أحدث المشاركات

بكاء على الاطلال» بقلم أحمد بن محمد عطية » آخر مشاركة: أحمد بن محمد عطية »»»»» مصير الكوكب على متن الشراع الشمسي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة فى بحث تجربة ميلغرام: التجربة التي صدمت العالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» وذُلّت الأعناق مقتطف من رواية قنابل الثقوب السوداء...» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح »»»»» الفصل الثاني من رواية وتستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الأم الجريحة» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» و تستمر الحياة بين يأس و تفاؤل الفصل الأول من الرواية بقلم بوشعيب» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» قراءة في بحث أمور قد لا تعرفها عن مستعمرة "إيلون موسك" المستقبلية» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» نعم القائد» بقلم عطية حسين » آخر مشاركة: احمد المعطي »»»»» قراءة في مقال يأجوج و مأجوج ... و حرب العوالم» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الطفل المشاكس بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»»

النتائج 1 إلى 8 من 8

الموضوع: بعض حقوق الولد على الوالد

  1. #1
    الصورة الرمزية عدنان أحمد البحيصي شهيد العدوان على غزة 2008/12/27
    تاريخ التسجيل : Feb 2003
    الدولة : بلد الرباط (فلسطين)
    العمر : 41
    المشاركات : 6,717
    المواضيع : 686
    الردود : 6717
    المعدل اليومي : 0.87

    افتراضي بعض حقوق الولد على الوالد

    مراعاة الزوجة أثناء الحمل:
    تشعر المرأة الحامل بتغيـيرات نفسـية مفاجئة، فتشعر بالسعادة أحياناً، وبالكآبة أحياناً أخـرى، وتعيش في جـو من التأرجح العاطفي المتقلب، وهذا طبيعي عند النساء الحوامل، لهذا كان واجبـاً على الأب أن يراعي الحالة النفسية التي تعيشها الأم، فتحاط بالحنان والرعاية، كما أن حالتها النفسية في الشهر الثامن خاصة قبل الولادة بشهر تقريباً، تكون أكثر سوءاً من الأشهر الأخرى،


    لذا وجب على الأب مضاعفة صبره وجهده معها بأن يجنبها كل ما يمكن أن يسوقها إلى الانفعال والضيق إذ إن الانفعالات الحادة والتوترات العصبية والنفسية للأم يمكن أن تنتقل إلى الجنين فقد ثبت علميّاً أن الجنين يتأثر بمرض الأم وصحتها، وكل ما يجري لها، أما ما يجري للأب فإنه لا يصل إليه، فإن دوره المباشر ينتهي بالتلقيح، وقد أشار بعض المختصين في هـذا الجانب إلى أن ما يظـهر على المولود من انفعـالات الخوف والشجاعة والغضب والكسل والحسد - وغيرها - هو نتيجة للعوامل والانفعالات النفـسية أثناء الحمل. ويوجه الأب زوجته الحامل إلى الجيد من الطعام كالرطب فإنه يقوي الرحم، ويساعد على يسـر الولادة، ويخفف نزف الدم بعد الولادة، ويجنبـها النشويات والسكريات والدهون - خاصة في الأشهر الأخيرة- وذلك حفاظاً على متوسط وزن الجنين.

    إثبات النسب :
    إن إثبات النسب حق لله عز وجل ، وللطفل وللأب وللأم ، إذ إنه بهذا الإثبـات يصان الولد من الضيـاع والتشرد ، إلى جانب المحافظة على المجتمع من شيـوع الفواحش وانتشار اللقطاء . كما أن إثبات النسب ترتب عليه حقوق أخـرى مثل الولاية في الصغر ، والإنفاق والإرث ، وغير ذلك من الأمور التي يمكن مراجعتـها في كتب الفقه . وقد ورد التحذير الشديد لمن أنكر ولده وجحـد نسبه فقال عليه الصلاة والسلام :[ أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه، احتجب الله منه ، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين ] . ( رواه الدارمي ) . كما ورد أيضاً التحذير والوعيد لمن انتسب إلى غير أبيه وهو يعلم .. وهكذا تحصـن الشريعة المجتمع من شيـوع الفساد ، وتمنع أسباب قطيعة الأرحام ، وظلم الذرية ، واختلاط الأنساب .

