هذا رد على مقالة ادونيس حجة بحجة وفقرة بفقرة :
لمناسبة المشكلة المتواصلة التي تثيرها مسألة الحجاب في فرنسا، بخاصة، وفي البلدان الغربيّة، بعامّة.
- 1 -
مهما تعددت الآراء التي تَتّصل بظاهرة فرض الحجاب على المرأة المسلمة، فمن الممكن أن يقال عنها إنّها جميعاً مجرّدُ تأويلاتٍ. وهي، بوصفها كذلك، لا تُلْزِمُ أحداً غيرَ أصحابها. فليس هناك نَصٌّ قاطعٌ يفرض الحجابَ وفقاً لما يُريد الأصوليون الدينيون. هناك تفسيرٌ لبعض المأثورات. لكن، هل يصحّ، دينيّاً، أن يرتفعَ تَفسيرُ المأثور الى مرتبة التشريع أو القانون؟
في كلّ حالٍ، تبقى مسألةُ الحجابِ خِلافيّةً. فبأيّ حَقٍّ أو بأية سلطةٍ يفرض بعضهم تأويله الخاصّ على النّاس كلّهم، ويُجيز لنفسه أحياناً أن يستخدم العُنفَ من أجل ذلك، لا ضدّ المرأة وحدَها، وإنما كذلك ضدّ الأشخاص الذين يخالفونه الرأي، وضدّ المجتمع كلّه؟
ولئن كانت مسألة الحجاب قديمةً داخل المجتمعات الإسلامية التي هي، إجمالاً، مجتمعات غير مدنيّة، ويمكن لذلك تفهّم صعوبتها وتعقّدها، فإنّ موقف الأصوليّة الإسلاميّة في المجتمعات الغربيّة المدنيّة يثير مشكلاتٍ تُسيء الى المسلمين الذين يعيشون فيها، بوصفهم أفراداً، وتُسيء على نحو خاصٍ الى الإسلام ذاته، بوصفه رؤية للإنسان والعالم، للذات والآخر. فمن أبسط المبادئ أن يعرف المسلمون المهاجرون، خصوصاً أولئك الذين اكتسبوا جنسيات البلدان التي يعيشون فيها، كيف يقيمون حدّاً فاصلاً بين الخاصّ والعام، بين المعتقَد الشخصي، والقيم الاجتماعية المشتركة. إذ لا بُدّ لجميع المواطنين من أن يخضعوا لهذه الأخيرة، خصوصاً لمؤسساتها المدنيّة والتربوية. لا بُدّ من أن يعرف المسلمون الذين يتمسكون بالحجاب أن تمسّكهم هذا يعني أنهم لا يحترمون مشاعر الناس الذين يعيشون معهم في وطنٍ واحدٍ، ولا يؤمنون بقيمهم، وأنهم ينتهكون أصول حياتهم، ويسخرون من قوانينهم التي ناضلوا طويلاً من أجل إرسائها، ويرفضون المبادئ الديموقراطية الجمهورية في البلاد التي تحتضنهم، وتوفّر لهم العملَ والحرية.
إن عليهم أن يدركوا أن مثل هذا التمسك يتخطّى الانتهاكَ الى نوعٍ من السلوك يُتيح لكثيرٍ من الغربيين أن يروا فيه شَكْلاً آخرَ مِن أشكالِ "الغزو".
لمناسبة المتنطعين ممن أرادو أن يحجلوا فتخندعوا لتلتقفهم الصعاصع !
-1-
إن الحجاب سنة أطلقتها مريم العذراء وسرت من بعدها في إخوتنا من أتباع نبي الله عيسى عليه السلام دون أهل العهد القديم من اليهود أهل العهر و قتلة الأنبياء!
ثم غدت عرفاً في نساء بلاد الشام والحجاز واليمن وسواهم ثم جاءت أمراً إلهياً وقرآنا يتلى ويتعبد به المسلمون
سورة النور.
الآية: 31 }وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن{
وليست مأثوراً وأصولية أيها العادون !
وأنت من يفرض تأويله على بنات المسلمين في قضية الحجاب وأنت لا تعلم من دين الله إلا ما يمليه عليك فكرك المأجور!
ثم تأتي لتتكلم بمنطق الديمقراطية وحرية الرأي وتعيب على من يفرضون رأيهم
فبأي حق وأي مدنية وأي حضارة تفرض فرنساعلى الناس من رعاياها ومن سواهم ما يريد ابناء يهود وفلسفة يهود دون مراعاة لأي معتقد ومنهج فكري وتستخدم سلطة الدولة لتنفيذ مآربهم أليس هذا هو العنف بعينه ضد الله والمجتمع بدلالة الحجاب في الديانتين المسيحية والإسلامية !
