أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: خارج الخـــدمة

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 23
    المواضيع : 7
    الردود : 23
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي خارج الخـــدمة


    خارج الخدمة
    بقلم
    محمد عبد الله الهادي
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــ
    توطئة :
    ( خطرَ لِي إن إحدى مفاتن الشيخـــوخة هي الاستفزازات التي تسمح لأنفسهن بها الصديقات
    الشابات اللواتي يعتـقدن أننا خـارج الخدمـة )
    [ جابرييل جارثيا ماركيز في " ذاكرة غانياتي الحزينات " ]
    ـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
    قبل أن تدق الساعة معلنة الثامنة والنصف صباحاً ، دلف الأستاذ " يحيى عبد الواحد " من باب حجرة " المتابعة " بالإدارة التعليمية ، بخطوات حاول أن تكون منتظمة ، وتشي للآخرين من موظفي أو زوَّار المبنى العتيق ـ كما يود دوماً ـ بانطباع محترم يليق بوظيفة " كبير " كأعلى درجة مالية في السلَّم الوظيفي الحكومي . وخطتْ معه بالطبع بدلة كاملة حائلة الزرقة بالقِدم لكنها نظيفة ، ورباط عنق عريض ، لكنه قديم أيضاً ، يلتف حول رقبته بإحكام ، ونسخة من جريدة الأهرام الصباحية مطويَّة تحت إبطه ..
    مشى بالضبط أربع خطوات توقَّف بعدها ، استدار بقامته المتوسطة أمام مكتبه المواجه مباشرة للباب ، وضع الصحيفة علي المكتب ، رفع عينيه وشمل المكاتب الثمانية الأخرى ـ الموزعة بحجرة إدارته لمجموعتين متقابلتين تشغلان باقي الفراغ عن يمناه ـ بنظرة فاحصة لموظف قراري تدنو سنوات عمره سريعاً من الستين ..
    تنحنح الأستاذ " يحيى " يسلك زوره وهتف :
    " صبـاح الخـير "
    من وراء المكاتب ، جاءته أصواتُهن رنَّانة النبرات بردود مختلفة ، مرتدة إليه من بين ست عشرة شفَّة نسوية متباينة الطلاء ، لثماني سيدات مختلفات تمام الاختلاف ، لا يجمع بينهن شيء واحد سوى أنهن من جنـس النساء :
    " صباح النور يا أستاذ يحيى "
    " صباح الفل يا عمِّنا "
    " صباحُه أبيض " ..
    قبل أن يسحب الأستاذ " يحيى " مقعده ويجلس عليه أمام المكتب ، الذي يتصدر مقدمته مستطيل خشبي صغير مصقول بلون أصفر ، يبين عليه ـ بالخط الأسود الثلث ـ اسم وصِفة صاحب المكتب كمدير إدارة للمتابعة . وقف يتأكد أن قبيلته النسائية تلك من الموظفات مكتملة العـدد ، لا غائبة لأي سبب طارئ من أسباب النساء الكثيرة التي خبرها بالتعامل معهن لسنوات . افترشت الابتسامة الراضية صفحة وجهه وشدَّتْ خطوطه . فهن نادراً ما يكن مكتملات العدد كهذا اليوم . وهو كثيراً ما وقف بينهن ناصحاً أو لافتاً انتباههن بالحسنى مرَّة أو بالزجر مرَّة أخرى ، مذكراً إيَّاهن ـ إذا كنَّ قد نسين ـ أنهن لسن ككل موظفات الإدارة الأخريات : " إدارة المتابعة لها وضع خاص .. هي التي تتابع الحضور والانصراف بالإدارة .. وتنفيذ الخطط في مواعيدها لموجهي المراحل ورؤساء الأقسام والإداريين وغيرها من الأعمال الحسَّاسة كما تعرفن .. المفترض أن المتابعة لا تحتاج متابعة يا حضرات .. وإلاَّ كان باب النجار ( مخلَّع ) كما يقول المثل " .
    يبتسمن وهنَّ يُؤمنَّ علي كلامه ، بنوع من الاعتراف بالجميل إزاء طيبة إداريَّة مفرطة ، بهزَّات رؤوسهن المكشوفة المصففة علي آخر موضة ، أو المحجوبة بالأغطية الشفَّافة الملوَّنة بالطرز المختلفة ، دون أن يلتزمن أو يتذكرن يوماً نصيحة واحدة من نصائحه ..
