ملخص كتاب: (خطة أمريكية لتحديث الدين الإسلامي)

تأليف الدكتور محمد يحيى



تفاصيل الخطة الأمريكية لتخريب الإسلام

- شعال الفتنة بين علماء الدين والحركات الإسلامية

- منح الحداثيين والعلمانيين منابر إعلامية واسعة

- إعطاء الصوفية مواقع قيادة المؤسسات الدينية





نظرية المؤامرة

لم يعد الحديث عن نظرية المؤامرة نوعًا من الكسل الفكري، الذي يحلو للبعض وصفُ المسلمين به في هذه الأيام، على اعتبار السلبية التي أحاطت بالعالم الإسلامي، ونقلته من طلائع التقدم إلى مقاعد التخلف، التي جعلته ضمن ما يُعرف بالعالم الثالث.



المؤامرة على الإسلام والمسلمين باتت من الوضوح بمكان.. الأمر الذي لا يمكن معه إنكارٌ أو تجاهل، وأحدث دليل على ذلك يقدمه لنا د. محمد يحيى- أستاذ الأدب الإنجليزي بجامعة القاهرة- من خلال عرضه للخطة الأمريكية الجديدة لتخريب الدين الإسلامي، والتي تتضمن إعادة تقديمه للمسلمين بعد تنحيَة الشريعة الإسلامية، وإلغاء مظاهر الوجود الإسلامي، ووضع العلماء التقليديين والمؤسسات الدينية في مواجهة الحركات الإسلامية، ومنح العلمانيين والحداثيين منابرَ إعلاميةً واسعةً، وإعطاء المناصب الدينية لأصحاب التوجهات الصوفية، ويتوازى مع ذلك موجة إباحية من الموسيقى والرقص والغناء يتم توجيهها إلى الشباب والفتيات، هذا مع تقديم الأحاديث النبوية بقراءة جديدة، يتم من خلالها إلغاء الاعتماد على صحة ما رواه البخاري ومسلم.



هذا هو مضمون الخطة التي تقدمها مؤسسة (راندا) الأمريكية، ويكشفها د. محمد يحيى في كتاب "خطة أمريكية لتحديث الدين الإسلامي" الصادر عن المكتب المصري الحديث.



فلسفة الخطة

تبدأ فلسفة هذه الخطة بتوضيح أن الإسلام المعاصر في حالة تصعيد؛ حيث يدخل في صراع على قيَمِه وهويته ووضعه في العالم، وفي نسيج المجتمع الإسلامي يدور الصراع بين أصحاب الأفكار المختلفة؛ من أجل فرض آرائهم وأفكارهم على مجتمعاتهم؛ بهدف تحقيق السيادة السياسية والروحية على هذه المجتمعات، وفي الوقت نفسه فإن الولايات المتحدة والعالم الصناعي الحديث يفضِّل عالمًا إسلاميًّا يأتلف مع باقي النظام العالمي والغربي.



لذلك يجب أن يكون ديمقراطيًّا، ويتبع قواعد ومعايير التعامل الدولي والغربي، هذا مع الوضع في الاعتبار ضرورة اتقاء صِدام الحضارات، وزيادة الاضطرابات، والكفاح المسلَّح عبر العالم الإسلامي وتوابعه، التي تؤدي إلى الإرهاب وعدم الاستقرار، وعليه- كما في الخطة- يتأكد ضرورة تشجيع العناصر داخل الخليط الإسلامي الأكثر توافقًا مع السلام العالمي والمجتمع الدولي، والمحبة للديمقراطية والحداثة.



ولتشجيع العالم الإسلامي نحو الديمقراطية والحداثة تحتاج الولايات المتحدة- والغرب بصفة عامة- إلى التبصُّر بعناية شديدة في العناصر والاتجاهات والقوى داخل العالم الإسلامي؛ ولذلك ترى الخطة أن الاتجاه الأكثر فعالية في التعامل معها هو الآتي:

أولاً: دعم الحداثيين

وذلك من خلال:

- نشر أعمالهم وتوزيعها.

- تشجيعهم على الكتابة للجماهير والشباب.

- تقديم آرائهم في مناهج التربية الإسلامية المدرسية.

- جعل آرائهم وأحكامهم في القضايا الكبرى للتأويل الديني متاحة للجمهور؛ بحيث يمكنها أن تنافس آراء وأحكام الشريعة.

- وضع العلمانية والحداثة كخيار الثقافة المضادة للشباب الإسلامي الساخط.

- تيسير وتشجيع الوعي بالتاريخ والثقافة قبل الإسلام.



إشعال الفتنة

ثانيًا: دعم معركة علماء السلطان ضد العلماء المحاولين إحياء الإسلام كما عليه في القرون الفاضلة، وذلك عن طريق:

- نشر نقد علماء السلطان، وتشجيع الخلافات.

- تشجيع التعاون ما بين الحداثيين والعلماء الأقرب إلى النطاق الحداثي.

- دعم علماء السلطان ضد من يحاول إشباع رغبة البشرية بالعودة إلى نقاء الشريعة

- الحرص على حضور نماذج الحداثيين في المؤسسات التقليدية.




ثالثًا: مواجهة الطرح السني السلفي وذلك على أساس:

- تحدي شروحهم للإسلام.

- الكشف عن صلتهم بالجماعات والأنشطة غير المشروعة.

