بسم الله الرحمن الرحيم
كم أنتِ قريبة من رضوان الله؟
بقلم : (أبو عبد الله) عمرو السقا

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول و على آله وصحبه و سلم ، أما بعد ..

أختنا الحبيبة رضيَ الله عنك و أرضاكِ .. نعلم و الحمد لله أنك أكثر منا حبّاً لله و لرسوله و لدينه ، و نعلم كذلك عميق إخلاصك لله جل و على و وفائك له ، و لعظيم حرصك على بلوغ رضوانه و ذلك هو الفوز العظيم ، جعلنا الله و إياكِ من الفائزين .. اللهم آمين .

كما أنَّ كتابتنا هذه إليكِ ما هي إلا اعترافاً منا بكبير دورك و عظيم أثرك في المجتمع ، كيف لا و أنت تمثلين أكثر من نصف المجتمع عدداً ، و تمثلين المجتمع كله أثرا و فاعلية و صناعةً ؟!! ، ذلك أنه ليس من عظيم إلا و عظيمة أعظم منه من خلفه تدفعه ، أُمّاً حانيةً كانت أو أختاً متفانيةً أو زوجة حبيبةً أو بنتاً بارةً .. هنَّ صانعات الرجال لا ريب . و لعل مثلنا أقل من أن يكتب لمثلكِ أخت الإسلامِ ، لكنه القدَر !! ، فلك منا الشكر و التحية و الامتنان أن تكرمتِ فجعلتِ بين يديك مقالتنا و أمام عيونك كلماتنا و التي نسأل الله أن تتربع في قلبك فحيّاك الله و بيَّاكِ و جعل الفردوس مأوانا و مأواكِ.

انطلاقاً من فهمنا المتواضع لحق الصداقة و الأخوة في الله التي بيننا ككاتب و قارئةٍ أو قارئ كانت كلماتنا هذه ، أعترف أن رأي الذي تبينه هذه الكلمات قد يكون خاطئا كما في كثير من الأحيان و قد يكون صواباً هذه المرة !! .

تقابلنا مراراً مع أخوات كريمات و قد طرحنا سؤالاً مهما عليهن كان جوابهن عليه أجمل ما يكون الجواب ، فقد كان السؤال " أختنا .. ما هو هدفك الأكبر و غايتك الأسمى؟ " ، و فكان الجواب دوما و الحمد لله هو " أن أنال رضا الله عنى" ، ما أهمه من سؤال و ما أروعه من جواب نتفق عليه كلنا جميعا دونما متخلّف عن مثل هكذا جواب ، و ثمَّة سؤال يطرح نفسه على كل من أجاب السؤال الأول بذلك الإتقان هذا السؤال يقول " كيف ستبلغين أختي هذه الغاية السامية؟ " ، و هذا لبُّ الموضوع ، و الجواب أظنه يكون أن الوسيلة التي تبلغ بها أختنا بل كل أخواتنا و إخواننا هذا الهدف الأسمى هي العبادة بمفهومها الأكمل و الأشمل " قُل إنَّ صلاتي و نُسُكي و محيايَ و مماتي لله ربِّ العالمين" ، و العبادة لا تقبل إلا إن تحقق فيها شرطين أساسييْن :
1. إخلاص النية لله ، فهو الغني عن الشريك.
2. صحة العبادة ذاتها وفقا لما جاء به القرآن و السنة فقد قال صلى الله عليه و سلم " خذوا عنّي مناسككم" .

أختي العزيزة تدور في مخيلتي أسئلة عديدة أظنها تدور في خلدك أيضاً مراراً و تكراراً فإن صدق ظني فأجيبي نفسك عليها بصوت لا يسمعه إلا أنت : ألا تحبين الله؟ ، ألا تحبين رسول الله؟ ، ألا تحبين دين الله؟ ، ألست تذوبين شوقا إلى جنان الله؟ ، و تسرعين فراراً من نار الله؟ ، ألست تبغين رضوان الله؟ ، و تأملين النظر إلى وجه الله؟ أليس الطريق إلى ذلك كله أن تأتمرين بأمر الله؟ و تنتهين عما نهى الله؟ ، ألا تحبين أن تكون سريرتك كما يحب الله؟ ، ألا تحبين أن تظهري بالمظهر الذي أراده الله؟ .

