطرق الى مدرجاتها الا من كان قادرا على استيعاب شرف الجلوس تلميذا الى الأستاذ..
البدايةولد العقاد فى أقصي الجنوب المصري .. بمحافظة أسوان .. ومن المعروف عنه أنه نال من الشهادات .. شهادة الابتدائية فقط .. وهى الدراسة الأولية بأى نظام تعليمى وتقتصر على تعليم القراءة والكتابة .. ولم يكمل تعليمه ..
وبغض النظر عن متاهات الحياة التى منعته من اتمام دراسته .. فان العقاد أثبت بتجربته الفريدة أن العلم يكون بقدر المعلوم لا بقدر الاعتراف ..
وقد وهب الله تعالى للعقاد مفتاح التميز الأبدى للبشر .. وهى موهبة القراءة .. تلك الموهبة التى تكفل للمتمتع بها طرق دروب من العلم يحار بها المتخصصون ..
ولست أقصد بموهبة القراءة أن يميل المرء مجرد ميل أو هواية الى القراءة وشغل وقت الفراغ بشيئ مفيد .. بل أعنى بها أن تكون القراءة هى الحياة نفسها لمن يتمتع بها .. لا يمنعه عنها .. فالذين يميلون الى القراءة كثير .. والذين يرون فيها هوايتهم .. كثير أيضا .. لكن قلة فقط وندرة تلك الزمرة التى تكون القراءة بالنسبة لهم هى العين التى يبصرون بها .. والروح التى يعيشون بها ..ينكبون على الكتاب ويتخذون منه الخليل الذى لا يعيب ولا يعاب ..
وعلى رأس هؤلاء العباقرة يأتى العقاد ..
وقد سري بدمه حب القراءة والولع بها الى حد الجنون ..
ومنذ سنوات صباه الأولى ومع بداية معرفته بكيفية فك لاسم الحرف واستيعاب الجمل وتراكيبها .. بلغ النهم الى القراءة حدا لم يبلغه قبله أحد فى العصر الحديث الا الندرة مثله مثل الأستاذ محمد حسنين هيكل والامام محمد متولى الشعراوى وراهب الفكر توفيق الحكيم ..
وللايضاح .. فان العباقرة والعلماء كثر ..
لكن هذه الزمرة وأمثالها لم تكن تقرأ فى مجالاتها العلمية سعيا للمزيد من النبوغ فى تلك المجالات ..
بل كانت تسعي للقراءة فى المطلق ..
للعلم والثقافة والخوض فى شتى مناهل المعرفة بغض النظر عن التخصص الذى يصنع عالما نابغا ..
لكنه لا يصنع مفكرا عبقريا ..
وقد خرج العقاد من تجربة الدراسة الرسمية كما سبق القول عارفا بكيفية القراءة .. وبدأت همته العالية تستعد لتعليم نفسه علما حرا وبدون معلم الا الكتاب ..
وهناك ..
بأسوان حيث درج العبقري النابغ .. كانت الظروف المعيشية تدفعه دفعا الى محاولة البحث عن الرزق والكسب .. مما كان يمثل عائقا أمام ممارسته لموهبته .. اضافة الى المال الذى لم يجد له مصدرا يغطى نفقاته المعشية فما بالنا بثمن الكتب التى كانت تستعصي على أمانيه ..
ولأن الحكمة الدارجة تقول
" الحاجة أم الاختراع ..."
لذا توصل العقاد الى حل توفيقي بسيط .. وتكمن عبقريته فى بساطته لحل كل تلك المعضلات دفعة واحدة ..
حيث سعى الى العمل لدى أحد أصحاب المكتبات الكبيرة .. كبائع للكتب وعرض على الرجل أن يعمل عنده بأقل أجر ممكن لقاء شرط واحد .. فقبل الرجل وسأل العقاد عن الشرط فأجابه .. " سأعمل عندك طيلة النهار بأى أجر تريده ..
"نظير أن تسمح لى بالمبيت بالمكتبة بعض أيام الأسبوع ,. وتغلق على الباب لتطمئن على مكتبتك .. " فدهش الرجل من هذا الفتى المجنون .. وعندما عرف هدف العقاد من ذلك .. وافق وكله دهشة من هذه الرغبة الحارقة فى الاستزادة من الثقافة والعلوم ..
وبالفعل استمر العقاد فى عمله هذا وكان فى الأيام التى يبيت لياليها بالمكتبة يفترس الكتب الضخمة والمجلدات من حوله حتى يأتى عليها كلها ثم ينتقل الى مكتبة غيرها فيعمل بها بذات الأسلوب حتى ينتهى من قراءة كل ما فيها وهكذا دواليك ..
وفى سنه الصغيرة تلك .. كان العقاد قد انتهى من كل ما حوته مكتبات المدينه من كتب ومراجع لم يحط علما بها الا شيوخ المثقفين ..
