أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: مصطفى العقاد الإبداع الذي فقدناه

  1. #1
    الصورة الرمزية هشام النجار أديب
    تاريخ التسجيل : May 2013
    المشاركات : 959
    المواضيع : 359
    الردود : 959
    المعدل اليومي : 0.24

    افتراضي مصطفى العقاد الإبداع الذي فقدناه



    فى مثل هذه الأيام فقدنا المبدع الكبير الغيور على دينه وأوطانه مصطفى العقاد .. فى 11 نوفمبر 2005م

    "الرسالة" التي لا يرغبُ الكثيرون منا في التقاطها أن الحروبَ والمواجهات في القرن الحادي والعشرين مختلفة تماماً.. وأن الغرب والصهاينة حول العالم لم يعدْ اعتمادهم الكلى على الأسلحة الفتاكة والجيوش النظامية والطائرات والصواريخ والدبابات وغزو الدول واحتلال الأراضي.. إنما نقلوا معظم جهودهم وإمكانياتهم واهتماماتهم إلى شاشات العرض السينمائي والتلفزيوني.

    وفي الوقت الذي يستثمر فيه رجال الأعمال والمستثمرون العرب أموالهم في قنوات الرقص وشراء اللوحات والسيارات النادرة والتحف الباهظة الثمن.. يستثمر الصهاينة أموالهم في إنتاج أفلام سينمائية ومسلسلات يضعون فيها مادة الحرب والمواجهة التاريخية الحاقدة على الإسلام ورموزه.

    في هذا الميدان أيضاً تختل موازينُ القوى.. ويبدو العرب والمسلمون هم الطرف الأضعف.. برغم ما يمتلكون من إمكانيات مادية وقدرات وطاقات إبداعية هائلة.

    ومع فيلم تافه وضيع حقير رخيص الكلفة والإنتاج.. صنعه مجموعة من عديمي الموهبة والذوق والحِس الفني.. يُحركهم حقدهم الدفين على الإسلام.. لا نجد رد الفعل المنطقي الايجابي من جانب المسلمين الذين تُختبر قدرتهم الإبداعية وغيرتهم الدينية.. ومدى قدرتهم على الدفاع عن رموزهم وتراثهم وتاريخهم في هذا الميدان الجديد من المواجهة الحضارية والثقافية.

    المواجهة بالصورة والإبداع وسلاح الفيلم والسينما.. لابد من أن يستوعبها المسلمون جيداً.. ولابد من دراسة تاريخها وأبعادها.. خاصةً وأن لهم مبدعون بالفعل خاضوا التجربة واقتحموا الميدان بشجاعة وبسالة أذهلت الصهاينة وأربكتهم .

    وهى تجربة ثرية نأسَى ونحْزن ونحن نتذكرها ونسلط الضوءَ عليها.. ونحن نشاهد ردودَ الفعل العنيفة والتخريبية التي يقوم بها بعض الغاضبين.. والتي يستخدمها الأعداء كنقطة أخرى في صالحهم .

    فالعنوان المُعد مُسبقاً والجواب الجاهز أن المسلمين عاجزون عن الرد على فيلم تافه حقير كهذا بفيلم يرد عليه وبإبداع أقوى وأرْقى منه.. يُضمنون فيه دفاعهم عن دينهم ورسولهم وحضارتهم .

    وهنا نطل من نافذة الإبداع الإسلامي على إحدى الحلقات المهمة من ضمن سلسلة المواجهة الكبيرة والممتدة في هذا الميدان.. والتي أحْرَز المسلمون فيها – بفضل بطل من أبطالهم – نصراً غالياً.. إلا أنه لم يُستثمر جيداً ولم يجد من المسلمين – للأسف الشديد – من يتبناه .

    هالووين فى الجراند حياة

    قبل سبع أعوام من الآن نزلَ المخرج العالمي إلى بَهْو فندق الجراند حياة في العاصمة الأردنية لاستقبال ابنته "ريما".. التي وصلت من بيروت لتحضر مع أبيها زفاف أحد الأصدقاء.. فحدث الانفجار الرهيب وتحول الفرح إلى طقوس رعب!

