أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: قلب دافئ مثل قلبي.. قصة قصيرة

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    المشاركات : 20
    المواضيع : 10
    الردود : 20
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي قلب دافئ مثل قلبي.. قصة قصيرة

    20-يونيو

    حل فصل الصيف ، الجو لايطاق ، كم أكره حرارة الصيف ، وشمسه الحارقة ، وهي تحرق بشرتي المسكينة ، وجسدي المسكين ، آه ، إنه دوماً يزأر كلما حل هذا الصيف الملعون ، شعرت ببعض الراحة النفسية التي بدأت تتسرب عبر ثقوب قلبي ، لن أقضي إجازتي الصيفية في المزرعة، المدينة جميلة ، والبيوت متقاربة ، وألوانها المختلفة تعجبني ، بل تثيرني، وأنا جالسة هنا في بيتي الصيفي وأمام حديقتي المفضلة، أنظر إلى السماء والأشجار ، ولكن ليس بنفس النظرة المتفائلة والمحبة للحياة ، إنها نظرة امرأة شارفت على الموت والرحيل من هذا العالم ..

    21يونيو

    الخادمة تنظف غرفتي ، أسمع صوت أقدامها وهي تفتح أدراج خزانتي ، وربما تعبث بمجوهراتي وترتدي ملابسي لتنظر إلى نفسها في المرآة ، إنها فتاة آسيوية ذات ملامح صغيرة ، وجسد ضئيل وعينان فيهما الكثير من الغباء ، ولابد أنها في مرحلتها هذه ، تمارس طقوس المراهقة في غرفتي وبأدوات زينتي ، إنني لا أحتاج هذه الأدوات الآن ، ولا غداً ولا حتى في المستقبل القريب أو البعيد، أعلم أن الموت سوف يأتي قريباً، وأنه أقرب إلى روحي من أي شيء..

    أنهض من مكاني ، أنظر بإمعان وافتخار إلى منزلي ، لقد أعددته مع زوجي بكل عناية ، وقمت بترتيب الحديقة ، وزرع الورود الحمراء في أماكن مختلفة، والكراسي الخشبية المصنوعة من الخيزران، إنها في مكانها رغم مضي وقت طويل عليها ، سوف يزحف الموت إليها ، سوف يهدد كل بشري على سطح هذه الأرض ، تعود إليَ ذكرى الموت ، باردة ، تصب في أذني ، فلا أحتمل وقعها إنها تنغص عليَ منذ علمتُ بهذا المرض اللعين ، بعض الأعشاب في زواية المنزل تبدو ذابلة ، وقد دب الوهن في عروقها ، بالفعل لقد أهملت هذه الحديقة في الآونة الأخيرة ولم أعد أهتم بها كعهدي في السابق ..


    22- يونيو

    بعد أيام قليلة سوف أدخل عامي الأربعين، أعرف عوارض هذه السن، لقد انقطعت عني الدورة الشهرية ، وبدأت أدخل عالم اليأس ، حيث لا أبناء ولازوج ، ولاحبيب يقنعني بأنني امرأة صالحة، وأم مثالية ، إن عائلات هذا الحي الراقي كلهم يعرفونني ، أتذكر تلك المأدبات الضخمة التي كنتُ أقيمها في منزلي وكانوا يحضرون إليها باستمرار، كنتُ أرى السعادة في عيونهم ، إنهم يأتون حتى يتسلوا في منزل أرملة سوف تدخل عالمها الأربعيني عما قريب ، ولكنهم في الآونة الأخيرة بدأوا يبتعدون عني ، هل حقاً وصلت إلى مسامعهم أخبار مرضي؟ ربما ، لكن من أخبرهم ، ربما جاري اللعين الثرثار ، ذلك العجوز ذو الرائحة المتعفنة ، إنه لم يغسل أسنانه من فترة طويلة ، منذ بدأ داء الروماتيزم يهجم بقوة غير طبيعية على جسده ، أكاد أجزم أن زوجته البدينة لها دخل كبير بالموضوع ، لا أريد الاهتمام بهذه المواضيع التافهة، أو جعلها تؤثر على أيامي الأخيرة ، لابد لي من أقيم لنفسي حفلة كبيرة حتى لاأشعر بألم الموت ، وأكون مستعدة له...

