حـــــب آخـــــــر

حب أخر

جلس الحسن البصري ذات يوم يعظ الناس، فجعلوا يزدحمون عليه ليقربوا منه


فأقبل عليهم، وقال‏:

‏يا إخوتاه، تزدحمون عليّ لتقربوا مني‏؟‏ فكيف بكم غدًا في القيامة إذا قرّبت مجالس

المتقين ، وأبعدت مجالس الظالمين ، وقيل للمخفين جوزوا، وللمثقلين حطوا‏؟‏

فيا ليت شعري‏:‏ أمع المثقلين أحط ، أم مع المخفين أجوز‏؟


ثم بكى ، حتى غشي عليه، وبكى من حوله، فأقبل عليهم وناداهم، يا إخوتاه

ألا تبكون خوفًا من النار‏؟


ألا من بكى خوفًا من النار نجاه الله منها يوم يجرّ الخلائق بالسلاسل والأغلال‏.‏


يا إخوتاه، ألا تبكون شوقًا إلى الله‏.


ألا وإن من بكى شوقًا إلى الله، لم يحرم من النظر غدًا إلى الله إذا تجلى بالرحمة

واطّلع بالمغفرة، واشتدّ غضبه على العاصين‏.‏


يا إخوتاه، ألا تبكون من عطش يوم القيامة‏؟


يوم يحشر الخلائق وقد ذبلت شفاههم ، ولم يجدوا ماء إلا حوض المصطفى

صلى الله عليه وسلم ، فيشرب قوم ، ويمنع آخرون‏ .‏ ألا وإن من بكى

من خوف عطش ذلك اليوم سقاه الله من عيون الفردوس‏.‏


قال‏ :‏ ثم نادى الحسن رضي الله عنه‏ :‏

واذلاه إذا لم يرو عطشي يوم القيامة من حوض النبي صلى الله عليه وسلم‏ .‏


ثم بكى وجعل يقول‏ :‏ والله لقد مررت ذات يوم بامرأة من المتعبدات


وهي تقول‏:‏ إلهي ، قد سئمت الحياة شوقًا ورجاء فيك‏ .‏

فقلت لها‏:‏ يا هذه، أتراك على يقين من عملك‏ ؟‏

فقالت‏ :‏ حبي فيه وحرصي على لقائه بسطني


أتراه يعذبني وأنا أحب‏؟‏‏‏


فبينما أنا كذلك أخاطبها، إذ مرّ بي صبيّ صغير من بعض أهلي ، فأخذته في ذراعي

وضممته إلى صدري ، ثم قبلته .


فقالت لي‏:‏ أتحب هذا الصبي‏؟‏

قلت ‏:‏ نعم‏.


قال‏:‏ فبكت ، وقالت‏:‏ لو يُعلم الله الخلائق ما يستقبلون غدًا ، ما قرّت أعينهم

ولا التذّت قلوبهم بشيء من الدنيا أبدًا‏.‏


قال‏:‏ فبينما أنا كذلك ، إذ أقبل لها ولد يقال له‏:‏ ضيغم، فقالت‏:‏ يا ضيغم، أتراني

أراك غدًا يوم القيامة في المحشر أو يحال بيني وبينك‏؟

‏
قال‏:‏ فصاح الصبي صيحة ظننت أنه قد انشق قلبه، ثم خرّ مغشيًا عليه

فجعلت تبكي عليه ، وبكيت لبكائها‏ .‏


فلما أفاق من غشيته، قالت له‏:‏ يا ضيغم ، قال لها لبيك يا أماه‏.


قالت‏:‏ أتحب الموت‏؟‏ قال‏:‏ نعم‏

قالت‏:‏ ولم يا بنيّ‏؟

‏
قال لها‏:‏ لأصير إلى من هو خير منك، وهو أرحم الراحمين


إلى من غذاني في ظلمة أحشائك، وأخرجني من أضيق المسالك

ولو شاء لأماتني عند الخروج من ضيق ذلك المسلك حتى تموتي أنت من شدة

أوجاعك، لكنه برحمته ولطفه، سهّل ذلك عليّ وعليك‏.