    الأذان في أذن المولود :
    ويستحب حين الولادة أن يقوم الوالد بالأذان في أذن المولود اليمنى ، وأن يقيم في اليسرى ، وذلك ليكون أول شيء يصل إلى المولود من أمور الحياة بعد الهـواء هو التوحيد المنافي للشرك ، فلا ينـبغي إهمال هذه السنة محتـجين بأن الطفل لا يعي ذلك لصغر سنه ، فإن واعية الطفل تحفظ نبرات وتقطيعات الأذان ، ولو لم يكن في هذا العمل كله سوى الاقتداء بالرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام لكفانا ذلك حجة للقيام بها .

    عن عبيد الله ابن أبي رافع عن أبيه رضي الله عنه قال : رأيت رسـول الله صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسـين حين ولدته فاطمة رضي الله عنها ، وبهـذه السنة يحفظ المولود عند أول خروجه إلى الحيـاة من الشيطان ، ويقع في نفسه التوحيـد الموافق للفطرة - المركوزة فيه أصلاً - فيكون ذلك له خيراً عند كبره وبلوغه بإذن الله تعالى .

    التحنيك :
    التحنيـك سنة مؤكدة من سنن الهدى التي سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمته ، فكان عليه الصلاة والسلام يؤتى بالصبيان فيدعو لهم ويحنكهم .

    والطريقة في هذه السنة كما هي في الحديث السابق : أن يأخذ الأب - أو من يراه من العلماء أو الصالحين من الأقرباء أو الجيران أو الأصدقاء ، ممن عرفت سـيرته بالصلاح والخير - تمرة ثم يمضغها في فمه مضغاً جيداً ، ثم يأخذ بعضاً منها بأصبعه فيضعه في حنك الغلام ويدلكه من الداخل ، متأكداً من وصول بعضه إلى الجوف ، فإن لم يجد تمراً حنكه بأي حلو. ومعجون التمر أفضل اقتداءاً بالرسول عليه الصلاة السلام . كما أن غدد الفم تستجيب لحلاوة التمر إنسجاماً مع الفطرة .

    وقد تبدو العلاقة هنا مادية بحتـة ، غير أن الأثر الذي يخلفه هذا التذوق في الفم يختزن في الواعية ويكون مع مرور الزمن مدعاة لكل حلاوة ، ونفوراً من كل قبيح، واستقبالاً لكل جميل .

    ويراعي الأب عدم إعطاء المولود الجديد أي طعام قبل تحنيكه اقتداء بالسنة . كما هو في الحديث الذي تقدم ، فيكون بذلك قد أصاب السنة في هذا الأمر .

    التسمية:
    يتأثر الطفل نفسياً بنوع الكُنية أو الاسم الذي يعطى له ، فتتأثر رؤيته لنفسه بذلك، فإن بعض الأطفال يعانون من أسمائهم لأنها تحمل معاني لا تعجبهم ، فتتأثر نفسياتهم، ويتعرضون لأوقات وظـروف عديدة من البؤس والتعاسة ، وذلك لأن أول كلمة يتعلمها الطفل عادة - أو يحاول أن يكتبها - هي اسمه ، فإذا كان جميـلاً إنعكس ذلك عليه بهجة وسعادة وإن كان ذميماً انعكس عليه بؤساً وشقاء .