وانتقل العقاد فى شبابه الى القاهرة بدأت رحلته مع الابداع ..
رحلة الابداع
كان صعود نجم العقاد بالقاهرة فى ذلك الوقت ..
لافتا بكل تأكيد الى هذا العبقري غير العادى الذى تمكن من طرق أبواب الصحف
ودور النشر والتألق بكتاباته فى شتى مناحى الفكر .. وبعصر ..
هو عصر العباقرة بكل تأكيد ..
ففي الشعر كان البارودى و شوقي وحافظ وخليل مطران .. وغيرهم
وفى الأدب كان طه حسين وتوفيق الحكيم ومحمود تيمور ..ومى زيادة وغيرهم
وفى الفكر كان عبد الرحمن بدوى .. وزكى نجيب محمود .. والسنهورى .. وغيرهم
وفى الفقه والتاريخ كان الأفغانى ومحمد عبده وعبد الرحمن الرافعى والكواكبي وغيرهم
وفى السياسة كان سعد زغلول ومصطفي النحاس ومصطفي كامل ومكرم عبيد وغيرهم
وفى الفنون كان محمود مختار ومحمد عبد الوهاب وأم كلثوم والسنباطى ومحمود الشريف وغيرهم
أى أن نبوغه وسط تلك الكوكبة كان أمرا بحق هو جد المستحيل ..
لكن ما أفاد العقاد أن عصر الفكر فى مصر بذلك الوقت لم يكن يعترف الا بالابداع بغض النظر عن مكانة صاحبه ..
ولذا نشر العقاد مقالاته وكتبه ولاقت القبول الواسع واتسعت صالونات الفكر والأدب لهذا النجم البازغ .. وأفردت له المكانة الأولى
وواصل العقاد صعوده بسرعة خرافية وان بقي على حاله لا يهادن أحدا بثوابت العقيدة والفكر عنده لا سيما أنها كانت تنبعث من الاسلام عقيدة وتاريخا ..
وفى وسط هذا البحر الهائج من الصراعات بشتى المجالات ..
كان العقاد هناك يدافع عن ثوابته .. تلك الثوابت التى ظهرت عداءات التيارات الجديدة لها ..
وصارت معاركه الفكرية وهو يمثل جيش القيمة فى مواجهة الغث مائدة مستديمة على صفحات الصحف والمجلات ..
ففي الأدب خاض حروبه ضد التشويه المتعمد باسم المنهج اللامعقول أو الحداثة
وفى الفنون خاض معاركه ضد العبثية وما يسمى بالتجريد
وفى السياسة خاض معاركه ضد المذاهب الجديدة الماركسية والرأسمالية
وفى الفلسفة خاض المعركة ضد المذهب الوجودى المنادى بهدم العقيدة وثوابت الايمان لله تعالى والتسليم له
وفى التاريخ الاسلامى خاض معاركه ضد تشويه نظام الحكم الاسلامى وتاريخ صحابته الأجلاء ورسوله صلى الله عليه وسلم على يد العلمانية ودعاتها
وصار صالون العقاد الأدبي ببيته بمصر الجديدة احدى ضواحى القاهرة الهادئة فى ذلك الوقت منجما ونبعا لا يغيب عن تلامذته من عمالقة العصر فيما بعد
وكانت معاركه تستقطب اليه طلاب الحقيقة من كل حدب وصوب لا سيما فى المجال السياسي ضد الشيوعية التى كانت آفه العصر بذلك الوقت ..
وضد العلمانية والتشويه والتشكيك العقائدى باسم حرية الفكر ..
ومن مثيرات الحسرة أن يقف من أطلقوا عليه عميد الأدب العربي " طه حسين "
فأطلق عليه العقاد عمى الأدب العربي
وواحد من شيوخ الأزهر
" على عبد الرازق " موقف الداعين الى التشويه بنظم وثوابت التاريخ الاسلامى
فقد خرج طه حسين على الناس بكتاب الشعر الجاهلى الذى شكك فيه بقصة سيدنا ابراهيم وسيدنا اسماعيل وكيف أنه لا يقتنع بصحتها لأنه لا دليل عليها الا القص القرآنى !!
وكذلك تشكيكه فى نسبه الشعر الجاهلى لروافد ذلك العصر من شعراء العرب .. وأن القصائد المنسوبة الى عنترة العبسي وامرؤ القيس وطرفة بن العبد وغيرهم لا تخص هؤلاء الغارقين فى البداوة !!