إن إجابتك بـ"بلى" كما أظنكِ أجبتِِ لدليل قاطع على إخلاص نيتك و سلامة سريرتك و بذلك تكونين قد حقق أمر الله بسلامة الباطن من الشرك و الرياء و هو أيضاً شرط قبول العبادة الأول كما ذكرنا سابقاً ، فيما يبقى علينا أن نتذكّر سويا مطلب الله من الأخت المسلمة حول مظهرها و لبسها ، جمَّل الله أخواتنا بلباس التقوى في الدنيا و الآخر .. آمين ، فإن صفة لبس المسلمة كما أراد الله في كتابه و سنة نبيه بالشروط التي اتفق عليها الفقيهات و الفقهاء على :
1. أن يكون اللباس ساترا لجميع البدن –فرضاً- ، إلا الوجه و الكفين و من سترتهما –فيما يسمى حالياً بالنقاب-فقد أتت بمندوبٍ محبوبٍ و حققت السنة الكاملة.
2. أن يكون اللباس واسعا فضفاضاً لا يصف الجسد و لا بعضه ، سميكاً داكنا لا يشِفُّ و لا يظهر ما تحته.
3. ألا يشبه لباس المرأة لباس الرجال كالبنطال و القميص و قبعة الرأس و غيره.
4. ألا يكون اللباس زينة في ذاته ، كأن يكون لونه أو شكله أو تطريزه ملفتاً للنظر – لأن اللباس كان من أجل إخفاء زينة المرأة و جمالها عن عيون من ليس له حق في النظر إليها فكيف يكون اللباس زينة في ذاته؟ - .
5. ألا يكن اللباس معطَّراً.
6. ألا يُتشَبَّه بهذا اللباس بلباس الكافرات الفاجرات ( و ذلك لا يعرفة إلا الفتاة نفسها لأنه أمر يتعلق بالنية فإن كانت نيتها التشبه بكافرة أو فاسقة -كالممثلات و المغنيات و غيرهن- فقد نقضت هذا الشرط ) .
7. ألا يكن الغرض من اللباس التفاخر و الشهرة بأي من حالتيها:
1. الشهرة بلبس أغلى الثياب و أفخرها و هذا فيه تكبر .
2. أو حتى الشهرة بلبس المرقّع لإظهار الزُهد و التُقى و هذا فيه رياء.

نعلم تماماً أنك تعلمين هذه الحدود و الأُطُر أكثر منّا ، و أنك تتفقين مع العالمات الفقيهات و العلماء الفقهاء حول جميع هذه النقاط ، و أنك تعملين جاهدة على البقاء داخل إطار اللباس الإسلامي للمرأة المسلمة و الحمد لله ، لكننا أحببنا أن ننبه إلى بعض المحاولات المقصودة أو غير المقصودة للالتفاف على بعض هذه الشروط للخروج عن إطار لباس المرأة الشرعي و سنذكر هنا محاولتين منها فقط انطلاقا من قوله تعالى "و ذكِّر فإنَّ الذكرى تنفعُ المؤمنينَ":
المحاولة الأولى : يحاول بعض التجار و مصممي الأزياء أن يلتفوا على شرط كوْنِ اللباس واسعاً فضفاضاً و على شرط عدم كَوْنه شبيهاً بلبس الرجال فيروجون للأخت المسلمة البنطال و القميص على أنه لباس ساتر جميل يمكنها الخروج به أمام الأجانب من الناس ليروها فيه ، و يفرقون بين البنطال النسائي و الرجالي و لا ندري منذ متى كان هناك بنطالاً نسائياً للنزول به إلى الشارع؟!! – و الحالة لا تنطبق إلا نادراً على بنطال الرجل لأن شروط لباس الرجل في ستر عورته ما بين السرة و الركبتين فيمنع أن يكون اللباس في هذه المناطق شفافاً أو ضيقا بحيث يصف ما تحته أما المرأة فكل جسدها عورة - ، و يتفانى البعض في هذه المحاولة فيزيفون الجلباب الإسلامي فيضيقونه من أماكن – كالخصر و الصدر و اليدين ... - ليصبح مفصلاً للجسد لافتاً للنظر و يطرزونه و يلونونه ثم يسمونه جلبابا فرنسيا أو إيطالياً أو غيرهما و الإسلام لا يعرف إلا الجلباب الإسلامي المستوفي للشروط سابقة الذكر.

المحاولة الثانية : أن بعض الدعاة الجدد و القنوات الإسلامية الفضائية الحديثة اتبعت منهج التدرج في الالتزام بتعاليم دين الله ، و من ضمن ذلك التزام الأخوات باللباس الشرعي و كان نتيجة –و للأسف- أن انتشر الجلباب و الحجاب الملونين أو الجلباب المفتوح من الأسفل و المطرّز و قد كان هذا النوع من الجلابيب و الأحجبة مرحلة من مراحل التزام الفتيات باللباس الإسلامي تليها مراحل أخرى حتى تصل الأخت إلى الالتزام باللباس الشرعي كامل المواصفات الإسلامية ، لكن و للأسف توقفت كثير من الأخوات الكريمات عند هذه المرحلة و اعتبرنها آخر المطاف و هنا يكمن الخلل الذي لا نظنك أختنا تريدين لنفسك و لا لأخواتك الوقوع فيه و ذلك حتى تستطعن الوصول إلى الالتزام التام بشرع الله و عبادته بعبادة الحجاب و الجلباب بالهيئة التي يريد سعياً منكن إلى تحقيق شرط قبول العبادة الثاني و من ثم تحقيق غايتكن الأسمى في رضوان الله عز و جل عنكن .

هذه كانت كلماتنا و رأينا ، قد نكون أصبنا و قد نكون أخطأنا ، فإن أحسنا فمن الله ، و إن أسأنا فمن أنفسنا و من الشيطان ، فإن رأيتِ أختنا ما رأينا فهل تتأخرين عن البدء بالخطوة الأولى في مشوار الألف ميل إلى رضوان الله؟ ، و إن لم تريْ ما رأينا فسامحينا أن أهدرنا وقتك !!.

و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
منقول