    كان مصطفى العقاد رحمه الله قد أنتج سلسلة أفلام رُعْب بين عامي 1978م و 2002م تحت عنوان "هالووين".. تدور أحداثها حول نفس الفكرة التي تم بها حادث الاغتيال الرهيب.. حيث تتحول فرحة الأطفال بعيدهم إلى طقوس قتل ورعب بفعل قاتل مَهووس يرتدى قناعاً أبيضاً – هكذا كان إبداع خيال مصطفى العقاد - .

    لكن المخرج الوَغد الإرهابي في " هالووين الجراند حياة عمان 2005م " كان قاسياً بشعاً.. فالقتلُ هناك كان حقيقياً والدم كان حقيقياً.. والموتُ والرعبُ ليس تمثيل ممثلين ولا خِدَع مخرجين.. وكان المشهد صادماً مفرغاً من الإبداع والتشويق والإثارة.. لم يترك أية مساحة للخيال لتلمس الراحة مع توقع النهايات السعيدة .

    وَقع الخبرُ كالصاعقة على عشاق الفن الراقي والإبداع الهادف الرصين.. فقد توفيت "ريما مصطفى العقاد" في الحال.. وماتَ والدها المُبدع السوري العربي العالمي الكبير بعد يومين من إجراء الجراحة مُتأثرا بإصابته.

    اسْمى مُصْطفَى العقاد !

    هَاجَر الشاب الحلبي المُولع بالسينما المَبْهور بـ "الفريد هتشكوك".. ولما يبلغ العقد الثاني من عمره إلى أمريكا لدراسة السينما.. ولم تصْرفه معارضة أبيه ولم يَعُقه فقرُ أسرته.. فعمل لعام كامل ليوفر ثمن تذكرة الطائرة..وزوده والده بمصحف صغير ومبلغ مائتي دولار.. وحقق العقاد حلمه باقتحام هوليوود.. غنياً باستعلائه وعمقه الديني وفخره الحضاري .

    قال العقاد:

    "كان طريقي شاقاً.. فلو لم أكن عربياً لكان الأمر أسهل بكثير.. كان بإمكاني أن أغير اسمي لأمارس عملي بسهولة.. لكن كيف أغير اسمي الذي أورثني إياه أبى ؟!" .

    كان رحمه الله معتزاً بنفسه.. فخوراً باسمه وعروبته وإسلامه..ولم يتنكر يوماً لذاته وحضارته وثقافته وأمته .

    تخرج بجامعة كاليفورنيا عام 1958م.. لترفضه وتطرده الاستوديوهات والشركات ووكالات الإعلان.. وفى عام 1962م استطاعَ إثبات ذاته وموهبته في عاصمة السينما العالمية وعمل مخرجاً ومنتجاً منفذاً وممثلاً.. ليبلغَ العالمية عام 1976م بإخراجه لأول فيلم عالمي عن رسالة الإسلام بالنسختين العربية والانجليزية.. وفيلم آخر يجسد نضال المقاومة الليبية في مواجهة المستعمر الايطالي.

    تحدثَ العقاد عن انجازه الفني الفريد الذي أبهرَ العالم كله قائلاً :

    "إنه نوع من المسئولية تجاه أولادي وأولاد العرب المغتربين.. لتعزيز الانتماء إلى الجذور وتبليغ رسالة الإسلام العالمية لكل البشر".

    وأكد أن المكانة التي وصل إليها في مجال صناعة السينما كانت لتمكنه من حرفته ولغته وأدواته السينمائية.. مما جعل استوديوهات الإنتاج السينمائي تتسابق للتعاون معه بما في ذلك "يونيفرسال".. التي تعاونت معه في إنتاج سلسلة أفلام "هالووين".

    الرسالة

    في مقابلة أُجريتْ مع مصطفى العقاد عام 1967م.. سُئل عن دافع إقدامه على إخراج فيلم "الرسالة" فقال :

    " كان موضوع شخصي بالنسبة لي.. شعرت بواجبي كمسلم عاش في الغرب بأن أقوم بذكر الحقيقة عن الإسلام ".