وعلى عبد الرازق الذى خرج بكتاب " الاسلام وأصول الحكم " والذى دعا فيه الى أن الاسلام لم يكن الا رسالة دينية ولا شأن له بنظم الحكم .. والتى يراها عبد الرازق رهنا بتطورات المجتمع مختصرا دعوته فى أن الاسلام دين لا دولة كذلك خاض العقاد معركة شرسة ضد من استبشروا بقدوم الألمان والطلاينة الى مصر بعد هزيمتهم للانجليز فى معارك شمال افريقيا بالحرب العالمية الثانية .. وكان الوحيد تقريبا الذى دعا الناس الى عدم اللهاث خلف السراب بظن الخلاص من الانجليز على يد الألمان لأن الانجليز والألمان وكل النظم الاستعمارية انما هم دعاة انتهاك لا حرية .. وأن الألمان لن ينتصروا فى حربهم مع الانجليز لأن الألمان مهما كان توفقهم لا شك أنه تفوق سيكون فى اثره السقوط لأنهم يعتمدون على الديكتاتورية بالمذهب النازى وأن أمنية العقاد بهزيمة الجبهتين .. الحلفاء والمحور لأنهم كما سبق القول ذئاب تتدثر برداء الحملان
وبلغ العقاد من التأثير درجة .. دفعت القائد الألمانى الشهير " أدوين روميل " الى الاعلان من خلف خطوط النار أن الألمان فور وقوع مصر بقبضتهم ستكون أول مهمة لهم هى
اعدام المفكر المصري عباس العقاد
وكل تلك المعارك التى خاضها العقاد وكسبها .. كانت خلفها العقيدة التى لا تتزعزع .. فقد كان العقاد واحدا من الندرة الذين أسسوا علمهم وفكرهم على الخلفية الاسلامية النقية الخالية من كل غرض .. فى عصر بلغ به الانبهار بالحضارة الغربية الأوربية حدا تضاءلت الى جواره قيمة الاسلام وتاريخه فى أعماق أبنائه ..
فمعظم مثقفي العصر .. درسوا وتأسسوا فى أوربا لا سيما فى جامعات فرنسا وتأثروا بهم الى درجة مفزعة ودفعهم الاعجاب الى محاولة التقليد ورفض احياء الحضارة العربية
لكن العقاد .. بما حباه الله من رجاحة الفكر ونقاء البصيرة ..
لم تدفعه الثقافة الغربية الى الانبهار ..
وذلك على الرغم من بلوغه ما لم يبلغه غيره من الاطلاع ودراسة وقراءة عباقرة الفكر والفلسفة الغربية القدامى والمحدثين .. مثل سارتر وهوجو ونيتشه وهيجل ..
لكنه أدرك الخط الفاصل بين قراءة الفكر الغربي وتقدير رجاله وقيمة حضارته وبين الانبهار الأعمى بالنحو الذى اندفع اليه معاصروه ومناجزوه ....
رسالة العقاد وأثره الفكرى
من الصعوبة بمكان .. ادراك مدى الأثر الذى تركه العقاد للحضارة العربية ..
فهذا المفكر الأسطورة ترك ميراثا يستعصي ادراكه على كل ذى قدرة وفكر ..
عشرات بل مئات الكتب والدراسات والمقالات والأشعار ..
تمثل الحجة لدى كل ساع للحقيقة حريص عليها ..
وهناك خط فاصل بين كتابات العقاد قبل الثورة المصرية فى يوليو 1953م ..
وبعدها ..
فقبل الثورة كان العقاد طارقا شتى مجالات الكتابة لا سيما الكتابة السياسية التي تستعصي مؤلفاته فيها على الادراك لصعوبة تواجدها ..
والحادث أن العقاد مع غياب حرية الفكر والكتابة والتعبير فى عصر القهر الذى تلى الحكم العسكرى بعد قيام الثورة ..
استشعر العقاد أن الحكام الجدد ليس لديهم أدنى تقدير لأحد من روافد الفكر وعمالقته ولن يستعصي عليهم أن يكون العقاد مهما كانت قيمته الفكرية نزيلا بأحد المعتقلات مغيبا فيها ..
ولما كان العقاد يدرك أن المعارك لابد أن تكون بين خصوم عقلاء وليس بين من يدركه العقل وخصمه يصاحبه الجنون .. لذا آثر الابتعاد لعدم قدرته على مسايرة النظم الجديدة التى تتطلب النفاق للوصول ... أو الدخول الى سراديب المجهول اذا حاول التصدى منفردا لما هو حادث .,
وقد أحس العقاد مبكرا جدا بفداحة ما ينتظر مصر بعصر التغيب ..
منذ كانت حادثة جمال عبد الناصر بالمنشية والتى وقف فيها عبد الناصر بعد فشل محاولة اغتياله هاتفا بأنه علم مصر الشرف وعلمها الكرامة وأنه اذا مات عبد الناصر فلن يموت ما علمه للشعب ..
يومها كان العقاد ببيته وسط صالونه سمع الكلمات عبر المذياع ..
فاحمر وجهه بغضب مكتوم وعلق
" علمنا الشرف والكرامة !! ألم نكن نعرفها قبل أن يجيئ هذا القائل الى الدنيا .. "
ثم فاحت مرارته من كلماته وهو يقول
" ان شعبا يستمع الى تلك الكلمات .. ولا يقوم على قائلها ..