    " الأمر أمرك يا أستاذ يحيى .. وما علينا سوى التنفـيذ " ..
    فمع كل مخالفة لأحوال المقتضيات الوظيفية لأي منهن ، كن يتضامن متحدات كعصبة واحدة ، عارفات الطريق إلي قلبه الطيِّب الذي يتسامح مع أعذارهن في نهاية الأمـر .
    سحب الأستاذ " يحيى " الدرج ، ووضع نظَّارة القراءة علي عينيه ، تشاغل عنهن بالصحيفة التي فردها أمامه ، وراح يطالع باهتمام العناوين الرئيسية والأخبار القصيرة وهو يقلب الصفحات علي مهل ، مؤجلاً بذاكرة لم تضعف بعد ، المقالات التي تلفت عناوينها انتباهه ، بصفحات الرأي أو الرياضة أو الحوادث ، لحين عودته لشقته ، ومن ثم قراءتها علي مهل وبهدوء بال .
    هو يعرف أن ثرثرتهن التي بدأتْ لن تتوقف الآن ـ مهما حاول ، وهو بالقطع لن يحاول بتسامح أبوي ـ قبل أن تخرج الأكياس واللفافات الورقيَّة من الحقائب ، وتأخذ الشفاه الرقيقة في التهام ساندويتشات الفول والطعمية والجبن ، المدعمة بالسلاطة والمخلل وأعواد الجرجير الخضراء وعصير حبَّات الليمون مما يجلبنه معهن كل صباح . يعْـزِمنَ عليه " عزومة مراكبية " من باب المجاملة ككل مرَّة . ويرد عليهن أيضاً ككل مرَّة ـ دون أن تفارق عيناه الصحيفة ـ بأنه أفطر كالعادة بشقتهِ مع " أم العيال " والحمد لله . ترد عليه " بدريَّة " بفم يطحن قضمة كبيرة ، وبتقريظ لا يخلو من لمحة ساخرة : " حظَّك يا عم " .
    يبتسم بتسامح ، فـ " بدريَّة " بدون تسمية وظيفية تعتبر وكيلة المكتب عرفياً إذا ما تغيَّب ، ونادراً ما يتغيَّب . ومع كل قضمة أو لقمة تدفع بها الأيدي للأفواه النهمة المفتوحة ، تتناثر وتتبعثر كلمات كثيرة لا حصر لها ، تتقاطع بينهن بفراغ المكتب في رواح وغدو لا ينقطع ، أخبار وأحاديث وحكايات كثيرة : عن لؤم ومكر الأزواج ، عن مشاكل العيال التي لا تنتهي ، مضغ سيرة هذه أو تلك ..
    وأخيراً ـ وكأن هذا ما كان ينقصه منهن ـ التطرق للمسائل الحسَّاسة في العلاقات الزوجية التي أقضَّتْ مقعده ..
    إنهن حقاً لا يُغلبن ، دائماً ما يجدن لديهن مدداً من معين لا ينضب ..
    وتدخل " فتحيَّة " عاملة البوفيه ـ بجلباب بلدي مشجر محبُوك علي قوام قصير مدكوك ـ في موعدها بالضبط ، يسبقها حفيف شبشب بلاستيك يحف بالبلاطات في قدم معطوبة بعيب خلقي ، علي رأسها صينية تتراص عليها أكواب شاي وماء لا تهتز رغم خطوتها العرجاء ، ما إن تهلُّ طلعتُها عليهنَ من الباب ، حتى يصحنَ بصوت واحد فرحان :
    " فتحيَّة .. جئـت في وقتـك " .
    تشـد " فتحية " ابتسامة عريضة علي وجهها المكتنز المستدير ، فتنبسط قسماته التي لا تخلو من ملاحة ، مدركةً مدى أهميتها بالنسبة إليهن في هذه اللحظات علي الأقل . يحطن بها في زفَّة نسوية صغيرة لا تخلو من صخب مشاكس وهي تنزل الصينية علي أحد المكاتب ، يخطفن منها أكواب الماء والشاي خطفاً ، ليطفئن بها سريعاً نيران الأطعمة الحارقة والمملحة التي استقرت ْبجوفهن . قد تقف قليلاً بينهن بنوع من المودَّة وهن يرشفن مشروبها الساخن وتتبادل معهن الكلام ، أي كلام تفرضه اللحظة . وقد يسألنها ـ إذا ما أردن معرفة شيء يجهلنه ـ عن زملاء وزميلات بإدارات أخرى بمبنى الإدارة التعليمية ، فكل أخبار وحكايات المبنى العتيق مهما بلغت سريَّتها ، أو طريقة تكتُّمها ، لا تخفى علي " فتحيَّة " ، لا بد أن تجد طريقاً بشكل ما إلي عبِّها