غرِقتْ الشَّمسُ في بحرِ من دمها, بينما كانت تتلقَّى ملايينَ السِّهام الحادَّةِ الصغيرة، في صدرِها العاري!!!
ثم سقطتْ مغمياً عليها، في مياهِ البحرِ الأحمر, تاركةً خلفها بحراً أحمراً من دفقِ دمها على حصباء الغروب!!!!
عدوّها لئيم,, يترصَّدُها من كلِّ الجهات... وأهلُها غافلون!!
حزِنتْ المآذنُ,, وارتفعتْ صُراخاتُها في الفضاء ,ومزَّقت أثوابَ السكون !!!.
صراخاتُ المآذن في بلاد الحجاز، وبلاد الشام، هنا وهناك,, وفي كلِّ مكان تتصاعدُ واثقةً.. مهيبةً ..عظيمة !.
صراخاتُ المآذن ماخرةً للأعالي تشقُّ أعبابَ الأرجاء, تبدِّدُ الغيوم, فتردِّدُها النجومُ والكواكب..!! وتحملُها الذرَّاتُ حيث دم الشمس مسفوح,, فتعودُ مسرعةً مذعورةً لتختفي وتتلاشى حيث لا ندري!!!
تنهَّدت الكعبةُ الشريفةُ بحرقة!!! فانطلقت تنهيداتُها في الأجواء مثل شعلةٍ بيضاءٍ خفاقة, ملأت الدُّنيا ولامست أطرافَ السَّحاب !!
بينما.. شرِقَ الأقصى بدمعه !!وسعلَ تسعَ سعلات, ومع كل سعلةٍ، كان بدنُة يهتزُّ اهتزازاتٍ عنيفة!! فينطلقُ من قلبهِ نسرٌ عظيم، مصفقاً بأجنحةٍ قوية, ضارباً الهواء. ثم يحلِّقُ ويقفُ على أعلى المأذنة, حتى اجتمع هناك نسورٌ تسعة،وقفت شامخةً فوق مآذنِ القدسِ ،مثلَ هلال.
قلَّبت النسورُ عيونَها في الفضاء ،فشاهدت الشعلةَ البيضاء تتدفق فوق مكَّة المكرمة ، فبدأت تنشدُ بصوتٍ واحد، خرج قاصفاً مثل رعدٍ بعيد.
لبيك اللهمَّ لبيك
لبيك لاشريك لك لبيك
إنَّ الحمدَ
والنعمةَ لك, والملك
لا شريكَ لك
وأكملت
~~~السلامُ عليكِ يا إرث إبراهيم الخليل
يا حبَّ الأنبياء... يا جليلةَ الدهور
ما أعظمَكِ ،،، وما أبهى كمالك وطهارتك الدائمة
إنَّ مجدَكِ ملئ القلوب,, في كلِّ الأزمنة
~~~السلام عليك,, أيُّها الأقصى المجيد
يا عزيز الدَّهر,, وفلذة الرُّوح
ما أعظمكَ صامداً قوياً
ما أروعكَ شامخاً عنيداً رغم الحصار والإحتلال والقيود
إنتمائي لك هو انتماء النفس للنفس
~~~قوَّتي من قوَّتِك,, وحياتي من أنفاسِك
وضيائي من شعلتِكِ البيضاء,,, سيدتي
~~~إن فقدتُّك عزيزي، أفقدُ ذاتاً عظيمةً من ذاتي,, وبهذا ضعفي وحزني!
~~~لا,,,
ملايينُ البشر شاخصةً أبصارها تحلمُ بكِ، وملايينُ الأيدي ممدودةً إليكِ، تتمنى ملامسةِ أطرافِ ثوبكِ الطاهر,,, سيدتي
~~~نعم,,,
وملايينُ البشر شاخصةً أبصارُها تحلمُ بكَ، وبلقائكَ. وملايينُ الأيدي ممدودةً إليكَ، تتمنى ملامسةِ جدرانكَ الصلدة,,, عزيزي
~~~لا,,,
الملايينُ تأتيكِ كلّ سنة، من كلِّ فجٍ عميق، تطوفُ حولكِ متقربةً الى الله، متبرِّكةً برحابكِ الطاهرة,,, سيدتي
~~~نعم ,,,
والملايينُ تتمنى أن تأتيكَ، وتصلِّي، وتسجدَ في رحابكَ المباركة,, فلا تحزنْ، ولا تدع ظلمات اليأس تغشى قلبكَ الذي أنار بلادَنا عبرَ الدُّهور,,, عزيزي
~~~أسمعُ في كلماتِكِ غصَّات حزنٍ عميقة، وجراحاً نازفة ,,
أتحزنين يا عزيزة الأرض، وأنتِ شامخة كالطَّود المهيب في بلد الرسول الكريم ؟؟؟ اتحزنين,, وهدير التلَّبية والتكبير تذيعُ مجدَك الأثيل كلّ يوم؟؟؟,,,, سيدتي
~~~ما الذي قلبَ حمائمَ السَّلام في قلبكَ السَّلام! يا مسرى الرسول,, إلى نسورٍ أراها صارخةً فوق مآذنكَ؟؟؟
,,, عزيزي
~~~إنهم الجبارون!! تحوَّلت حمائمُهم إلى نسورٍ تنتحرُ بكلِّ حماسٍ من أجلي!! يقولون أن كرامتهم في قلبي تذهب لو ذهبْتُ أنا!
~~~كرامتُنا جميعاً، وعزَّتُنا، ومجدُنا، في قلبكَ أيها الأقصى!!
فلو سقط منكَ حجرٌ واحد، نسقط جميعاً !!!
~~~لا,,, لا,,, ليس أنتِ سيدتي
ليس أنتِ!!
~~~لا تتفاءل,, عزيزي!!!.
ماسة