    ويشير الإمام ابن القيم رحمه الله إلى أن هناك علاقة وارتباطاً بين الاسـم والمسمى ، وأن للأسماء تأثيراً على المسميات ، وبالعكس ، ويذكـر رحمه الله جانباً تربويّاً مهمّاً في اختيار الاسم ، إذ إن صاحب الاسم الحسن يحمله اسمه ، ويدفعه إلى فعل المحمود من الأفعال وذلك حياءً من اسمه لما يتضمنه هذا الاسم من المعاني الحسنة . ويلاحظ في العادة أن لسفلة الناس ولِعلْيتـهم أسمـاء تناسبهم وتوافق أحوالهم ، لهذا جاءت الشريعة الإسـلامية موافقة لهذا المبدأ ، فقد أمر رسـول الله صلى الله عليه وسلم بتحسين الأسماء فقال : [ من ولد له ولد فليحسن اسمه وأدبه ] .

    كما ورد عنه عليه الصلاة والسلام تغيير الأسماء الذميمة بأسماء حسنه فعندما حاول علي رضي الله عنه - عدة مرات - تسمية أحد أولاده حـرباً كان عليه الصـلاة والسلام في كل مره يغيره بأسماء حسنة ، فسماهم الحسن والحسين ومُحسن ، كما ورد عنه أنه غير اسم العاص إلى مطيع ، واسم غراب إلى مسلم .

    وفي الجانب الآخر ورد عنه عليه الصلاة والسلام استحباب بعض الأسماء كعبد الله وعبد الرحمن ، ورغب في التسمية بأسماء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، فقال : تَسَمّوا بأسماء الأنبياء . واسمه عليه الصلاة والسلام أفضلها .

    وقد كره العلماء تسمية نور الدين ، وشمس الدين وما شابه ذلك. وحرّموا التسمية بشيطان ، وكليب ، وشهاب ، وحمـار ، وعبد النبي ، وملك الملوك ، أو التسمي بأسماء الله مثل : خالق ، وقدوس ، ورحمن ، أو التسمية بعبد الكعبة، أو عبد العزى وغير ذلك من الأسماء غير اللائقة .

    ويمكن أن يدرج في هذه الأسمـاء المكروهة تلك الأسماء التي يشترك فيها الذكـور والإناث ، فالأولى للأب ألا يسمى ولده باسـم منها ، لما قد تسببه من إحـراج وإحباط للولد ، وتعريضه للسخرية من رفاقه ، ومن هذه الأسماء ناهد، وعصمت ، وإحسان وغيرها .

    وتقيد الوالد بما ورد في السنة من توجيـهات في تسمية المولود له فوائد نفسـية واجتماعية تعود على الولد بالخير ، إلى جانب الثواب الذي يحصله الوالد من بركة اتباع السنة النبوية المطهرة ، وإحيائها في زمن قد تغـافل كثير من الناس عنـها ، وزهدوا فيها ، فإن خالفته في ذلك زوجته أو أهله فليعلم أن تسمية المولود من حق الأب شرعاً فهو الذي يختار اسمه .

    أما عن موعد التسمية ، فإن في الأمر سعة، فله أن يسميه في الوقت الذي يشاء من أول يوم ولادته ، أو في السابع ، أو بعده ، ففي الأمر ولله الحمد سعة .

    العقيقة:
    العقيقة تعني في اللغة القطع ، وفي الاصطلاح الشرعي تعني : ذبح شاة عن المولود يوم سابعه ، وهي سنة مؤكدة عند جمهور العلماء ، قال عليه الصلاة والسلام : [عن الغلام شاتان مكافيئتان ، وعن الجارية شاه ] ، وعند الإمام مالك رحمه الله : عن الذكر شـاة واحدة كالأنثى ، مراعياً أن تكون من أفضل النَّعم ، غير عوراء ، أو عرجاء ، أو مريضة ، ولا يبيع شيئاً من لحمها أو جلدها ، إنما يأكل الأهلُ منها، ويتصدقون ببعضها ، كما كره رحمه الله أن يجمع عليها الناس فتكون كالوليمة، بل أمر بطبخها والأكل منها ، والإهداء .

    ولا يصح فيها إشراك مولودين في شاة واحدة ، بل لكل مولود شاة .

    والسنة في الذبح أن يقول : بسم الله ، اللهم لك وإليك ، هذه عقيقة فلان ، ولا يكسر عظمها ، بل تفصل الأعضاء من عند المفاصل دون كسر .