الواسع ، فهي مع أكواب الشاي والحلبة وفناجيل القهوة تمر علي كل المكاتب ، تعطي وتأخذ ، ترسل وتستقبل ، ولا تضن بأريحية ذوي المكانة المهمة بما تملكه ، ولا تعوزها الحيلة في معرفة ما تريد . هي عاملة علي درجة مالية ، ولو برتبة أدنى ، مع موظفات برتب أعلى يرينها من موقعهن بعين شفقة ، ربما لكونها عانساً من جنسهن تقترب من الأربعين ، تقف قدمها المعطوبة ، وهذا أمر الله ، حجر عثرة أمام حظّها في زواج و استقرار وتأسيس أسرة . وربَّ ضارة نافعة .. هكذا يعتقدن ويقلن بعزاء أنثوي تضامني ، بأن هذه القدم ذاتها هي التي أهلتها لهذه الوظيفة الصغيرة ـ في زمن صعب ، تشيع فيه البطالة بصورة وحشيَّة ـ من نسبة مئوية خصصتها الحكومة لذوي الحاجات الخاصة ..
    تنحنح الأستاذ " يحيى " وهو ينزع النظَّارة عن عينيه ويطوي الجريدة بحرص ويضعها أخيراً بالدرج . انتبهت " فتحيَّة " للنحنحة المذكرة فطفقت تظلع ناحيته ، يسبقها اعتذارها لـه ككل مرَّة ، بلهجة بنت بلـد لم تنل حقَّها في التعليم :
    " معلهش يا أستاذ يحيى .. قهوتك حالاً تكون قدَّامك "
    " علي راحتك يا فتحيَّة "
    هكذا يرد ، وحالاً تكون قد خرجتْ . بينما تنتظم موظفات الإدارة كل واحدة أمام مكتبها ، عارفات دون كلام أو إشارة منه أن المسألة زادت عن حدها قليلاً ، وأن وقت العمل قد حان ، تسحب كل واحدة الدوسيهات المكومة أمامها ، وتبدأ بمراجعة الأسماء ، والتدقيق في التواريخ والزيارات و المأموريات .. ، يستغرق ذلك منهن وقتاً طويلاً قبل أن تُرفع إليه التقارير النهائية أو المخالفات الجسيمة اللاتي يرصُدنها ، تمهيداً لأن يؤشر عليها بقلم جاف أحمر التأشيرة الأخيرة للجهات المختصة ، ثم يمهرها بتوقيعه الكريم ..
    عمل سهل لا شك ، لكنه يمضي بينهن كسلحفاة عجوز ، لأنهن لا يكففن طوال الوقت عن الثرثرة " عمَّال علي بطَّال " و " هات يا كلام كل ما عنك " و " الدنيا لن تطير يعني " ..، لدرجة أن الأستاذ " يحيى " بات يؤمن بنظريَّة تخصُّه باعتباره مكتشفها ، ولا يتورع عن الإعلان عنها إذا ما جاءت مناسبة لذلك : بأن تعلُّم الكلام بين البشر في فجر التاريخ اختراع نسائي بحت ، وأن الرجال الغلابة أمثاله الذين خرجوا من أرحام النساء ، تعلَّمُوا الكلام في مراحل تالية وعلي أيدي النساء أيضاً . وكان يدلل علي صحة نظريته هـذه ، بالإشارة للحقب التاريخية الأمومية التي سادتْ فيها المرأة سيادة عُظمى مع فجر التاريخ كمرجعية لا تقبل الشك ، والتي ما زالت بقاياها ماثلةً حتى الآن في بعض المجتمعات الإنسانية علي الكرة الأرضيَّة ..
    وكنَّ هنَّ أول من تلقين منه مختصر نظريته مصدقات ، وممتنات له لإتاحته لهن فرصة أخرى للثرثرة ، شاكرات لـه حُسن اجتهاده العلمي الذي أنصفهن فيه من تاريـخ طويل ظالم ، وحقب زمنيَّة كثيرة من الإذلال ، الذي وصل بالرجال في العصور الوسطى حـد ضربهن عاريات كما ولدتهن أمهاتهن بالسياط .
    دخلتْ " فتحيَّة " بصينية صغيرة عليها فنجال نظيف وكنكة قهوة نحاسية لامعة وكوب ماء ، وضعتها أمام الأستاذ ، حملتْ الكنكة وصبَّتْ القهوة بحرص بالغ يحافظ علي وجهها المتماسك ، وسألته بآلية : إن كان في حاجة لخدمة أخرى منها . فاكتفي بهزَّةٍ شاكرةٍ من رأس غزا البياض شعره واجتثَّ منه الكثير ، فبدتْ بعض حوافه الجانبية والأمامية جرداء أو قليلة العشب ولا يُجدي معها أي إصلاح .