قل أيها الشاعر الحصيف هل كانت مريم العذراء أصولية مسيحية أم إسلامية أم معادية للمجتمع المدني الذي يرتكز على القانون السائد آنذاك ( العهد القديم )
وأرادت أن تسيء إلى (العهد القديم ) باتخاذها من دونهم الحجاب !
وإذا كنت تتكلم عن الخاص والعام فكيف أسقطت خصوصية المجتمعات المدنية أمام عمومية شريعة الله ( جميع الأديان السماوية )
أليس حري بك أنت أن تقيم هذا الحد الفاصل بين القيم السماوية المشتركة في جميع الأديان دون استثناء وبين المعتقد الشخصي لفئة من أشخاص الأرض !
ثم أن يخضع المواطنون حيثما أردت إلى القيم السماوية العمومية أولا ثم إلى قيم أسيادك المدنية والتربوية الخصوصية !
كما لا بد أن تعرف أن مهاجمتك للمتمسكين بالحجاب من المسلمين والمسيحيين أنك لا تحترم الله ولا الأديان السماوية ولا مشاعر المسلمين ولا المسيحيين ولا نفسك !
وتسخر من قوانين الله والطبيعة وتسخر من نفسك ومن مباديء الديموقراطية التي لم تكن في يوم من الأيام اعتداءً على الحرية الشخصية إلا في عهد الخونة لله وللإنسانية والمجتمع وللحرية الشخصية وللأدب ولأنفسهم !
ثم تتكلم عن غزو الحجاب لفرنسا في نفس الوقت الذي يذبح فيه أبناء فلسطين التي غزاها أبناء يهود فعاثوا فيها فسادا
ويذبح أبناء العراق بحجة الديمقراطية ورفاهية شعب العراق !
- 2 -
هناك زَعْمٌ بأنّ المرأة المسلمة في الغرب هي التي تختار الحجاب، وهي التي تضعه بملء حريتها. وهو زعمٌ يحتاج الى كثيرٍ من النقاش ليست هذه الزاوية مكاناً له. لكن عندما نرى في باريس، على سبيل المثال، فتياتٍ صغيراتٍ بعضهنّ لا تتجاوز الرابعة من عمرها، فهل يمكن أن نقول إنهنّ يضعن الحجاب بملء الحريّة؟ وما تكون حريّة طفلةٍ في مثل هذه السنّ؟
ولماذا لا يرى المسلمون الأصوليون المهاجرون في انفتاحِ بلدان هجرتهم غيرَ الوسائل التي يستخدمونَها لإعلان انغلاقهم وعزلتهم، وهجرتهم داخل الهجرة؟ إنهم موجودون في هذه البلدان بفضل انفتاحها ذاته. لهذا، عندما يفصحون عن معتقداتهم أو يمارسونها بالحجاب حيناً، وباللحية حيناً آخر، أو بهما معاً، فإنهم يعتدون على الإسلام أولاً، لأنهم يقزّمونه في هذه الشكلية السطحية، ويعرضونه على العالم في شعارٍ أو رمْزٍ يجعل منه مجرّدَ طقسٍ شَكْليّ. أهكذا ينبغي على المسلمين أن يقدّموا في هذا القرن الإسلام - هو الذي كان منذ قرونٍ عديدة، رمزاً للإبداع وللإشعاع؟ أفلا يعقلون أنهم في سلوكهم هذا "يحجبون" الإسلامَ نفسه، وأنهم "يُغَطّون وجهه"، وأنهم بذلك "يشوهونه" و"يخنقونه"؟
ثمّ إنّ هؤلاء الذين ينادون بفرض الحجاب، يمثلون أقليّةً بين المسلمين في الغرب، وبين المسلمين في العالم العربي كذلك. ولو وضع الحجابُ موضع اختيارٍ ديموقراطيّ لسقَطَ سقوطاً كاملاً. وبدلاً من أن تحترم هذه الأقليّة المسلمة في الغرب، الديموقراطية ومبادئها، تحاول على العكس أن تتنكّر لها، وأن تفرض رأيها بالقوة لا على المسلمين وحدهم، وإنّما على الديموقراطية نفسها. وهو موقفٌ لا أعرف كيف يمكن تسويفه أو الدفاع عنه، أو كيف يمكن أن يخدم الإسلام، أو أن يكون تعبيراً صحيحاً عنه.