    لم يتبق الكثير ، الأيام تقترب ، بقيت أياما معدودات ، في السابع والعشرين من يونيو ، وفي منتصف الليل ، سوف تغادر روحي إلى السماء ..

    هذا ماقاله الطبيب لي ، وهو يفحصني ، ويضع السماعة على قلبي الضعيف..

    23 يونيو

    الأيام تمر بسرعة ، عندما كنت لا أزال صغيرة ، كنتُ أعد الأيام على أصابع يدي وأتمنى أن تمر بسرعة حتى أكبر ، ويكون لي جسد متناسق كالبنات الكبيرات في حارتنا ، ونهدين جميلين وصديق أكتب له رسائل الغرام وأبادله النظرات وأنا في الحافلة ..

    وكانت أمنيتي الوحيدة أن أموت وأنا في سن الأربعين ، وكنت كثيرا ما أحدث نفسي بأن الأيام طويلة وأن سن الأربعين لن يأتي بهذه السرعة وأن أمامي وقتا طويلا حتى يأتي هذا اليوم...

    كيف سوف أستقبل هذا اليوم المرعب؟ إنني أكاد أموت من فرط الخوف ، لاريب أن إحساسي سوف يكون كبيرا ومملوءا بالحزن والألوان القاتمة التي سوف تحيط بي ، حينما تدق ساعة الحائط العملاقة معلنة بداية يوم السابع والعشرين من يونيو..


    24 يونيو

    إنني أتمشى أمام البحر ، وأزاول هوايتي التي أحبها ، هواية المشي ، لاريب أن العالم كبير ، وأكبر من هذا الشاطئ الذي اعتدت على زيارته منذ طفولتي ، لقد مضت حياتي الأربعين بسرعة ، فلم أحس بطعم الحياة ، تذكرت الزهور الذابلة في حديقة منزلي ، لابد أن أعتني بها حتى لا أفقدها ، بصدق أنا لا أريد أن أفقدها الآن ، أعلم أنه لن يعتني بها أحد بعد مماتي ، حتى خادمتي المراهقة ، لأنها سوف تنشغل بحبيبها الآسيوي ذو العيون المرقطة ، ولن تبالي بحشائشي الخضراء العزيزة إلى نفسي..

    لوهلة أشعر بذاكرتي تقتحمني بغته ، وتداهمني دون أن تترك لي مجالا للتفكير ، أتذكر يده الحنونة وهي تحيط كتفي بحنان مبهم ..

    كان يهمس في أذني بأنه يحبني ، ويعشق جنوني ، ولاتزال عيناه السوداوان ، والحب الغامض بينهما يثيراني ويجعلني لا أستطيع نسيانهما بمنتهى البساطة ..

    24 يونيو.. الساعة السابعة مساء..

    لم أعد أستطيع الاحتمال ، هذا المرض يقتلني ، أعلم أن الأعمار بيد الله ، وكثيرون نصحوني بالتقرب إلى الله ، وسوف أفعل ذلك بالتأكيد ، هاهو الطبيب قادم ، لابد وأن الخادمة الملعونة ظنت بأنني قد مت ، لابد وأنها تتأمل المجوهرات يوميا ، وتمني نفسها بالحصول عليها ، نظرت للطبيب بعينين فارغتين ، وهو يملي علي نصائحه ، لابد وأن تهتمي بصحتك يامدام ، فأنت لست في عمر الشباب حتى تتناولي الأطعمة المملوءة بالسكر ، وأنصحك بالمشي والترفيه عن نفسك ، لم أعد أهتم بكلام الأطباء ، إنني كثيرا ما أسمعه من أذن ، وأخرجه من الأذن الأخرى..

    25 يونيو ..

    الوقت يقترب بسرعة ، والساعات الأخيرة تعلن عن بداية ظهورها تدريجيا ، كم تبقى لي ، ثمانية وأربعون دقيقة ، 120 ثانية ، يومان فقط ، وحياتي تنتهي ، هل سوف تنتهي بهذه البساطة؟ إنني لم أعدّ كفني بعد ، هل أجعلها جنازة يتحدث عنها الجميع وتكتب عنها الصحافة ويسجلها التلفاز وتتحدث عنها جميع المحطات في العالم ، وربما حضرها الوزراء والسفراء والقناصل من أرجاء العالم .