    أسرعتْ بجمع الأكواب الفارغة من فوق المكاتب علي الصينية الكبيرة وخرجتْ .
    الحقيقة أن الأستاذ " يحيى " كان يكتفي فيما بعـد بفنجال قهوة آخر أو اثنين ، أو ربما يطلب مشروباً لضيف يزور مكتبه ، لكنه في كل الأحوال كان حريصاً قبل انتهاء الدوام الرسمي للعمل ، أن يمر علي المرحاض أولاً يتخفف من بعض الأعباء ، ثم يمشي قليلاً حتى نهاية طرقة تنتهي بفراغ مستطيل بحجم زنزانة ، تصنع منه " فتحيَّة " " بوفيه " للإدارة ، يجدها هناك بحضورها الطاغي وجسدها المدكوك وحركتها الدءوب ، عاكفةً علي غسل وتجفيف ولملمة عـدَّة البوفيه ، فينقدها حساب مشروباته قبل أن يغـادر .
    باتتْ هذه الطقوس مع التكرار والتوالي عادات يومية يصعب التخلص منها ، صحيح أنهن ينجزن العمل في النهاية ، لكن بشروط طقوسهن المقدسَّة في الثرثرة ، أو التهام طعام لا يكتفين منه بوجبة صبح رئيسية ، بل يمتد مع امتداد ساعات العمل لوجبات صغيرة أخرى ، أو تسالي حلوة تسلك الزور كما يدعين : كيك أو بسبوسة أو باستا فلاور أو كنافة أو جلاَّش .. أصناف عديدة يتفنن في صنعها بالدور . يبدأن به ويقدمن لـه قطعة ، فيعتذر شاكراً بأن الصحة لم تعُـد تحتمل هذا الترف المسكَّر ، يغلظن عليه بالحلف بأعز ما لديه من زوجة وأبناء ، فيتذوق فتفوتة صغيرة علي طرف لسانه وهو يثني علي صاحبتها التي لا يعرفها بعد قائلاً : " تسلمْ الأيادي " . فيشرن لصاحبة الصنيع ، ويبدأن طقوس الالتهام والمصمصة والاستحلاب بتلـذذ عظيم ، قبل أن يعُـدن للثرثرة أو العمـل مرَّة أخرى .
    لم يكن الأستاذ " يحيى " يهتم بثرثرتهن ولا يشغل باله بها ، لكن ما أغاظه في الأيام الأخيرة وأقضَّ مضجعه حقَّاً ، تطرقهن ـ بلا حياء أو اعتبار لوجوده ـ لمسائل حسَّاسة في علاقتهن الزوجية الحميمة . تذكر أن " سميحة " النحيفة الطويلة كنخلة حيَّاني ، وصفته في مرَّة علي سبيل المداعبة ، وعلي مسمع منهن ، بأنه " ديك البرابر " : كونه الرجل الوحيد بينهن . لم يفته لحظتها ما في المداعبة من غمزٍ ولمزٍ .
    يبدو أن توالي الأيام واعتيادية الطقوس صارتْ نمطاً وظيفياً متكرراً ، نمطاً مملاً يتوق للتغيير ، يتوق للتحرر ، فزاد وفاض وتجاوز الحـد وعبر خطوطه الحمراء .
    هكذا كان تفسيره الذي أقنعه : بدأت قلة الحياء علي استحياء ، ثم ما لبث أن ذهب الحياء وبقيتْ قلة الحياء . لم يتقبل عقله بسهولة ـ نتيجة للتفسير السابق ـ فكرة أنه غير موجود بالمرَّة . أو أنه موجود بالفعل معهن في حجرة واحدة ، لكنهن يرينه كخيال حقل فقـد وظيفته بانكشاف سِرِّه ، خيال مهلهل لـه شكل الذكر الحقيقي لكن كل ما فيه مزيف ، وصارت الطيور تحط علي رأسه وتتبول عليه قبل أن تغزو الحقل . أو لأنهن بتن يعتقدن بصورة أخرى أنه في هذا العمر رجل خارج الخدمة ، رجل مدجَّن كخصيان القصور المملوكية الذين لا يملكون أية حبال تخيف بين أرجلهم ..
    وسمع " فاطمة " السمينة المحجبة ، العاقر التي لا تنجب ، تحكي لهن في مرَّة عن آخر وصفة جربتها وأوصاها بها شيخٌ عرَّاف ، عندما أعطاها " سحلية صحراوية " وضعتها فوق رأسها بالحمَّام وهي تستحم في النزع الأخير من الليل حسب الوصيَّة ، وكيف كانت ترتجف من الخوف والبرد معاً تحت " دش " ماء بارد بلا صابون . وحكتْ لهن بتفصيل ممل ، كيف انسلت عقب ذلك وارتمتْ في حضن زوجها الغارق في نومه ، طالبةً منه بعـد أن صحاَ مفزوعاً ، أن يجامعها علي وجه السرعة ، في تلك اللحظة بالذات قبل أن