ذات يوم ، استيقظ الغزال متأخراً ، فلحق بأهله الذين هم يبحثون عن الطعام ، لكنه قرر أن يكون منفرداً لوحده في الصحراء ، وما أن لبث بالأكل إلا وقد جاء الذئب متسكعاً ، فهو ليس جائع ولكن يريد أن يتسلى ، فقال : مرحباً أيها الظبي الجميل .
استنفر الغزال وقال : ماذا تريد يا بشع المنظر ؟
ضحك الذئب وقال ساخراً : أني جائع اليوم وأريد أن آكل العشب الذي أنت تأكله .
رد الغزال : قل بالضبط ماذا تريد وإلا نطحتك .
الذئب : أنت يا رشيق ؟ هاهاها ، أنت لا تستطيع نطح الثعلب حتى تنطحني ، ولكن سأبتعد عنك بشرط . فهل تقبل ؟
الظبي : ما هو شرطك ؟
قال : أن تصبح صديقي .
قال الظبي : لا وألف ألف لا .
الذئب : أنت حر لن انصرف وسأظل أتبعك .
وكان النمر يرقب هذه الأحداث عن قرب وهما لا يشعران به ، فانصرف الذئب وهو سعيد بإغاظة الغزال حتى وإن لم يأكله ..
فانتهز النمر الفرصة وانقض على الظبي واكله كما يأكل الفيل الثمرة ، وقد رأته السحلية فذهب لتخبر الحيوانات لولا أن تصدى لها الآكل وهددها قائلاً : أيتها السحلية إن فضحتيني قتلتك ولكن قولي أن الذئب هو من أكل الغزال .
خافت السحلية على نفسها وفعلت ما أُمرت به واتهمت المسكين زوراً بأوامر النمر الظالم ، بل زادت عليها أحداثاً لم تتم بالأصل .
فاجتمع قطيع الغزلان على الذئب وهمت بضربه حتى الموت ، فأتوا به وامسكوه أمام بقية الحيوانات بما فيهم النمر السحلية ، فضُرب المظلوم حتى مات ألماً لأنه لم يستطع الدفاع عن نفسه .
يا لك من مسكين أيها الذئب ، تسليت تسلية بريئة ، وأُعدمت إعدام المجرمين ، والظالمون يمشون فرحين في الأرض ، وأن الله تعالى فوق الخلائق مطلع عليها .
وهنا السحلية لم تصبر على الهم الذي أصابها من تعذيب ضميرها لها وأرادت الاعتراف فمنعها النمر الشرير ، فماتت غماً وهماً ، ولكن وضعت علامات تدل على القاتل الحقيقي .
يا تُرى ماذا صنعت ؟
قبل موتها انطلت إلى مسرح الجريمة ( المكان الذي قبض النمر على السحلية ) فنقشت على التراب صورة الغزال والذي أكله .
فرأى الصورة حمار الوحش فلم يصدق فطار سراعاً إلى قطيع الظباء ليخبرهم بالحقيقة ، فانفجرت الغزلان حزناً وغضباً ، وأرادت الانتقام من النمر الذي خدعها ، كيف يكون ذلك ؟
فرسمت خطة للإيقاع بالمجرم وهي أن يأتي غزال إلى نفس المكان الذي أُلتهم فيه السابق ثم ينتظر حتى يحضر المجرم فتنقض الغزلان عليه ، وفعلاً لم يلبث إلى قليلاً حتى جاء وقفز على الطًعم ، وهذه فرصة الظباء لقتل النمر فهاجمته دفعة واحدة بقرونها وحوافرها فقتلوه أخيراً وأراحت الصحراء منه .
وأعلنت للحيوانات أنهم قضوا على آكل الغزال وتبرئة الذئب من التهمة لكن بعد سقوط الفأس على الرأس ودم الذئب انتقمت له الغزلان الحزينة على قتله .
[HR]
إن الذئب مضرب الأمثال في البراءة أليس كذلك ؟