دبابات سعادات
دبابات سعادات
صراخ أصوات أطفال من كل مكان في الروضة مجموعة تركض باتجاه الغرف وأخرى باتجاه البوابة وآخرين يبحثون عن حقائبهم في ساحة الروضة القريبة من سجن مقاطعة أريحا ودبابات في الشارع المقابل للروضة وطلقات متتالية من الرصاص والقذائف نسمع .
هكذا كانت تسرد المعلمة التي ركبت في سيارة الأجرة التي كنت فيها متوجها لرام الله والسيدة التي تجلس بقرب المعلمة التي تسرد ما جرى عند الهجوم على المقاطعة في أريحا تنظر بحرقة على المعلمة وتبكى وركاب السيارة يسمعون بهدوء حتى أن احدهم أراد أن يشعل السيجارة لكنة توقف عن إشعالها ليسمع ما تقول المعلمة وبدا لي شكله وكأنة صنم يمسك السيجارة بيد والقداحة بيد أخرى والمعلمة تسرد القصة وكان الأمر يحدث ألان إمامنا .
والمشكلة إن السائق أراد إيقاف التاكسي مرارا ليسمع هو الأخر القصة بدون أي تشويش إلا أن الحواجز ودوريات الاحتلال المنتشرة بالطريق تمنعه من التوقف ، أكملت المعلمة تقول بعد كل هذه الفوضى التي خلقها الاحتلال بهجومه على المقاطعة والتي تأثر منها الأطفال بالروضة وقد خلق جو غير طبيعي من الهلع بالروضة إلا أنهم استطاعوا تجميع الأطفال داخل الروضة.
وبعد جهد كبير جلس أطفال الروضة وبدأت المعلمات بالحديث مع الأطفال والإجابة على أسئلتهم محاولين تهدئتهم فكانت الأسئلة كلها تقريبا تنصب على وجود الدبابات وأصوات القصف الهائل الذي كان يجرى هكذا كانت تقول المعلمة إلا أنها أدركت إن الأطفال ورغم الهلع الذي أصابهم في بداية الهجوم أرادوا معرفة ما يجرى فما كان من المعلمات إلا إن يسردن بعجالة قصة احتلال فلسطين لكي يعي الأطفال ما يجرى الآن حولهم .
بهذا هدأ الأطفال ، لكن بعد هذا السرد أرادوا إن يعرفوا لماذا الدبابات والقصف ألان وأجابوهم إن الاحتلال يريد إن يخطف احمد سعادات و فؤاد الشوبكى ورفاقهم المحجوزين بالمقاطعة لان الاحتلال يدعى أنهم مطلوبين لهم .
وبعد أن علم الأطفال ما يجرى حولهم تظاهروا وهم يرفعون أصواتهم مرددين تحيا تحيا فلسطين ودمجت كلماتهم بشكل غير واضح فمنهم من يقول سعادات وآخرين يردون دبابات دبابات وصار الأمر وكأنة مظاهرة مصغرة يغلب عليها كلمة سعادات ودبابات داخل الروضة وتحمس بعض الأطفال الذين ركضوا إلى سطح الروضة ليصرخوا منديين ما تقوم بة قوات الاحتلال وأمام الدبابات التي ردت على الأطفال سريعا بزخات من المدفع الرشاش أعلى المدرسة .
إلا أن الأطفال استمروا في التظاهرة أعلى الروضة وصار الشعار الغالب على هذه التظاهرة ( دبابات ، سعادات) حتى أن قسم من الأطفال الذين كانوا يجمعون حقائبهم اعتقد أن الدبابات الموجود لسعادات وصار يردد دبابات سعادات ، لكن الأمر طال ونزل الأطفال إلى الصفوف منهم من نام ومنهم من أثار المعلمات بأسئلة أخرى كثيرة والتي منها لماذا دخلت الدبابات اليوم أريحا، وهل يعنى أن المناضلين المطلوبين أتوا اليوم على المقاطعة .
لكنهم فهموا الأمر جيدا بعد سماع الإجابات على أسئلتهم وعرفوا أن هناك اتفاق مابين المراقبين الذين كانوا موجودين والاحتلال مما يفسر أمر رحيلهم المفاجئ وقدوم قوات الاحتلال للمقاطعة بهذه السرعة بعد خروج المراقبين.
وبعد ساعات وبعد استخدام الدبابات والجرفات لهدم المقاطعة وحاصرة الموجودين وسقوط عدد من الضحايا واسر العشرات خرجت الدبابات مساء هذا اليوم وخرج الأطفال بسرعة من الروضة بصارخات لاحقت قوات الاحتلال والتي تناغمت مع عدد من الشبان الذين كانوا يرشقون الدبابات بالحجارة .
وصلت لرام الله ونزلت من السيارة متوجها للسوق ولا أزال اسمع صوت الركاب وهم يناقشون هذه الحالة الخاصة وكيف سيكون هذا اليوم عالقا في عقول الأطفال حتى أنهم استغربوا إلحاح الأطفال على فهم ما يجرى وكيف ربط أطفال الروضة وجود الدبابات بشعاراتهم التي كانوا يطلقونها بشكل عفوي في تظاهرتهم العفوية ضد ما تقوم بة قوات الاحتلال التي خطفت الأمين العام للجبهة الشعبية احمد سعادات واللواء فؤاد الشوبكي وعدد من المناضلين ، رغم أن الحدث مر علية عدة أسابيع إلا أن الأمر لا يزال حديث الشارع ويربط هذا الحدث بالوضع العام السياسي وكيف ستجرى الأمور في الأيام القادمة .
سعد أبو بكر
جنين
31/3/2006م
رد مع اقتباس