تزول أثار الرهبة ، وكيف أدَّى المسكينُ واجبه بعين صاحية متسائلة وأخرى نائمة مرهقة . ثم وهي تأمره أن ينهض بعـد ذلك للاغتسال تحت " الدش " البارد والخروج لصلاة الفجر بالمسجد ، وكيف ترددَ أولاً ثم استجاب متأففاً عندما فهم المراد أخيراً ، هو الذي ـ كما أخبرتهن وهي تداري ضحكتها بكفها ـ يظل غارقاً في شخير نومه كجوال الأرز لبعـد طلوع الشمس بشموس أخرى . وكيف أوصته ـ ولا بد أنه نفَّذ الوصيَّة ـ أن يخلص في الدعاء بصحن المسجد لربّ العبـاد ..
    وكانت ترفع رأسها لسقف الحجرة بصوت مبحوح بأثر استحمام ما قبل الفجر ، وهي تردد بخشوع : " يا ربّ " .
    وكنَّ متأثرات ببحة صوتها التي مسَّتْ شغاف قلوبهن ، وهنَّ يرددن معها مجاملات :
    " يا ربُّ .. يجعل تعبك بفائدة .. ويعوض عليكِ يا فاطمة يا بنت رقيَّة عوض الصابرين " .
    " يا سلام علي ساعة الفجر! " .
    سمعنَ ، وسمع معهن هذا الصوت الحالم لـ " سميحة " الطويلة ، لم يتيقنَ إن كانت تخاطب نفسها بهذه العبارة أم تخاطبهن ؟ لكنها لفتتْ أعينهن التي تندب فيها رصاصات لمظهر استحمامها وبلل شعرها أيضاً ، لم تفتهن ما في العبارة من إشارة جامعة بين زميلتين في ساعة واحدة من ليل فائت . ضحكن فاهمات ومهنئات ، وانتهزنها فرصة كالعادة للولوغ بالثرثرة في الكلام الفارغ . وسمع " نادية " تلحقها بسؤال يبغي مزيداً من الاسترسال في قلِّة الأدب ، عندما أشارت صراحةً باستنكار لزوج " سميحة " :
    " القزعة القصير ده .. معقول يا أختي ؟! " .
    لم ترد "سميحة " مباشرةً ولم تدافع ، كانت بحالتها الحالمة ما تزال ، وربما كانت تمكر . اكتفتْ بأن هزَّتْ رأسها بتؤدة ، وأغمضت أجفانها ، ورسمتْ علي ثغرها بسمة راضية تُغني عن أي قول ..
    عندها غلبتْ " بدريَّة " ـ أكبرهن عمراً ، وأكثرهن هذراً ، وخليفة الأستاذ كعرف سائد ـ طبيعتها المرحة ، فقالت بعفوية تقريرية صكَّت مسامعه :
    " بتشيله علي كتفها يا أختي " .
    فانفجرن في موجات ضاحكة متدفقة كموجات " تسونامي " الأخيرة ، والتي كانت كافية علي حمله للارتطام أخيراً بجدار المرحاض ، فراح يتخفف قليلاً ..
    وخرج الأستاذ " يحيى " من شروده علي صوت " صفاء " الأملس كشعر قطة ناعم .. " صفاء " الأصغر سناًّ ، والأكثر ثراءً بالقياس الوظيفي المتهالك لهن ، والأجمل أناقةً علي قوام دقيق لامرأة شابة بلا زيادة أو نقصان ، بملامحها الطفولية وشعرها المقصوص علي جبينها بنعومته الفائقة .. سمعها تأخذهن وراءها لعوالم الأطباق والفضائيات الإباحية التي تهب مع الرياح الشمالية الغربية طوال العام ، ورآهن ـ وهو يختلس النظر إليهن من بين أوراقه ـ ينصتن صامتات ومنتبهات ، وتشع أعينهن ببريق نظرات غيورة بلون الحسد . فهن كما قدَّر ، يكتفين كالسواد الأعظم من الموظفات ، بالمسلسلات أو الأفلام اللائى شهدنها مئات المرات حتى حفظنها عن ظهر قلب ، من أجهزة محليَّة الصُنع لا تتعدَّى قدرة التقاطها القنوات الأرضيَّة المملَّة لحد الغباء . كانت " صفاء " تسحبهن حتى حجرة نومها وهي تخبرهن بنوع من الزهو ، كيفية اندفاع زوجها الساخن ، عقب كل فيلم ساخن ، وتشرح لهن بالتصوير البطيء ، كيف تتولَّى هي بدربة وخبرة مكتسبة ، مهامة إطفاء هذه النيران المشتعلة في فراشها الوثير ..
    ومع هذه النيران التي اشتعلتْ في فراش صفاء ، تدفقتْ موجات تسو نامي مرَّة أخرى ، فأخذتْ الأستاذ " يحيى " علي قممها ، وألقته هناك عند المرحاض ..