فيقتله فى مكانه .. لحرى به أن يضربه ذلك الفتى وأمثاله بالنعال "
واعتزل العقاد ..
وتفرغ لرسالته فى الكتابة فأخرج درر الفكر الاسلامى من جعبته ..
ومن عينه كتاباته السياسية التى توقفت بعد الثورة يبرز كتابه " لا شيوعية ولا استعمار " كعلامة حقيقية فى هذا المضمار ..
وتعد العبقريات أشهر ما أخرج العقاد لفكر الاسلامى وهو لم يكن يكتب تاريخا للأشخاص أو الوقائع فحسب ..
بل كان يصب الفكر فى قوالب كتبه محللا للأحداث ومواقف الشخصيات التى يتناولها عن طريق معالجته ومناقشته لأمهات الكتب التاريخية ومراجعها الكبري ..
وهناك سير لشخصيات لم تضمها العبقريات والتى قصرها على علامات الصحابة وفى البداية كانت عبقرية محمد صلى الله عليه وسلم ..
وكتاب " مطلع النور أو طوالع البعثة المحمدية "
وكان كتاب " عبقرية محمد " هو ذلك الكتاب الذى اعترض فيه الامام محمد متولى الشعراوى على عنوانه لأنه رأى فيه نسبة العبقرية الى شخص الرسول عليه لصلاة والسلام ..
فى حين أن الواجب رد تلك العبقرية نقاء الرسالة الى فلسفة اختيار الله عز وجل لمحمد عليه أفضل الصلاة والسلام لأداء الرسالة ..
ثم كانت " عبقرية الصديق " ثم " عبقرية عمر " ثم " عبقرية عثمان " ثم
" عبقرية الامام" ثم عبقرية خالد " رضي الله عنهم جميعا
ثم كتب السيرة الشخصية المتمثلة فى العديد من الصحابة مثل
كتاب " عمرو بن العاص " وكتاب " معاوية بن أبي سفيان
" وكتابه عن السيدة عائشة رضي الله عنها " الصديقة بنت الصديق "
وكتابه عن السيدة فاطمة الزهراء " فاطمة الزهراء والفاطميون " رضي الله عنها
ثم تناوله لشخصيات قديمة وحديثة مثل
كتابه " جحا الضاحك المضحك "
وكتابه " الأستاذ الامام " عن الامام محمد عبده ..
وكتابه عن بن الرومى " بن الرومى .. حياته وشعره "
وكتابه عن السياسي المصري سعد زغلول " سعد زغلول "
وهذه كلها مجرد أمثلة .. فاسهاماته عن الشخصيات التاريخية لا تؤذن بحصر ..
اضافة الى كونه المؤسس الرئيسي لمدرسة الديوان فى الشعر العربي التابعة للمدارس الرومانسية التى أسس حركتها الأولى شاعر القطرين خليل مطران
ومن بين كتبه يبرز كتابه النقدى المشع " أشتات مجتمعات فى اللغة والأدب "
اضافة الى دواوينه الشعرية وان كانت قليلة .. ورواية واحدة هى " سارة "
اضافة الى كتبه النقدية عن الفكر الغربي مثال ذلك كتابه عن شكسبير " التعريف بشكسبير "
مع الكتب التى تمثل السيرة الذاتية مثل كتابه " أسوان "
وكما سبق القول ان هذه الأمثلة ..
تضم تحت كل مجال منها عشرات البحوث والكتب والدراسات ..
مما أعطى للعقاد أثرا لم سبقه اليه غيره فى عالمنا المعاصر ..
فرحمه الله من مفكر ساطع .. مات وميراثه المحابر والأقلام ..
فنأمل من الله تعالى أن يكون ممن قال فيهم الرسول عليه الصلاة والسلام
" من مات وميراثه المابر والأقلام .. دخل الجنة .. "
وقد توفي العقاد رحمه الله ومصر تحت تأثير هزيمة النكسة القاسية والتى أحس العقاد بمقدمها يوما ما قبل أن تطويه عزلته عن السياسة مع شعب من حوله كان بين مطرقة الخوف .. وسندان النفاق ..
انطوى معتزلا عندما وجد دعوته السياسية وهو بها جدير .. لن تصل ولن يفوح عطرها الى أحد مع جو الكتم والحرية ..
فآثر السكوت عن السياسة .. لأنه حتى لو تكلم بها ..
لم يكن ليسمحوا لصوته بأن يكون مسموعا مهما علا .
ليس لأن كلامه ورؤاه ستكون غير ذات حقيقة ..
بل على العكس لأنها ستكون صدمة الحقيقة مع عقول آثرت الزيف .
وكم من مفكر .. وكم من مبدع .. دعا الناس الى صلاحها فأبت ..
فحق عليهم الجهل حيث هم ..