    لم أهتم بهذه التفاصيل الدقيقة ، سوف يهتم بها محامي ، سوف أذهب حالا لأغير هذه الأعشاب الذابلة حتى لا يتحدث أحد من الجيران ويتهمني بأنني عجوز مهملة ، لا أراعي الأشجار، رغم إنني اقترحت كثيرا على البلدية أن تسعى بتأسيس جمعية الرفق بالنبات ، ولم يهتم أحد بطلبي ، لقد طردوني من المكتب واتهموني بالجنون..

    يخرج رأسه ، إنه يخرج ويناضل حتى يظل حيا ، سوف يعيش ، أنا متأكدة ، صحيح أن الأطباء أكدوا بأنه ضعيف البنية ، وهناك الكثير من العيوب الخلقية في جسده ، ولكنه سوف يعيش ، ووالده هناك خلف الزجاج ، يرمقه بنظرة حنان مبهمة ، ويداه تحيطان كتفي كالمعتاد ، لم يحتمل جسده المسكين ، يومان ثم لفظ أنفاسه على صدري ، ولم نحتمل العيش معا ، ولم أحتمل مجرد فقدانه ، لقد كنت أحمله بين صدري ، وألقمه ثديي ، وأشعر بلذة غريبة ، وشفتاه تتعلقان بحلمتي ، في لحظة شعرت بالحياة تدب في عروقه ، ورأيت في عينيه نظرة والده المبهمة ، وظننت بأن قوة والده قد حلت في جسده ، وتمنيت معجزة أن تحدث وأن لا أفقده..

    ولكنني فقدتهما معا، لقد خرج مسرعاً وغاضباً ولم ينتبه للسيارة التي اعترضت طريقه بغته ، خسرتهما مرة واحدة ، يعود ذهني للأعشاب ، لقد بدأت أنظف من تحتهما ، وهذه الخادمة المتلصصة لا أتوقع أنها تهتم لصحتي ، إنها تحاول اقتناص الفرصة حتى أموت وتستولي على ممتلكاتي، وتفر هي وحبيبها وتسافر وتتزوج ، أعرف هؤلاء الآسيويات الخبيثات ، رغم رائحتهن المعفنه ، وذلك الزيت البغيض الذي يضعنه على شعورهن إلا أن لهن أساليبهن في اقتناص الرجال ...

    أشعر برأسي مزدحماً بالكثير من الأفكار الغريبة اليوم ، أتوقع أن هذه هلوسة الموت التي تأتي قبل استسلام الروح ورحيلها إلى بارئها..

    ليلة البارحة رأيت ذلك الشاب الوسيم الذي دخل إلى منزل الجيران خلسة من البيت الخلفي ، وقد اقتادته الخادمة في سرعة وأدخلته غرفة البنت الكبيرة، دون أن يشعر أحد بذلك ، آه هذا المنزل الذي يقولون أن أفراده أتقياء وينصحون الناس بالتقوى والخير ، لابد أنني في حياتي رأيت الكثير وسمعت أموراً كثيرة ومحزنة ، ولكن لم أهتم بالتفاصيل الدقيقة ، إنهم لن يهتموا بي ، ولا أتوقع منهم أحدا يحضر جنازتي ، وإذا حضروا سوف يتظاهرون بالبكاء علي ، والحزن لفقدي لأنني كنت معهم جارة محترمة وطيبة ، تتعامل بأسلوب راق..

    الساعات الأخيرة تقترب ، لقد بقي يوم ونصف ، ستة وثلاثين ساعة ، تسعون دقيقة ، والموت يقترب ويدنو مني ، أتذكر نبوءة الطبيب ، لقد أخبرني بأنني سأموت في هذه الساعة ، وفي هذا المكان ، ماذا إذا غيرت مكاني ، وسافرت إلى مدينة أخرى ، هل سوف يتركني الموت أرحل دون أن يؤذيني ؟

    لا لا أتوقع ، إذا أتى الموت إلي لا أتوقع أن يستطيع مخلوق ما مساعدتي ، نباتاتي المسكنية بدت تستعيد قواها ، لقد رأيتها في هذا الصباح ، بدأت في النمو من جديد ، وهناك عود أخضر صغير ، بدا يزهر ويكبر وعما قريب ، سوف تتغير الحديقة بأكلمها وتكبر، بعد أن أغادر هذه الدنيا ، لن يحزن أحد على موتي سواها ، لأنها لن تجد قلبا دافئا في هذه الحياة مثل قلبي.