    وبالبحث في كونه موضوع شخصي وَجدنا أنه وجد في ابنه " طارق " تمرداً ونفوراً من أصوله العربية وجذوره الإسلامية.. في مقابل اعتزازه بكونه أمريكي .

    فخرج الفيلم بصورة أكثر إشراقا لحضارة الإسلام.. الدين العظيم الذي يحمل الحرية والهداية والخير للبشرية .

    اشترك في صناعة هذا العمل الفني العالمي العملاق مع الراحل "مصطفى العقاد" قامات فنية وأدبية سامقة.. منهم الممثل العالمي القدير "أنتوني كوين".. واشترك في كتابة الفيلم "توفيق الحكيم وعبد الحميد جودة السحار" ويوسف إدريس وأحمد شلبي وهاري كيغاف".. وأبدع موسيقى الفيلم التصويرية الفنان الفرنسي "موريس جار".. الذي استوحاها من صوت الآذان أثناء زيارته للقاهرة للبحث عن موسيقى مناسبة للفيلم .

    عمر المختار .. أسد الصحراء

    فيلم آخر عبقري أنْجزته عبقرية مصطفى العقاد الفنية الفريدة.. يصور بأسلوب فني إنساني مُبدع قصة نضال المقاومة الليبية بقيادة الشيخ البطل "عمر المختار" رحمه الله في مواجهة فظاعة الفاشيسْت ووحشيتهم.

    عندما قام الجنرال رودلفو غرانسيانى بقتل 200 ألف مواطن ليبي في ثلاث سنوات لترسيخ الاستعمار الايطالي.. قبل أن يتمكن من القبض على شيخ الثوار عمر المختار لتقديمه سريعاً لحبل المشنقة.

    أحْلام مُجْهَضَة

    كان العقاد يتمنى صناعة فيلم مختلف عن القائد الإسلامي "صلاح الدين الأيوبي" بلغة سينمائية تخاطب الجمهور الغربي ويقوم ببطولته ممثلون غربيون.. لكي يتحقق للفيلم الإقبال الجماهيري المطلوب.. وليثبت به للعالم عروبة فلسطين.. ولتقديم النموذج الأمثل للتعايش بين الغرب والإسلام.. لأنه كان يعتقد أن الأمة العربية والإسلامية تحتاج إلى قائد كصلاح الدين يتحدث للغرب باسم المسلمين أو بالنيابة عنهم.

    ولم يجد العقاد مْمولا للفيلم.. بالرغم من أن السيناريو كان جاهزاً.. وقد أعده كاتب أمريكي.. واختار العقاد لأداء شخصية صلاح الدين الممثل البريطاني شون كونرى بطل أفلام جيمس بوند .

    وتمنى العقاد أيضاً صناعة فيلم عن دور "قرطبة" كمركز إشعاع حضاري.. وآخر عن " صبيحة الأندلس " المرأة التي حكمت الأندلس.. وآخر عن "طارق" الذي لم يفتح الأندلس .

    وتمنى صناعة فيلم عن القائد الشيشاني "محمد شامل" بعد قصف الروس لمدينة غروزني.

    وعندما شن الصرب حرب إبادة ضد البوسنة تمنى إنتاج فيلم عنوانه "وامعتصماه " .

    وفكر في إنتاج فيلم عن "أسامة بن لادن" من وجهة نظر مختلفة .

    وكان قد حضر لسيناريو فيلم يتناول الوثيقة التاريخية التي نشرتها صحيفة صنداى تايمز البريطانية عن وفد أرسله ملك انجلترا "جون الثالث" إلى الخليفة الإسلامي في قرطبة عام 1213م.. يقترح فيها أن تكون بلاده تحت حماية خليفة المسلمين.. وأن تدفع انجلترا الجزية إلى الخليفة.. لكن جواب الخليفة كان "إن ملكاً يقبل أن يبيعَ شعبه ومملكته لا يستحق حمايتنا" .