إنه موقفٌ يفرض على من يدرسه بموضوعية ودقة أن ينظر الى أصحابه - لا بوصفهم متدينين أو رجال دين، وإنما بوصفهم سياسيين عاملين في السياسة. والحق أنّ جميع الوقائع تُشير الى أن هذه الأقلية إنما هي أقليةٌ سياسية، وعلى المسلمين والغَرْبيين أن يتعاملوا معهم، لا بوصفهم ممثلين للدين، وإنما بوصفهم مجرّد حزبٍ سياسيّ.
-2-
وأنت أو سواك يزعم أن الفتيات الصغيرات يتصرفن وفق منطق الحرية أو وفق منطق القسر والقوة في ارتداء الحجاب وقد نسي أبسط قواعد التربية والتعلم والاكتساب وتقليد الصغير للكبير !
أم تريد منهن أن يقلدن العاهرات العاريات ممن يطيب بهن ذوو النفوس المريضة والعقول العفنة والمنطق المعوج والشهوات الحيوانية - التي لاعلاقة لها باستمرار الجنس البشري وبقائه بل ترتبط بالحيوانية فحسب - وهن يرين أمهاتهن المحتجبات أكثر مما يرين هؤلاء العاهرات !
أم أن هذه هي المعضلة !
تريد أن تقتل روح الحجاب في الأمهات لتتخلص منه نهائيا في الأطفال الصغار !
وتعيب على الأصوليين سماتهم الخارجية ( من حجاب ولحية ) وأنت تمارس عليهم إرهاباً فكرياً لم يسد إلا في أشد العهود الأوربية انحطاطاً عندما مارسه الأوربيون على اليهود مما اضطر كثيراً من اليهود إلا تغيير ديانتهم شكليا ثم عادوا منذ فترة قريبة يطالبون يهود العالم بإعادتهم إلى حظيرة اليهود !
ثم إذا كنت أنت لا ترغب أن تنظر في الإسلام سوى للحية والحجاب وتحاربهما دون هوادة وهما أولهما شكلي والآخر اعتقادي فهل أنت على استعداد أنت تنظر لما ورائهما دون أن تعتدي عليه !
إنك أنت المخنوق في تعصبك محجوب العقل و البداهة مشوه الشاعرية أيها الشاعر !
ومن قال لك أن هناك من ينادي بفرض الحجاب!
وقد جاء دين الإسلام محمولاً على القناعة والحرية الشخصية
" فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر "
والحجاب قضية جزء من كل من الإسلام لا تتجزأ عنه بدعواتك وترهاتك فمن أنكرها فلا حاجة للإسلام بإسلامه
ومن أسقطها يمثل نفسه فحسب ولا يمثل الإسلام !
وأي ديموقراطية تتحدث عنها تلك التي تريد أن تفرض على المواطنين بالقوة ما لا يتعدى الحرية الشخصية ثم تتهم المعتدى على حريته الشخصية أيها الحاذق !
إن موقفك هذا يفرض علينا أن ننظر إليك ككاتب مأجور يريد أن يشوه المفاهيم من حرية شخصية وحرية معتقد ويخلط بين العام الإلهي والخاص سواه بطريقة معكوسة تماماً لأن موازين المنطق في ذاتك قد اختلت وأصبحت انعكاساً للأكارة التي تمارسها لحساب أسيادك وليس انعكاسا لفكر الأديب الذي تدفعه إنسانيته إلى الدفاع عن الحرية الشخصية للبشر بغض النظر عن لونهم وشكلهم ومعتقدهم !
- 3 -
الجامع هو، وحده، المكان الذي يتميّز فيه المسلم، مفصحاً عن "هويته" الدينية، في الغرب، (وهذا ما ينبغي أن يكون في البلدان العربية كذلك). هو المكان الوحيد الذي يمارس فيه حقوقه الدينية كاملة. كل ممارسة خارجه، اجتماعية أو عامة، إنما هي عدوانٌ على القيم المشتركة. المؤسَّسة، وبخاصة التربوية، المدرسة والجامعة، مكانٌ مدنيٌّ عامٌّ ومشترك. مكان لقاء. مكانٌ مفتوحٌ للناس جميعاً. مكانٌ يجب أن تزولَ فيه العلامات الدينية الخاصة، الفارقة، أياً كانت. نضيف الى المؤسسة: الشارع، المقهى، المنتديات، دور السينما، القاعات العامة للمحاضرات والمؤتمرات. فظهور العلامات الدينية الفارقة في مثل هذه الأمكنة خَرْقٌ لمعناها والغاية منها. خَرْقٌ للانتماء الواحد، أو "الهوية" الواحدة المشتركة. رمزٌ لإرادة الانفصال. لرفض الاندماج. توكيدٌ على الهوية الخاصة المغايرة، داخل الهوية العامّة الموحِّدة. وفي هذا ما يُمثّل تحدّياً للشعور العام، وللذوق العام، وللثقافة العامة، وللأخلاقية العامة.