    ويستحب أن تذبح العقيقة يوم السـابع ، وعلى الوالد أن يراعي تطبيـق السنة ، ويشرف بنفسه على ذلك ، وأن يجنب المولود الجديد البـدع المحدثة في هذا المجال مثل تلطيخ رأس المولود بدم العقيقة ، كما كان يفعل في الجاهلية ، بل يستعاض من ذلك بالزعفران .

    كما ينبغي له أن يحترس مِمَّا أحدثه بعض الناس في ليلة السابع من وضع المصحف ورغيف وسكر عند رأس المولود ، فإن هذا لم يرد فيه دليـل ، بل هو من البدع المحدثة ، فالسنة أولى بالاتباع ، فإن وجد الوالد بعض العنت من أهله وأقربائه، فإن سلامة المولود وحفظه من المحدثات والبدع أنفع له من إرضاء الناس .

    وانظر تفاصيل أخرى في العقيقة ضمن ( محور الأمومة في مجلتنا هذه ) .

    الحلق :
    حلق رأس المولود بالموسى من السنـة ، ويكون ذلك في اليوم السـابع من ولادة المولود ، ثم يتصدق عن المولود بما يعادل وزن شعره من الذهب أو الفضة ، فقـد وردت السنة بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولدت السيدة فاطمة رضي الله عنها قال لهـا صلى الله عليه وسلم : [ زني شعر الحسين وتصدقي بوزنه فضة ] . رواه الحاكم .

    وهذه السنة المباركة قد أهملت ، ولم يعد يفعلها إلا القليل ، فلا ينبغي للأب المسلم أن يزهد فيها أو يغفلها متذرعاً باحتمال أنه ربما أضرت الحلاقة بالمولود ، أو أنه لا يحسن الحـلاقة ، فبالإمكان تكليف غيره ممن لديه خـبرة أن يتولى إزالة الشعر ، فتحصل له بركة اتباع السنة وأجر الصدقة على الفقراء والمساكين .

    أما وقت الحلاقة فقد ذهب بعض العلماء إلى أنه في وقت ذبح العقيقة، وذهب آخرون إلى أنه يسبق العقيقة ليتميز عن مناسك الحج.

    الختان:
    الختان : هو إزالة الجلدة الموجودة على رأس الذكر ، وهو من سنن الفطرة المباركة الواردة في الشرع ، وله فوائـده الصحية الكثيرة ، فمنها : أنه يقـلل من أسباب الإصابة بمرض السرطان الخبيث ، ويقلل من سلس البول الليلي الذي يكـثر عند الأطفال ، إلى جانب أنه يجنب الطفل كثرة العبث بأعضائه التناسـلية ، إذ إن هذه الجلدة إذا لم تقطع تثير الأعصاب التناسلية ، وتدعـو إلى حكها، ولا داعي للختان إذا ولد الصبي مختـوناً ، كما أنه ليس للختـان سنة في عمل حفل أو جمع الناس ، وإنفاق الأموال ، أو غير ذلك من الممارسات الشعبية التي لا أصل لها .

    أما موعد الختان فقد اختلف فيه العلماء ، فكرهه بعضهم في اليوم السـابع مخالفة لليهود ، وعند المالكية يكون الختان عند أمر الصبي بالصـلاة ، أي ما بين السابعة إلى العاشرة من عمره ، وقد نقل أن السلف كانوا يختنـون أولادهم حين يقاربون البلوغ ، والأمر في الختان واسع ، فلو عمله يوم السابع أو بعـده ، أو قبل البلوغ فلا بأس . إنما المهم في الأمر ألا يبلغ الولد إلا وقد ختن ، وقد رجح بعض العلماء أن يتم الختان في الأيام الأولى من عمر الصبي ، وذلك لسهولته ، وسرعة شفـاء جرحه.

