|
الصمتُ يطبقُ في النواحي رهبةً |
والليلُ داج ٍ والرياحُ تعربدُ |
والقلبُ يبحثُ عن ملاذٍ دافئٍ |
والهَمُّ في أرجاءِهِ متوسِّدُ |
وأنا أعدُّ العمرَ كمْ منْ ليلةٍ |
أفنيتُهَا في ساحِ عشقيَ أُجلدُ |
الصمتُ يرمقني فأكتمُ عَبرتي |
أرمي بطرفي للسماءِ وأرصدُ |
فإلى متى أبقى أسامرُ وحدتي |
أجترُّ آلامي ويُبكيني الغدُ |
جاشتْ بيَ الاشواقُ أشعلَهَا الأسى |
فحزمتُ أمري والرحيلُ يهدِّدُ |
وخرجتُ منْ قعرِ الخِباءِ برهبةٍ |
والريحُ تزأرُ والنوى مستأسدُ |
ونصبتُ قامتيَ الطويلةَ في المَدَى |
كالسيفُ موتوراً بسمٍ يُغمدُ |
لملمتُ عزماً بعثرتهُ نوائبٌ |
والقلبُ منْ ثَلَمٍ بِهِ متبدِّدُ |
عبثتْ بيَ الأنواءُ هذا فاحمٌ |
يذْروْهُ فوقَ المتنِ موجٌ مجهدُ |
أخذتْ رداءاً كانْ يحمي ناحلاً |
أقصتهُ عنّي فهوَ نــاءٍ مبْعَدُ |
أحنو فأحضنُ بينَ كفيَّ الأسى |
أرعى جريحاً والمرارةُ تشهدُ |
ما زالَ ينزفُ جرحهُ متألِّمَاً |
بلْ يستغيثُ فلا يُغاثُ ويُنجَدُ |
يا ريحُ ما ليَ غيرُ ظلِّيَ مؤنساً |
والظلُّ في سودِ الليالي يُفقدُ |
فإليكِ عنِّي ما تبقى في يدي |
إلا فؤاداً للردى يتشهَّدُ |
لكنَّها قذفتْ بعينيَّ القذى |
فهفتْ لذودِ الشرِّ عنْ عيني اليدُ |
نكأتْ بخنجرِهَا فؤاداً متعباً |
فغدا صريعاً ركنُهُ لا يعضُدُ |
مُتململُ الآهاتِ أعياهُ الجوى |
يهوي طريحَ الكبرياءِ فيزهدُ |