رحمك الله أيها الأستاذ .. وغفر لك .. وولاك مكانة بجنته برحمته ..
وأعطاك ما منعك غيره ..
ووصل صحبتك برمز الدعوة ومؤدى الأمانة صلى الله عليه وسلم.
عبد الله النديم ..
قطعه الطين النبيلة من أرض مصر
أمرهُ عجيب ..
هو الشعب المصري ..
ولا مفر من القول أنه من أغرب وأقدر شعوب العالم فى صفاته
وما أصدق وصف الرسول عليه الصلاة والسلام ..
حين وصف مصر بأرض الكنانه .. وأوصي عليه الصلاة والسلام أن يُـتخذ منه الجند الكثيف لأنه خير أجناد الأرض
نعم ..
خير أجناد الأرض .. أكثرهم صمودا واصرارا وعزيمة .. وقدرة على النهوض من وسط الرماد كالعنقاء اذا لاح فى الأفق أنه شعب مات .. أو استسلم
وكل من ظن بمصر أنها من الممكن أن تستجيب للنوائب فتنهار عزيمتها .. كان له ألف عذر بظنه هذا .. !!
لأن الشعب المصري تمرس على الصبر طويلا ..
حتى صار الصبر أسلوبه المعهود عبر تاريخه كله .. حتى اذا استرخت العزائم المعتدية ..
هب الشعب فجأة باحدى الجذوات المتمثلة فى زعاماته التى تخرج لتقود الهمه وتثير الأمه ..
يرضخ الشعب طويلا .. حتى يأت موعد النهوض .. ولابد أن يأتى هذا النهوض على يد أحد أبطال المصرين الذى أذهلوا حروف التاريخ بعبقرية التضحية والفداء
من أيام الفراعنه .. واحتلال الهكسوس الذين استولوا على مصر قاطبة .. لكم يتبق شبر واحد فى واديها العريض الا ووضع الهكسوس بقواتهم أيديهم عليه غضبا وعدوانا ..
وفرت الأسرة الحاكمة أسرة " سيقنن رع " الى بلاد النوبة ( السودان حاليا ) وعبر السنوات الطوال تجرى الاستعدادات فى صبر خرافي وصمود وعزيمة لا تلين حتى يستعيد الجيش المصري عنفوانه وتصميمه وينفض عن نفسه غبار الهزيمة وينطلق تحت قيادة الملك " كاموس بن سيقنن رع " لتبدأ رحلة التحرير ..
وتندفع الجحافل المصرية ويستشهد فى طريق الكفاح الملك نفسه .. فيتولى القيادة ابنه القائد الشاب والداهية العسكرى " أحمس " ...
والذى يواصل القيادة محاربا ومناضلا حتى تمام تحرير العاصمة أواريس " لقاهرة حاليا " ليستسلم الهكسوس وينزحوا عن أرض بلاده
وتتابع السنون والشعب المصري تنهض همته بتأثير عاملين ..
تزايد الظلم والقهر .. وخروج قيادة توحد رؤي هذا الشعب الفريد ..
وتتكرر الأمثلة عشرا ومئات المرات أيامك الرومان والبطالمة ثم تفتح مصر صدرها للعهد الاسلامى .. وتندفع الحوادث التاريخية واحدة تلو الأخرى حتى العصر الحديث ..
ويبرز عمر مكرم نقيب الأشراف ليولى محمد على الجندى الألبانى حكم مصر .. ثم تنقلب التولية الى احتكار ويبطش محمد على بكل خصومه وأولهم عمر مكرم ورفاقه ..
لكن يحسب لمحمد على النهضة التى قادها ..
ويخلفه على كرسي الحكم أبناءه عباس الذى اغتيل بأيدى خدمه ...
ثم يأتى بعده اسماعيل الذى كان عصره هو عصر النهب الأول لمصر
حيث أغرق اسماعيل نفسه فى الديون الربوية من المرابين الأوربيين تحت زعم بناء مصر وجعلها قطعه من أوربا ..بيد أن الأموال الخرافية التى استدانها الخديو لم يصرف الا القليل منها على المشروعات لتستنزف البقية الباقية فى أمور اللهو والحفلات والبذخ اللامتناهى ..
كل هذا والشعب فى أحط ألوان القهر ... حيث كان الجـُباه لا يجدون الا الشعب المصري لاشباع حاجة الحاكم الى المال
وعانى المصريون قحطا لم يسمع بمثله من قبل
وتولى الخديو توفيق حكم مصر بمساعدة البريطانيين والفرنسيين وأطاح بوالده فى واقعه خيانه شهيرة حتى أنه لم يسمح له بمجرد الموت على أرضها ..
وتتواصل الجباية ويتواصل الانهيار بمستوى المعيشة للفلاحين والبسطاء ..
وعند تلك اللحظة ..