    هُوليوود الإسلامية

    في أكثر من مناسبة دعا مصطفى العقاد العرب للتخلص من السلبية والتبعية في المجال الفني.. وأن يسْعوا بكل قوة لامتلاك أدوات الإبداع والتقنيات الحديثة لخدمة قضاياهم والدفاع عن دينهم ورموزهم.. في مواجهة الإعلام الصهيوني الزى أنتج آلاف الأفلام والبرامج والمسلسلات التي تشوه صورة الإسلام.. وتقدم العرب والمسلمين للمشاهد الغربي على أنهم مجموعة من الهَمَج المتخلفين .

    دعا العقاد العرب إلى امتلاك ناصية الإنتاج السينمائي لتقديم صورة ايجابية عن دينهم وحضارتهم.. وكاد حلمه يتحقق بإقامة مدينة إنتاج سينمائي أسماها "هوليوود الإسلامية" لصناعة فيلم سنويا عن مآثر العرب وتاريخ المسلمين.. عندما تبرع "الحسن الثاني" ملك المغرب بالأرض المناسبة للمشروع الضخم.. إلا أن المشروع أُجْهِض لأنه لم يجد أحداً يُموله.

    أصيب العقاد بخيبة أمل من جهل العرب وغفلتهم.. وحاول غير مرة ليفهموا دون جدوى.. ومن عباراته الشهيرة: "أعطوني ثمن طائرة حربية واحدة أغير لكم رأى العالم عن الإسلام" .

    يوسف شاهين ومصطفى العقاد

    في أحد البرامج على شاشات التلفزيون المصري نقلت المذيعة للمخرج يوسف شاهين رأى مصطفى العقاد في فيلمه " المصير " فقال شاهين باستعلاء : منَ هو مصطفى العقاد .. أنا لا أعرفه ؟!!

    وطالما عابَ العقاد على المخرجين العرب سلبيتهم وطرحهم الانهزامي أمام الفكر الغربي.. فهم يصرون في أعمالهم على تشويه صورة الأمة وإظهار المسلمين في صورة سيئة.. كما لو كانوا يقدمون خدمة مجانية للوبي الصهيوني.

    واعتبر العقاد أن الجمهور في مهرجان "كان" قد صفق بشدة لفيلم "المصير".. لأنه ركز على حَرْق الكتب في الأندلس.. ورسم صورة سيئة للمسلمين.. في حين أن العرب قد أعطوا للعالم الحضارة والعلم والهندسة والطب والفلك .

    وطالما اختلف شاهين والعقاد في وجهات النظر وأسلوب الطرح السينمائي ورسالة الفيلم ومرجعية تمويله.. إلا أنه حينما أُغتيل العقاد في تفجير فندق الجراند حياة بالأردن نعاه "شاهين".. وقال:

    "إنه مخرج عظيم.. قدم لأمته الكثير ويستحق التقدير والاحترام لما خاضه من تحد لعقليات قديمة.. واستطاع أن يتجاوزها ويقنعها بأعماله".

    لماذا قتلوه؟

    هاجَمَ العقاد الفكر المتشدد.. وقال لمن يُكفره من بعض المتطرفين الإسلاميين.. لأنه اعتمد على السينما في تقديم أعمال إسلامية: "إن مخترع التصوير هو العالم المسلم الحسن بن الهيثم".

    فلو كان قاتل مصطفى العقاد قد تحرك لارتكاب هذا الإثم من وراء عاطفة دينية.. فقد كان العقاد مبدعاً إسلامياً بامتياز.. وكان من أبرز رجالات الإسلام في الغرب الذين دافعوا عن قضاياه.. وصمد في مواجهة اللوبي المتحكم في صناعة السينما العالمية.. ونافسهم في عُقر دارهم لصناعة سينما تدافع عن الإسلام وتصحح صورته في الغرب .

    ووظف مصطفى العقاد انتماءه لدينه وعروبته في خدمة إبداعه وفنه وكان اعتزازه بأصوله وثقافته الإسلامية سِرَ تألقه.. ووظف إبداعه وفنه في خدمة أفكاره ولتبليغ رسالة دينه .

    وشاهد الملايين من شعوب العالم أعماله.. وأثر فيلم "الرسالة" وفيلم "عمر المختار" في الجمهور الغربي.. بما لا تقدر عليه ملايين الخطب المنبرية وجهود الآلاف من الدعاة التقليديين لشدة تأثير السينما في الإنسان الغربي.