    26يونيو..

    أشعر ببصري بدا يضعف ، والوهن يدب تدريجيا في عظامي ، أشعر بها هشة ، سوف تتحطم تلقائيا دون أن أحمل شيئا ، حتى مجرد النهوض من السرير ، أصبح شيئا كبيرا ، ويتعبني ، لا أتذكر أنني فكرت يوما في الانتحار ، لست من الذين يفكرون بإنهاء حياتهم بسرعة ، صحيح أنني مررت بظروف قاسية جدا ، ولكنني لم أفكر يوما أن أنهي حياتي بهذه البساطة ، لأنني أعلم بأن لكل أجل كتاب ، وأن الإنسان لا ينهي روحه بيده ، والروح بيد خالقها ، ما أجمل هذه الفلسفة التي على لساني لابد أن سقراط سوف يغار مني ، حينما يسمع كلامي ، ولغتي وهذياني المستمر قبل ساعات من رحلة الموت البطيئة هذه ..

    أغمض عيني ، أغمضهما جيدا ، لا أريد أن أرى هذه البقع الفضية المعلقة بالسواد ، حتى لا يظل عقلي مشغولا بها ، لا أريد ان أحلم ، أو أرى كوابيس ليلية ، أريد لذهني أن يكون صافيا ، حتى يكون استقبالي للموت سهلا وبسيطا ، لا أريد أن أعقد نفسي كثيرا بهذه التفاهات التي لاتنتهي ، ولن تنتهي أبدا..

    تنساب الألوان بنعومة ، كقوس قزح ، ألمسها بأناملي ، فأشعر بلزوجة الألوان على أصابعي ، وأطلق ضحكة طفولية مثيرة ، تذكرني بأيام الصبا ، وعشقي للألوان ، وقوس قزح أن يحملني بعيدا إلى السماء ، وليس إلى الموت ..
    اليوم يسود تفكير كبير في مخيلتي حتى يكاد أن يستولي عليه ، ماهو شعوري لحظة الموت ؟ هل سأشعر بتلك البرودة الغريبة التي شعرت بها أثناء موت أمي؟ لقد كانت باردة كالثلج وهي تسقط على صدري ، لم تتحدث ولم تنطق ببنت شفة ، لقد فتحت عينيها ورفعت أصابعها ونطقت الشهادتين ، كنت وقتها معها ولكن أنا من سيكون معي؟ لا أريد أن أشعر بالوحدة ، أريد أن يكون أحد معي ، أي أحد ، لا أريد الموت وحيدة ، وفي القبر وحيدة ، أريدهم كلهم بجواري أبي وأمي وأخوتي وزوجي وحتى ابنتي الميتة ، أخرجوهم جيمعا ، ولنحتفل بعيد ميلادي الأربعيني والأخير، وسوف نكون معا، سوف نتشارك رحلة الموت معا..

    لا أحد ، صوت الخادمة يأتي إلي ، ويقلقني ، يجعلني أفتح عيني ، إنها تتعمد أن تفعل هذا ، تريد أن تقضي علي ، حتى أموت قبل ميعادي ، وتأخذ كل ممتلكاتي ، الحقيرة ، لابد أن أسجنها، وأكتب عنها في الجرائد ، وأمنع هؤلاء الخدم أن يحضروا إلى بلادنا..

    26يونيو الساعة الحادية عشر وخمسة وخمسين دقيقة..

