إنسان ( فوبرتال )
إنسان حقيقي يتوسط أحد متاحف ألمانيا الطبيعية وقد عثرت عليه في ذات الموقع ( فوبرتال ) مجموعة من بعثات البحث عن الآثار ونسبة لطبيعة المنطقة الباردة ..استطاع ذلك الإنسان القديم أن يصمد في جوف الأرض لقرون طويلة فصنفته الأبحاث في علم ( الأنثربولجي ) علي أنه أقدم إنسان عثر عليه حتي اليوم ومن ثم ّ قامت مصلحة الآثار في ألمانيا بالاستفادة من هيكله العظمي وبنت عليه جسداً معدنياً بطريقة علمية تتناسب من حيث الحجم الهيكل العظمي الذي عثر عليه .. وجثم إنسان ( فبرتال ) في شموخ في باحة المتحف ..تأملته بصورة معمقة فوجدت أن اليدين تتسمان بالطول والقوة والأرجل قصيرة ومفتولة العضلات والصدر عريض والوجه كبير وكأن الله سبحانه وتعالي خلقه بهذه الصورة ليقاوم الظروف الطبيعية السائدة في عصرة وما كان موجوداً من حيوانات مفترسة وديناصورات حتي يتمكن من الدفاع عن نفسه ..وعندما دلفنا إلي داخل المتحف شعر مضيفنا الألماني بحرج شديد وصار يكرر عبارة ( لا تصدقوا مثل هذا الكلام ..هذه أراجيف وتفاهات .. ) فقد عُرضت علي طول وعرض حائط كامل من المتحف أطوار نشأة الإنسان التي تكرس بالكامل للنظرية (الداروينية) والتي تقول بأن الإنسان أصله قرد وهي النظرية المعروفة بنظرية ( النشوء والتطور ) ..ثم تحول إلي إنسان أفريقي ثم إلي إنسان أصفر ثم وبمرور الوقت تطور إلي رجل أبيض ..وهي نظرية سادت في القرون الماضية تحديداً القرنين الخامس عشر والثامن عشر ..وتظهر البيض علي أنهم خلاصة الجنس البشري وما نحن كأفارقة سوي جيل أقرب إلي الغوريلا والشمبانزي ..والحمد لله الذي أظهر الحقيقة أخيراً عبر العلم الحديث الذي أثبت بطلان تلكم النظرية جملةً وتفصيلاً ..وأن الصحيح هو ما أثبته القرآن الكريم ( خلقتني من نار وخلقته من طين ) الآية الكريمة ..ولعل أبلغ تعبير لطريقة الخلق كما أنبأنا بها القرآن الكريم ما قاله واستنتجه المفكر السوداني محمود محمد طه ..فقد قال ( أن الإنسان أُستل استلالاً من الطين ) ..وبالرغم من اختلاف وجهات النظر الواضحة حول أفكار الرجل رحمه الله إلا أن هذه العبارة عن كيفية خلق الإنسان بواسطته سبحانه وتعالي فيها الكثير من التصوير البليغ وهذا ليس رأيي بالطبع ولكنه قد ورد ضمن إضاءات المفكر المصري المعروف الدكتور مصطفي محمود ..إن لون البشرة لا دخل له بالرقي والحضارة والتطور فهو يخضع لتفاعلات وراثية وجينية تحت الجلد ولا يجب أن يكون معياراً للتفوق ..ولو توغلنا تحت الجلد لوجدنا لون الدم وقد صبغ بالأحمر القاني لدي جميع الناس ..بل حري بالعالم أن ينظر إلي البشر كأفراد ..كيف يفكر وكيف يلبس وكيف يتصرف ..هل هو متعلم أم جاهل ..هل هو سيئ الخلق أم حسن الخلق ..هل هو مسالم أم شرير ..فقد سقطت كل النظريات التي كانت تصنف البشر أثنيا بعد مجيء الإسلام ( كلكم لآدم وآدم من تراب ) ..( لا فضل لعربي علي أعجمي إلا بالتقوي ) ..الحديث الشريف ..صحيح أن العالم بحاجة لتغيير أطروحاته في إطار العلاقات الإنسانية واحترام الآخر ..وتبقي الإنسانية السمحة هي التي تجمع جميع شعوب الأرض علي أساس من التعاون والتعاضد والتراحم وإن تتبادل الإنسانية خبراتها العلمية والعملية نحو غد أفضل لخير الجميع ولن يتسني ذلك في الوقت الحاضر بالنظر للإحساس بالريبة والشكوك من جانب الغرب نحو كل قادم من الشرق الأوسط لا سيما إن كان مسلماً وقد شوهت (الميديا) الغربية تماماً صورة العربي المسلم في أذهان الإنسان الغربي بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر المعروفة كذلك يجب أن لا ينظر لكل إفريقي علي أنه قد قدم للتو من الغابة ويجب علي الجميع احترام هويته وانتمائه الإفريقي ..أما ما تردده الإذاعات والصحف والفضائيات حول حوار الحضارات الذي تقوده صفوة من المثقفين والعلماء.. فهو لن يجدي نفعاً ما لم ُتقتلع كل الحواجز التي تفصل الشعوب عن بعضها البعض وإحلال مشاعر الحب والثقة والتعاطف بين شعوب الأرض .. فهل سيحدث ذلك قريباً؟ ..أتمني ذلك .