    ( من كتاب مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة )

    مسؤولية الأب في التعليم والتأديب
    إضافة إلى ما سبق يبقى حقان واجبان يسأل عنهما الأب مسؤولية كاملة هما : حق التعليم وحق التأديب ، وفيما يلي بيان المنهج الصحيح، والأسلوب الأنجح في هذين المجالين المهمين في حياة الطفل :

    التعليم :
    يتعلم الطفل في سنواته الأولى أكثر بكثير مما يتصوره الآباء ، فإن العادات يمكن أن يكتسبها بسهولة كلما كانت سنة أصغر فإن 90% من العملية التربوية تتـم في السنوات الخمس الأولى ، كما أن الطفـل في هذه الفترة يميل إلى إرضـاء والده، ويحاول أن يخرج منه عبارات الثناء والإعجاب، فمن البديهي أن يستغل الوالد هذه الفترة المهمة في تعليمه وتوجيهه الوجهة الحسنة ، يقول ابن الجوزي رحمه الله تعالى في هذا المجال : أقوم التقويم ما كان في الصغر ، فأما إذا تُرك الولد وطبعه فنشأ عليه ومرن ، كان رده صعباً ، قال الشاعر :

    إن الغصون إذا قَوَّمـتها اعتدلت ولا يلين إذا قَوَّمتـــه الخَشَبُ

    قد ينفع الأدبُ الأحداثَ في مَهَل وليس ينفع في ذي الشَيبـة الأدبُ

    ويرى بعضهم أن توجيه الطفل يبدأ منذ نعومة أظفارة منذ الفطام ، فلا مجال للأب أن يُسوّف ، أو يؤخر مسألة التعليم إلى أن يكبر الولد .

    ومن هذا المنطلق المهم ، جاءت السنة المطهرة بالتوجيـهات للآباء بأن يلتفتوا إلى أبنائهم ، وأن يحسنوا تعليمهم وتأديبهم ، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ لأن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع ] .

    وقال أيضاً : [ ما نَحَل والد ولداً من نَحلة أفضل من أدب حَسَن ] ، وجاء التحذير لمن فرّط في هذه المهمة العظيمة وأهمل تربيته .

    لهذا كان واجباً على الأب أن يكون عالمـاً بأمور الدين ، محيطاً بالحلال والحرام ، وأساليب التربية ، ومبادئ الأخلاق وقواعد الشريعة ، فإن لم يكن عالماً بها وجب عليه تعلم ما لا يعذر بجهله من أمور الدين ، وذلك ليعبـد الله على علم ويقين ،

    وأن يعلم أولاده أمور دينهم، وما أوجبه الله عليهم من الأوامر والنواهي، والحلال والحرام، فإن لم يفعل ذلك وأهمل فإن تربيته لأبنائه سوف تكون منحرفة، فينحرف الأطفال ، ويكونون عبئاً على المجتمع إذا كبروا ، ومن المعروف أن التربية الخاطئة تعد أهم العوامل صلة بالجرائم .

    والطفل في صغره لا يميز بين الصالح والطالح ، والخير والشر ، وإنما لديه رغبة يحس بها في نفسه تدفعه إلى طاعة من يوجهه ويرشده ، فيعيش تحت سلطته وإمارته ، فإنه لم يجد هذه السلطة الموجهة الضابطة لتصرفاته والموجهة لهـا ، فإن ينشأ قلقاً حائراً ضعيف الإرادة والشخصية ، لهذا فإن دور الأب مهم لاستقامة شخصية الطفـل وتحقيق التوافق النفسي عنده .

    وفي مجال التعليم العملي للطفل فللأب في رسول الله صلى الله عليه وسلم القـدوة في ذلك ، فقد رأى مرة غلاماً لا يُحسن سلخ الشاه فقال له : ( تَنَحّ حتى أُريك ، فأَدَخل يده بين الجلد واللحم فدحس بها ( أي دسّ بها ) حتى توارت إلى الإبط ثم مضى ) . رواه أبو داود.