    َدقائق قليلة وسوف تدق الساعة الكبيرة التي في الصالة معلنة بدء يوم جديد ، سوف تنتهي حياتي عند هذه اللحظة ، كيف سيأتي الموت إلي؟ هل سوف تتوقف نبضات قلبي؟ أم سوف يمسك بدماغي ويخرج أحشاءه في منظر مقزز؟ فليأتي هيا ، لقد تعبتُ ، منذ شهر وأنا أنتظره بفارغ الصبر ، فليأتي حتى ينهي حياتي ، السأم قد بدا يدب في أعماقي ، جهزت ُ سريري ، رتبتُ فراشي ، ارتديتُ أجملُ ملابسي ، مشطت ُ شعري ، سكبتُ بعض العطر على صدري ، تلك الرائحة التي أعشقها ، وضعتُ الشموع بجواري وأشعلتها ، حتى أرى توهج النار وانبعاث دخانها أمامي ، أعجبني هذا الطقس الذي أقوم به ، لقد خفف إحساس الخوف الذي كان قد وصل إلى الذروة في أعماقي..

    27 يونيو الساعة الثانية عشر بعد منتصف الليل..

    الساعة اللعينة تدق وبقوة غريبة ، أشعر بدقاتها في رأسي ، لقد بدا الثقل في لساني ، وبرودة غريبة في أطرافي ، ودوار لعين يلفني في قوة ، الأرض تميد بي ، لابد أنه الموت ، لقد بدا بالفعل ينزع روحي ، فلتغادر هذه الروح في سلام ..

    ظللتُ فترة وأنا على هذه الحالة ، ثم فجأة فتحت عيني على جلبة قوية ، وصرخة قوية ، ثم ما لبثت أن خفتت ، ماذا حدث ؟ هل انتقلت إلى عالم آخر ، وهذا عالم الموتى ، وهم يصرخون من الألم ، السواد يلف عالمي ، لا لا إنها الغرفة ، تعود معالمها إلي تدريجيا ، فأنظر إلى جسدي ، وأعود فأنظر إلى الساعة ، إنني لا أزال حية ، الحمد لله ، يبدو أن حياتي لم تنتهي ..

    27 يونيو الساعة الواحدة فجرا ..

    سيارات الشرطة والأسعاف تحوط منزلي ، وتحمل جثة الخادمة ، أتذكر كيف دخلت إلى غرفتها بعد أن استيقظت من هلوستي لأجدها ميتة وغارقة في الدماء ، كانت ممدة في سريرها ، وشعرها الأسود يلتف حول عنقها ، وجهها شاحب، بارد، ويبدو متألماً، لقد نزفت كثيراً، بركة الدماء القانية بجوارها تؤكد هذا الشيء ، قمت بالاتصال بالشرطة وأبلغتهم بالأمر ، إنهم يحملونها ويتأكدون من البصمات، المجرم لقد سرق نقودها ، ولم ينتبه إلي ، وإلا لكنت في عداد الموتى ، من الغريب أنني كنت أنتظر الموت في غرفتي ، بينما كان يزحف إليها ويستولي على جسدها المراهق ، هزتني رعشة باردة ووقفت أتأمل المنظر، ثم انصرفت إلى الخارج ، حتى انتهى رجال الشرطة من عملهم وعدت إلى حديقتي أتأمل النباتات الصغيرة التي بدت في النمو ..

  2. #2
    الصورة الرمزية د. محمد حسن السمان شاعر وناقد
    تاريخ التسجيل : Aug 2005
    المشاركات : 4,319
    المواضيع : 59
    الردود : 4319
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    سلام الـلـه عليكم
    الاخت الفاضلة الاديبة فاطمة المزروعي

    قلب دافئ مثل قلبي.. , عمل ادبي متميّز بحق , لقد اجبرتني
    ايتها الاديبة على المتابعة , وكنت احبس انفاسي , اتعجل
    القراءة , اريد ان اصل الى النهاية , لقد استخدمت ايتها
    الاديبة , ادوات القص , بشكل ناجح , مفردات قوية نابضة ,
    تنتظم في عبارات قوية متينة السبك , تركيز مستمر على
    منحى معين , تداعيات سريعة , تخدم النص بشكل لافت ,
    اجدت الحبكة , والتشويق باتجاه لغز القصة , شكل ناجح في
    ربط ابعاد الزمان والمكان , بمحور القصة , ونهاية رائعة جدا ,
    ولقد قدمت بهذا العمل الادبي الراقي , رسالة انسانية سامية .