آن للبركان أن ينفجر ليظهر أبطال هذا العد وفى مقدمتهم هذا الفريد بعصره وأوانه
عبد الله النديم الشهير بخطيب الثورة العرابية ..
فهلموا بنا الى رحابه ..
12
كانت البداية بحى الجمرك بالأسكندرية المصرية حيث ولد البطل المصري عبد الله النديم
عايش فساد عصر اسماعيل وقحط المصريين .. ثم تواصل مع عهد توفيق
وكان يثيره أشد ما يثيره ..
السكون والصمت المطبق من المصريين على هذا العدوان
ثم تفتح ذهنه وعقله وعاطفته على بدايات تحرك الجذوة الوطنية التى قادها أحمد عرابي الضابط الوطنى المصري ورفاقه البواسل الذين ضجوا بالفساد والافساد وبالمناصب التى بات حكرا بالجيش على غير المصريين من الجراكسة وعلى رأسهم وزير الحربية نفسه عثمان رفقي ..
اشتعلت الأمور بمصر عقب اعتقال أحمد عرابي ورفيقيه عبد العال حلمى وعلى فهمى ..
ليهب البكباشي محمد عبيد أحد رجال عرابي فيقود كتيبته ويعتقل قائده الجركسي لتنتصر الثورة العرابية أولى انتصاراتها على الاطلاق وأقواها بعد أن تم تعيين الوطنى الشهير محمود سامى البارودى وزيرا لحربية وهو الشاعر الأصيل الذى كان ربا للسيف والقلم بعد أن تزعم حركة الاحياء والبعث لاعادة الشعر العربي لجزالته المعروفه ..
وتتواصل الثورة العرابية .. فيقود أحمد عرابي الجيش المصري بكتائبه الى قصر عابدين الشهير حيث مقر الحكم ..
ويقابله على بوابته الخديو توفيق وعلى يمينه ويساره الوزيران الأجنبيان فى الحكومة وهما " كلفن " و" أوكلسن "
ويدور بين عرابي والخديو هذا الحوار التاريخى الذى هتف به عرابي ردا على كلمات الخديو المستفزة ..
" لقد خلقنا الله أحرارا .. ولم يخلقنا تراثا أو عقارا ... ووالله الذى لا اله الا هو لن نورث بعد اليوم .. "
ويخضع الخديو لمطالب الأمة ويتولى شريف باشا الشهير بأبي الدستور وزارة مصر ليصبح الدستور الذى طالب به المصريون رهن أمرهم ..
والذى صدر فى السابع من فبراير من عام 1882 م ..
وفى قلب تلك الأحداث
كان النديم قد شمر عن ساعديه وترك الهوان الذى ضرب فى صدور من حوله وانطلق بمواهبه الخرافية فى الخطابة والكتابة وتناول كل الأوضاع المزرية والأساليب الاستعبادية بالنقد والثورة عبر مجلة الطائف ثم مجلته الساخرة " التنكيت والتبكيت " وهى المجلة التى سببت صداعا دائما فى رأس السلطة وألقت بالمرارة فى حلوق الشعب المصري التى رضخ وصمت ..
ولم ينج من لسان النديم كبير ولا صغير بدء من الخديو نفسه وحتى أصغر الظالمين والمتعاونين معهم ..
وانضم الى رفاقه فى الثورة العرابية وأصبح خطيبها الأول بلا منازع ومع شجاعته التى لا تقف عند حد .. قام بالطواف شرقا وغربا يخطب بلسان يبعث الحياة فى قلب الحجر بكلمات من نار تهيج المشاعر وتوقظ النفوس التى استمرأت العبودية ..
فى قلب المعركة ..من الذى أوقظ النديم .. ؟!
الواقع أنه اضافة الى طبيعته الأبيه وعنفوانه المدهش .. كان للمصلح الاجتماعى الفذ جمال الدين الأفغانى صاحب مجلة " العروة الوثقي " هو والاصلاحى الشهير الامام محمد عبده ..
كان لهذا الرجل تأثيرا مذهلا على المصريين عامة والنديم بصفة خاصة ..
وفى قلب القاهرة على أحد المقاهى الشهيرة كان يجلس الأفغانى يلقي بكلمات كالسياط تمزق قلوب سامعيها قبل أن تخترق آذانهم منها ..
" أنتم معشر المصريين قد نشأتم على الاستعباد وتربيتم فى حجر الاستبداد .. وتناولتكم أيدى الغزاة من فرس ورومان وأكراد ومماليك .. وكل يُعمل فى أرضكم مبضع نهمه وأنتم غافلون
أيها الفلاح الذى تشق قلب الأرض لتسنبت ما يسد الرمق .. وتترك خير أرضك منهوبا
لما لا تشق قلب ظالمك .. لماذا لا تشق قلب الذين يأكلون أتعابك ؟!! "
على تلك الكلمات القوارع تربي النديم ..