    هناك ، وقف قليلاً وفكَّر كثيراً ، وانتهى إلي أن مشكلة مكتب المتابعة مشكلته هو ، لا المدير العام للإدارة ، أو أي أحد غيره ـ كبيراً كان أم صغيراً ـ يقدر علي حلَّها . وربما لو خرجت من لسانه وأفضى بها لأحد لصار أضحوكة المبنى ، مضغة تلوكها أفواه الانتهازيين ، خاصة هؤلاء الذين تضرروا بصورة أو بأخرى من تقارير المكتب ، ويفقد المكتب بالتالي احترامه ، ويتقوض بنيانه علي من فيه من نسوة فارغات العقل ، وبالطبع سيكون هو أول الضحايا .. أحسَّ بصداع يفلق رأسه ، وبحاجته لفنجان قهوة . أخذته خطواته للطرقة حيث البوفيه .
    " أي خدمة يا أستاذ يحيى ؟ "
    " قهوة يا فتحيَّة .. الله يسترك "
    " من عيني "
    ولمَّا وجدته ما زال واقفاً ولم يتحرك ، قالت :
    " حالاً تكون علي مكتب سعادتك "
    " أشربها هنا يا فتحيَّة "
    سحبتْ دكَّة خشبية صغيرة وضعتها بجوار الحائط ، فجلس عليها .
    راح يتأملها وهي منهمكة في عملِها بحرص ودربة ، بنت ناضجة لكن حظَّها قليل ، اقتربت من الأربعين ولم تتزوج ، في عمر ابنته " البكريَّة " التي أنجبت له ثلاثة أحفاد . قارن بينها وبين أفراد قبيلته النسائية بالمكتب ، سأل دواخله : ألا تفكر هذه البنت مثلهن في هذه الأمور الحسَّاسة ؟ أم أنها من غير تجربة ثور الله في برسيمه ؟ أحياناً يراها معهن وهي تشاركهن الثرثرة والضحك .. لكن هل يتكلمن أمامها بمثل ما سمع اليوم من " صفاء " ؟ وانتهى إلي نتيجة أنها امرأة مثلهن من لحم ودم .. فكيف تختلف عنهن ؟ ..
    صبَّتْ " فتحيَّة " القهوة وقدمتها له ، وجـدته شارداً :
    " القهوة يا أسـتاذ .. اللي أخذ عقـلك يتهنى به "
    أراد أن يفضفض لها بما يعتمل به صدره ، وبأنه كان يفكر بها وبهن ، لكنه أمسك لسانه مدركاً أن وكالة أنبائها المحليَّة ستطير كلماته حالاً وبأقصى سرعة ، لا تبتل في فمها فولة ، وسيكن هن بالقطع في مكتب المتابعة أول المتلقيات ، وسيكون هو كمن جاء يكحِّلها ..أعمَاها ، ولو أن كلامه سيثمر حلاً لما تردد لحظة ..
    وومضتْ الفكرة في رأسه في لحظة ، راحتْ وجاءتْ في عـدَّة مشاوير .. لم لا ؟ تساءل بعـد أن اختمرتْ في عقله مع آخر شفطة قهوة :
    مجازفة .. وليكن ما يكون ، لا بد أن يريح رأسه من هذا الصداع ..
    ناولها الفنجال وهو ينظر عامداً لتضاريسها الأنثوية بنظرة لم تغب عن فطنتها :
    " خسارة يا فتحيَّة ؟ "
    " خسارة ؟! "
    ردَّتْ متسائلة .. أشار بكفِّه من أعلى لأسفل قوامها كأنه يرسمها :
    " طبعاً خسارة .. فين العريس اللي يقدِّر ويفهم ويوزن كل الحلاوة دي "
    فوجئتْ بكلامه .. ضجَّ وجهها بألوان كثيرة وهي تجاهد بالرد المجامل :
    " الله يجبر بخاطرك يا أستاذ يحيى .. نصيب "
    نهض أمامها واقترب منها ، وحمَّل عينيه كل ما يعرف من رغبة ، ومرر كفَّه في سرعة خاطفة علي مرتفعي صدرها :
    " كل الحلاوة دي وتقولي نصيب ؟ "
    تراجعتْ مذعورة ، وكسا وجهها المستدير احمرار حبّة طماطم دون أن تنبس بكلمة .
    استدار بهدوء عائداً لمكتبه ، كان موقناً أن عيني هذه المسكينة تخترقان الآن ظهره ، لن ترفعهما عنه حتى وإن غاب تحت طبقات الأرض . كان بدنه يجيش بأحاسيس لذيذة ومنعشة ، كأنه بالفكرة المجنونة ، التي قادته لهذا التصرف الصبياني الأهوج ، قد عاد لأيام شبابه الأولى . صحيح هي قلة أدب مع البنت المعاقة المسكينة ، لكنها ، يا للدهشة ! ، أعادتْ لـه حيوية مراهقة متأخرة ..