    اخوكم
    السمان

  3. #3
    الصورة الرمزية سارة محمد الهاملي قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jan 2005
    المشاركات : 535
    المواضيع : 14
    الردود : 535
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    أختي فاطمة المزروعي

    قرأت قصتك وأعجبت بأسلوبك القصصي ولدي بعض الملاحظات العامة.. وبالطبع فهذا ما هو إلا رأي قارئة لا تفهم في النقد ولا في الأساليب ولا في اللغة.

    لاحظت أنه يوجد الكثير من المشاعر السلبية في هذه القصة وبالطبع أتفهم ذلك بسبب الوضع النفسي للشخصية، ولكن من سياق القصة شعرت بأن هذه هي طبيعة البطلة وليس فقط بسبب شعورها بالخوف من الموت القادم.
    صحيح أن نهاية القصة دحضت أمر الموعد المحدد لوفاة البطلة من المرض، ولكن لا يستطيع أي إنسان في العالم سواء كان طبيباً أو غيره أن يحدد اليوم والساعة لوفاة إنسان فهذا في علم الغيب. لو كان الذي أخبر البطلة بموعد وفاتها عرافاً أو مشعوذاً لما أعطيت الأمر أهمية ولكن أن يكون طبيباً، فهو يبدو لي نوع من الدجل!
    ثم غريبة هي طقوس البطلة في تحضير نفسها للموت.. لقد ذكرني المشهد بفلم "كليوباترا".
    ما أزعجني بالفعل هو كلمات النهاية حيث البطلة تنظر إلى نباتاتها التي بدأت في النمو.. لا أعرف ولكنها امرأة لا إحساس لديها! أتفهم دلالات هذا المشهد ولكن ليس والمنزل يعج برجال الشرطة.. والدماء.. وفتاة فقدت حياتها.

    ربما أنت بالفعل قصدتِ أن يشعر القارئ بالنفور من الشخصية!

    تقبلي تحياتي.

  4. #4
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    فاطمة المزروعي...............

    قصتك راقية....
    مزج السلب بالايجاب........................
    سرعة وحركية الحدث...........
    تفاعل المشاعر ...

    والنتيجة قصة رائعة....

    تقديري واحترامي

    جوتيار

  5. #5
    الصورة الرمزية الصباح الخالدي قلم متميز
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : InMyHome
    المشاركات : 5,766
    المواضيع : 83
    الردود : 5766
    المعدل اليومي : 0.86

    افتراضي

    قصة جميلة وابداع في محله متابع
    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهيمَ. إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

  6. #6
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,063
    المواضيع : 312
    الردود : 21063
    المعدل اليومي : 4.96

    افتراضي

    قصة رائعة رغم غرابتها بلغة ماتعة وحكي شيق يجعل المتلقي
    منجذبا بالإهتمام والمتابعة إلى النهاية.
    بلغة فنية ممتعة في تصويرها لخوالج نفسية البطلة وبتشويق
    سردي رائع يأخذنا إلى النهاية الغير متوقعة.
    قدمت هنا حبكة محكمة وفكرة عميقة ومتعة فشكرا لك. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  7. #7
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.74

    افتراضي

    نص أثثته الكاتبه بفكرة جعلت التنامي الحدثي مقنعا رغم لا معقوليتها، ومهارة في تفصيل المشاهد مائزة
    السبك متين والأداء القصّي قويّ وموفق وشائقية العمل عالية

    دمت بخير

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

المواضيع المتشابهه

  1. قصة مثل /رحِمَ الله (حيــــتو)
    بواسطة مصطفى السنجاري في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 23-09-2021, 08:30 PM
  2. قصة مثل:
    بواسطة ناديه محمد الجابي في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 20-11-2013, 07:56 PM
  3. باء مثل بيت .. مثل بيروت، ونساء في مواجهة الحرب اللبنانية
    بواسطة فضل شبلول في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 11-07-2009, 07:04 PM
  4. نبضٌ دافئ
    بواسطة يسرى علي آل فنه في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 22
    آخر مشاركة: 08-11-2006, 08:19 PM
  5. قصة قصيرة بعنوان "قلب الطاهرة" للكاتب المصرى / موسى نجيب موسى
    بواسطة موسى نجيب موسى في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 04-09-2006, 11:04 PM