لاجئ بين زمنين ....
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.. أما بعد
في الجاهلية كان العرب في ذلك الوقت يجير بعضهم بعضا في أوقات الحرب ، أي ما يشبه اللجوء السياسي في هذا الزمان ، واستمرت هذه العادة التي لا نقول عنها أنها سيئة في أوائل الإسلام ، فكان بعض أشراف القبائل يجير بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من بطش قريش .. وها هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه عندما أراد الهجرة إلى الحبشة قابله سيد قبيلة الأحابيش (( جماعة من عبيد وإماء العرب من أرض الحبشة الذين تحرروا من الرق سكنوا الجزيرة ، وكانت معروفة في شدتها على الحرب)) فأجاروا أبا بكرٍ من بطش قريش لأنه سيد فيهم إلا أن هذا الجوار رده أبو بكر بسبب منعه من قراءة القرآن علناً ..
ولما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف وقد لقي ما لقي من أهلها خاف أن يدخل مكة فتغدر فيه حتى أجاره المُطْعِم بن عدي قبل إسلامه رضي الله عنه ..
ولما جاء موسم الحج وأُخذت البيعة من أهل يثرب بإجارة المسلمين الصابرين والدفاع عنهم وقتال من قاتلهم ، هاجروا إليهم إلى الله ، فنعم الأنصار أهل طيبة الطيبة ، فإنهم قوم فتحوا قلوبهم للمهاجرين وأكرموهم كرما لم يُوصف به أحد من قبل فجزاهم الله عنهم خيرا ،، فلما فُتحت مكة وتحررت من الرذائل ، بقي المهاجرون في المدينة المنورة لم يعودوا إلى بلدتهم الطاهرة ، لأنهم أحسوا بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها بلدهم وأن الأنصار أهلهم لذلك لم يتركوهم أبداً إلا لحج أو عمرة أو صلة رحم في مكة ..
والآن ومع كل هذه المآسي لا نرى إلا الجحود والنسيان من أهل القصور والسلطان قاتلهم الله وأزاحهم من العروش و التيجان ، فإن الظلم عندهم معلوم ، أما بعض الشعوب الإسلامية لم تنسى العيش والملح الذي يتصف به الخلق المسلم لكن ليس بيدهم حيلة ، فنرى المهاجر يُسْتَعْبَد ويُظلم كائناً من كان بسبب تلك الأوراق التي تُسمى جواز أو وثيقة سفر ..
لا نلوم المهاجرين في أوروبا أو أمريكا أو في الشرق والغرب ، فلا توجد بلاد إسلامية صحيحة مئة بالمئة في هذا العصر كما الحال في أوائل البعثة النبوية ، وإن شاء الله تعالى سيفتح الله قلوب الناس لهديه كما فتحها في السابق وتلك الأيام نداولها بين الناس .
[c]سبحانك ربنا رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين[/c]
أبو القاسم القباني