ثم إنّ التوكيد المظهري على الخاصّ في قَلْب العام، إنما هو نوعٌ من المَسْرحة أو العَرْض لا يليقُ بالدين. في أساس التجربة الدينية قيامها على الحميمية، على نوعٍ من الخفاء، على البساطة، وعلى الخَفَرِ والصّمتِ والانزواء، بعيداً من "المظاهر" بأشكالها جميعاً.
وإذا كان بعضهم يحتجّ بأن المرأة المسلمة تضع الحجاب، باسم حق الحرية الدينية، فإن هذا الحق محفوظٌ ومحترمٌ ما دام خاصاً، ويُمارَسُ في الإطار الخاص. أمّا إذا تجاوز ذلك، فإنه ينقلب الى تجاوزٍ - الى شَكْلٍ اعتدائيّ على الآخر، يتمثّل في عدم احترام آرائهِ وأفكاره ومشاعره. إضافةً الى الاستهتار بالمبادئ والقوانين العامّة المدنيّة، وبالجهود والتضحيات الكبرى التي قُدّمت مِن أجل تحقيقها.
-3-
أما هذه فهي سقطة لا أتمناها لجاهل فضلا عن أديب كبير يشار إليه بالبنان أن يقول أن الجامع هو المكان الوحيد لتميز المسلم ؛
الجامع أيها الأريب مكان يغطي جزءا صغيرا من منهجية الإسلام الذي اعترفت به " بوصفه رؤية للإنسان والعالم، للذات والآخر"
أم أنك تمارس التعمية التي تخدم الفكرة المأجورة في رأسك من ناحية ومن ناحية أخرى تستخف بقراءك أيها الأديب الشاعر !
لم يكن الفكر الإسلامي يوماً من الأيام معاد لأي فكر يعترف بوجود الخالق الذي أصبح حقيقة علمية لا ينكرها إلا جاهل أو كاذب مأجور !
أما العلامات الفارقة التي تدعوا لأن تزول في الأماكن العامة فهي فارقة من وجهة نظرك وغير ذلك من وجهة نظر الآخرين
وهذا يشير إلى أنك لا تعترف بالآخر أيها المفكر الحر , كما أنك تدعوا إلى فكرة التدجين الحيوانية التي تقوم بصبغ الحيوانات الاستهلاكية بصبغة واحدة لتحسن من قيمتها التجارية أيها المفكر الفذ , ولا ينطبق هذا على الفكر الإنساني الذي لا بد أن يتمايز ليشير إلى صحة عقل الإنسانية .
أما المسرحة والعرض فهو ما جئت به من قيود واشكال افترضتها انت وتريد ان يحملها الناس عنك فهي التعقيد بحد ذاته والعدائية بكل صفاتها والانزواء والموت للفكر الإنساني في الدائرة التي تعتقدها انت !
أما ان تعتبر أن حجاب المرأة المسلمة هو الخاص والعام هو الميني جوب خالفت جميع الموازين لأن الحجاب أصلا للنساء من أتباع نبي الله عيسى ثم نساء المسلمين ولم يلجأ يوماً لأن يفرض نفسه على الآخرين بالقوة بينما السفور فكر طارىء يريد أن يفرض نفسه بالقوة !
فهو بذلك يريد أن يعتدي على جميع القيم والأعراف الإنسانية ومباديء الديمقراطية التي ناضل الناس من أجلها !