    وهكذا فإنه لم يمـنعه عليه الصلاة والسلام انشغاله بأمور المسلمين الكـبرى عن توجيه غـلام صغير إلى سلخ شاة ، فقد كان بالإمكان أن يقوم غيره من الصحابة بذلك، ولكن لتتم القدوة والأسوة به في هذا المجال قام عليه الصلاة والسلام بنفسه بتعليم الغلام ، فما الذي يمنع الأب من الاجتماع بأولاده في أوقات متفرقة منتظمه يعلمهم أمور دينهم ، فهي أهم من ذبح الشاة والغنم ، فإن بعض علمـاء السلف كانوا يجمعون الصبيان الصغار ، فيحدثونهم ويعلمونهم أمور دينهم ، ولا يترفعون عن ذلك .

    والأب غير مطالب بأسلوب ، أو منهج معين في تعليم أولاده ، إنما المقصـود هو تعليمهم وتثقيفهم وتحصينهم بالعقيدة الإسلامية الصحيحة ، والأخـلاق والآداب الإسلامية معتمداً على القرآن الكريم ، والسنة المطهرة والسّير وغيرها من المصادر، فإن صعُب عليه أسلوب الإلقاء والمحاضرة انتهج أسلوب القراءة ، فيحضر لهم فقرة من باب معين من أبواب الفقه ، أو السيرة أو غيرهما ، مراعياً الإيجاز ، وسلاسـة الأسلوب ، وقدرات الأولاد العقلية ، فيقرأ ذلك عليهم ، ويجيب على أسئلتهم ، كما يمكنه أن ينتـهج معهم أسلوب الأسئلة ، فيكتب بعض الأسئلة في بطاقـات صغيرة ، ثم يأمر الأولاد بأن يأخذ كل واحد منهم سؤالاً يجيب عنه .

    والمجال في هذا متسع فيمكن للأب أن ينتهج ويبتكر أساليب أخرى في هذا المجال ، وتعليم الأطفال وتربيتهم لا يعتمد على حلقات الدروس فقط ، بل يستغل الوالد كل وقت يراه مناسباً فيوجه فيه ولده إلى حفظ سورة من القرآن الكريم ، أو آيات منه ، أو حديث أو ذكر معين من الأذكار الواردة ، فبإمكانه استغلال الوقت الذي يقضيه مع الولد حين يأخذه في السيارة إلى المدرسة ذهاباً وإياباً وهي فتـرة لا بأس بها يمكن أن يُستفاد منها ، والمقصود استغلال جميع الأوقات المناسبة في توجيه الولد وتعليمه وتثقيفه ، خاصة إذا كان الأب كثير المشاغل ، قليل الوقت .

    التأديب :
    يعترف المربون المسلمون بأهمية العقاب ، ويقرونه ، وذلك لما له من دور في تعديل السلوك وتوجيهه، على أن يُستخدم عند الحاجة، مع مراعاة نوع العقوبة ومقدارها فقد ثبت فيما نقل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى أبا بكر رضي الله عنه وهو يضرب غلاماً له ، فتبسم ولم ينكر عليه، فَضَرب الولد عند الحاجة لتأديبه وتربيته جائز. ولكن يجب أن يعي الأب المسلم أن آخر العلاج الكي، فإن استخدام أسلوب العقاب البدني يجب أن يكون هو الوسيلة الأخيرة في العقاب ، فإن تعـود الطفل عليه ، وألفه عند كل خطأ يقع فيه ، فلن يصبح له تأثير فيه بعد ذلك ، إلى جانب أن وسائل العقاب الأخرى مثل الهجر والحرمان من المصروف وغيرهما من العقوبات النفسية لن تفلح معه بعد فشل العقاب البدني .