    فلو كان القاتل من المتطرفين ممن ينتمون إلى التنظيمات الإسلامية المسلحة.. فالرجل الذي قتلوه هو الذي قدم الإسلام للغرب عن طريق أفلامه التي حَظيتْ على نسبة مشاهدة غير مَسْبوقة.. على أنه دين المقاومة والنضال والنُبل والتضحية من أجل خير البشرية.. ودين الحضارة والتواصل الإنساني ودين السلام والتعايش ، وأن شرف المؤمن الحقيقى فى الدفاع عن مقدساته وأرضه وعِرْضه .

    قد يكون من الأهْون علينا تقبل وجهة النظر الأخرى والرواية الأخرى التي تقول أن الذي خَطَطَ ونفذ عملية اغتيال شهيد الإبداع الإسلامي مصطفى العقاد هو الموساد الإسرائيلي.. خاصة وأنه قد تردد في أرْوقة أجهزة المخابرات معلومات شبه مؤكدة.. تفيد بأن التفجير الإجرامي كان مُدبرا لقتل العقاد.. بعد الانجازات التي حققها على المستوى العالمي لخدمة الإسلام.

    وبعد نجاحه الاستثنائي في اقتحام حصون السينما العالمية.. مقدما الإسلام للجماهير الغربية بطريقة فنية أبْهرتهم.. وصححت الصورة النمطية السيئة التي طالما عمل اللوبي الصهيوني على ترسيخها في أذهانهم عن الإسلام والمسلمين .

    وإقدام الموساد أو غيره من أجهزة الاستخبارات الغربية على اغتيال العقاد يبدو أكثر منطقية من فكرة اغتياله على يد إسلاميين.. لأن انجازات العقاد في هوليوود في خدمة الإسلام لم تكن بالشيء الهين على اللوبي الصهيوني المتحكم في صناعة السينما.. وكم كان عصيباً ومُرا على الغربيين الذين بذلوا البلايين من الدولارات وقضوا عشرات السنين في جهود مضنية وعمل شاق أنتجوا خلالها آلاف الأفلام السينمائية التي تشوه صورة الإسلام وتسئ إلى رموزه.. فيأتي هذا المخرج المسلم بفيلمين اثنين فقط وباستخدام أدوات غربية وممثلين غربيين ليُبطل سحْرَهم ويقلب الطاولة في وجوههم.

    فبفضل العقاد تغيرت صورة العربي الذي طالما قدموه همجياً بدوياً جاهلاً دموياً إرهابيا قاطعَ طريق .

    وانطبَعتْ صورة عمر المختار في أذهانهم كنموذج للمسلم الحضاري.. وانطبعت أيضا صورة الفنان الغربي في الأذهان مرتبطة بهذه الصورة الحضارية.. فلم يعد أحد يفكر في الممثل الأمريكي العملاق أنتوني كوين إلا وهو يجسد شخصية عمر المختار باللحية البيضاء وجسد الكهل الذي يشتعل بحيوية الشباب.. وتشع من ملامح وجهه روح الإيمان الصافي.. وبنظرات الآباء والعزة في عينيه.. وبالكبرياء الذي يستمده من تعاليم دينه وتراث وطنه.

    وكذلك يسْتعصى على كثيرين اليوم تذكر نجمة هوليوود الشهيرة "ايرين باباس" دون أن تلمح الذاكرة مشاهدها المؤثرة في فيلم "عمر المختار" بثيابها السوداء وزغرودتها المُجلجلة التي اقتلعت القلوب في مشهد الإعدام قبل نهاية الفيلم.

    كان لدى اللوبي الصهيوني إذاً دوافع قوية ليسعى في تصفية هذا المبدع الكبير.. فالسينمائي المسلم الذي تخصص في بداية مشواره في السينما العالمية في أفلام الرعب.. أرْعبَ الصهاينة وأفزع صناع السينما الغربيين بفيلمين اثنين من أفلامه.. فلم يكن من المعقول تركه يعمل ويواصل مسيرته هذه.. خاصة بعد تسريبات أكدت أنه يجهز لمشاريع أخرى في نفس الاتجاه وبنفس المستوى .