    عند باب مكتب المتابعة عاد لنفسه ، وأحس بالإثم ، استغفر الله العظيم في سرِّه .
    لم يمض وقت طويل كما قدَّر حتى أثمرت الفكرة ، سمع حفيف الشبشب يقترب من الباب فلم يرفع رأسه ، كانت " فتحيَّة " بينهن بأكواب الشاي ، تهمس لهن ويهمسن لها ، تشاغل عنهن بالأوراق أمامه ، لم يراهن وهن يختلسن النظر إليه بفضول ، كأنهن يرينه رجلاً آخر لأول مرَّة ، والشهقات النسائيَّة المكتومة بالدهشة طالت مسامعه بأصواتهن الهامسة :
    " مش معقول .. الأستاذ يحيى ؟! " ..
    * * *
    في توالي الأيام ..
    كان الأستاذ " يحيى " يؤكِّد الفكرة وينمِّيها في رؤوسهن ، يحرص حرصاً زائداً علي مظهره ، يحلق لحيته كل يوم وينعمها ، ويلطم خدَّيه بعـد ذلك لطماً خفيفاً بكفين مبلولين بماء الكولونيا ، يرتدي أفضل ما في دولابه من ملابس مغسولة ومكويَّة ، يلمِّع الحذاء دوماً بورنيش سائل ولامع ، يغسل بقايا شعره من أكياس شامبُو الأولاد ويفرقه من جانبه ، يضبط رباط العنق ويدقق في اختيار لونه ، ولا بأس قبل الخروج من رشَّة جريئة لعطر نفَّـاذ ، يسبقه بخطوات معلناً عن قدومه ..
    أمَّا هن علي الجانب الآخر ، خلف المكاتب الثمانية المتقابلة في صفين ، لم يتوقفن حقَّاً عن الثرثرة أو التهام الطعام كما قدَّر . لكنهن بحرص واحتراز من النمر الهرم الذي خرج من ثوب القط ، صنعن بينهن وبينه مسافة وهمية ، وباعدتْ هذه المسافة بين مكتبه ومكاتبهن ، لم يعـد الخوض في العلاقات الزوجية الحميمة مستباحاً علي أفواههن ، وانحسر مد تسونامي ـ الذي قذفه مراراً للمرحاض ـ فجأة لشاطئ الأمان ، لم يخلف ضحايا أو مصابين هذه المرَّة ، سوى امرأة عانس تقترب من الأربعين ، لكنها بالقطع ستتعافى .
    كان الأستاذ " يحيى " ينفخ صدره خلف مكتبه ، ويشد ظهره علي مسند مقعده ، ويمطُّ رقبته كديك حقيقي لـ " البرابر " كما وصفته " سميحة " من قبل ، محمولاً علي موجة سعيدة لها طعم الانتصار ، مشمولاً برجولة مؤكَّدة ، مضمَّخة بعبق الماضي ، أعادته إلي " داخل الخدمة " في أعين هؤلاء الثرثارات ..
    إلاَّ أنه تذكر فجأة ، ودون سابق إنذار ، أنه سيحال للمعاش والتقاعد بعد بضعة أشهر لا تزيد عن العشرة ، وأن " بدريَّة " ، بحكم الأقدمية الوظيفية ، سوف تنتقل من بينهن آنئذ لتحل محلّه في إدارة مكتب المتابعة ، الذي سيكون خالصاً لهن بالمرَّة ، تبيض فيه الدجاجات وتفقس كما يحلو لها .
    " سبحان الله ! " .. همهم لنفسه ، كأنه استلم العمل كموظف صغير بالأمس فقط ، ما زال يذكر الرجل الذي تسلم منه أوراقه وأعـدَّ لـه إقرار القيام بالعمل ، وهو يطلب منه تدوين تاريخ إحالته للمعاش بالأوراق . لحظتها ضحك ضحكةً شبابية من الأعماق ، مباعداً بطيش بينه وبين هذا اليوم ، وهو يتساءل : " المعاش ؟! .. أين أنا من المعاش الآن ؟! " . لم يكن يعرف ، أن الزمن الذي لا يغلبه غالب ، كان حاضراً بينهما وشاهداً ، وأنَّه ضحك منه بسخرية ، وامتطى عمرَه في سباق قصير ..
    هاجمته موجة حزن عاتية كدَّرتْ عليه سعادته ، وتذكر تسونامي ، فخرج لأول مرَّة طواعية علي قمم أمواجه للمرحاض يتخفف من أحماله ، ثم للطرقة ، يتلفت يميناً ويساراً ، باحثاً عن " فتحيَّة " وفنجال من القهوة يعـدل به رأسه .
    ـــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــ
    فبراير 2005 م .

