بائعة اللحم
في احدى الزقاق النتنة البعيدة
في احدى زوايا مدينة عفنة..
تقطن عجوز هرمة..
(عمرها أقدم من عمر الرذيلة)
تملك بيتاً بغرفه العشرة
وقد علقت على احدى زواياه،
منديلاً تظنه أحمرا..
لكنه أسود،كبقايا رماد جسد محترق..
كأعماقها التي صارت بفعل الأيام محرقة حطب
لا تتوهج إلا بعد رياح تشرينية..
هوجاء بنياحها،وأنين بابها
زقاق قديم أصابه الهرم..
الركود،والكسل منه لا يملان،
والعجوز الهرمة تقف أمام باب بيتها العتيق
تراقب حتى حبات الرمل النازفة
من تحت أقدام الداخلين،والخارجين
تقول لكل مَن مَرّ بحانتها
أنها تمتلك حتى الأرواح..
التي تقطن بداخلها ،
والتي تئن دائماً.. من قسوة
أنياب روادها..
عجوز رائحتها كرائحة الجيفة
كلما أعترق جسدها
لا تخجل ابداً من عمرها
تعلن عن ساقيها دائماً
كأنها صبية في العشرين،
وهي لا تدري عن اية..
مقبرة قديمة..مهجورة تُعلن
عجوز رمتها الأقدار
خارج أسوارها لعفن
قديم أصاب نفسها
منذ أن كانت تغري
الذئاب ببياض لحم صدرها،
ومنذ أن كانت تثير
في الخيول جماح رغباتها
لا تتهاون في تقديم الرذيلة،
ولا تخشى خالقها العذابا
تقول للمارين..بلا خوف
أنها تملك في بيتها الراحة للطالبين..
فتاة لم ترى عيناها النورَ،
وأخرى تمتلك عينين جميلتين
كعين الذئب المفترسة،
وان رغبتم.. فواحدة
هادئة كالحمل.. كالنعجة
تنتظر بشوق رمح قاتلها
عجوز تبيع لحم خطاياها،
ولا ترقب في صرخات العذارا
إلاً..ولا ذمة..
اهٍ يا بائعة اللحم..
يا نتنة النفس..وعفنة الجسد
أهكذا يفعل الحمل بودائعه..؟
أهكذا يرمى لحومهن بلا ذنب
تحت رحمة أنياب الذئاب كي تنهش بأوصالها
اهٍ يا عجوز النحس من صيحة كل فتاة
ذبحت من الوريد إلى الوريد
في احدى تكايا بيتكِ العفن
اهٍ من كل واحدة..فقدت عفتها
لرغبة جامحة في نفسكِ
لا تقدرين أنتِ عليها..
اهٍ يا نتنة النفس من زمن فيه الذئاب
تنهش بلحوم بعضها..!
3-2-2000