    لهذا كان لزاماً على الأب الواعي أن يتدرج في إيقاع العقوبة على الطفـل ، فيبدأ بعدم التشجيع مثلاً، ثم الإعراض عنه وإعلامه بعدم الرضا عنه، ثم الزجر والعبوس في وجهه ، ثم الهجـر والمقاطعة ، ثم الحرمان من محبوباته ، وهكذا حتى يصـل إلى العقوبة البدنية مع التدرج فيها من الضرب الخفيف إلى الأشد ، وتعد هذه الأخيرة هي أشد أنواع العقوبات ، ولا ينبغي أن يلتفت إلى ما يقال من أن العقوبة تعـقد الطفل، أو تضره فإن هذا غير صحيح، بل إن العقوبة المناسبة إذا جاءت في الوقت المناسب ، أي بعد اقتراف الذنب مباشـرة دون أن تتضمن جرحاً للكرامة ، فإنها تكون مجدية ونافعة للطفل غير ضاره به ، مع مراعاة عدم لطـم الوجه ، فقد نهى الرسـول صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه ضرب أحدا ً، ( انظر مصنف ابن أبي شيبة ، كتاب الأدب ).

    فلو أن الأب انتهج أسلوب التهديد ، دون ايقاع العقاب ، وكان التهديد مفيـداً مع الولد ، فإنه لا ينبغي له أن ينتقل منه إلى غيره من أنواع العقوبات الأشد ، إلا إذا تمادى الطفل ، ولم يعد يخاف التهديد ، فإن السنة المطهرة جاءت بمثل هذا، فقد أمر عليه الصلاة والسلام بتعليق السوط في البيت ، وتعليق السوط في البيت يوحي بإمكانية إيقاع العقوبة وبناء على ذلك ينزجر الولد ويرتدع .

    وقد اختلف التربويون في السن الذي يستعمل فيه العقاب البدني مع الطفل ، فقد ذهب بعضهم إلى أنه لا يقع إلا بعد العاشـرة ، استناداً إلى أن ضرب الطفل على الصلاة والتي هي أهم من غيرها لا يكون إلا بعد العاشرة ، فغيرها من الأمـور لا ينبغي الضرب عليها من باب أولى إلا بعد هذا السن ، وبعضهم يرى أن الطفل لا يدرك مسألة الصواب والخطأ إلا في الثامنة، وآخرون يرون أنه يدرك قضية الثواب والعقاب ، والقيم الخلقية ، والشعور بها ، وتقبل معاييرها ما بين 3-7 سنوات . والعقاب عادة لا يكون إلا بعد أن يدرك الطفل ويفهم سببه ، ليحصل المقصود من إيقاعه ، فالتحقيـق في هذه القضية هو محـاولة تجنب ضرب الطفل عموماً قـدر الإمكان ، وفي جميع سني عمره ، فإن كان ولا بـد منه ، فيكون في الوقت الذي يدرك فيه الطفل معنى العقوبة ، وسببها ، وأنه مستحق لها ، وبعد أن يكون قد هُدد بها ، ويراعي الأب في ذلك التدرج - الذي ذُكر سابقًا - والتوسط في إيقاعها لئلا يحس الطفل بأنه للتشفي ، أو الانتقام ، بل يربط الذنب بالعقاب ليفهم الطفل ويعي سبب عقابه ، فإن أوقع الوالد العقوبة بالولد فاستنجد بالله وذكـره ، فلا ينـبغي للوالد أن يسترسل في العقوبة ، بل يكف عنها تعظيماً لله في نفس الطفل ، فقد ورد النهي عن ضرب الخادم إذا ذكر الله ، والولد أولى .

    وقد ذكر بعـض المتصلين بالتربية أهمية العقـاب بالهجر والتوبيخ ، وغيرهمـا من العقوبات النفسية مرجحينها على العقوبات البدنية .. وذلك لأن الأطفال يكرهون الضرب ويبغضونه ، وإن العقوبات النفسـية أكثر جدوى ، وكيفـما كانت آراء التربويين فإن الأب الفطن يدرك من ولده ما لا يدركه غيره ، فيستعمل كل عقاب في حينه ، حسب خبرته وتوقعاته للفوائد .