وعندما أخذ مكانه الى جوار عرابي وثورة المصريين .. كان أشجع تلاميذ الأفغانى فى التعبير ..
لم يترك شرقا ولا غربا الا وخف الى المصريين فيه حاملا معه كلمات خطبه البليغه شديدة البلاغه .. والساخرة شديدة السخرية .. سخرية مريرة كفلت له أن تندفع الناس خلفه كالطوفان مطالبة بحقها المسلوب ومؤمرات الخديو وأعوانه من الدول الكبري للفتك بما حققته الأمة من انتصارات
وتندبلع الحرائق المدبرة بالقاهرة حتى يتسنى للخديو اعلان الأحكام العرفية التى تبيح له الضرب بيد الحديد على من أقضوا مضجعه وأولهم النديم ..
ومع انفجار المعركة ..
ازاداد النديم نشاطا واشتعالا وتحوت كلماته الى دموع ملتهبة تكوى قلوب الصامتين حتى هب الجميع خلفه وانطلقوا خلف عرابي فى التل الكبير لرد القوات البريطانيه عن البلاد بعد أن دعاها الخديو المتواطئ ..
وما ان يلمح النديم متهاونا حتى يهتف
" أيها المصريون ..
لا حياكم الله .. ولا نجاكم .. ما دمتم تعيشون كالسائمة .. تأكل من حشائش الأرض وتقبلون أيديكم المتشققه ظهرا لبطن
أيها المصريون ..
شموا رائحه أجسادكم .. انها نتنه ونيل الله يجري بأرضكم
استمعوا الى أنين أمعائكم .. وواديكم يملؤه الخير ..
أنصتوا الى صوت الله يلعنكم مع أنكم حفظة كتاب الله وحملة رسالته
أيها المصريون ..
لعن الله من يكره الحرية ..
لعن الله من منع عن نفسه أطيب الطعام وهى حل له
لعن الله من يقعد متفرجا ملوما محسورا
لعن الله من لا يتبعنا "
انطلق الجيش وخلفه الشعب يمده بالعتاد والمؤن والسلاح البدائي دفاعا عن الحرية
وتحت تأثير الخيانه المعرفة التى تعرض لها جيش عرابي من البدو وتمكن " فرديناند ديلسبس " من خداع عرابي عندما أوهمه أن قناة السويس لن يستخدمها الجيش الانجليزى وهو ما لم يحدث ليواجه الجيش المصري معركة غير متكافئة وينسحب عرابي وأخاه وبعض رفاقه وفيهم النديم ويصلون الى القاهرة فجرا
ويتم القبض على معظم قيادات الثورة التى تم قهرها وكوفئ المتواطئون على أعمالهم وانطلقت أعمال الانتقام تنال كل من ساعد وتكاتف من أجل وطنه فوقع عرابي ورفاقه بين أيديهم .. وتم نفيه ..
لم ينج من هذا المصير الا عبدالله النديم والذى استفاد من كونه خبيرا بحياة الصعاب والتشرد وما كانت بجديدة عليه
وفشلت جميع الجهود فى القبض عليه .. وفر نحو تسع سنوات كاملة
لأنه لم يكن حتمل عقوبة النفي ولو ليوم واحد خارج تلك الأرض التى درج على أن أنه قطعه من طينها النبيل ..
وامتدت عشرات الأيدى تريد أن تنال النديم طمعا فى مكافأة القبض عليه
وفى المقابل امتدت مئات وآلاف الأيدى الى النديم تساعده وتشد أزره وتحميه بأرواحهم .. هؤلاء الذين بذل لأجلهم روحه واستقراره .. فحموه لتسع سنوات فشلت قوات الاحتلال فى العثور على شعرة واحدة منه
ومن أجل الأمثلة على عظمة ما فعله الندم وعظمة تأثيره ما حدث عندما التجأ الى الشيخ محمد الهمشري عمدة احدى القري المصرية واسمها " العتوة " من أعمال محافظة الغربية .. والذى كتم الرجل سره فيها الا عن زوجته الصالحه
ثم مر عام وتوفي الشيخ الهمشري
فجاءت زوجته الى النديم ومعها أكبر أبنائها .. وتوجهت الى ولدها الأكبر بكلمات ان دلت فانما تدل على الأم المصرية الحقيقية
قالت الأم ..