- إظهار عدم قدرتهم على الحكم وتحقيق التنمية لبلادهم ومجتمعاتهم.

- تجنب إظهار الاحترام أو الإعجاب بخطوات المقاومة التي يتخذها بعض الشرفاء.

- تشجيع الصحفيين على بحث قضايا الفساد والتركيز عليها عند الملتزمين.

- تشجيع الانقسامات.

رابعًا: دعم العلمانيين بشكل انتقائي، فالإسلام الحقيقي عدوٌّ مشتركٌ، وتثبيط التحالف مع القوى المضادة للولايات المتحدة، وكذلك دعم فكرة أن الدين والدولة يمكن أن ينفصلا في الإسلام أيضًا.



تفسير الأحداث الأخيرة

هذا هو مضمون الخطة الأمريكية التي تسعى لتحقيقه في العالم الإسلامي، وفي إطارها يمكن تفسير عدد كبير من الأحداث في الفترة الأخيرة، مثل الهجوم على الحركات الإسلامية "حتى لو لم تتخذ الإسلام كمنهج متكامل"، والتي تصفها الخطة بالأصولية، ومحاولة للقضاء على دورها الاجتماعي، وقد تمَّ مؤخرًا إغلاق عدد من المؤسسات الخيرية والإغاثية المعروفة بنشاطها في مثل هذه المجالات؛ بحجة دعمها للإرهاب، ومحاولة إلصاق تهمة الإرهاب بأصحاب الأنشطة الدعوية الأخرى، ولا يملك في هذا الصدد تجاهل الجرأة على الإسلام كعقيدة وشريعة في عدد من الصحف بأقلام الكتَّاب العلمانيين والصحفيين المأجورين، وقد بلغت الجرأةُ حدَّها بالإعلان عن إنشاء صحف جديدة في مصر والعالم العربي لتحسين صورة الولايات المتحدة.. وحقًّا إن بروتوكولات صهيونية تتضاءل أمام هذا المخطط الرهيب.




وتطرح الخطة أسلوبًا جديدًا في تناول أحكام الشريعة الإسلامية في عدد من القضايا، مثل تعدد الزوجات، فهي تتساءل بمكرٍ واضحٍ لماذا لا يكون حق تعدد الأزواج متاحًا للمرأة؟! وحول ضرب الزوجة، هذا مع التأكيد على رأي الحداثيين والإشادة به؛ حيث إنه ينظر إلى القرآن باعتباره يشمل محتويات لم تعُد لها صلةٌ بالحاضر، مع الإشارة إلى أنه لم يتم تسجيل القرآن إلا بعد وفاة النبي- صلى الله عليه وسلم- حيث تم تجميعه من لحاء الأشجار والبردي بواسطة الأفراد الذين كانوا يحفظون سورًا معينةً، ويقومون بإملاء النص من ذاكرتهم، وقد نتج عن ذلك روايات عديدة للقرآن اختلف بعضها عن بعض.



والحق يقال هنا إن هذا ليس من إبداع الخطة الأمريكية الجديدة لتدمير الإسلام، فقد سبقها المستشرقون بقرون طويلة، وطرحوا هذه القضايا للتشكيك في الإسلام بدوافع لا تختلف كثيرًا عن الدوافع الأمريكية الجديدة، أي إن الأمريكان يسرقون أساليب المستشرقين القديمة..!!





حرب الحديث الشريف

ونظرًا لأن الطعن في القرآن الكريم أمرٌ يستفزُّ مشاعر المسلمين بشكل مباشر؛ بسبب الإيمان القاطع لدى كل مسلم بأن الله- سبحانه وتعالى- قد تكفَّل بحفظه فإن الخطة الأمريكية تكتفي بالمناوشة حول تفسير بعض الآيات؛ ولأنها لم تجد ذلك محقِّقًا لأهدافها فإنها قدَّمت خطةً كاملةَ المنهج للقضاء على الحديث النبوي الشريف، مع الوضع في الاعتبار الأميَّة المتفشية في أوساط المسلمين وعدم وعي الكثير من النخب المثقفة بقضايا الحديث النبوي..!!



وفي هذا الصدد تُقدم مثالاً لضرب مصداقية الإمام البخاري فيما جمعه من أحاديث؛ حيث تقول: "إنه جمع 600.000 حديث، واستبعدها كلها ما عدا 7600 حديث، وألقى بعضها للتكرار ليبقى منها حوالي 4000 حديث"، ولضرب مصداقية البخاري تقول الخطة: "إذا سمحنا بساعة واحدة لمعالجة كل حديث فإن العمل في هذه الأحاديث يستغرق حوالي70 عامًا دون توقف، وكل حديث يمكن أن يكون قد تم تتبعه منذ عهد النبي من خلال سلسلة تتكوَّن من 6 أو 7 أفراد من أجيال متعاقبة، فكيف يقال إن البخاري أكمل هذا العمل في 16 عامًا؟"!!



والقضية نفسها يتم تكرارها في مسألة الغناء عن طريق الاستدلال بسماع النبي- صلى الله عليه وسلم- للغناء الذي تمَّ في أحد الأفراح، وفي كل الأحوال يبدو المنهج الجدلي واضحًا في تناول الحديث الشريف، الذي يُخفي وراءَه أهدافًا خطيرةً.. "وَاللهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ الْنَّاسِ لاَ يَعْلَمون





وصلني عبر البريد