    وعلى الوالد أن - يلاحظ حين قيامه بأمر الطفل أو نهيه - أن يجذب انتباهه أولاً ، ثم يحاول أن يفهمه الأمر بلغة سهلة يدركها الطفل ، مع مراعاة الوضـوح والبطء وعدم الإكثار من الأوامر ، مبيناً له أن هذا الأمر يؤذيه إن كان الأمر يوذيه فعلاً أو يؤذي الآخرين ، فالطفل إن عومل بهذه الطريقة فإنه في العادة يستجيب .

    ونقطة أخيرة يجب الاهتمام بها ، وهي قضية مراقبة الطفل والتجسس عليه وفضحه إذا أخطأ ، وهتك ستره ، ففي هذا يقول الإمام الغزالي بعد أن ذكـر أهمية تشجيع الطفل على القيام بالأعمال المحمودة ، ومكافأته على ذلك قال: فإن خالف ذلك في بعض الأحوال مرة واحدة ، فينبغي أن يتغـافل عنه ، ولا يهتك ستره ... لا سيما إذا ستره الصبي ، واجتهد في إخفائه ، فإن إظهار ذلك عليه ربما يفيده جسارة حتى لا يبالي بالمكاشفة، فعند ذلك إن عاد ثانياً فينبغي أن يعاقب سراً ، ويعظـم الأمر فيه، وهذا من الرفق والرحمة بالولد فليس كل خطأ أو زلة توجب العقاب والزجر، وهذا مشروع مع الحيوان البهيم، فضلاً عن الإنسان المكرم، فقد ذكر أن السيدة عائشة رضي الله عنها ركبت بعيراً فاستعصى عليها فجعلت تُردده، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك بالرفق. فإذا كان المسلم مأموراً بالرفق عند قيادة البعير فكيف بولده؟

    من كتاب مسئولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة

  2. #2
    أديبة
    تاريخ التسجيل : Jul 2003
    المشاركات : 5,436
    المواضيع : 115
    الردود : 5436
    المعدل اليومي : 0.72

    افتراضي

    بارك الله بك أخي عدنان ، نقل رائع و واضح .

    ليت أن يقتدي الأباء بسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة و التسليم ، فما خاب من اقتدى به .

    بوركت .

  3. #3

  4. #4

  5. #5

  6. #6
    قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jul 2004
    الدولة : غزة فلسطين
    العمر : 72
    المشاركات : 2,005
    المواضيع : 323
    الردود : 2005
    المعدل اليومي : 0.28

    افتراضي

    بارك الله فيك أخي الحبيب عدنان على هذا الموضوع المفيد
    وأرجو أن يجعله الله في ميزان حسناتك
    ودمت بألف خير

  7. #7
    في ذمة الله
    تاريخ التسجيل : Sep 2005
    المشاركات : 3,415
    المواضيع : 107
    الردود : 3415
    المعدل اليومي : 0.50

    افتراضي

    بارك الله فيكِ أخي وأبني الفاضل ـ عدنان الإسلام

    وبارك الله لكِ فيما تملك .

    نصائح وعبر منتقاه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو قدوتنا ، ومن تبع سنته سلم وآمن .

    الشكر الجزيل لك أخينا العزيز .

  8. #8

المواضيع المتشابهه

  1. ما بين أوراقي ربابة قوله .. إلى الوالد الفاضل درهم جباري
    بواسطة إسماعيل القبلاني في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 29-08-2011, 03:13 AM
  2. حقوق الأبناء على الآباء....!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى الحِوَارُ الإِسْلامِي
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 02-03-2011, 03:14 AM
  3. تأثير بعض المعاملات على خواص بعض المنتجات اللبنية
    بواسطة محمود سلامة الهايشة في المنتدى عُلُومٌ وَتِّقْنِيَةٌ
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 09-02-2009, 09:53 PM
  4. الى الوالد الشعري سعد مشكور العبادي وفاء ومحبه
    بواسطة سجاد سيد محسن في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 16-12-2008, 11:53 PM
  5. وصفه ربانيه مجربه لمن لم يرزق الولد....!!!
    بواسطة ابو دعاء في المنتدى النَادِى التَّرْبَوِي الاجْتِمَاعِي
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-05-2004, 10:45 PM