" يا ولدى .. هذا هو عبد الله النديم الذى رصدت الحكومة لمن يدل عليه ألف جنيه ( وهو مبلغ خرافي بمقاييس تلك الأيام )
فهل تريد أن تؤويه كما فعل أبوك أن تسلمه وتقبض المكافأة فأكون برية منك الى يوم الدين "
فرد الفتى فى صلابة
" حاشا لله أن أفعل .. سترين أننى سآويه وأحافظ عليه محافظتى على عرضي وأرضي .. "
السطور الأخيرة من ملحمة النديم ..وبعد تسع سنوات طويلة .. مرت ومصر واقعه تحت سنابك الاحتلال .. وقع النديم فى قبضه الحكومة .. لكن بعد أن صار حال مصر أفضل كثيرا عن تلك الأيام التى كانت فيها تئن من الألم دون أن تمتلك القدرة على الصراخ
فخلال سنوات الاحتلال وبعد ما فعله النديم ورفاقه تفجر الوعى القومى وأهمية المواطنه حتى أن الثمانين عاما التى استغرقها الاحتلال مرت عليه مرور الموت بعد طول حشرجة
انطلق الفدائيون والطلبة والنساء المختمرات فى مظاهرات وكفاح مسلح ومقاومة مسميته بلغت بريطانيا ذاتها فاهتزت من أثرها الجكومات المتعاقبة ..
وقع النديم بعد تلك السنوات التسع ..
وحملوه الى وكيل النائب العام للتحقيق فاذا به قاسم أمين الاصلاحى الشهير والذى عرف جيدا رسالة النديم وأثره فأكرم وفادته وعامله معاملة حسنة حتى الأوامر من القاهرة بشأنه ..
ونفي النديم الى يافا .. غير أن موت توفيق أتاح له العودة بعد أن أتى الوالى الجديد فأصدر أمره بالعفو عنه ..
وعاد المجاهد الكبير الى مصر ليجد أزمة مشتعله بين اللورد كرومر والخديو عباس حلمى ويستشعر النديم سكونا فى الحركة لم يعهده فى الشعب المصري بعد أن أشعلت الثورة العرابية غمار المقاومة ..
وتساءل بينه وبين نفسه هل عادت النفوس لسابق عهدها ..
غير أنه حمد الله بعد قليل على بقاء الجذوة عندما طرق بابه شاب فى مقتبل العمر متحمس ثائر ..
جاء الى النديم يرجوه أن يقص عليه القصة الحقيقية للثورة بعد أن ضاعت ملامح الكفاح بالروايات المغلوطة ..
وتأمله النديم فى صمت .. ثم سأله عن اسمه
فأجابه الفتى الثائر " مصطفي كامل "
وكان هذا الشاب هو الزعيم الشهير مصطفي كامل الذى أوقظ الحمية بعد خمودها وقلب الأمر رأسا على عقب بعد أن أوصل قضية مصر الى المحافل الدولية وكان هو بطل حادثة دنشواى الشهيرة والتى انتقم فيها مصطفي كامل للأبرياء الذين أهدر دمهم بلا ذنب جنوه .. فسقط وزير المستعمرات وصدرت الأوامر بترحيل كرومر
استمع مصطفي كامل الى النديم .. ونجح النديم فى التأثير على وتشكيل عقلية الشاب الجالس أمامه
وينطلق مصطفي كامل وجيله العبقري ليؤسس الحزب الوطنى
" بالطبع هناك الحزب الوطنى الحالى ولا يمت بصلة الى الحزب الذى أسسه مصطفي كامل قديما
فما أبعد الفارق بين حزب أسسته هموم الوطن ..
وحزب ورث الاسم ويسعى لتوريث الاثم !!! "
وعلى الرغم من أن النديم كان على أبواب عامه الخمسين وقد أدى رسالته وبلغ أمانته ..
الا أنه لم يهمد ولم يصمت ..
فأسس مجلة " الأستاذ " وكانت تختلف عن مجلته القديمة " التنكيت والتبكت " التى كانت تزاوج بين الفصحى والعامية لأن الأستاذ جاءت رصينه الكلمة بالفصحى الوقورة ..
فثار رفاق النديم القدامى على صاحبهم ودعوه الى العودة للعهد القديم ..
وعاد النديم .. ليشعلها نارا بحق ..
وبدأت الخواطر تهيج شاهدة على القدرة الفائقة لهذا المجاهد ..
وتصرخ الجرائد والصحف البريطانية وعلى رأسها التايمز التى بضرورة اسكات هذا الرجل .. وتدخل الباب العالى " الحاكم الاسمى للأقطار العربية تحت مسمى الخلافة العثمانية "
وقام السلطان عبد الحميد باستدعائه الى استنبول وومنعه من الذهاب لمصر وقام باكرامه وتعيينه فى لجنه مستشاريه الا أن النديم يضيق بالقفص الذهبي الذى نسجه حوله السلطان فيوجه نقده اللاذع الى السلطان نفسه ويهرب منه
وعاد النديم الى مصر
ولم يلبث الا فترة قصيرة ..
ووافته المنية .. فى يوم 10 أكتوبر عام 1896 م ..
وكانت جنازته المهيبة عبارة عن محفل وطنى كامل ..
تقدمها شيخ مهيب الطلعه ..
غمرت وجهه دموعه الآسية ...
وهى ترثي بطلا قل أن يجود الزمان بمثله ..
كانت دموع الامام جمال الدين الأفغانى