الحفرة وشكوى الحمار !...........
الحفرة وشكوى الحمار
اعتاد أن يمعن النظر في حفرة توسطت طريقه ، أو يترك سيارته تمر بها ، فتهتز ، ويضرب بيده مقود السيارة ، وهو يتلفت يمنة ويسرة ، لعل أحدا شاهد مروره المتعمد .
لم تغير مكانها ، أو شكلها ...بل ربما ازدادت اتساعا .
ولمّا أراد السؤال عن ماهيّتها ، أداروا له قفاهم في الصمت أو النفي !
فأخذ أحد صحبه ينصحه بقوله : قصّر لسانك عن هذه الحركة ، فإن الوقائع أمامك ، وابتعد ألا تفاجئك الحفرة ، فتجد نفسك عندئذ عاجزا عن الوقوع في أوحالها .
فإن تكن رامياً سهماً بوجه عدى فلا تقف أبدا في موضع الهدف
حتى إذا مضى زمن ...............
تقدم سائقه بشكوى ضد حمار جاره ..
- ما هو الموجب للخصام والشكوى بينك وبين جارك وحماره ؟
- أدامك الله ذخرا وعونا ...أنت رجائي في الخطوب وموئلي ......لقد أصابني الأرق من نهيقه ، وداء الصدر من رائحته ......
فأخذته العزّة بحاله وبلواه ، وأمر على الفور باعتقال الحمار ونفيه ، ومعاقبة الجار صاحب الحمار لاستهتاره براحة العباد. طار السائق فرحا بانتصاره .
- انظر يا أستاذ ...لم يكلفني الأمر سوى قيمة الطابع ، وجرى ما جرى .....وأنت لم تزل مشغول البال ...الاعتزال خير من الاشتغال .....والجميع يشهد على حسن أخلاقك وكفاءتك .
- ( بعصبية وهو يشير إلى التوقيع ) : اللون ذاته ! ....كنا حميرا ....برائحة أو دونها ..بعائلة أو..... لكن بلا نهيق أو نعيب ....ولم أدرك أن الحفرة الملعونة المأفونة كانت لرأس نعّامة محت نقطة حيائها وضح النهار وأمام مرأى الجميع ....ثم مشت بتيه مزهوة !.
- حسنا.....لا عليك .....إلى المكتب أم البيت يا أستاذ ؟
- المكتب .
- ................
- لم غيّرت وجهة السير ؟! اسلك طريق الحفرة .
- ( ضاحكا ) : أية حفرة ؟! قل حفرا وأنفاقا يا أستاذ .....فالطريق غير سالكة يا سيدي لكثرة الحفر فيها !
- ( زفر بحدة ، وبصوت خافت حزين ) : إن لم تستح افعل ما شئت !
ومضى زمن آخر.............
سويت الأرض ، وعبّدت وزفتت الطرقات كلها ....فوشحت بخطوط بيضاء...صفراء ..متصلة ...متقطعة... وشاخصات مرور.. ... وإعلانات :
( بيض النعام في كل مكان )
( طريقك إلى الصعود )
- ( جحظت عينا السائق مدهوشاً ) : ...إلى المكتب أم البيت ؟
- ( صوت من رأس مدفون تحت المقعد ) : سيّان !
رد مع اقتباس