    هذه رسالتي

    "هذه رسالتي".. ظل العقاد يردد هذه العبارة.. وربما كان الربط بينه وبين بطل فيلمه الشهير "عمر المختار" منطقياً.. فقد بدأ الفيلم الشهير والشيخ يُربى الصغار ويُقرئهم القرآن الكريم في مسجد صغير.. وانتهى الفيلم والشيخ مُعلق على مشنقة المحتل الغاصب بعد أن أبهر الدنيا والأعداء قبل الأصدقاء بنضاله وصُموده ودفاعه البطولي عن أرضه ووطنه وعقيدته .

    وكذلك كانت بداية العقاد وهكذا كانت نهايته أيضا ً.. لكن بعد إعدام الشيخ سقطت نظارته وتلقفها الطفل الصغير الذي كان يبادله النظر كأنه يلتقط إشارات الصمود والبطولة والتحدي للبَدْء من جديد.. وكأنه اكتشف السر وورثه بامتلاكه نظارة الشيخ البطل المعلق على المشنقة .

    واليوم.. نتساءل وقد فارقنا العقاد بجسده وفقدنا إبداعه: من منَ مُبدعينا ومُخرجينا وسينمائيينا العرب قد التقط إشارات مصطفى العقاد وورث سره وامتلك أدواته وورث همومه وأفكاره ومشاريعه الفنية والسينمائية.. ليواصل المسيرة.. ويحقق أحلامه التي خذلها الجهل والغفلة والطمع والبُخل.. وأجْهضها الإرهاب؟!!

  2. #2
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي

    هي وجهات نظر أزعم أن من الظلم فيها اتهام الذين يعبرون عن اعتراضهم بالرد الغاضب، فإنتاج فيلم مسيئ أمر يسير بكل المعاني حيث لا أسهل ولا أوفر من الطعن، أما انتاج فيلم يردّ على الذي أساء ويدافع عن الدين أو الرسول صلى الله عليه وسلم أو ما شئت من مقدس يطعنون به فصعب على عتاولة الدراما والفن بأشكاله لأن جبهة الدفاع هي الأقوى في كل أشكال المواجهة فكيف بها في إيحائيات الفن، ونحن أمه محرّم علينا أن نردّ طعنهم بطعن في ذات الإطار يؤدبهم، فهل أقل من أن نتفهم موقف الذين يجدون للطعن سبلا أخرى من تلك التي تدينها أنظمة لا يعنيها غير حسن العلاقة مع المتسيدين المتغطرسين الطاعنين في ديننا والمستكلبين في تدمير فكر أمتنا ووجودها ...

    ثم إن ما قدم مصطفى العقاد من أعمال يراها البعض قدمت للإسلام وللأمة الكثير قد يكون الرأي فيها مختلفا لدى غيرهم، وليس مهما أن يكون العمل نجح عالميا ليسجل له ذلك دليل نجاح، وأزعم بمعلومتي المتواضعة أن فيلم الرسالة أساء للإسلام ولم يحسن وشوّه صورا جميلة وقدم معلومات خاطئة وحسبه هذا عليه
    والله أعلم

    رحم العقاد فقد اجتهد ، وما أقصد بقولي هذات طعنا في الرجل لكنه رأي آمل أن لي الحق بقوله

    دمت بخير


    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  3. #3
    الصورة الرمزية بهجت عبدالغني مشرف أقسام الفكر
    أديب ومفكر

    تاريخ التسجيل : Apr 2008
    الدولة : هنا .. معكم ..
    المشاركات : 5,142
    المواضيع : 253
    الردود : 5142
    المعدل اليومي : 0.88

    افتراضي


    مصطفى العقاد .. إن اتفقنا معه أو اختلفنا ..
    مشروع لمّا يكتمل بعد .. ورؤية يكتنفها خوفنا ..

    لا زلنا لم نقرأ الواقع !