    ( القصة من مجموعة " امرأة وألف وجه " التي صدرت هذا العام عن سلسلة خيول أدبية )

  2. #2

  3. #3
    شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 23
    المواضيع : 7
    الردود : 23
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    أخي العزيز مجدي
    أشكرك علي مداخلتك ، ورأيك الذي أعتز به
    تقبل تحياتي وشكري وتقديري

  4. #4
    الصورة الرمزية حسام القاضي أديب قاص
    تاريخ التسجيل : Mar 2006
    الدولة : مصر+الكويت
    العمر : 63
    المشاركات : 2,213
    المواضيع : 78
    الردود : 2213
    المعدل اليومي : 0.33

    افتراضي

    الأخ الأديب / محمد عبد الله الهادي
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    قصة قوية من الواقع أجدت في تصويرها بدقة عنيت فيها بكل التفاصيل

    موهبة عالية وخبرة محنكة في هذا النوع من الحكي الذي يذكرنا

    بزمن الفن الجميل ..

    هذا الأسلوب في الحكي يذكرني بعمالقة ذاك الزمن ، وعلى وجه

    الخصوص بالأديب الراحل/ عبد الحميد جودة السحار ..

    نحتاج دائماً لمن يمدنا بمثل هذه النوعية من القصص الممتعة في وقت

    سادت فيه تيارات كثيرة تطمس في طريقها كل أصيل .

    أشكرك وأنتظر ابداعك الجميل دائماً .
    حسام القاضي
    أديب .. أحياناً

  5. #5
    الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 4,319
    المواضيع : 59
    الردود : 4319
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    سلام الـلـه عليكم
    الاخ الفاضل الاديب القاص محمد عبد الهادي

    قرأت قصتك الجميلة " خارج الخدمة " بالامس , ثم ابتدأت التعليق عليها , والكتابة حولها , وحول الفنيات , والاسلوب الذي اتبعت في القص , ولم يسعفني ضعف الخادم , في الشبكة العنكبوتية , في تحميل ما كتبت , وبعدها كان لدي موعد في المساء , مع الاخ الاديب القاص الاستاذ حسام القاضي , وخلال السهرة , جاء على ذكر قصتك بحماسة بالغة , ممتدحا ومبديا اعجابه بك , واليوم عدت الى قراءة القصة , لارى وجود شهادتين رائعتين , سجلتا لك , من الاديبين الراقيين , الاخ الفاضل الاديب القاص المبدع مجدي جعفر , والاخ الفاضل الاديب القاص الاستاذ حسام القاضي , فقطعت شهادتاهما الشك باليقين , ولم اجد حيال ما تفضلا به , من كلمة او عبارة , يمكن لي ان اضيف واكتب , ولكنني وجدت ان اهنئك من قلبي لهاتين الشهادتين .

    اخوكم
    السمان

  6. #6
    شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 23
    المواضيع : 7
    الردود : 23
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    الأخ العزيز المبدع حسام القاضي
    شكرا من القلب زيارتك النص
    رأيك ورؤيتك أعتز بهما كثيراً .. خاصة عندما تذكرك القصة بمبدع كبير بقامة عبد الحميد جودة السحار
    عند مناقشة قصص المجموعة ذكر أحد الزملاء أن القصص تذكره بيوسف إدريس ابن موطني فاقوس
    هذا شيء يسعدني
    والناقد أحمد أبو العلا قال عن هذه القصة بالذات إنها أفضل قصص المجموعة من وجهة نظره ، رغم أنني كنت مترددا في تضمينها المجموعة عند الطبع
    تقبل تحياتي وتقديري

  7. #7
    شاعر
    تاريخ التسجيل : May 2006
    المشاركات : 23
    المواضيع : 7
    الردود : 23
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    الأخ العزيز د . محمد حسن السمان
    شكراً جزيلا زيارتك للنص ورأيك الذي أعتز به
    مجدي جعفر صديق درب أدبي منذ زمن طويل ، بالإضافة أنه ابن موطني الشرقية ، وقد ناقشنا المجموعة في فرع اتحاد الزقازيق الذي هو أمين صندوقه
    شكرا للقصة التي أكسبتني صديقين عزيزين .. أنت ود . السمان
    تقبل شكري ووافر اعتزازي

المواضيع المتشابهه

  1. حـُب خارج حُدود العِشق !!
    بواسطة أحمد فؤاد في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 30
    آخر مشاركة: 10-07-2022, 07:04 PM
  2. يوميات خارج الوطن ....
    بواسطة الضبابية في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 17
    آخر مشاركة: 29-01-2008, 11:22 PM
  3. خلايا جذعية خارج الجسم
    بواسطة عدنان أحمد البحيصي في المنتدى مُنتَدَى الشَّهِيدِ عَدْنَان البحَيصٍي
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 08-10-2007, 03:57 PM
  4. احبك .. خارج الفيديو كليب
    بواسطة معاذ الديري في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 29-05-2003, 11:11 PM
  5. الاعراب خارج نطاق النحو والصرف
    بواسطة لاجيء فلسطيني في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 27-01-2003, 05:48 AM