أما سمعتيه عز وجل يقول‏: { ‏نَبِّىءْ عِبَادِيأَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي

هُوَ الْعَذَابُالأَلِيمَ‏}‏‏[‏الحجر 49ـ50‏]


وجعل يبكي وينادي‏:‏

أواه أواه، إن لم أنج غدًا من عذاب الله ، ولم يزل يبكي حتى غشي عليه

وسقط على الأرض، فدنت منه أمه ، فلمسته بيدها، فإذا هو ميّت رحمه الله‏.‏


فجعلت تبكي وتقول‏:‏ يا ضيغماه ، يا قتيلًا في حبّ مولاه‏.


ولم تزل كذلك حتى صاحت صيحة عظيمة، ووقعت في الأرض

قال‏:‏ فحرّكتها فإذا هي قد ماتت‏.

رحمة الله عليه وعليها، ورحمنا الله بهما‏.


من كتاب بحر الدموع/ لابن الجوزي


أعده طريق التوبة

يا الله ! أهناك مثل هؤلاء حباً لله !

أجريت مدامعي أيتها الأخت الكريمة ، قرأتها و علمت أن هناك بشراً فوق البشر ، و قلوباً فوق ما نعرف من القلوب .

حياك ربي .

سلام اللـه عليك ورحمته وبركاته

يا منى ! أجريتِ دمعي مدراراً..

أكرمكِ اللـه، وجعلَ هذه الومضةَ التي قدّمتِها لقلوبنا العطشى للقاء حبيبنا الرحمن، طريقَكِ للفردوس، وعِتْقاً لكِ من النار..ودرعاً يحميك من كل شرور الدنيا..

لكِ امتناني ومحبتي أيتها الطيبـة..

أختي منى
ماقاله البصري فعلا" تدمع له العيون

ولكنه اليوم قول لاآذان واعية له لتحتويه وتعشق مضمونه فوق أرصفتنا

المواعظ والرقائق لانفع لها مع أنسان اليوم الذي يكاد يقترب من الآلة سلوكا"

أختاه

قوله

قال‏:‏ فبكت ، وقالت‏:‏ لو يُعلم الله الخلائق ما يستقبلون غدًا ، ما قرّت أعينهم

ولا التذّت قلوبهم بشيء من الدنيا أبدًا‏.‏

أرفضه جملة" وتفصيلا

الله خلق لنا الاولاد والنعم ولذائذ القلوب لتعيننا على مهمتنا العسيرة

أن نكون مستخلفين على الارض نعمرها ونزرع فيها التجدد

وعندي أن الحياة في سبيل الله خير من الموت أختاه

باركك ربي وأكرمك

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاكم الله خيراً أختى حوراء وأختى أسماء

ورزقنا الله العمل من أجله والعمل والنفع بما نكتبه ونقرأه

ورزقنا الثبات على هديه آمين

وجمعنا فى دار الخلد معاً جميعاً ويكتب لنا أن نرى بعضنا البعض فى الجنة

إن لم يرزقنا رؤية أخوة تجمعوا على حبه فى الدنيا

شكراً لكم

منى حسان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جزاك الله خيراً أخى الكريم أ / خليل

شكراً لك على مرورك وتواجدك الذى أسعدنى

وأود أن أذكر أن مضمون الموضوع أننا خلقنا لرسالة تعمير الأرض فعلاً

وإعلاء كلمة الله ونصرة دينه وعمل كل ما هو نافع يحتسب لنا إن شاء الله

وليس الزهد فى منازلنا لا نرى أحداً ولا نكلم أحداً حتى يأتينا الموت

فلم يأمرنا الله ورسوله بذلك

ولكن الغالب الآن على معظم البشر وأخشى أن أكون منهم أن الدنيا غلبت على قلوبنا

وتغلغل حبها وطلب المزيد دائماً عن العمل لدار الآخرة

فأصبحنا نسعى لنيل كل ما نريده وننسى الأهم

ليس مطلوب أن لا نتمتع بما هو متاح لنا من متع الحياة ولكن لا نجعلها أكبر همنا ولا منتهى لذة نفوسنا

وأدعو الله أن يرزقنا الثبات على ما يحب ويرضى ولا يخذنا بين الخلائق

وأعتذر على إسترسالى فى الكلام

ولك منى كل التحية والتقدير والإحترام

منى حسان