ملاحقـة
لم يكن الأمر سهلاً ، عندما قررت ملاحقتها ، الأعين هنا وهناك لم تكف عن ملاحقتى ، يقرأون فى عينى كل عبارات الشوق والوجد ، انتشى لرؤيتها ، أغمض عينى عليها ، أشعر بسخونة تلسع قلبى ، وأروح فى غيبوبة عميقة .
فطن أبى إلى خطورة الموقف ، تحرك سريعاً ،دلك جبهتى وأطرافى أفقت إليها ، كانت الغمامة قد استحكمت من وجهها ، انتفضت دافعاً يديه بعيداً .. الغمامات تنفرج وهى الأخرى ترتفع فى السماء .. وأنا مازلت واقفاً على الأرض شاخصاً.
لم أشعر بالوقت .. فقط أشعر بحركة المكان ، تسرب الحزن إلى أعماقى حين علمت المسافة بين السماء والأرض ، طاحونة الأفكار تحاول توفيق لقاء بينهما .
الناس يعتبرونها من المستحيلات .. دائماً يقولون : لما تنطبق السماء على الأرض .. أعاود النظر إليها .. تصهرنى .. أتوارى خلف نسيم الرغبة وأبى على البعد يجتث جذورها.. أشعر بها رغم المسافة ، تصرخ .. تشتعل ، تكوى الجباه .. وتلفح الوجوه تقاوم بشدة .. ترمقنى بنظراتها الحانية أستمد قوتى منها وأصمد، تدنو شيئاً فشيئا ، أسعى إليها بكل قوة , عين أبى والأعين الأخرى يترقبون .. بدأت أشعر بالوقت .. أتقدم بينما تدنو.. تهبط خلف حديقة الباشا قطعا حمراء متناثرة ، أحتضنتها بقوة ، أحاول تضميد جراحها المتفتحة ، تمسح على رأسى .. تذوب سريعاً ، تندمج فى رحم الأرض