    مقال ثري

    دمت بخير



    وتحاياي






    لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

  4. #4
    مشرفة عامة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Aug 2012
    المشاركات : 21,131
    المواضيع : 318
    الردود : 21131
    المعدل اليومي : 4.94

    افتراضي

    يكفي العقاد إنه حاول جاهدا أن يفعل للإسلام ما بوسعه , وما في جهده
    وإن كان هناك أي تقصير في فيلم الرسالة فمن الكتاب الذين كتبوا
    السيناريو والحوار ـ ولكن يظل فيلم الرسالة هو أعظم فيلم إسلامي
    كذلك فيلم عمر المختار كان قمة العظمة وروعة الأخراج.
    مصطفى العقاد .. مخرج عظيم وصاحب رسالة وياليت نجد من يحزو
    حزوه ويكمل مسيرته .
    شكرا لك أستاذ هشام النجار على مقالة ثرية في حق مبدع كبير فقدناه.

  5. #5
    الصورة الرمزية عماد محمد اليونس شاعر
    تاريخ التسجيل : Jun 2010
    المشاركات : 263
    المواضيع : 35
    الردود : 263
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    المرحوم مصطفى العقاد فتح جبهة للقتال مع اعداء الامة وبقوة اسمها القوة السينمائية
    فكما كانت ادوات الحرب المعروفة البرية ,الصاروخية ,الجوية والبحرية اضاف هذا
    الرجل للامة اداة ماكانت لتنتبه اليها ثم ادار وبمجهوده الشخصي هذه القوة فاصبحت
    اكثر تأثيرا من كل دفاعات الامة مجتمعة وصدق حين قال لو اعطيتموني ثمن طائرة حربية
    لفعلت الكثير فماذا فعلت مثات الطائرات والصواريخ العربية لردع العدو الجواب ..لاشيء
    لكن فيلمين فقط فعلا الاعاجيب وكانا كعصاة موسى تلقفتا سحر الصهاينة والموساد
    واوشك السحرة ان يسجدوا لمصطفى العقاد لو ان القدر منحه فسحة اخرى من العمر
    رحم الله العقاد ورزقنا بمخرج عربي مسلم غيور مثله يكمل المشوار الذي بدأه ويدير قوتنا
    السينمائية الفاعلة بوجه اعداء الامة ...شكرا لكاتب الموضوع الاستاذ هاشم النجار
    الشمسُ شمسي والعراقُ عراقي
    ماغيّر الدخلاءُ من اخلاقي

  6. #6
    الصورة الرمزية ياسرحباب قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : May 2013
    الدولة : دمشق
    المشاركات : 578
    المواضيع : 90
    الردود : 578
    المعدل اليومي : 0.14

    افتراضي

    ما أن يقوم مبدع عربي بعمل يفيد امته و دينه
    حتى تنفلت عليه اصابع الاتهام و التشهير بكل انواعها
    و يتم نسيان ماقدمه المبدع حتى و لو من باب الاجتهاد
    رحم الله العقاد الذي كتب القدر ان يستشهد على أيدي اصحاب الفكر الظلامي التكفيري
    الذي يصر بعض مثقيفي الامة على المضي قدما بالدفاع المستميت عنه و عن نتائجه المرعبة
    خالص الشكر للاستاذ الفاضل هاشم النجار
    ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور

المواضيع المتشابهه

  1. السلام فقدناه واقعا فهل نجده افتراضيا؟؟
    بواسطة زهراء المقدسية في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 26-01-2012, 09:44 AM
  2. المجموعة الكاملة لعملاق الأدب العربي عباس محمود العقاد (للتحميل)
    بواسطة إكرامي قورة في المنتدى المَكْتَبَةُ الأَدَبِيَّةُ واللغَوِيَّةُ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 24-04-2008, 04:32 PM
  3. في صالون العقاد كانت لنا أيام
    بواسطة د. مصطفى عراقي في المنتدى المَكْتَبَةُ الأَدَبِيَّةُ واللغَوِيَّةُ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 21-12-2007, 05:44 PM
  4. مقابلة مع العقاد .. موضوع الحلقة ((القراءة))
    بواسطة خالد علي الناصر في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 14-12-2006, 07:16 PM
  5. إغتيال ألإبداع في مصطفى العقاد . بقلم : جاسم الرصيف
    بواسطة جاسم الرصيف في المنتدى الاسْترَاحَةُ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 12-11-2005, 07:55 AM