- 4 -
عندما أمرَ بعض الخلفاء في العصر العباسيِ أن يضعَ غير المسلمين علاماتٍ فارقة لتمييزهم عن المسلمين، كان ذلك موضع استهجانٍ، عدا أنّه كان علامةً على التراجع والجمود. هكذا سُرعان ما أبطلته حركيّة المجتمع آنذاك. وإنه لمن الغرابة التي يتعذّر فهمها أن يُصِرّ بعض المسلمين في الغرب بأن يضعوا، بوصفهم مسلمين، علاماتٍ فارقة تميزهم عن أبناء المجتمع الذي يعيشون فيه. إنّ في هذا الإصرار إهانةً لتاريخهم، وحكماً عليه، وعلى ثقافتهم، وعلى حضورهم في العالم، حتّى ليبدوا للمتأمّل أن الحجابَ ليس مجرّد خَرْقٍ لقانون الآخر وثقافته، وإنما هو، قبل ذلك، امتهانٌ للذات، وشكلٌ آخر من الحياة - لكن في أحضان الموت.
-4-
إن لكل أمة من الأمم علامات فارقة تميزها ولكل ثقافة أيضا علامة أوعلامات فارقة تميزها , حتى الثقافة لشخصين ينهلان من معين ثقافي واحد علامات فارقة تميز الشخصية من الأخرى ولا تنتهي العلامات الفارقة سوى في مزارع الثعالب والطيور الداجنة والكنتاكي ... والحيوانات الهجينة عموما , والأدباء الذين خضعوا لعمليات الهندسة الفكرية المأجورة التي تتعامل مع الفكر كما تتعامل مع الحيوانات الهجينة التي تهدف إلى الكسب المادي وهم بذلك حكموا على فكرهم الحر بالموت ويريدون أن يحكموا على قراءهم بالموت أيضاً , ولا يعدو سلوكهم هذا سوى خرق للأعراف الفكرية والإنسانية مصيره أن يحكم عليهم بالتلاشي أمام قوة واستمرار وتنوع الفكر الإنساني .
- 5 -
أخلص الى القول بإيجازٍ إن التأويلَ الديني الذي يقول بفرض الحجاب على المرأة المسلمة التي تعيش في بلدٍ علمانيّ يفصل بين الدين والسياسة، ويساوي بين الرجل والمرأة، حقوقاً وواجبات، إنما يكشف عن عَقْلٍ لا يحجب المرأة وحدَها، وإنما يحجب كذلك الإنسان والمجتمع والحياة. ويحجبُ العقل. إنه تأويلٌ يمنح الحقَّ لكثيرين في الغرب أن يروا فيه عملاً لتقويض الأسس التي أرساها نضال الغرب في سبيل الحرية والعدالة والمساواة. وأن يروا فيه مطالبةً بإلغاء دور المرأة في الحياة العامة، الاجتماعية والثقافية والسياسية، مما يتناقض كلياً مع مبادئ الحياة المدنية في أوروبا والغرب.
إنه، الى ذلك، تأويلٌ يَعْملُ، في التحليل الأخير، على تحويل الإنسان والدين معاً، الى مجرد أدواتٍ في خدمة آلةٍ سلطوية يُديرها طغيانٌ أعمى.
- 5 -
خلاصة القول :
إن الحجاب هو جزء من كل من العقيدة والشخصية الإسلامية السمحة التي لا تهدف إلى الاعتداء على الآخرين بل تحترم جميع الديانات والأفكار التي لا تعتدي على الخالق , وإن المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق والواجبات أمر لا يعتدي عليه سوى دعاة تحرر المرأة الذين يستخدمونها كأداة ترويج تجارية ويستعبدونها لتحقيق غاياتهم الشخصية على حساب الاختلاف الوظيفي بين الرجل والمرأة وعلى حساب حق الاسرة والطفل بالرعاية والحنان والتربية التي لا تقدمها سوى الأم , كما أن الفكر الغربي الحر الذي ساد لفترة طويلة ونتجت عنه نهضة صناعية هائلة هي نفسها التي بدأت تغل حرية الفكر في صالح المنفعة المالية والتي تقود الحضارة الإنسانية والنهضة الحديثة إلى مستنقع الجمود و التحجر اللذين سيقوضان هذه الحضارة إن لم يسعى عقلاؤها إلى تحريرها من قيود المادية اليهودية الحاقدة على الله والأنسانية والمجتمع والحرية الشخصية
كما ان الأدب المأجور ظاهرة ليست جديدة وقوتها لا تعبر سوى عن وهم ناجم عن تناقض المباديء الفكرية والمنطقية التي يعتمدها الكاتب المأجور والتي هي نفسها السلاح الذي يأد بها المأجورون أنفسم ويحولون الفكر والأدب إلى سلاح يقتلون به بسطاء الناس ثم يجأون به أنفسهم !